22 سبتمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

فاطمة الحاجي.. تفوقت في النقد ورصدت في روايتها ليبيا الثمانينات

فاطمة الحاجي.. تفوقت في النقد ورصدت في روايتها ليبيا الثمانينات

خاص: كتبت- سماح عادل

“فاطمة سالم الحاجي” أكاديمية وروائية ليبية، وعضو هيئة التدريس بجامعة طرابلس، تقيم  في تونس، هي متخصصة في النقد ودرست بكندا وبريطانيا، ولدت في أسرة متفتحة سمح لها أبيها الذي كان رجل دين  بالتعليم مثل أشقاءها الذكور وكان يعاملها معاملة طيبة، حتى أنه سمح لها في فترة السبعينات بقيادة سيارة بمفردها.

شاركت” فاطمة الحاجي” بأبحاث في الكثير من المحافل الأكاديمية العلمية والأدبية، شغلت منصب عضو لجنة التحكيم في رابطة الأدباء والكتاب، ليبيا، من سنة 1996 إلى 2000، ووظيفة رئيسة قسم الترجمة بالمؤسسة العامة للثقافة، كما أنها عضو برابطة الأدباء والكتاب الليبيين والهيئة العامة للصحافة.

مؤلفاتها..

صدر ل” فاطمة الحاجي”  ثلاثة كتب نقدية: “القراءة النقدية الجديدة” 1998، “مفهوم الزمن في الرواية الليبية” 1999، و”الخطاب الروائي” 2007 الذي أصدرته باللغة الإنجليزية وتُرجم إلى اللغة العربية فيما بعد. كما صدر لها رواية بعنوان “صراخ الطابق السفلي” 2015.

صراخ الطابق السفلي..

صدرت أول رواية ل”فاطمة الحاجي” عن دار النهضة اللبنانية, تناولت فيها فترة هامة من التاريخ الحديث لليبيا, وهي فترة الثمانينيات والتي شهدت تحولات واضطرابات على كافة الأصعدة, مثل تجربة الليبيين مع حرب تشاد ومعاناتهم من الحصار الجوي والاقتصادي الغربي, تقول “فاطمة الحاجي” عن روايتها: “إنها نتاج تجربتي في عصر قد شهدته وعايشت بعض أحداثه, وقد بدأت كتابتها منذ أكثر من عشر سنوات, وضاعت مني عندما سرقوا بيتي عام 2011, رأيت أن يقرأها الناس دون تقديم, أريد لها أن تشق طريقها إلى قلوب القراء دونما تدخل من أحد, إن كانت جيدة فستلقى من يشيد بها وإن لم تكن فهذا مؤشر جيد أيضا, وأعمل على ترجمة الرواية إلى لغات أخرى لأني أرى أنها رواية تتحدث عن زمن مهم والغالبية لا يعرف عن تفاصيله الكثير”.

وعن التخوف من الصراع بين الناقدة والروائية داخلها تقول “رغم أني بدأت شاعرة, ثم حولتني دراستي الأكاديمية إلى ناقدة أدبية, إلا أني لم أشعر بالخوف عندما كتبت روايتي من نقدي للكاتبة داخلي, كنت فقط في سباق مع الزمن معضلتي الوحيدة, خفت من المرض كثيرا أن لا يمنحني فرصة رؤية روايتي كائن بين يدي القراء, ليس غرورا ولكنها ثقتي بالعمل تجعلني أقول أنها رواية تستحق”.

الأدب النسائي في ليبيا..

في حوار ل”فاطمة الحاجي” في موقع الصحراء المغربية تقول عن كتابات النساء في ليبيا: “الأدب النسائي بليبيا ما زال في بدايته، فالشعر يحتل موقع الصدارة، وخاصة الشعر الحداثي، فهناك أصوات واعدة من مثل صوت فريال، وهو الاسم المستعار الذي تكتب به. وهذا فعلا مشكل حقيقي بالنسبة للمرأة الكاتبة، فعديدات منهن ما زلن يكتبن باسم مستعار، ولا يستطعن الإفصاح عن أسمائهن الحقيقية. والكتابة ليست أمرا هينا هنا. ثم تأتي القصة القصيرة، التي قطعت أشواطا مهمة بليبيا، والرواية، فهناك أعمال فردية، منها عمل روائي متميز ل”فوزية شلبي”، لكنها كتبت عملا واحدا وتوقفت، ثم هناك “شريفة العيادي”، التي كتبت “هذه أنا”، وهي مثل السيرة الذاتية، ثم هناك “مرضية النعاس”، لكنها توقفت أخيرا عن الكتابة”.

وعن خصوصية الإبداع النسائي الليبي تقول الناقدة “فاطمة الحاجي”: “والله لا أستطيع القول إن هناك خصوصية، لأن ذلك يتطلب دراسة كاملة، حتى نستنتج ذلك، لكن ما يمكن ملاحظته هو أن هناك تشابها كبيرا بين الإبداع النسائي العربي، لكن هناك من البلدان من قطعت أشواطا مهمة في الإبداع وتجاوزت نوعية من الكتابات، من مثل التأوه والذات وقضايا البوح، التي جرى تجاوزها في المغرب والجزائر، لكنها ما زالت حاضرة في الكتابات الشعرية الليبية، كما أن هناك تقنيات في الرواية لم تصل بعد إلى الروائيات الليبيات، باستثناء “فوزية شلبي”. وبشكل عام فالكتابة النسائية الليبية لم تصل بعد إلى النضج، الذي قد يوصلها إلى مرتبة الرواية العربية. وحتى في الروايات العربية، فقلما نجد أسماء نسائية أجادت في كتاباتها من مثل “أحلام مستغانمي”، و”عروسية النالوتي”، وأخريات. هناك أصوات جيدة في المستقبل، يلزمها بعض الوقت، لتبلغ، في المستقبل إلى التميز والجدة. وحتى لا أكون مجحفة في حق البعض، فأنا لم أطلع بعد على كل الأعمال الصادرة حديثا، ومن المحتمل أن تكون فيها كتابات جيدة”.

وعن  الموضوعات التي تتناولها الكاتبة الليبية في أعمالها تقول “طبعا أسئلة الذات والكينونة هي الطاغية، لكن في بعض الأعمال، أيضا، يحضر الهم العربي بمشاكله وقضاياه الشائكة، من مثل القضية الفلسطينية ومشكلة العراق، كما أن الوضع الاقتصادي العالمي والمحلي ينعكس بشكل كبير على الأدب، فتنفلت العديد من القضايا الاجتماعية المترتبة عنه، كالوحدة والحرمان والعزوف عن الزواج، فكل هذه المشاكل والتأوهات توجد في الإبداع الليبي بشكل متفاوت”.

حرية المرأة حلم بعيد..

وحول مدى حرية المرأة الكاتبة تؤكد “فاطمة الحاجي”: “لا أعتقد أن هناك حرية كبيرة للمرأة المبدعة في العالم العربي، وباستثناء بعض الأصوات، فالحرية حلم بعيد المنال، ويجب أن نعمل كثيرا كي نحققه. فما يدور اليوم في الساحة من حركات وقضايا جديدة، جعل المرأة تتقهقر أكثر، وتتراجع، فهناك نكوص كبير في الحقيقة. المرأة في الجماهيرية لديها حقوق، لكنني لا أعرف لماذا لا تستثمر هذه الحقوق؟. وأعتقد أن القنوات الإعلامية الكثيرة، التي تكاثرت مثل الوباء، شيأت المرأة وجعلت نصف المجتمع يتقهقر، مما كرس التخلف والنظرة الدونية للمرأة. هناك العديد من الأشياء محرم البوح بها، لكن إذا عملت النساء معا، فإنهن يمكن أن يتجاوزن كل هذه الإكراهات، لأنه لا يوجد قانون يمنعهن من الكتابة والإبداع. كما أن المرأة نفسها لا تجرؤ على الاقتراب من الكثير من المواضيع. هناك التباس كبير اليوم في المواضيع الدينية”.

النقد والمرأة المبدعة..

وعن دور النقد بخصوص أدب النساء ترى “فاطمة الحاجي” أن: ” النقد مقصر جدا في هذا الباب، فمن يقوم بالنقد هم رجال، وبالتالي فصورة النقد متخلفة في الساحة الثقافية العربية، تشوبها العديد من التيارات، والاتجاهات، والمناهج، التي لم تخدمه بقدر ما جعلته متأخرا. وباعتبار أن المرأة جزء من هذه الإشكالية، وبما أن النقد سلطة ذكورية، فإن الإبداع النسائي يكون ضحية لهذه السلطة، التي لا ننكر أنها قاربت بعض الأعمال، لكنها في المقابل سكتت عن الكثير منها. ولهذا دعوت المرأة العربية إلى التوجه إلى النقد، حتى تقرأ أعمالها، لأن هناك أصوات نسائية نقدية قليلة. نحن بحاجة إلى نقد خلاق مبدع بناء يثمر وينتج، وبالتالي فليس كل ما يكتب أدبا. ولهذا فعلى النقد أن يميز بين الصالح والطالح لا أن يجامل ويشجع على الرداءة، وهذا ما لن ينجز إلا بفضل العمل الجماعي النقدي الرصين”.

وعن ابتعاد المرأة عن النقد تبين الناقدة “النقد صعب، ويتطلب أدوات متينة، وقراءة معمقة، ومعرفة واسعة بمختلف المعارف، ولهذا فالمرأة تجد نفسها أقرب إلى الكتابة والتحرير، أي إلى هذا الفيض في التعبير، لكن النقد يحتاج إلى التمحيص والتدقيق، وهذا طبعا يتطلب جهدا كبيرا، فمن السهل أن نجد مبدعة، لكن ليس من السهل إيجاد ناقدة متمرسة. ولهذا فليس كل من يكتب رأيا في عمل أدبي ناقدا، لأن النقد عملية معقدة”.

محنة ليبيا..

في حوار في موقع النور تقول “فاطمة الحاجي” عن ليبيا ” ليبيا الآن في محنة كبيرة، وليس من السهل الخروج منها، خاصة بعد الانقسامات التي عصفت بالبلاد، وسيطرة المليشيات على طرابلس العاصمة، وانتشار الإرهاب عبر مجموعات “داعش” و”أنصار الشريعة” ومذاهب مختلفة ومسميات عديدة لم نكن نسمع بها من قبل، مع الأسف إن الإرهاب الآن متجذر في ليبيا وليس من السهل إخراجه. في البداية كانت الفرحة كبيرة بانهيار الدكتاتور، لأنه كان كابوس حقيقي وسد منيع لا يمكن لأحد الوصول إليه والنيل منه، وفجأة نراه يتخبط بدمائه، لا أحد يصدق.. ثم تدخل الغرب، بعدها صارت انتخابات والذي نجح في الانتخابات الإسلاميين بتدخل الغرب أيضا بفرضهم على المشهد الليبي، فبدأت الانقسامات وتم التعامل معها من خلال الاختطافات والقتل وقاموا بقمع المتظاهرين  كما حصل في معركة “غرغور” المعروفة، والتي قتل فيها 57 شخص لأنهم رفعوا شعار “أخرجوا عنا أيها الإسلاميين”، وهناك صحفيين وصحفيات اختطفوا أو اغتيلوا أو قتلوا شنقاً. إضافة إلى انهيار اقتصادي وأعمال عنف شديدة، حرق المطار، إحراق النفط، كل هذا جعل الناس تتمنى عودة القذافي حتى الجهات المعارضة له لأن إذا قارنا السيئ بالأسوأ فيكون السيئ أفضل”.

وعن تأثير الوضع السياسي الآني على المرأة تصرح فاطمة الحاجي: “الكارثة الكبرى وقعت على المرأة، فالخطاب الأول للسيد عبد الجليل- بعد ما أسموه التحرير- أعطى الامتياز الأول للرجال بتعدد الزوجات وقال لهم افرحوا. ثم بعد ذلك وفي تسليم السلطة خرجت مذيعة لتنقل الحفل فأنزلوها من على المنصة لأنها لا ترتدي غطاء الرأس بصورة غير إنسانية. أي صوت يتحرك يسكتوه، “لميس” قتلت في بيتها، “انتصار الحصائري” قتلت ووضعت في سيارتها ولا أحد يعلم عنها شيئا، “فريحة البرقاوي” كانت في المؤتمر وقالت لهم لا.. وقدمت استقالتها وخرجت فقتلوها، وأيضا عمليات الخطف والاغتصاب التي تحدث الآن أمام كل هذا، فالحالة كارثية والإعلام لا يحرك ساكناً، خرجت المرأة في المظاهرات رغم الخطف والاغتصاب فأنا مثلا لا أستطيع أن أقود سيارتي في طرابلس لأن أفلام على اليوتيوب لمليشيات تغتصب امرأة وهي تصرخ أليس لديكم ولاية-وهي تقصد بالولاية أنكم أيضا لكم نساء-  فأصبح الخطف والاغتصاب في وضح النهار، والجريمة الأخرى لأم وطفلتين، فقد قامت المليشيات باغتصاب الأم وقتلهم وحرقهم جميعا ووضعوهم في حاوية النفايات. فليس هناك شرطة أو جيش أو قانون.. فقط المليشيات هي التي تسيطر على الوضع”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة