خاص: إعداد- سماح عادل
“فيصل عبد الله الياسري” هو كاتب روائي ومخرج عراقي شهير. عمل في الصحافة عام 1948، وأصدر مجموعة قصصية بعنوان (في الطريق)، كما أصدر رواية (كانت عذراء) عام 1952. ثم توجه للسينما، وحصل على امتياز في فن الإخراج والإعداد التلفزيونيين من فيينا، وعمل عام 1958 مخرجاً في تلفزيون بغداد كما عمل للفترة من 1959-1962 مخرجاً في تلفزيون ألمانيا الديمقراطية.
وفي أواخر عام 1965، عمل في التلفزيون السوري حتى عمله في فيلم (الرأس) في العراق عام 1976. كما أخرج عدداً من الأفلام التسجيلية، وحوالي عشرة أفلام روائية منها أفلام: (الرأس 1976) و (النهر 1977) و (القناص 1979) و (بابل حبيبتي) وغيرها. ومن أعماله التلفزيونية التي أخرجها: (دنانير من ذهب) و (اللغة العربية) و (المرايا) و (الدفتر الأزرق) وبرنامج الملف الذي لخص آثار العمليات العسكرية على البنية التحتية والخدمات على المواطنين العراقيين في حرب عاصفة الصحراء. ساهم في تأسيس تلفزيون بغداد الثقافي وكان مديره بين عامي 1994 و 1995.وهو الآن يمتلك فضائية الديار العراقية.
أعماله..
- المسلسل التعليمي افتح يا سمسم.
- المسلسل التثقيفي سلامتك.
- المسلسل السوري حمام الهنا.
- الفيلم السوري عودة حميدو 1971.
- الفيلم السوري غراميات خاصة 1974.
- الفيلم السوري عشاق على الطريق 1977.
- المسلسل العربي المرايا 1984.
- الفيلم السوري زواج على الطريقة المحلية 1987.
“افتح يا سمسم”..
“فيصل الياسري” هو من تبني “افتح يا سمسم” النسخة العربية لبرنامج تلفزيوني شهير قدّر جمهوره بأكثر من 800 مليون شخص في ما يفوق 150 دولة، وانطلق الجزء الأول منه عام 1979 من إنتاج مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي عن مسلسل أميركي يحمل اسم شارع سمسم الذي بدأ عرضه عام 1969 على الشاشات الأميركية ولاقى نجاحاً كبيراً وحاز على عدة جوائز. واستطاع أن يجمع حوله جمهورا من ثلاثة أجيال مختلفة، ويجد فيه كل جيل ما يعبّر عنه.
وفي مقال سابق له في صحيفة “العرب” يقول الياسري “عدد غير قليل من عشاق برنامج “افتح يا سمسم” الذين تابعوه قبل ثلاثين سنة وأكثر ويشتاقون إليه وإلى أبطاله غير المنسيين، يعتقدون أنه من الصعب في أيامنا هذه إنتاج برنامج تلفزيوني يجذب الأطفال ويبهرهم كما فعل برنامجنا طيب الذكر”.
ورأى أن “التحدي يكمن في أيامنا هذه في كيفية إغراء الأطفال بين الثالثة والتاسعة من العمر للتخلي عن القنوات التي يتابعونها أو الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الملتصقين بها والتوجه بعض الوقت إلى شاشة تلفزيون يعرض برنامجا طموحا يقدم للمشاهدين الصغار ما ينفعهم ويمتعهم ويعلمهم ويعيد إليهم إنسانيتهم ويعوض بعض ما يفتقدونه من حقوق الطفولة في عالم مضطرب خطير قلب الكثير من العلاقات الاجتماعية والثقافية والتربوية”.
تشكيل جيل..
يقول المخرج العراقي، عزام صالح، إن فيصل الياسري يعد واحدًا من أهم المخرجين العراقيين الذي ثابروا وقدموا ما هو متميز في السينما والدراما التلفزيونية. ويضيف أنه صاحب الورش لاستنهاض الشباب الذين تدربوا على يده، وقد نجح في تشكيل جيل فني ناضج في جميع العمليات الفنية.. ويؤكد أن الياسري يعد أبا روحيا لكثيرين عملوا معه في البرامج والسينما والدراما التلفزيونية، ولم يبخل هو في نقل ثقافة ما درسه إلى محيطه الفني الثري في سورية والعراق، فقد كان مخرجا متميزا، وكاتب سيناريو، ومترجما. ويعتقد صالح أن كل هذا العطاء يُضاف إلى ما كان يمتلكه الياسري من كاريزما جعلته شخصية فنية لها سيادة في الوسط الفني العراقي والعربي.
ويقول الباحث والمؤرخ والأديب، “خزعل الماجدي”، عنه إنه موهبة استثنائية في عالمنا الفني والثقافي. ويشير إلى أنه في بداية حياته جمع بين الصحافة والأدب (القصة القصيرة والرواية) ثم نبغ في الإخراج التلفزيوني والإعداد التلفزيوني، ثم السينما الروائية والتسجيلية، ثم الترجمة وإدارة القنوات الفضائية. ويعده الماجدي موهبة كبيرة استطاعت أن تضعه في أفضل المواقع في عالمنا العربي، فمن ينسى مسلسله الشهير للأطفال “افتح يا سمسم”، وبرامجه التلفزيونية المؤثرة؟ ويوضح أنه نشأ في عائلة متعلمة ومثقفة، وتأثر بمناطق الريف والأصدقاء والجلسات والروايات والأساطير في المنطقة التي عاش فيها قرب منطقة الكوفة والحيرة وقصري الخورنق والسدير، بحيث كان انتماؤه لبلاده وتراثه قويًا.
وكان يرى أن الإنسان لا يمكن أن يكون مهما وكبيرا إلا في وطنه، مستدركا أنه يمكن تحقيق الأحلام خارج الوطن، لكن العودة إليه ضرورة. وذكر أن الياسري استطاع أن يكون نموذجا للفنان العراقي القابل للتعامل المرن والإيجابي مع الأوساط الثقافية العربية والعالمية، وكلّ هذا حصل في زمن مبكر، وكان قدوة في هذا المجال.
ويرى السيناريست والأديب، “شوقي كريم حسن”، أن الياسري يشكل ظاهرة فنية لم تنجب الحياة الفنية والثقافية في عموم البلدان العربية إلا القليل منها، فهو شخصية طموحة فاعلة اتسمت بقواعد التغيير وخلق ثقافة إنسانية رفيعة. وذكر أنه قرر تعلم السينما وفق قواعدها، فاتجه صوب المصادر السينمائية، وتخصص بالدقيق من صناعتها التي كانت تتوافر على تقنيات لم تكن موجودة في العراق ومعظم البلدان العربية. ويرى حسن أن المدهش في الأمر حقًا أنه عاش وسط احتدامات سياسية كبيرة أهمها الصراعات بين القوى والأحزاب، لكن الياسري ظل متمسكًا باستقلاله، وعدم قناعاته بالانتماءات الأيديولوجية التي تريد من المثقف والفنان أن يكون مطية مطيعة لأفكارها توجهه كيفما ترغب وتريد.
ويضيف أن الياسري تأثر بحرفيات الصناعة الصورية، ولهذا نراه سريع التنقل من كاميرات السينما إلى كاميرات التلفزيون، خاصة في تجربته المهمة في سورية، وإخراجه أهم الكوميديات الناقدة. وعندما كان يشعر بالحنين إلى الكتابة يروح مهرولًا إليها، محاولًا تقديم ما يفيد الناس، ويسهم في وعيهم العام. ويؤكد حسن أن تجربة الياسري نجحت بشكل جعل محطات التلفاز تنتبه لهذا التغيير. أما عن السينما فيقول حسن إن الأمر يختلف، حيث ظل الياسري وفيًا للمشهد الحكائي، متأثرًا بذلك بالسينما الألمانية، والمخرج المصري صلاح أبو سيف.
ويقول الناقد والفنان والأكاديمي، الدكتور “حسين علي هارف”: رحل من أوعز لـ(سمسم) باسم الأطفال أن يفتح أبوابه لهم، ليدخلوا عوالم الفرح ومدن المعرفة، رحل من كانت له بصمة، بل بصمات في السينما، وفي الدراما، وفي المسرح، والتلفزيون، والإعلام. ويشير إلى أنه كان موسوعيًا في كل عمله، فقد أسهم إضافة إلى عمله كمخرج ومعدّ برامج في تأسيس مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك التي قدمت للطفولة العربية أفضل برامجها التربوية التعليمية “افتح يا سمسم” بأجزائه الثلاثة و”سلامتك”. وكان الياسري فنانًا مبدعًا معطاءً فضلًا عن إخراج أول فيلم أنيميشن؛ “الأميرة والنهر”. ويذكر أنه كان حتى أشهر ماضية يفرح بعمل الشباب، وكان يطلعنا على جوانب كثيرة مما احتفظت به حاسبته من ذكريات وصور ووثائق، ويحكي بفرح وفخر عن تاريخه الفني.
وفاته..
توفي “فيصل الياسري” يوم الخميس 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، في العاصمة الأردنية عمّان، عن عمر ناهز 89 عاما. وشُيّعَتْ جنازتُه في بغداد.