خاص: إعداد- سماح عادل
“فتحية العسال” كاتبة مصرية، ولدت 26 ديسمبر 1933، لم تنل أي درجة علمية ولا حتى الشهادة الابتدائية بسبب تسلط والدها الذي حرمها من التعليم، ولكن رغم كل الصعوبات أصرت على إتقان القراءة والكتابة. وتحكي عن تجربتها في تعليم نفسها في مذكراتها قائلة “ابتديت كل يوم بعد ما أخلص شغل البيت من كنس لمسح لطبيخ أدخل أوضتي وأقفلها عليّ وأعيش إصراري اللي شرنقت نفسي جواه وأمسك القلم وهات يا مذاكرة”. وعاشت “فتحية” تحت رقابة مشددة من أبيها وأخيها حسني الذي قام في إحدى المرات بقص خصلة من شعرها عقابا لها على الوقوف أمام النافذة.
كانت عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات وأمين عام اتحاد النساء التقدمي، بدأت الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، وتم اعتقالها ثلاث مرات بسبب كتاباتها عن قضايا المرأة.
قامت بكتابة 57 مسلسلاً للتليفزيون، منهم (مسلسل شمس منتصف الليل، وحبال من حرير، وبدر البدور، وهى والمستحيل، وحتى لا يختنق الحب، وحبنا الكبير، ولحظة اختيار، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975). كما كتبت عشر مسرحيات منها (المرجيحة، والبسبور، والبين بين، ونساء بلا أقنعة، وسجن النسا، وليلة الحنة، ومن غير كلام). كما حاز كتاب”حضن العمر” والذي كتبت فيه سيرتها الذاتية على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2004.
الزواج..
تزوجت “فتحية العسال” من الكاتب “عبد الله الطوخي” وهي في عمر الرابعة عشر، وقد حفزها ذلك على تعلم القراءة والكتابة وحين سجن اكتشفت قوتها كامرأة وبدأت النضال، وعن تجربة زواجها تقول في مذكراتها إن زوجها كان مثقفاً وواعياً وجريئاً مثلها، ودخلا السجن معاً إلا أنها طلبت الطلاق حين شعرت أنه “يحاول أن يتملكها ويستحوذ عليها”، مؤكدة “كيف يمكنني أن أمارس الحرية مع رجل غير متحرر من شبح الملكية والموروث”.ولكن ما حدث بعد ذلك كان أشبه بفيلم سينمائي مصري، إذ إنهما التقيا بعد ثلاث سنوات مصادفة، وخلال ساعتين من الحديث اكتشفا أن الحب لا يزال يجمع بينهما، وتزوجا مرّة ثانية في مساء اليوم نفسه وأنجبت منه ثلاثة ذكور هم شريف وإيهاب وصلاح وابنة واحدة هي الفنانة صفاء الطوخي.
قامت ” فتحية العسال” بالإشراف على تكوين فصول محو أمية لتعليم السيدات، وإقناعهن للالتحاق بها حتى كونت 14 فصلا، وافتتحت أول فصل في حي السيدة زينب عام 1956وتقول في مذكراتها “صحيح مكنتش بقوم بالتدريس لكن بعد اليوم الدراسي كنت باقعد واتكلم مع الستات في كل حاجة وأربطها بأسبابها الحقيقية وهى الفكر المتخلف والتقاليد البالية وأن الست لازم تدافع عن حقوقها”. ووصفت “فتحية العسال” تلك الفترة ببداية الازدهار في حياتها، مشيرة إلى أنها كانت فترة ازدهار أكبر على مستوى البلد وعلى طريق تحرير المرأة عقب إجراء انتخابات مجلس الأمة لأول مرة بعد حصول المرأة على حق الترشح والانتخاب وفوز سيدتين هما “راوية عطية” في الجيزة، و”أمينة شكري” في الإسكندرية.
السجن..
انخرطت “فتحية العسال” في النضال الثوري منذ شبابها حيث عاصرت فترة الاستعمار الإنجليزي لمصر، وانضمت لأحزاب سرية يسارية، وعبرت عن رفضها لمعاهدة “كامب ديفيد” التي وقعت عام 1979 وهو ما تسبب في تعرضها للاعتقال ثلاث مرات، وكانت فترة السجن فترة هامة مدتها بقصص كثيرة عن النساء داخل السجن، كتبتها فيما بعد في مسرحية “سجن النسا”، التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني عام 2014 وصدر قرار بالإفراج عنها في ديسمبر عام 1981، ورغم معاناتها من المرض والتقدم في السن، صممت على النزول للميدان والمشاركة في ثورة 25 يناير، ثم اعتصام المثقفين في فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين أمام وزارة الثقافة عام 2013 للمطالبة بإقالة وزير الثقافة الذي عينوه.
حرة أم مدعية..
في حوار مع “فتحية العسال” أجراه “أحمد خليل” تقول عن التعليم: “لم أنل أية شهادة أكاديمية ولا حتى شهادة ابتدائية، ولم يساهم أحد في تعليمي، إنما كل ذلك كان نتيجة ردة فعل على وضعي، أخرجني والدي من المدرسة وأنا بعمر عشر سنين لأنه خاف عليّ باعتباري بنت (مفتحة حبتين)، فقررت أن أعوض كل شيء حرمت منه، وبدأت أعلم نفسي، وأول شيء فعلته محاولة كتابة اسمي، فيما بعد رأى أبي إصراري وعنادي على العلم فبدأ يساعدني في بعض الكتب الدراسية، عند اتقاني القراءة والكتابة، أصبح والدي يعطيني الصحيفة لأقرأ له أخبار (هتلر) كون نظارته مكسورة، رغم أنني لا أحب هتلر.. القراءة تفتح لك عالما لا متناهيا من الاتساع، وتدفعك للتساؤل والفهم والبحث.. في تلك الفترة كتبت أول قصة ضمن رسالة غرام لزوجي الآن عبد الله وكانت مليئة بالأخطاء وخطي يشبه (نبش الفراخ).. حاولت أن أتعلم أكاديميا ثم عدلت عن الفكرة، فالعلم موجود في الكتب واستطيع أن أتعلم كل ما أريد بشكل ذاتي، وفعلا تعلمت، وحتى هذه اللحظة مازلت نهمة جدا للقراءة.. أول كتاب قرأته كان “عقلي وعقلك” لسلامة موسى، وهذا الكتاب هو الذي وجهني لما أنا فيه، ثم أتى جبران خليل جبران وابتدأت الحكاية”.
وعن سؤال أنا فعلا حرة أم مدعية حرية؟، الذي كتبته في نهاية الجزء الأول من مذكراتها “حضن العمر” تقول “فتحية العسال”: ” لقد كتبت هذا السؤال وأنا في أصعب مرحلة من عمري، وأصعب مرحلة في حياتي الزوجية، لذلك كانت المعركة معركة حرية، تزوجنا صغار، كان عمري آنذاك 14 سنة، وكان زوجي إنسانا متحضرا ومتفهما ومثقفا، لكن في فترة من حياتي الزوجية أحسست أنه يحاول تحجيم حركتي وإلحاقي بأفكاره، فكان لابد من حل، وكتب هو (فتحية طلبت الطلاق لإحساسها أنني أتملكها وهي لا تصلح أن تكون مملوكة)، من هنا كان علي البحث في حياتي الشخصية، لذلك قمت بتأليف هذا الكتاب، (هل أنا حرة أم أدعي الحرية) أم أن حريتي تأتي بالدفع الذاتي، وهل تسيرني التقاليد المغروسة منذ سنين في داخلي أم أنا متحررة منها، هذا هو جوهر مذكراتي في الأجزاء الأربعة، حيث أحاول معرفة وتعريف الآخرين كيف يكون الإنسان حرا، كلمة الحرية كلمة سهلة، والسؤال المهم هنا، هل يأخذ أحد ما حريتك أم أنت شخص غير متحرر؟.. علمت نفسي بنفسي عبر التحدي وسألت نفسي هل بناء الإنسان بالتحدي أم بالقدرات وما الفرق بين الطموح والوصول؟!! فإذا كنت تريد الوصول فينبغي عليك الالتواء، والفرق بين الطموح والتطلعات كبير، فأنا دائما أطمح أن أكون امرأة فاعلة، لكن عندما أكون متطلعة يعني القيام بعمل لا أقدر عليه، وأؤكد أن كل كلمة كتبتها في سيرتي الذاتية كتبتها بصدق شديد، وكشفت نفسي أمام القارئ وكشفت عن التخلف الذي عانيت منه في داخلي وكيف تخلصت منه، لكن وفي لحظة من اللحظات تضخمت أناي، ربما لأني نلت نصيبا من الشهرة، مما ولد صراعا مع زوجي ومع نفسي”.
ـ وعن الانفصال عن زوجها الكاتب” عبد الله الطوخي وهل الشهرة السبب فيه تجيب : “لا ليست الشهرة فقط، زوجي يعتبر هو المربي لي من عمر الرابعة عشرة، وعشنا مع بعض على أرضية النضال الوطني والكفاح والتحرر ودخلنا السجن مرات عديدة، وكنت أقف بجانبه حين يكون معتقلا ويقف معي حين أسجن.. لكن في لحظة من اللحظات ابتدأت الأنا تكبر عندي، وابتدأ هو بسياسة الاستحواذ، هنا حصل الصدام، والعامل المساعد على ذلك اتفاقيات “كامب ديفيد”، حيث رفضت “كامب ديفيد” بشدة، أما هو فوقف مع الاتفاقيات، لذلك لم نستطع الاستمرار مع بعض.. بعد ثلاث سنوات من الانفصال وتجربة الابتعاد كل منا عن الآخر التقينا بعد بيان من المثقفين ضد “كامب ديفيد” وكان “عبد الله الطوخي” أحد الموقعين عليه، قال لي: فتحية أنا أشكرك لأنك أنقذتيني من حمل ملكيتك، وسألته: هل تشعر الآن بأنك تملك فتحية العسال؟، فقال: لا بل أشعر أنني أحب فتحية العسال، وهذه هي فتحية العسال التي أعرفها وأحبها. في لقائنا ذاك بعد افتراق ثلاث سنوات وعلى أثر ساعتين من الكلام والمراجعة، شعرنا أن الحب تجدد بيننا وقال لي: هل تتزوجيني فقلت له: الساعة الثانية عشرة ليلا هل نجد مأذونا شرعيا أو نوقظ أحدهم من النوم؟!!”.
وعن البحث عن الحرية وهب هو السبب الذي أودى بها إلى السجون في مراحل مختلفة من حياتها تقول “فتحية العسال”: ” طبعا، وليس البحث فقط، فأنا من الأساس ضد الاستعمار وضد الفاشية وضد الحكم الفردي، وضد التبعية، إن كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وأنا كنت أيام عبد الناصر في الحزب الشيوعي بشكل سري أما الآن فلم يعد هناك سرية وأصبح الوضع مختلفا”.
وعن الفكر الماركسي تضيف: ” طبعا مازلت مؤمنة به، ومقتنعة بالفكر الماركسي رفضت في حكم عبد الناصر الفردية وحكم الفرد، وعدم وجود ديمقراطية، ولكني أقول الآن أن الرئيس عبد الناصر هو الزعيم الوطني الأوحد تقريبا، لأنه حافظ على الكيان المصري والقومية العربية وعروبة مصر، فعبد الناصر له فضائل كثيرة جدا، وهذا لم يكن يمنع من مواجهته بالأخطاء التي حدثت في عهده، خاصة المطالبة بالديمقراطية، وهذا ما أدى لسجني عام 1954 وكنت يومها أشارك في مظاهرة ضد الأحكام العرفية، وكان زوجي في السجن، وبعد ذلك سجنت قبل حرب 56 وفي كثير من المرات حدث تناوب بيني وبين زوجي في دخول السجن والخروج منه.. وفي عهد السادات سجنت بسبب “كامب ديفيد”، عندما تشكلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية لمواجهة التطبيع في المجال الثقافي وأنا كنت جزءا منها، وكانت معي الدكتورة “لطيفة الزيات” و”عواطف عبد الرحمن” و”أمينة رشيد” و”رضوى عاشور” و”عبد العظيم انيس” و”محمود أمين العالم” و”نبيل الهلالي” و”جمال الغيطاني” و”يوسف القعيد”.. وفي معرض الكتاب عام 1979 تم تخصيص جناح لإسرائيل فخرجنا جميعا وحرقنا العلم الإسرائيلي وتظاهرنا، وأثناء الليل قبضوا علي ووجدوا في بيتي المطبوعات والمنشورات التي تخص اللجنة، وأودعت سجن القناطر وهذه الفترة مهمة جدا في حياتي، حيث كتبت أثناءها مسرحية «سجن النساء» ويوم تم القبض علي كانت تحضر لي مسرحية «بلا أقنعة» التي تحدثت فيها من وجهة نظري التقدمية عن المرأة الكاتبة والمبدعة”.
المسرح السياسي..
وعن كتابتها للمسرح السياسي تقول: ” أنا لا أفرق أبدا ما بين الإبداع الأدبي والسياسة بلا شك هما مرتبطان ببعض، فمسرحية “بلا أقنعة” التي تتحدث عن المرأة وضرورة تحديد موقعها والأرض التي تقف عليها هذا سياسة، وفي مسرحية “سجن النساء” عندما تحدثت عن السجينات وقلت أنهن نتيجة لمجتمع فاسد فهذا أيضا سياسة وإبداع، وعندما كتبت مسرحية «البين بين» عن الإنسان المعاصر الضائع كنت أتحدث سياسة، حيث يطمح حسن الشخصية الأساسية بأن يكون أغني رجل وأشرف رجل، هذا التناقض والطموح المستحيل يقوده إلى الانتحار، وبعد انتحاره تجري له محاكمة بين السماء والأرض يحاكمه اليمين والوسط واليسار وكل منهم يلومه من موقعه.. إحدى مقولات المسرحية هي الدعوة لعدم المصالحة بين الأطراف الثلاثة”.
وعن مدى تأثرها بمسرح بريخت تقول:”عندما كتب النقاد عن مسرحياتي قالوا أنني متأثرة بمسرح “بريخت” و”ببرانديللو” و”بسعد الله ونوس”، لكن أنا لا أعرف بمن تأثرت، لكن أنا انتمي لنفس المدرسة المسرحية”.
وعن سؤال هل ينتمي مسرحها إلى الأدب النسائي عامة تجيب: ” بالتأكيد لا، عالجت قضية المرأة في مسرحية “بلا أقنعة” و”سجن النساء” لكن في “بين بين” ومسرحية “جواز سفر” و”الخرساء” كل هذه المسرحيات ليست لها علاقة بقضية المرأة كامرأة والأساس لدي هو الفكرة ومتطلباتها، رغم تأثري بشكل عام بقضية المرأة لكن في النهاية القضايا غير منفصلة.. وفي هذا الشأن هناك تيارات ففي أوروبا مثلا يقولون أن أصل عذاب المرأة هو الرجل والظالم هو الرجل، وهناك تيار آخر يقول أن قضية المرأة جزء لا يتجزأ من قضية المجتمع وهو التيار الذي أناضل معه من أجل قضية المجتمع ككل، ولكن للمرأة خصوصية مرتبطة بالنوع، فنحن النساء نتعرض لحمل تسعة أشهر وولادة وفي الحروب نتعرض للاغتصاب وتحمل الأبناء المعاقين، ونتعرض لإرهاب الفكر المتخلف والأصولي، وهذه الأمور هي خصوصية المرأة التي نتحدث عنها، والرجل الذي يقهر المرأة هو أصلا رجل مقهور”.
اختراق..
وعن اختراق إسرائيل السياسة والاقتصاد، وبقاء الثقافة الحصن الأخير وإمكانية اختراقه تقول “فتحية العسال”: ” إسرائيل اخترقت الاقتصاد بفعل أصحاب المصالح والزراعة للسيطرة على الزراعة المصرية وتحويلها حسب متطلبات إسرائيل، كما اخترقت التجارة لتداخل المصالح، لكن المجال الثقافي لم تستطع الدخول إليه، فكل الاتحادات المسئولة عن الثقافة والكتابة، كاتحاد الكتاب وجمعية الممثلين والجمعيات الأخرى اتخذت قراراً حاسماً لو سافر أي عضو من أعضائها إلى إسرائيل وأقام علاقات معها، يفصل منها مباشرة كما حدث مع الكاتب “علي سالم” حين زار إسرائيل.. و نجيب محفوظ قال أنه مع التطبيع لكن لم يسافر إلى إسرائيل، أي لم يتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، ومع ذلك نحن ندين موقفه”.
وعن الكتابة تستطرد: ” كتبت القصة القصيرة والشعر والدراما الإذاعية، وللسينما والتلفزيون والمسرح، لكن في الأخير اخترت مجالين المسرح لأنه عشقي الخاص وبنفس الوقت ارتبط بجمهوري فمن خلال المسرح أتواصل يوميا مع الناس، وأرى كيف يتم التفاعل بين العرض والناس، كما اخترت التلفزيون لأنه يدخل كل البيوت وتخليت عن كل المجالات الأخرى والسبب أنني لست موهوبة في هذه المجالات ويجب علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعرف قدراتنا جيدا”.
يوم المسرح..
وفي حوار آخر معها أجراه “عيد عبد الحليم” نشر في “العرب اللندنية” 1/11/2005، تمت الإشارة إلى أن”فتحية العسال” أول كاتبة عربية تلقى كلمة في الاحتفال العالمي بيوم المسرح، لم يسبقها في ذلك سوى الكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس، أكدت فيها على ضرورة أن يكون المسرح مرآة للواقع الإنساني، ومثيرا لقضايا الحريات.
تقول “فتحية العسال” في الحوار عن مدخلها إلى هذا العالم: “مدخلي إلى هذا العالم هو الشارع، لأني منذ عام 1957 كنت أقيم أربعة فصول محو أمية للسيدات في حي “قلعة الكبش” ثم كانت البداية قصص هؤلاء النساء، ثم تطرقت كتابتي إلى مشاكل الشعب المصري نفسها والتناقضات داخلها، والوعي بحلولها فكان من خلال ارتباطي بالناس مدخلي إلى الدراما”.
الوطن..
وعن رؤيتها للوطن تقول: “الوطن في أشد الحاجة إلى الوقفة الجماعية من الشعب المصري لإنقاذ شعبنا من هذه المرحلة المريرة وهذه المتغيرات السريعة، التي أصابت شعبنا بكثير من المعوقات والمشاكل والأعباء الكثيرة على الإنسان المصري. بداية من غلاء المعيشة، البطالة، الفساد في المؤسسات، عدم مسؤولية الحكومة في الجانب الصحي، أيضا المواصلات والإسكان، كل هذه المشاكل ــ الآن ــ في قمة صعوبتها، والكاتب هنا لا ينفصل عن كل هذا، والتصدي له، لا أقدر أن أكتب مسرحية بدون أن تتصدى لكل هذا. وكانت مسرحيتي الأخيرة “من غير كلام” تعبر عن هذا الواقع بجميع جوانبه. حقيقة يتصور بعض الناس أن الفن لا ينصب على المشاكل السياسية ولكنى لا أؤمن بهذا كثيرا، لأن الفن هو النظرة المستقبلية، لأن الفن هو المعبر الأول والأخير عن الإنسان وهو الذي يعبئ الجماهير من أجل مطالبهم البسيطة”.
الثقافة العربية..
وفي حوار ثالث أجراه “نور الدين بالطيب” ونشر في «الشروق» 2010، تقول” فتحية العسال” عن الوضع الثقافي العربي: “الوضع الثقافي العربي والسياسي أيضا سيئ جدا لأننا نناضل منذ سنوات من أجل تحرّر المرأة والرجل على السواء وعندما نسمع الآن أصواتا تطالب بتحجّب المرأة وبقائها في البيت والنقاب وكل هذه المجادلات تكشف عن رغبة كبيرة لدى البعض بتحويل الدولة العربية إلى دولة دينية وليست دولة مدنية، وضع المرأة هو محرك الحداثة وأعتقد أن وضع المرأة في تراجع في المنطقة العربية ككل. من هنا يصبح للثقافة دور كبير لأنها تتغلغل في وجدان الناس لأن معنى الإغلاق على الرأي هو إغلاق على العقل وفي حالة انغلاق العقل يعني أننا لا نفكّر. الجانب الثاني هو أن الفرق بين المرأة والرجل هو فرق فيزيولوجي فقط وبالتالي لا أحد أفضل من الآخر، إذن المرأة والرجل هما اللذان يبنيان المجتمع وحين تضع المرأة في خانة الأنثى وليس الإنسانة ستتحوّل إلى شيء! وفي هذه الحالة المجتمع لا يمكن أن يتطوّر لغياب المرأة”.
وفاتها..
توفيت “فتحية العسال” في منتصف يونيو عام 2014 في مستشفى المعادي العسكري عن عمر يناهز 81 عامًا.