خاص: كتبت- سماح عادل
الفيلم الهندي “رستم” فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لضابط في البحرية قتل رجل أعمال، وكانت قصة شهيرة شغلت الرأي العام الهندي في فترة الخمسينات.
البداية..
يبدأ الفيلم بأغنية رومانسية، بين البطل رستم وزوجته، تصور مدى الحب الذي يجمع بينهما، ثم مشهد ذهاب زوجة رستم، سينثيا مع رجل آخر إلى قصر كبير، ثم عودة رستم من سفر طويل يخص عمله في البحرية ويذهب إلى المنزل ليفاجئ زوجته برجوعه، فيجدها غير موجود بالمنزل وتخبره الخادمة أنها لم تبيت الليلة السابقة في المنزل، فيتصل بإحدى صديقاتها ليسأل عنها لكنها تخبره أنها لم تر زوجته منذ فترة طويلة.
يبدأ الشك يدخل إلى قلبه فيذهب إلى غرفتها ويفتش فيها، فيكتشف مجموعة من الخطابات الغرامية، من صديق مشترك لهما هو رجل أعمال، وتدخل زوجته المنزل فتجد زوجها يقرأ عليها جمل من خطابات العشيق، وتحاول أن تشرح له لكنه يتركها ويرحل.
ثم يذهب إلى الشركة لمقابلة رجل الأعمال ولا يجده فيذهب إلى منزله، ويسمع طلقات ثلاث للرصاص، ليرى المشاهد رجل الأعمال ممدد على الأرض، وعلامات ثلاث لاختراق الرصاص على جسده العاري من النصف الأعلي، ورستم يجري بعد أن يراه الخادم. لكنه يذهب إلى قسم الشرطة ليسلم نفسه ويعترف بجريمته.
غموض..
ويبدو أن الأمر منتهي، لكن يزداد الفيلم تشويقا وغموضا، عندما يرفض رستم مقابلة زوجته التي حاولت أكثر من مرة مقابلته، ثم يأتي مسلحان إلى منزلها لتفتيشه وتهديدها بالسلاح، فتذهب إلى زوجها في سجنه وتترك له رسالة تقول له فيها أن هناك اثنان أتيا لتفتيش المنزل، فيسمح لها فمقابلته أخيرا، وتحكي له عن علاقتها برجل الأعمال معترفة بذنبها وبأنها تعرضت للحظة ضعف..
إغواء..
فقد أغواها رجل الأعمال بعد أن سافر زوجها لمدة ستة أشهر، بدأت شقيقته في أول الأمر في التقرب إليها، وأحاطتها بالرعاية والعناية ثم بدأ رجل الأعمال يتقرب إليها ببطء محاولا إغواءها بالهدايا باهظة الثمن، وفي لحظة ضعف ونتيجة لسفر زوجها لفترة طويلة وجدت الزوجة نفسها تنجذب إلى رجل الأعمال، وتستجيب لاقترابه وتدخل معه في علاقة جسدية، لكنها سرعان ما تندم لأنها خانت ثقة زوجها الذي تحبه كثيرا، وتقرر ألا تستمر في علاقتها مع رجل الأعمال، وحين يأتي إليها وتذهب معه إلى منزله تخبره أنها لا تريد أن تراه مرة أخرى، فيتكشف لها على حقيقته حين يخبرها أنه أغواها فقط لكي يذل زوجها الذي تباهي بمنصبة في البحرية وبطولاته، فقد أراد أن يثبت له أنه بأمواله أرفع منه شأنا وأنه قادر على خطف زوجته التي يعشقها منه، وحين تغضب الزوجة يضربها رجل الأعمال لتصطدم بالأثاث وتترك الصدمة ندبة في جبهتها.
محاكمة..
في المحكمة ورغم اعتراف رستم بأنه قتل رجل الأعمال إلا أنه لا يقر أنه مذنب، ويرفض وجود أي محامي للدفاع عنه، رغم أن البحرية التي يعمل بها عرضت أن تحاكمه هي نظرا لبطولاته وتاريخه المشرف في العمل بها. لكنه أصر أن يظل تحت يد الشرطة وأن يحاكم وفق قواعد القضاء، وأنه هو من سيتولى الدفاع عن نفسه.
ويزداد الأمر غموضا على المشاهد الذي شاهد جريمة بسيطة في بداية الفيلم، ويبدأ في الشك في أن رستم هو من قتل رجل الأعمال، وتجري المحاكمة وسماع الشهود، ونجد محامي شقيقة رجل الأعمال يصر على تلفيق شهادات الشهود ودفعهم دفعا إلى الكذب في شهادتهم حيث يكشف رستم الذي يقوم بدور المحامي كذبهم.
ثم تظهر أمور أخرى غامضة أثناء أيام المحاكمة، والتي شغلت بال المجتمع نظرا لأن قضية رستم تحولت إلى قضية رأي عام بفضل تغطية الصحف لها ولأدق تفاصيلها، فقد تعاطف الناس مع بطل البحرية ذو التاريخ المشرف في خدمة بلاده، والذي خدع من قبل زوجته وعشيقها، لكن رستم يبدى عطفا تجاه زوجته التي اعترفت بذنبها وأقرت أنها مذنبة وأنها نادمة على استجابتها لإغواء العشيق.
ثم نلاحظ إصرار محامي شقيقة رجل الأعمال على توريط رستم وجلب أقصى عقوبة له، ومساعدة موظف في وزارة الدفاع له، حتى أنه أعطى للشرطة تسجيلا يقول فيه أنه لن يرحم رجل الأعمال.
ويقلب هذا الشريط موقف بعض الناس في هيئة المحلفين، بعد أن كانوا متعاطفين مع رستم والذي أثبت أن رجل الأعمال كان رجلا متهورا، وكان يسحب مسدسه لأقل فعل، وينتابه الغضب فيشهر مسدسه بوجه الناس، وأنه لم يكن ذاهبا إلى بيته ليقتله وإنما لكي يحادثه ثم سحب رجل الأعمال مسدسه فاضطر رستم أن يدافع عن نفسه. لكن رستم اكتفى بشهادته ولم يحاول الدفاع عن نفسه، وجاءت نتيجة رأي هيئة المحلفين في صفه حيث أنصفوه وقالوا أنه غير مذنب.
لكن الغموض لم يتكشف تماما، لذا فقد كشف رستم لضابط الشرطة التي كان يتولى قضيته الأمر، موضحا أن رجل الأعمال هذا لم يكن خائنا فقط وإنما كان فاسدا، حيث كان متورطا هو وموظفين كبار في البحرية وفي الدولة في عملية تجارية فاسدة، حيث كانوا سيجلبون معدات فاسدة للبحرية، مقابل أموال ضخمة، وقد كشفهم رستم، وكان على وشك مواجهتهم حين وقعت حادثه قتل رجل الأعمال، لذا تحينوا فرصة هذه الحادثة للإيقاع به والتخلص منه وإظهار هذه الحادث على أنها حادثة شخصية تخص رستم وزوجته.
نهاية..
ثم ينتهي الفيلم نهاية سعيدة حيث يحصل رستم على البراءة، ويعود لزوجته بعد مسامحتها والغفران لها. ونلاحظ هنا أن رستم سامحها وأعطاها فرصة ثانية، حيث اهتمت السينما الهندية بفكرة وجود فرصة أخرى للمرأة حتى وإن أخطأت، بينما في السينما المصرية دائما ما تلقى الزوجة الخائنة جزاء واحدا ومعروفا وهو الموت.
الفيلم لا يحكي عن قصة صراع بين زوج وعشيق بل يكشف ومن خلال قصة حقيقية عن وجود فساد داخل مؤسسات الدولة في الهند في فترة الخمسينات، حين تحالف رجال الأعمال والموظفين الكبار في الدولة في عمليات فساد كبرى، ومن يقف في مواجهة هذا الفساد يحاولون القضاء عليه بكل الطرق.
إخراج الفيلم مميز، على مستوى الصورة والموسيقى وحركة الكاميرا، وعلى مستوى التشويق والغموض الذي أحاط بالجريمة، وجاء أداء الأبطال عاليا خاصة البطل “اكشاي كومار” الذي قام بدور”رستم”.
الفيلم..
فيلم الجريمة الهندي الذي أنتج عام 2016، قام بكتابته “فيبول ك راوال”, إخراج “تينو سوريش ديساي” وأنتجته “نيراج باندي”. ويضم “أكشاي كومار, إليانا دي كروز, عرجان باجوا و ايشا غوبتا” في الأدوار القيادية.
ويستند الفيلم على الحياة الحقيقية في حادثة ضابط في البحرية يدعى K. M. Nanavati ورجل الأعمال بريم أهوجا.
التصوير الرئيسي للفيلم بدأ في شباط / فبراير 2016، وصدر الفيلم في 12 آب / أغسطس 2016. وقدرت ميزانية الفيلم بـ 8.2 مليون دولار أمريكي، وحقق إيرادات تصل لـ 30 مليون دولار، وترشحت قصة فيلم Rustom للكثير من الجوائز، وفاز بجائزة الشاشة وجائزة الفيلم الوطني الـ 64، وجوائز لعرض المعلوماتية والخاصة ضمن فعاليات مهرجان بيونغ يانغ السينمائي الدولي، وتعد قصة فيلم Rustom من أول القصص الهندية التي تثير قضية إلغاء هيئة المحلفين في المحكمة الهندية حيث أظهرت قصة فيم Rustom قضية الفساد وركز عليها وكيف تورط كبار السياسيين ورجال الأعمال فيها.