خاص: كتبت- سماح عادل
فيلم “بيت الروبي” فيلم كوميدي درامي مصري، يتناول موضوع هام جدا، وهو دور السوشيال ميديا والتطور الهائل الذي حدث في الاتصالات والإنترنت على حياة الناس.
الحكاية..
تبدأ الحكاية ب “إبراهيم الروبي” الذي يقوم بدوره الممثل “كريم عبد العزيز” والذي يعيش مع أسرته في الصحراء مع مجموعة من الناس حياة هادئة وجميلة، يصطاد هو وأطفاله السمك، ويعيشون في بيت هادئ وجميل، وتقوم الزوجة برعاية أطفالها وقد تقوم بتعليم بعض الفتيات المحيطات القراءة والكتابة.
لكن الزوجة تشعر بأن حياتها تضيع في رعاية الزوج والأطفال، خاصة عندما يذكرها أحد الرجال بذلك عندما تسأله لماذا لا يحضر ابنته لتتعلم، ليقول لها بشكل صريح أنها هي تعلمت وحصلت على شهادة كبيرة لكن مصيرها أصبح رعاية الأسرة والأطفال.
العودة..
ثم يأتي “إيهاب” أخو “إبراهيم” بصحبة زوجته الحامل، ويفهم “إبراهيم” أن أخوه الذي كان يعمل في دولة أوربية قد تم ترحيله، بعد أن قام بضرب أحد الزبائن حيث يعمل كوافير للنساء، ثم يطلب من أخوه أن يأتي معه إلى القاهرة لتخليص بعض الأوراق التي تخص محل والدهما الذي كان يعمل هو أيضا كوافير، وورث ابنه مهنته عنه.
يتردد “إبراهيم” قليلا في الذهاب إلى القاهرة، وتجدها “إيمان” زوجته فرصة لكي تطلب منه أن يصطحب طفليها “شريف وشمس” معه، لكي يتعرفوا على القاهرة، لأنهم لم يعرفوها بسبب أنهم انتقلوا جميعا إلى الصحراء منذ سبع سنوات. يرفض “إبراهيم” اصطحاب أبناءه إلى القاهرة، لكن “إيمان” تفاجئه بأنها جهزت نفسها وطفليها للسفر معهم، فيقبل على مضض وينزل الجميع إلى القاهرة.
زحام..
ليصطدم “إبراهيم” بزحام القاهرة الشديد والفوضى، حيث ذهبوا أولا إلى مكتب الشهر العقاري وحدثت مشاجرات أثناء ذهابهم، وفي الشهر العقاري كان الزحام شديدا والناس تصدم ببعضها البعض.
ثم يفاجئ “إبراهيم” بضرورة توقيع ابن عمهم الذي يرث معهم في محل الوالد، فيذهبوا إليه في منطقة شعبية يعيش فيها، لنجد فاصل من الكوميديا لكنه يصور المنطقة العشوائية بأنها فوضى وأنها تمتلئ بالشجارات والمعارك والناس الذين يتخبطون أثناء المشي. وكأن المناطق العشوائية ليس فيها إلا هذه النماذج من الناس.
ثم يذهب الجميع إلى منزل “إيهاب” الفاخر ويذهب “إبراهيم وإيهاب” إلى المحل الخاص بالوالد، لنجد أن “إيهاب” قد جهزه بشكل فاخر، لكن وجد شاب أمامه قام بفتح محل له نفس النشاط أمامه، وقام بتقليد كل شيء ليخطف منه الزبائن.
صدمة العودة..
ويقرر “إبراهيم” السفر بعد ثلاثة أيام ينتهي فيهم من إجراءات توثيق المحل، ويذهبون جميعا للخروج مساء ويحضر لهم “إيهاب” تليفونات محمولة ل”إبراهيم” و”إيمان” و”شريف” ابنهم، ويبدأون في التعامل مع ذلك الجهاز العجيب الذي يصلهم بالعالم عن طريق الإنترنت والسوشيال ميديا، وينخطف “شريف” أكثر وينجذب لعالم الإنترنت.
وتشعر “شمس” الطفلة الصغيرة بتوعك نتيجة لتناولها الطعام السريع، فيذهبون بها إلى المستشفى لمعالجتها، لنكتشف أن “إيمان” كانت طبيبة وكانت تعمل في تلك المستشفى، وأن لها زميلات، وتحدثها مديرة المستشفى تطلب منها رقم تليفونها وتقول لها أن ما حدث معها قد مرت عليه سنوات طويلة والناس لم تعد تتذكره.
حادثة قديمة..
وتقوم “إيمان” بعمل بحث على الإنترنت، لنتعرف كمشاهدين من خلال هذا البحث عما حدث لها، لنكتشف أنها في إحدى العمليات الجراحية التي قامت بها ماتت سيدة حامل مع جنينها، وقد غضب الأب وانفعل عليها مصورا فيديو نشره على الإنترنت، يتهم فيه “إيمان” بأنها قتلت ابنه وزوجته وأن ما حدث نتيجة لخطأ طبي، وانتشر الأمر كالنار في الهشيم، وأصبح الناس يضايقون “إيمان” في الشارع ويتعدون عليها بالألفاظ، وكان زوجها “إبراهيم” يدافع عنها بالشجار مع هؤلاء الناس.
ويصور الفيلم تعدد الفيديوهات التي تتناول موضوع “إيمان” دون التحقق من مدى صحته، وسمعتها كطبيبة التي تدمرت بسبب تدخلات ناس غير مختصين، وعمل شو في الفيديوهات مما جعلها تخسر عملها وحياتها أيضا، وأصبحت تتعرض لمضايقات، مما أجبر “إبراهيم” على ترك عمله كأستاذ جامعي وأخذ عائلته ليهرب مما يحدث لهم والذهاب إلى الصحراء والعيش في هدوء.
ويدخل “إبراهيم” على “إيمان” ليجدها تشاهد الفيديوهات التي تدينها ويسألها لما تذكرت ذلك الموضوع القديم، فتقول له أنها تريد أن تعود إلى عملها، فينفعل غاضبا عليها لأنها تريد أن تعود للعيش وسط هذا الصخب والزحام وبعد كل ما حدث لها.
شهرة مفاجئة..
وأثناء ما كانت تقوم “بهيرة” زوجة “إيهاب” بعمل فيديو لايف يشتعل غضب “إبراهيم” على ابنه “شريف”، ثم يحادث أخيه ويتحدث عن الإنترنت وفقدان الخصوصية، وعن طريق المصادفة يتم تصويره في لايف “بهيرة” ويشاهد اللايف أناس كثيرون، وتكثر التعليقات عليه تحمل أعجاب بما يقول، وحينما يذهب في اليوم التالي لابن عمه يجده يقيم فرحه، ويغني له أغنية ويصورها أحدهم أيضا، فتزداد شهرة “إبراهيم”. وحين يعود إلى بيت أخيه لا يقاوم فكرة مشاهدة تعليقات الناس عليه، ويشعر بالابتهاج نتيجة للشهرة المفاجئة التي حدثت له.
ويتلقى مكالمة من شركة تسويق، ويذهب في اليوم التالي ليقابل فتاة من تلك الشركة، ناسيا السفر إلى منزله في الصحراء، بل ويقول لزوجته أنها باستطاعتها أن تعود لعملها كطبيبة. ويكتشف “إبراهيم” أن شركة التسويق تريد تسويق شهرته على السوشيال ميديا وأدارتها، وتوجيه لطريقة كسب الأموال من تلك الشهرة والاستمرار فيها، وينصاع للأمر معجبا بالشهرة التي أصبح فيها وبإعجاب الناس، حتى أنه يقوم بعمل دعاية لمحل أخيه الذي يمتلئ بالزبائن.
استقرار..
وتجد “إيمان” الهدوء بعد عودتها إلى عملها القديم، وينشغل الابن “شريف” بدروس السباحة في نادي قريب. ويبدو أن الأمر يسير في يسر وسهولة، وجميع أفراد أسرة “إبراهيم” يعيشون في سعادة وتطور، ما عدا غيرة من “بهيرة” التي تشعر أن “إبراهيم” حقق في أيام ما لم تستطع تحقيقه في سنوات، حيث أصبح له معجبين وفولورز ويكتسب من الإنترنت ويحصد الأموال.
انكشاف..
ثم تنقلب الأحداث فجأة حين يقوم أحدهم بكشف سر “إيمان” ويكشف أن “إبراهيم” المشهور هو زوج الطبيبة التي اتهمت بقتل امرأة وطفلها أثناء إجراء عملية ولادة لها، وتنقلب الحياة حيث تزداد الفيديوهات الساخرة من “إبراهيم” والتي تهاجمه، ويحادثه الناس في الشارع بغضب شديد، ويضايق الناس زوجته أيضا في عملها، حتى أن المديرة تطلب منها الرحيل عن العمل.
وفي نفس الوقت يتعرض “شريف” لمحادثة من صديقة ليكتشف بعد ذلك أن أصدقاء ذكور له كانوا يحادثونه من حساب وهمي باسم الصديقة يضعون فيه صورها، وحين يكتشف “شريف” ذلك يغضب فيهاجمه هؤلاء الأولاد ويضربونه. ومن ناحية أخرى يكتشف إبراهيم أن الشركة التي تسوق فيديوهاته هي نفسها التي حرضت الناس على عمل فيديوهات عن زوجته والحادثة القديمة، فقط لتجعل اللايكات تزداد والمتابعة تشتعل.
هروب..
فيقرر “إبراهيم وإيمان” العودة إلى منزلهم الآمن بعيدا عن الصخب الشديد المتواجد في القاهرة وعلى الإنترنت، وأثناء تجهيزهم للحقائب تنفعل “بهيرة” عليهم وتتهمهم بأنهم خربوا حياتها وحياة زوجها، بعد أن عرفت أن زوجها ينتوي السفر للخارج مرة أخرى، لأن المحل تأثر بتلك الفيديوهات التي تخص “إيمان”. وتظهر غيرتها الشديدة نحو “إبراهيم”.
وحين يهمون بالرحيل وتكون الأمطار غزيرة يحاول “إيهاب” منعهم من الخروج لكن “بهيرة” تشعر بآلام الولادة لتصل الأحداث إلى ذروتها فيركب الجميع السيارة أخذين “بهيرة” إلى المستشفى، لكن “شريف” غير موجود فيتصل “إبراهيم” بالمدرب ليعرف أن ابنه خرج منذ ساعتين، ويذهب للبحث عن ابنه ويجده جالسا في الشارع أمام النادي حزينا.
ولادة..
ويذهب “إيهاب” إلى المستشفى ونرى مشهد مكرر من فيلم سابق، حيث تتعثر حركة المرور بسبب الأمطار الغزيرة، فتضطر “بهيرة” أن تلد في الشارع، وربما حشر المخرج هذا المشهد ليخدم فكرته الرئيسية في الفيلم، حين هم بعض الناس بتصوير ولادة “بهيرة”، وتشاجر معهم “إيهاب”، ليرصد مدى تطفل الناس وتأثرهم بفكرة الإنترنت وهوسه، حتى أنهم يتعدون على خصوصية امرأة تلد.
وتنجح “إيمان” في توليد “بهيرة “في مشهد غير متقن تماما، ويفرح “إيهاب” و”إبراهيم” الذي التحق بهم وساعد “إيهاب” في مهاجمة من يتعدون على خصوصيته.
المقاومة..
يفكر “إبراهيم” وعائلته في الرحيل مرة أخرى، لكنه هذه المرة يقرر ألا يهرب وأن يواجه تلك الحياة الصعبة والقاسية، وألا يهتموا بكلام أحد أو تدخلاتهم، وأن يعيش كل أفراد أسرته بحريتهم، فيعود للعمل بالجامعة وتعود زوجته للعمل في مستشفى أخرى، ويمارس “شريف” تدريبات السباحة وتستمر الحياة بروح إيجابية جديدة ورغبة في التحدي والمقاومة.
الإخراج جيد، الديكورات والمناظر الطبيعية جيدة، وأداء الممثلين كان بارعا، غير أن الفيلم تعمد حشر مواقف كوميدية لكي يجعل الفيلم مقبولا جماهيريا، لكنه مع ذلك اختار مواقف تنبع من فكرة الفيلم الأساسية، وهي أن الإنترنت أصبح جزءا من حياتنا اليومية، حتى أنه أصبح يحدد شكل حياتنا، ويدخل ناس دائرة الشهرة فجأة بدون مبرر ويستبعد أخرون أيضا بدون سبب منطقي، حيث أن صناعة التافهة على الإنترنت أصبحت هي السائدة وأصبح الجمهور متفاعلا معها بشكل كبير.
صناعة التفاهة..
وأهم فكرة يسعى الفيلم إلى رصدها هي فقدان الخصوصية وبالتالي التأثير السلبي على أخلاق المجتمع وقيمه، حتى أن الناس لا تتورع عن تصوير امرأة تلد، أو الانتفاع على حساب آلام الآخرين، مثلما حدث مع زوج السيدة التي ماتت أثناء الولادة، كما يرصد الفيلم أن صناعة التفاهة أصبحت متغلغلة في نفوس الناس كل يريد أن يحوز الشهرة والأموال دون سعي لعمل شيء حقيقي، حتى أن “إبراهيم” نفسه انساق لتلك الفكرة قليلا لكنه عاد إلى ذاته بعد ذلك.
ونجح الفيلم في توصيل أفكاره الهامة مع جرعة من الكوميديا اللطيفة وغير الجارحة، كما كانت النهاية إيجابية تدعو إلى مقاومة صناعة التفاهة والتركيز في عمل ذا قيمة ونافع للأسرة المصرية.
الفيلم..
فيلم كوميدي مصري، ﺇﺧﺮاﺝ: بيتر ميمي، ﺗﺄﻟﻴﻒ: محمد الدباح ، ريم القماش، طاقم العمل: “كريم عبدالعزيز، كريم محمود عبدالعزيز، نور اللبنانية، تارا عماد”. المنتج: تامر مرسي أحمد بدوي، التوزيع: أورينت فيلمز وسينرجي للإنتاج الفني. الإيرادات: 17 مليونا و 940 الف جنيه مصري.