22 ديسمبر، 2024 3:03 م

فيلم “المتمردة”.. قبول العنف ضد المرأة كجزء من بطولة الرجل

فيلم “المتمردة”.. قبول العنف ضد المرأة كجزء من بطولة الرجل

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “المتمردة” فيلم مصري، أبيض وأسود، صدر في عام 1963، يحكي عن نموذج للفتاة الغنية التي يتم تربيتها بشكل غير مسئول ويبالغ الوالد في تدليلها لأن أمها متوفاة، وليس لديه غيرها مما يساهم في ممارستها لسلوكيات غير سوية.

الحكاية..

يبدأ الفيلم ب”سوسن” التي تقوم بدورها الفنانة “صباح”، التي تذهب لحضور عرض إحدى المسرحيات، وحين يتشاجر معها أحد الممثلين تشتري تذاكر الحفلة جميعها مما يلفت نظر هذا الممثل”كمال” ، وهو أيضا المخرج ويقوم بأدائه الفنان “محمود مرسي” والممثلة الرئيسية للعرض “قدرية” والتي تقوم بدورها الفنانة “سميحة أيوب”، ”سوسن”  هي ابنة رجل غني يمتلك شركة لصناعة الأقمشة وقد أفرط والدها في تدليلها، يحاول “كمال” التقرب إلي ”سوسن”  بعد أن عرف أنها ابنة مليونير علي حد تعبير الفيلم، ويتفق مع صديقته وحبيبته “قدرية”، وبالفعل يستمر في دور الرجل القوي المتعجرف ليلفت نظر “سوسن” إليه.

في نفس الوقت نري “سامي” الرسام الذي يقوم بعمل التصميمات في شركة أبو “سوسن” ويقوم بدوره الفنان “أحمد مظهر” حيث يحبها في السر ويقوم برسم ملامحها في لوحاته في منزله، ولديه صديقه يعمل معه في نفس الشركة ويحب قريبة ”سوسن”  أيضا يقوم بأدائه الفنان “فؤاد المهندس”.

إغواء..

تحاول ”سوسن”  إغواء “كمال” الذي يستجيب لها ويخرجان سويا في دعوات للعشاء في مطاعم فاخرة، بمساعدة وتخطيط من “قدرية”، ويقرر “كمال” نشر خبر مواعدته ل”سوسن” في الجرائد حتى يرتبط اسمهما سويا، كما يحول التقرب من والدها الذي يبدو أنه متفتح الفكر ويسمح لابنته بعمل صداقات مع رجال.

ويأتي “كمال” بشكل دوري لزيارات في بيت “سوسن” ويستقبله والدها بترحاب شديد ويسهران سويا.

ثم يلمح الأب ل”كمال” برغبته في أن يتزوج من ابنته فيقول له “كمال” أنه سيسافر لعمل وسيراسله من هناك ليخبره بقراره في التقدم للزواج من ابنته. وبالفعل يرسل “كمال” تلغرافا يطلب فيه التقدم إلي ”سوسن”  لخطبتها، ويصاب الوالد بفرحة شديدة تجعله يتعرض لأزمة صحية وهو مريض القلب ويموت.

غيرة..

تحزن “سوسن” لوفاة والدها ثم يأتي “كمال” بعد وفاته ويحاول أن يتقرب إليها أكثر، توافق “سوسن” علي قبول الخطبة، وتستمر في مواعدة “كمال”، وتنصحه “قدرية” أن يغير معاملته لها، ويتخلي عن شخصية الرجل الصارم الحازم ويظهر لها وجه الرجل المتفهم المتحضر.

تلاحظ ”سوسن”  ذلك وأن “كمال” لا يشعر بالغيرة عندما تتحد ث إلي أحد الرجال ويغيظها ذلك جدا، وتشعر أن عدم الغيرة علامة علي أن “كمال” لا يحبها، في حين أنها تعرف أن  حبيب صديقتها المقربة قد قام بصفعها لأنها تكلمت مع شاب غريب في الشارع أثناء انشغاله عنها. وتشعر “سوسن” بالغيرة وتقر أن تضع “كمال” في موقف أكثر وضوحا لتري حجم غيرته عليها.

وأثناء شكوى أحد وظفيها من “سامي” ورسوماته الجديدة، تعرض علي “سامي” أن يتناول معها العشاء، يوافق “سامي” لكنها تصارحه بأنها تدعوه لكي يراه “كمال” معها، يرفض “سامي” الدعوة وتغضب “سوسن” وتقرر فصله من العمل، ثم تتراجع عن فصله. لكنها تقرر إذلاله حتى يوافق علي قبول دعوة العشاء، لكن “سامي” ورغم أن حالته المادية بسيطة لا يخضع لها، وحينما تأتي له بمدير قريب ل”كمال” لكي يضايقه في العمل يتغيب عن عمله ولا يهتم.

تحدي..

يشتعل الغيظ في قلب “سوسن” التي اعتادت علي قبول طلباتها وأوامرها  وتقرر أن تستمر في التحدي وتخبر “كمال” أنها تريد أن ترغم “سامي” علي قبول دعوة العشاء، وهو يفكر معها قي تلك المشكلة بل ويناقشها في وسيلة للحل، وحين تخبره أنها ستذهب لبيت “سامي” وتهدده بأن تفضحه أو يقبل دعوة العشاء يوافق “كمال” علي ذلك، ولا يعلن رفضه أو غضبه، حينها تشعر “سوسن” أن “كمال” ليس الرجل الذي تتمناه أو تتخيله، لكنها لم تعد مهتمة ب”كمال” لإن “سامي” هو الذي استحوذ علي اهتمامها وتفكيرها بعناده وتحديه لأوامرها وعدم خضوعه .

اكتشاف..

ترسل ”سوسن” في طلب “سامي” من منزله ويخبرها الموظف أن لديه امرأة، فتذهب “سوسن” بدون تفكير إلي منزل “سامي” لتري تلك المرأة التي تزوره في منزله، رغم أن صديقتها تحذرها من الذهاب. في منزل “سامي” تدخل “سوسن” مسرعة لتفش عن المرأة، فتجدها موديل للرسم يقوم “سامي” برسمها، وتفاجئ بأن كل لوحات “سامي” هي رسومات لها ولملامحها وتعرف أنه يفكر بها رغم تحديه الظاهر لها.

وهنا تفرح من ذلك لكنها لا تتخلي عن محاولات إخضاعه، وهو يستمر في المقاومة، ترحل من منزله بعد أن تري والدته المريضة وحين تتخيل أنه سيكون قريبا بعد أن عرفت أنه معجب بها يقدم “سامي” استقالته من العمل بشركتها ويقرر أن يعمل رساما ويقيم معرضا للوحاته، فتقرر “سوسن” أن تحاربه وتفشل معرضه حتى يعود إلي العمل في شركتها.

وتؤجر صحفيا ليكتب مقالة نقدية تهاجم لوحات “سامي”، كما تغرق الصحف بالإعلانات حتى لا يظهر أي نقد إيجابي له، وبالفعل يفشل أول معرض ل”سامي” ولا يبيع أية لوحة، وتذهب إليه في المعرض لتتشفي فيه ويعرف أنها هي وراء ما حدث له، وتحاول “سوسن” صفعه حينما يحدثها بحدة فيمسك يدها بعنف شديد حتى يسقطها علي الأرض، ويقلد صديق “سامي” تلك الحركة فيقوم بصفع حبيبته وشدها من شعرها، في مشهد تالي، ليؤكد لها أنه رجل حازم وصارم في مشهد مفتعل ولا ضرورة درامية له”.

محاولة ارضاء..

”سوسن”  تشعر بالغيظ أكثر لكنها تتيقن أنها تحب “سامي”، وتتحدث “سوسن” مع صديقتها وتخبرها أنها ستحاول مساعدته حتى يشعر أنها ليست أعلي منه ويتقدم لخطبتها، وبالفعل ترسل أحدهم لشراء لوحات “سامي” كلها بالمبلغ الذي يريده، يشترط “سامي” مبلغ 5 آلاف جنيه، ويفرح كثيرا أن لوحاته أعجبت أحد الناس لكنه يكتشف أن العمال الذين سيقومون برفع اللوحات هم من عمال الشركة التي تملكها ”سوسن” ، فيفهم أنها هي من أرسلت رجلا لشراء اللوحات ويرفض أخذ النقود وإعطائها اللوحات.

تجد “سوسن” نفسها متحيرة ولا تعرف ماذا تفعل لكي تجعل “سامي” يتخلي عن عناده؟، فتقرر تحديد موعد للزواج من “كمال” لتثير غيرة “سامي” وتجعله يتحرك، وقبل موعد الفرح تأتي “قدرية” إليها لتخبرها أنه يتلاعب بها، وأنه لا يحبها، وإنما يريد الزواج منها لأجل أموالها. وتطلب من “سوسن” أن تبتعد عن “كمال” لأنها تحبه وتريد استرجاعه، لكن “سوسن” تصر علي أن يقام الفرح في موعده وتهرب، وحين يعلم الجميع باختفائها يحاول “سامي” وصديقه البحث عنها في كل مكان، ويبلغان الشرطة للبحث عنها ولا تجدها الشرطة في أي مكان.

اعتراف بالحب..

يذهب “سامي” إلي بيته بصحبه صديقه وصديقة “سوسن”، ويتناقشان في أمر اختفاءها ويقول أنه يحبها وهنا تتحدث إليه “سوسن” لنعرف أنها تختبئ في منزل “سامي”، في غرفة والدته، ورغم اعترافه بحبها يظل “سامي” يرفض فكرة الزواج منها لكنها تعده أن تكون مطيعة له ولأوامره وأنها ستتخلي عن عنادها ومحاولتها أن تكون مسيطرة. وينتهي الفيلم علي ذلك .

الخارج جيد، والديكورات، وأداء الممثلين، كما تخلل الفيلم بعض الأغاني الجملية للفنانة “صباح”.

الغنية المستهترة..

علي مستوي الأفكار التي طرحها الفيلم نجد نفسنا كمشاهدين نواجه تلك الأفكار التي أصبحت شبه نمطية عن المرأة في السينما المصرية، حيث يصنف صناع الفيلم، الذين يتكونون من ذكور متناقضين في أفكارهم وأطروحاتهم، المرأة إلي صنفين:

– غنية حرة فيما تفعل، تكون غالبا مستهترة متلاعبة بالرجال، تتعدد علاقاتها بالرجال وتسمح لها أخلاقيات وقواعد وعادات طبقتها أن يكون لها أصدقاء من الذكور، دون إدانة، وتكون قوية وساعية للسيطرة وتحب أن تجمع عدد من الرجال تحت سطوتها الأنثوية وسحر جمالها، وهذا بالضبط نموذج “سوسن” التي يسميها صناع الفيلم “المتمردة” وكأنهم ربطوا ما بين التمرد وما بين التلاعب والاستسهتار من جانب امرأة غير سوية نفسيا.

– ونموذج الفتاة الفقيرة المؤدبة التي لا تعرف سوي رجل واحد هو حبيبها ومن سيكون زوجها، ولا تجرؤ علي التعامل مع رجال آخرين ولا يسمح لها أن يكون لها أصدقاء من الجنس الآخر، وإن فعلت تتم إدانتها حتى تصل إلي درجة الخطيئة والذنب الذي لايغتفر، ونجد مثالا لهذا النموذج في صديقة “سوسن” التي تحب صديق “سامي”، والتي يحق لحبيبها أن يصفعها ويعتدي عليها بالضرب والعنف، بل ويتم التعامل مع الاعتداء الجسدي من الرجل علي المرأة في دخل علاقة الحب والزواج علي أنه مر طبيعي وإيجابي ومقبول من المجتمع ودلالة علي كون الرجل شهما وحازما وصارما.

أمعن الفيلم في ترسيخ نمط الفتاة الغنية التي لا تهتم بشيء إلا نفسها والتي تحب إخضاع الرجال، وحين تستشعر تحدي من أي رجل تحاول إخضاعه بكل الطرق، حتي وإن خسرت أموالها وعملها، لأن لا هم لها إلا إخضاع الرجل.

والتساؤل هنا هل ذلك النموذج كان موجودا بالفعل في المجتمع المصري في الستينات، وقت إنتاج الفليم، أم أنه نموذج مختلق اختلقته أذهان صناع السينما الذين يكررونه بشكل يدعو إلي الملل في معظم الأفلام المصرية القديمة.

الفيلم..

بطولة “صباح محمود مرسي أحمد مظهر فؤاد المهندس سميحة أيوب نادية النقراشي سمير صبري”، قصة وسيناريو وحوار “ضياء الدين بيبرس”، إخراج “محمود ذو الفقار”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة