19 ديسمبر، 2024 3:58 ص

فيلم “فاطمة”.. نمطية ثنائية المرأة الشريفة والمرأة اللعوب

فيلم “فاطمة”.. نمطية ثنائية المرأة الشريفة والمرأة اللعوب

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “فاطمة” فيلم مصري أبيض وأسود، صدر في 1947 يحكي عن الظلم الطبقي الذي يتعرض له الفقراء وكيف تتم معاملتهم بشكل دوني.

الحكاية..

بدأ الفيلم ب”فاطمة” البطلة التي تقوم بدورها الفنانة الكبيرة “أم كلثوم”، الممرضة التي تذهب لتقوم بعملها في رعاية أحد الباشاوات في منزله، ويقع “فتحي” الذي يقوم بدوره الفنان “أنور وجدي” في غرامها ويحبها، ويفكر في أن يجلبها مرة أخري لكي ترعي أخيه الثاني بعد إن أوهمه بأنه قد أصابه المرض. “فتحي” ينوي الزواج من فتاة غنية من نفس طبقته هي “فيفي” التي تقوم بدورها الفنانة “زوزو شكيب” .

يذهب “فتحي” إلي بيت “فيفي” لكي يزورها بعد أن هاتفته تليفونيا وطلبت منه ذلك، ويتصادف أنها قابلت الممرضة “فاطمة” في بيت إحدي صديقاتها وطلبت منها أن تأتي إليها. تذهب “فاطمة” إلي بيت “فيفي” لتقوم بعملها، فتطلب منها “فيفي” أن تعطيها حقنة تجهض الطفل الذي في بطنها، متعللة بأنها لا تريد الإنجاب في الوقت الحالي. ترفض “فاطمة” القيام بتلك المهمة بأدب، لأنها جريمة من وجهة نظرها وترفض مبلغ خمسين جنيه عرضته عليها “فيفي” لتعطيها الحقنة، رغم حاجتها للمال لأنها تعول أمها وابن أخيها.

مقابلة..

أثناء خروجها من منزل “فيفي” تقابل “فتحي” يقود سيارته، فيطلب منها الركوب معه ليوصلها إلي منزلها، ويصارحها بحبه لها وإنه يريد أن يقابلها كل يوم. تذهب “فاطمة” فرحة إلي منزلها وتقول لأمها أنها تحب، لكن أمها تؤكد عليها أنهم لا يعرفون مثل هذا الكلام، تقابل “فاطمة” “فتحي” في اليوم التالي ويطلب منها أن تقيم معه علاقة ويهديها هدية غالية الثمن، لكن “فاطمة” ترحل. وحين يحاول مقابلتها مرة أخري تقول له أنها لا تقيم علاقة دون زواج، وأن هذا ضد مبادئها، فيعرض عليها “فتحي” الزواج، ولكن بورقة عرفية لأنه من الأغنياء ولأن أخيه الكيبر سيرفض زواجه من ممرضة.

تعرض “فاطمة” الأمر علي أمها وتسأل أمها وكيل محامي من أحد جيرانها في الحارة، فيبلغها أن ذلك الجواز مقبول ولا يخالف الدين. توافق “فاطمة” وتذهب مع “فتحي” إلي الإسكندرية، ثم يقيم لها فرحا صاخبا في الحارة التي تعيش فيها، وحينما يعلم أخيه الباشا بأمر زواجه من ممرضة يغضب عليه ويطرده، ويقرر حرمانه من الأموال.

الحارة..

يجد “فتحي” نفسه مضطرا إلي العيش في بيت أم “فاطمة”، يشعر “فتحي” بأن الحارة مكان غير مناسب له، فيضيق بدخول الجيران لطلب مساعدة “فاطمة” الممرضة، ويمنعها من القيام بوظيفتها كما يطلب منها الاستقالة من وظيفة ممرضة في القصر العيني. ورغم إن أمها لا يعجبها ذلك إلا إن “فاطمة” تستجيب لأوامر زوجها.

لكنه مع ذلك يشعر بالملل ولا يطيق الصخب في الحارة، ويحن لحياة الأغنياء وحفلاتهم فيسأل عن “فاطمة” يجدها غير موجودة، فيذهب من المنزل ويذهب إلي منزل أحد أصدقاءه من الأغنياء ليجد “فيفي” هناك وأصدقاءه الآخرين، ويسألونه عن زواجه من الممرضة، ساخرين من الفتيات الفقيرات اللاتي يطلبن الزواج، ولا يكتفين بإقامة علاقات عابرة مع الأغنياء. وتعاتبه “فيفي” لأنه تركها رغم أنها تحب رجل آخر وتداري ذلك عن “فتحي”. وتقنعه أن يترك “فاطمة” ويعود لأخيه الباشا ليستمتع بحياة الثراء.

عودة إلي عالم الأغنياء..

وبالفعل  يستجيب “فتحي” لرأي “فيفي” ويقرر ترك “فاطمة”، ويذهب لبيت أخيه الباشا لكي يعتذر له عن عصيانه، فيقنعه أخوه بإن يسرق ورقة الزواج العرفي من “فاطمة”، حتى لا يترك أثرا لذلك الزواج الذي لطخ اسم عائلة “رستم باشا”.

يذهب “فتحي” ل”فاطمة” ويدعي أنه رجع معتذرا علي ما بدر منه، ويخبرها أنه قابل أخيه الباشا وأنه استفسر عن العلاقة بينهما، غير مصدق أنهما متزوجان. فتصر “فاطمة” أن تعطيه ورقة الزواج ليريها لأخيه الباشا، وتشعر الأم بالغرابة وتذهب لوكيل المحامي الذي احتفظت بالورقة عنده، فيقنعها أن تحتفظ نسخة منها لديها بالزنكوجراف، الذي كان اختراعا جديدا في ذلك الوقت ويكلف مبالغ كبيرة، ويشعر الرجل صاحب محل الزنكروجراف الأجنبي أن الأمر مهم بعد أن يخبره وكيل المحامي أن “فاطمة” ابنة حارتهم متزوجة من ابن عائلة “رستم باشا”. ويقرر صاحب المكتب مساومة الباشا اخو “فتحي” لإعطائه نسخة أصلية مصورة من ورقة الزواج في حين أعطي لأم فاطمة ووكيل المحامي ورقة زائفة.

هجر..

هجر “فتحي” بيت “فاطمة” وعاش لحياة الأغنياء ورجع يدير أعمال العائلة، وقرر الزواج من “فيفي” كما طلب منه أخيه لأنها ابنة ذوات وتليق بعائلته. وعلي الجانب الآخر تم قبول استقالة “فاطمة” من القصر العيني،  ثم انجبت طفلا من “فتحي” وظلت تراسله لتخبره بذلك، لكنه لم يعد مهتما بأي شيء يخص “فاطمة”.

ثم يشعر أهل الحارة بالظلم الذي وقع علي “فاطمة” فيساعدوها في رفع قضية علي “فتحي” لكي يعترف بزواجه منها وبانتساب ابنه إليه، في جلسات المحاكمة يصر “فتحي” علي إنكار “فاطمة” وابنها ولا يهتم بهما، ويصر الباشا علي عنجهيته ويدفع لصاحب محل الزنكنوجراف لكي يأخذ منه صورة ورقة العقد العرفي.

تعالي وعنجهية..

ويصر الطرف الغني علي إنكار أية علاقة ب”فاطمة”، بل ويحاول المحامي أن يسيء إليها وإلي سمعتها، ورغم ذلك تمتنع “فاطمة” عن فضح “فيفي” التي كانت تريد إجهاض طفلا وهي الفتاة غير المتزوجة، رغم أن “فيفي” شهدت ضدها.

ثم وفي أحد الأيام يتغيب “فتحي” عن السفر للقيام ببعض الأعمال، ويفكر في مفاجأة “فيفي” في بيتها ليجدها بين أحضان حبيبها الذي هو صديق له، ويعرف أنها تخونه وأنها كانت تنتوي الزواج منه ثم استئناف العلاقة مع حبيبها من وراء ظهره.

انكشاف..

ويبدأ “فتحي” في فهم ما يعيشه ويقرر الاعتراف بزواجه من “فاطمة” وبإنجابه لابنه منها، ويذهب معها إلي الحارة وينتهي الفيلم علي ذلك.

الإخراج والديكورات ما بين القصور والفيل الغنية وما بين الحارة كان جيدا، وامتلأ الفيلم بعدد كبير من الممثلين الذين أصبحوا نجوما فيما بعد، كما غنت فيه أم كلثوم أغاني رائعة.

صور نمطية..

علي مستوي الأفكار التي يعرضها الفيلم نكتشف أن “مصطفي أمين” هو من كتب السيناريو ونشعر بالمباشرة في تصوير الأغنياء وكأنهم طبقة من المتعجرفين الذين يتعاملون مع الفقراء بتعالي شديد وبتصورات فوقية عن أنفسهم، وكإن الفقراء هم بشر من نوع آخر غير نوعهم، يتضح هذا الأمر بمباشرة شديدة وكإن الفيلم يوجه خطاب كراهية نحو الأغنياء أو يصوره في صور نمطية اعتادت أفلام السينما المصرية تصويرهم فيها، ولا نعلم لما ترسخت تلك الصورة النمطية عن الأغنياء الذين يتمسكون بطبقتهم ونقائها ويرفضون دخول أحد من الطبقات الأدني إليها.

كما نجد تجميع لكل المزايا في سلوكيات الفقراء أولاد البلد، حيث التعاون والمحبة والإخاء ومساعدة بعضهم بعضا، ومراعاة حق الجار وإغاثة بعضهم في أوقات الخطر، والترفع عن فعل الشر أو الأفعال التي تخالف القانون والدين.

وعلي مستوي رؤية المرأة نجد ترسيخ لتلك الصورة النمطية من أن الفقيرة شريفة تحافظ علي عرضها وشرفها ولا تحاول اللعب في منطقة الحب والعلاقات العاطفية أو العبث مع الرجال، وإنما من تفعل ذلك بحرية هي الفتاة الغنية ابنة الذوات التي تتعدد علاقاتها بالرجال، وتحب أن تجمع حولها أكثر من رجل.

“ففاطمة” الممرضة هي المرأة الشريفة رغم فقرها وحاجتها، بينما “فيفي” تحب رجلا وتقرر الزواج من “فتحي”. ولا نجد مبررا منطقيا حقيقا لذلك رغم أن الصديق ينتمي إلي طبقة الأغنياء هو أيضا، فلما لا تتزوجه وتخلص له في علاقتها به.

ونجد حديثا حول الاهتمام بالسهر والحفلات والتمتع بكل الملذات من خمر وغناء وموسيقي لدي الأغنياء بينما الفقراء يقضون حياتهم اليومية في الأعمال وفقط لكي يسدوا حاجاتهم.

وينتهي الفليم نهاية سعيدة بانتصار الفتاة الشريفة وعودة زوجها إليها دون أن تعاتبه علي إنكاره لها زمنا طويلا وإنكار ابنه فهي تفرح بعودته وكفي. والتساؤل المتكرر هل حاول صانعوا أفلام السينما في مصر، خاصة في البدايات، ترسيخ بعض من الصور النمطية خاصة عن النساء وعن ثنائية الفقراء والأغنياء، وماهو موقف الأغنياء الذين كانوا ينتجون تلك الأفلام؟ .

الفيلم..                                                                                           

“فاطمة” هو فيلم مصري، يعد آخر أفلام كوكب الشرق “أم كلثوم”، وفيه التقت لآخر مرة مع ألحان “محمد القصبجي”، كما أنها لم تغني من ألحان “زكريا أحمد” إلاّ أغنية “هوّى صحيح الهوى غلاّب” عام 1960.

أغاني الفيلم: جُمعت أغاني الفيلم في ألبوم واحد طرح للتداول التجاري، وصنعها نخبة من الكتاب والملحنين البارزين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة