قراءة في كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب.. لأبن المرزبان
من أجمل الكتب التي قراءتها كتاب “فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب” ، لمؤلفة أبن المرزبان البغدادي المتوفى سنة ٣٠٩ للهجرة ، من كتب التراث العربي، الذي يتراءى لقارئه من الوهلة الأولى غرابة عنوانه ، أو قد يراها البعض مهين للإنسان ، ولكن ما أن تقرأ هذا الكتاب ، ستعرف السبب الذي دفع أبن المرزبان البغدادي إلى تأليف هذا الكتاب ، وسبب وضع هذا العنوان له دون غيره.
جاء هذا الكتاب التراثي في مقام ذم بعض الناس من فاقدي المروءة والشهامة، وقليلي الأخلاق والأمانة وناكري المعروف والجميل ، وأيضا يذم من يتهربون من عون الأصدقاء والمقربين عند الحاجة وعند الشدائد ، هذه الصفات المرذولة حسب وصف المؤلف لن تجدها عند الكلب ، الكلب الذي يفي حق الصحبة ، ويحفظ الجميل ، ويحرس صاحبهُ ، وقد يضحي في حياته من أجله.
كما يشير المؤلف إلى تلك المفارقة الغريبة ، التي تجعل من الإنسان يحتقر ويهين الكلب ، ويعتبره من زاوية دينية أو فقهية من الحيوانات النجسة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى نراه يضرب به المثل في إخلاصه ووفائه لصاحبه.
كما يشير المؤلف إلى مفارقة أخرى، تتمثل في أن نعت الإنسان بالكلب فهذا يعدل من مثل الإهانة العظمى ، بيننا نعت نفس الإنسان بالأسد أو النمر يعد بمثابة أمر يدعوا للبهجة أو الاعتزاز ، مع أن مساوئ الأسود والنمور كثيرة جداً ، وفضائل الكلاب بالمقابل ونفعها للإنسان أكثر من أن تحصى. لكن هذا هو الإنسان يحتقر من هو أضعف منه ، ويعظم القوي والمفترس ومن لا يملك شفقة أو رحمة سواء كان حيواناً أم انسانا.
إن أبن المرزبان أراد من وراء الكتاب من بعد ذمه لقليلي الوجدان والوفاء ، أراد أيضاً تنبيه الغافلين من البشر كي يصنعوا عن وعي وإدراك ما تصنعه الكلاب بالغريزة ، من حيث الوفاء والإخلاص ، وحفظ الجميل ، ومساعدة الأصحاب، ولم يقصد تفضيل الكلاب على عامة الجنس البشري ، وهذا واضح أصلا من عنوان الكتاب ، فقد قال على (كثير) ولم يقل عل (كل) من لبس الثياب.
محمد ساجت السليطي.
#كتاب_وتعليق