8 أبريل، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

فيلم “مال ونساء”.. ليست السعادة في المال وإنما في الفقر والرضا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “مال ونساء” فيلم مصري، أنتج في عام 1960، يحكي عن رذيلة السعي وراء المال، واعتباره شرا من الشرور، رابطا ما بين لذة الحصول على المال ولذة الحصول على النساء، كما يظهر في عنوانه، وكأن المال الذي هو شيء يشبه النساء الذين جعلهن الفيلم شيئا وسلعة أيضا تسعد الرجال ويسعون للحصول عليها.

الحكاية..

يحكي الفيلم عن “شحاته أفندي” الذي يقوم بدوره الممثل “يوسف وهبي”، وهو رجل فقير بسيط الحال يعيش مع زوجته “أمينة” التي تقوم بدورها “أمينة رزق” وابنته “نعمت” التي تقوم بدورها “سعاد حسني”، في حارة من الحارات، ويعمل موظف بسيط في إحدى المستشفيات، ومشهود له بحسن الخلق. يرى ابنته وهي تقابل خطيبها “حسين” فوق السطوح، ويقوم بدوره “صلاح ذو الفقار” وهو من شباب الحارة، يعمل موظفا ويكمل تعليمه، وهو ابن رجل بسيط أيضا يعمل اسكافيا يصنع الأحذية للناس، ويقوم بدوره “فاخر فاخر”.

يقلق “شحاته أفندي” ويسرع في تزويج ابنته من “حسين”، ويطلب من الجهة التي يعمل فيها سلفة ليتمم إجراءات الزواج، لكن في داخل المستشفى هناك عصابة من الموظفين، عبارة عن ثلاثة موظفين والباشكاتب الذين يتفقون مع مورد المستلزمات التي تحتاجها المستشفى أن يجلب لهم نصف الكمية ويأخذون هم أموالا مقابل الكمية المتبقية، على أن يكتبوا في دفاتر المستشفى التابعة للحكومة أن الكمية كاملة دخلت إلى المخازن.

مؤامرة..

يقول الباشكاتب ل”شحاته أفندي” أن طلب السلفة سوف يتأخر، لأنه سبق وأرسل إليه أحد موظفيه ليغريه بالاشتراك معهم في ذلك الفساد ورفض “شحاته أفندي” بشكل قاطع، فيدبر الباشكاتب حيلة أن يؤخر الاستجابة لطلب السلفة ويجعل أحد موظفيه يقنع “شحاته أفندي” بالاقتراض منه على أن يكتب له وصل أمانة مقابل المبلغ الذي اقترضه، ثم يستخدم “شحاتة أفندي المال” الذي اقترضه من زميله الموظف في تزويج ابنته، وبعد أن يتأكد الموظف من أن “شحاته أفندي” صرف المبلغ كاملا يهدد بأن يرسل إيصال الأمانة إلى النيابة إذا لم يسدد المال، وفي نفس الوقت يرفض الباشكاتب طلب السلفة.

يثور “شحاته أفندي” بعد أن شعر بالمؤامرة التي دبرت ضده ويتشاجر مع الباشكاتب محاولا ضربه ويحال إلى التحقيق ويتم فصله، وتمرض زوجته مرضا شديدا فيذهب “شحاتة أفندي” إلى الباشكاتب ويعتذر له مكسورا وشاعرا بالضعف ويطلب منه أموالا، فيعطيه الباشكاتب أموالا من جيبه الخاص على شرط أن يبقى معهم في عملية الفساد ويتغاضى عن ما يدور في المستشفى، ويوافق “شحاته أفندي” على ذلك مضطرا لأنه يريد معالجة زوجته.

تغير النفوس..

بعد أن يذوق “شحاته أفندي” طعم الأموال يتغير من الداخل، فقد أصبح يميل إلى اللهو، والسهر مع أصدقاءه الفاسدين الجدد الذين يقيمون الحفلات والسهرات المليئة بالراقصات والسيدات الجميلة، وترفض زوجته تغير سلوكه، وتطالبه بأن يتخلى عن المال الحرام لكنه يترك لها المنزل ويؤجر منزل جديد يعيش فيه، منزل فاخر يليق بمكانته الجديدة.

وعلى الجانب الآخر تعيش ابنته بعد زواجها من حسين معه في منطقة البحر الأحمر لأن عمله يتطلب ذلك، وتمل من العيش في منطقة منعزلة ليس بها أناس كثيرون غير الموظفين زملاء زوجها، وتطالب زوجها بأن يحقق لها ما وعدها به من الترفيه والمرح، وتخرج من غير استئذانه فيثور “حسين” ويطلب منها عدم تكرار ذلك، طالبا منها المكوث في المنزل أثناء ساعات عمله، لأن المجتمع الذي يعيشون فيه لن يفهموا تصرفاتها بشكل سليم وسيؤولونها بشكل خاطئ، لكن “نعمت” تصر على موقفها وتخرج مرة أخرى لترقص في النادي مع بعض زملائه.

اعتداء..

فيتشاجر معها “حسين” رافضا ما تفعله ويقول لها أن ما تفعله يمس كرامته كزوج لها، وترد هي عليه بأنها لم تفعل شيء يمس كرامته فيضربها، وتتركه “نعمت” وتذهب إلى القاهرة لمنزل والدها.

حين تذهب “نعمت” إلى منزل والدها تعرف أن والدها يعيش في منزل آخر وأنه ترك والدتها، فتذهب إليه، وتحكي له ما حدث مع “حسين”، فيطلب منها “شحاته أفندي” أن تتركه لأنه غير مناسب لوضعها الجديد ووضعه هو الجديد، فقد أصبح غنيا و”حسين” لا يناسبهما، وتوافق “نعمت” على العيش مع والدها في منزله الجديد فرحا منها وسعيا للتمتع بالأموال والرفاهية.

يذهب “حسين” ووالده إلى أم “نعمت” في محاولة لعمل صلح وتبلغه أم “نعمت” أنها عند والدها، فيذهب أبو “حسين” وحده ليقابله “شحاته أفندي” بجفاء، ويعايره بمهنته، ويقول له أنه وابنه أصبحا من مقام أدنى من مقامه، ومع ذلك يتقبل الرجل الإهانة برد فعل هادئ، ويحاول إقناع “نعمت” بالعودة إلى زوجها لكنه ترفض وتقول له أنها ستعيش مع والدها، فيذهب الأب ليقول لابنه أن يطلق “نعمت” لأنها تغيرت هي ووالدها. يحاول “حسين” مرة أخرى، ويذهب لمقابلة “نعمت” فيقابلها في الشارع وهي في سيارة أجرة  لكنها تصده أيضا وترفض العودة إليه وتعامله بجفاء.

انقلاب الأحوال..

ثم تنقلب الأحوال حيث يحدث الجرد السنوي لمخازن المستشفى، ويكتشف المسئولون عن الجرد الاختلاسات الكبيرة التي حدثت، ويرتعب الموظفين ويذهبون إلى “شحاته أفندي” ليبلغوه بالأمر، ويقترح أحدهم حرق المخازن لكي يفلتوا بفعلتهم، لكن “شحاتة أفندي” يرفض ذلك الاقتراح لأنه يتوقع أن تمتد النار إلى المرضى الموجودين بالمستشفى وتقتلهم، لكن زملائه لا يستمعون إليه ويتفقون على موعد محدد لحرق المخازن.

رغم أن “شحاتة أفندي” أغرته الأموال واللهو واللذة إلا أنه يفيق إلى نفسه أخيرا ويعذبه ضميره حين يفكر في مصير هؤلاء المرضى الذين سيموتون حرقا، ويذهب إلى المخازن ليلا لكي يمنع زملائه من حرق المخازن، ويمنعه البواب من الدخول فيدخل عنوة لكنه لا يستطيع منه الموظفين وتنشب النار في المخازن، فيحاول إطفاؤها بكل جهده ويموت بعد أن يقلل من تأثير النار ولا تصل إلى باقي أجزاء المستشفى.

عودة..

تعود “نعمت” بعد موت والدها إلى منزل والدتها وتحاول مصالحة “حسين” الذي ترقى في وظيفته وعاد إلى القاهرة، لكنه يرفض مبررا ذلك بكرامته التي أهينت على يديها. ثم في العيد، يذهب “حسين” إلى والده ليقضى معه العيد ويطلب منه أن يتوقف عن مهنة الاسكافي، فيرفض الوالد مشددا على أهمية تلك المهنة التي ربته وجعلت منه موظف يفتخر به.

ويطلب منه الوالد الذهاب إلى أن “أم نعمت” ليعرف إذا كانت تحتاج إلى شيء، بعد موت زوجها خاصة وأنها لم تصرف معاشه، فيذهب  ليقوم بعمل الواجب وحين يرى “نعمت” يهم بالخروج من المنزل لكن يقابل والده على الباب وينصحه بمسامحة “نعمت” لأنها تراجعت وندمت على ما فعلت، ويستجيب “حسين” لوالده ويسامح “نعمت” وينتهي الفيلم على ذلك.

الفيلم جيد الإخراج، والديكور جاء مناسبا، حيث كانت الحارة بالكامل من صنع الإنتاج، والفيلم يهتم بالمواعظ والرسالة الأخلاقية مثل معظم الأفلام المصرية منذ بدايتها، والرسالة هنا واضحة ويتم بثها بشكل مباشر وواضح بدء من العنوان وحتى الحكاية وفي ثنايا الحوار، وهي أن المال أصل الشرور، وأنه هو الذي يغير نفوس الناس ويخرج المخبوء داخلهم من رغبات ممنوعة وغير مقبولة اجتماعيا، كما يخرج صفات الطمع والجشع والأنانية.

وذلك ما حدث مع “شحاته أفندي” الرجل الخلوق الحنون المحب لزوجته وابنته، والذي يعامل الجميع بود واحترام، لكن ما إن جرت الأموال في يديه حتى تبدلت أحواله وظهرت ملامح أخرى لشخصيته لم تكن ظاهرة، فأصبح أنانيا فترك زوجته ورحل، باحثا عن الرغبات واللذة، فيذهب إلى حفلات ماجنة مليئة ب”النساء” وكأن النساء هن أصل المجون، وأصبح مغرورا فظا سليط اللسان يتعامل بكبر وتعالي مع أبناء طبقته الفقراء، فقد عاير “أبو حسين” بمهنته رغم أنه في الماضي قبل تزويج ابنته من ابنه.

رسالة شائعة..

الطريف أن بعض الباحثين في مجال السينما المصرية أشاروا من قبل إلى تلك الرسالة الشائعة التي تواجدت في معظم الأفلام المصرية، خاصة منذ بدايتها، والتي تقلل من شأن المال وتعتبره أصل الشرور، وتمجد من الفقر ومن العمل الجاد والشاق، وتعلي من شأن الرضا بالحال حتى وإن كان بسيطا. وفسر بعضهم ذلك بأن الرأسمالية المصرية التي كانت صاعدة في ذلك الوقت الذي بدأت فيه السينما هي التي شجعت على بث تلك الرسالة في الأفلام السينمائية، كنوع من الرسالة الموجهة لكي تسكن من خلال تلك الرسالة الفقراء وتبث فيهم الرضا بحالهم والصبر عليه، بل والتفاخر بفقرهم وشقاءهم لكي يتجنبوا تمرد الفقراء أو رغبتهم أو سعيهم للحصول على حقوق اقتصادية متساوية، لا أعلم ربما يكون هذا التفسير صحيحا، لكن بالفعل تكرار هذه الرسالة في أفلام مصرية كثيرة يثير الشك نحو أهداف هذه الأفلام التي تكرس لأفكار ثابتة وأصبحت بمثابة ثوابت، وهي أن الغنى مرتبط بالحزن والتعاسة وأن الفقر مرتبط بالسعادة والرضا والمحبة والسلام.

تسليع النساء..

من ناحية أخرى، تعامل الفيلم مع النساء كمعظم الأفلام المصرية أيضا بشكل سيء بدء من العنوان الذي ربط النساء باللهو واللذة وكأنهن لم يخلقن إلا لذلك، وتعامل معهن كأنهن سلعة وشيء. وحين سعت “نعمت” إلى التمتع بوقتها وشعرت بالملل من الحياة الصعبة في منطقة البحر الأحمر أدانها الفيلم مصورا سعيها نحو التمتع بأنه أمر سيء ويسيء إلى زواجها وإلى كرامة زوجها، وكأن الرسالة التي تريد الفيلم بثها أن هناك نساء للهو والمتعة يتم استخدامهن وهن النساء سيئات السمعة.

وهناك الزوجة وهي من تتحمل الظروف الصعبة والقاسية لعمل زوجها بود ومحبة، وأن لا تكون لها مطالب خاصة فوظيفتها رعاية زوجها والقيام على خدمته وفقط، وانتظاره بعد ساعات طويلة من العمل حبيسة جدران المنزل دون شكوى.

وحين ضرب “حسين” زوجته برر والده الأمر و”حسين” أيضا ولم يدن الفيلم استخدام العنف ضد الزوجة وإنما استشهد الأب بحديث ذكر أنه عن الرسول “ص”، بأن الله لو أمر الزوجة بالسجود لأحد لأمرها بالسجود لزوجها، وكأن الفيلم يرسخ لفكرة أن الزوج أعلى مكانة من الزوجة وأنها أقل منه، وتمسك “حسين” بعدم مصالحة “نعمت” كان يصب في تلك الفكرة أيضا.

 أبيض وأسود، صدر في 27 نوفمبر 1960، مدة العرض “140 دقيقة”، والمخرج “حسن الإمام” وقصة وسيناريو “محمد عثمان”، وحوار “عبد الرحمن شريف”، والتصوير “عبد العزيز فهمي” ، والموسيقى “فؤاد الظاهري” والتركيب “رشيدة عبد السلام”. المنتج والتوزيع “أفلام جبرائيل تلحمي”. تمثيل (يوسف وهبي- أمينة رزق- صلاح ذو الفقار- سعاد حسني- فاخر فاخر- توفيق الدقن- عدلي كاسب- محمد الديب- سلوى محمود- رجاء حسين).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب