10 أبريل، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

على أبو الريش.. يكتب ليتواصل مع الكون بدخوله في أعماق ذاته

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“علي أبو الريش” روائي وشاعر وإعلامي إماراتي.

حياته..

ولد “علي عبد الله محمد أبو الريش” في 9 يونيو 1956 في منطقة المعيريض في إمارة رأس الخيمة، درس في جامعة عين شمس قسم علم النفس، في مصر. وبعد التخرج في 1979 عمل بالصحافة في القسم الثقافي لجريدة “الاتحاد، وفي 2007 أصبح مدير التحرير، وله عمود يومي بالجريدة. وحاليا يعمل مدير لمشروع (قلم) بهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.

أعماله..

ألف عشر روايات ومسرحيتين ومجموعة نثرية وهي(رواية الاعتراف 1982واختيرت كواحدة من ضمن أفضل مائة رواية عربية- السيف والزهرة- رماد الدم- نافذة الجنون- تل الصنم-ثنائية مجبل بن شهوان- سلائم- ثنائية الروح والحجر- التمثال 2001- زينة الملكة- فرت من قسورة- الغرفة 357- ثنائية الحب والماء والتراب- أم الدويس- جلفار- امرأة استثنائية- قميص سارة-عبد التواب البغدادي- عقدتي أنا- وجوه إماراتية).

حصل على جائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب سنة 2008.

النفط والرواية..

في مقالة بعنوان (النفـط لا يكفـي لصـنع روايـة) يكتب “علي أبو الريش”: ” النفط لن يكون بديلًا عن الدم، والرواية كائن حي، يعيش على دورة الدم، وينمو من خلاله، ويلون شخوصه بلون كُريات الدم الجارية في الجسم، فنحن نحتال على الواقع، بل نقضّ قضيضه إلى ما جئنا بثيمة روائية غير التي تكمن في صلب الرواية، ونكون كمن يريد أن يبني بيتًا في المريخ لمجرد أنه علم أن هناك دراسات تجري لغزو هذا الكوكب ونحن بحاجة إلى زمن بعمر البشرية على أرض الصحراء كي ننسلخ من جلباب الرمل الجاف لنذهب إلى لزوجة الرمل الممزوج بالنفط. النفط كمادة لا تعني الروائي وإن كان هذا الساحر يسلب الألباب في تغيير المسكن من الخيمة إلى القصر، ولكن هذا لا يعني أن هناك وجدانًا بشريًّا قابلًا للانسلاخ، مستعدًّا للاستنساخ، مُهيَّأً للصراخ. كل الأشياء التي تجري على سطح الماء لا تعبر عن أعماقه، هناك في الأعماق إنسان آخر وكائن يرضع من حليب الأرض، من التاريخ، ودورة التاريخ لا تتحرك كما هي محركات المركبات، بل إنها تدور دورتها الحلزونية ببطء وهدوء؛ لأن التاريخ أزكى من المادة، وبما أن المادة تعشق الألوان البراقة، فإن التاريخ يكتسب مصداقيته من عدم اتكاءه على مساحيق التجميل”.

ويجمل: “إننا لسنا شعوبًا نفطية، بل إن حضارتنا لها جذور في التاريخ ضاربة الأطناب، ولو أردنا أن نتجنى ونلصق أنفسنا فقط بالنفط فبالنسبة لي أنا ابن الإمارات يجب عليَّ أن أنفصل كليًّا عن أبي وأمي وجدي وجدتي، وأن أعيش في جلباب النفط فقط، لو فعلت ذلك سأصبح بالتالي مقطوع الجذور وبلا هوية، وبهذا الانفصال المزري لن أكتب رواية، إنما سأكتب أي شيء إلا الرواية، فهذه الرواية جنس من أجناس التاريخ والتاريخ يكمل ولا يهمل الحلقات. نحن مطالبون الآن بأن نكتب عن التاريخ واللحظة الراهنة التي نرى فيها وطننا العربي يتمزق بسيوف المنفصلين عن التاريخ، يجب علينا أن نضع أقلامنا رهن التاريخ لا رهينة الانفصال عن التاريخ، ولو عرف المنفصلون مدى فداحة الألم الذي يصيب الوجدان عندما تدمر مآثر التاريخ في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، لَمَا نظروا لواقعية خارج الواقع، ولَمَا أحرقوا ملابس التاريخ في تنانير الحقد والجهل”.

ورطة آدم..

في حوار معه أجراه: “محمد سبيل” يقول “علي أبو الريش” عن روايته “ورطة آدم”: “أراد رجل أكاديمي من جامعة طوكيو أن يتعلم التأمل، فذهب إلى حكيم بوذي، وفي منزل الحكيم جلس الأكاديمي وبدأ الحكيم سكب الشاي للضيف وهنا لاحظ الأكاديمي أن الحكيم ظل يسكب ويسكب حتى فاضت الكأس، فصاح الأكاديمي لقد فاضت الكأس.. فاضت الكأس، نظر إليه الحكيم وقال أنا لا أملأ الجزء الملآن وإنما أملأ الجزء الفارغ فأنت جئت إليّ حاملاً معك الرواسب التاريخية فكيف تستطيع أن تتعلم التأمل؟ يجب أن تفرغ رأسك من الأسئلة والإجابات الجاهزة، وبعدها تستطيع أن تتعلم التأمل.

ثم قال الحكيم مقولته المشهورة (إذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة) هذا ما تفعله الرواية، فهي لا تطرح أفكاراً لأن الأفكار من شأن الفلسفة، إنما الرواية تشير إلى الأفكار، والروائي لا يأخذك إلى القمر، وإنما يشير إليه، وعلى القارئ أن يأخذ زمام المبادرة ويغادر إلى مناطق القمر.

في كتابة الرواية لا أعتني كثيراً بالأفكار بقدر ما أحاول صناعة ثقب في الداخل من أجل وضع الفراغ في الروح. نحن بحاجة إلى حفر مكان للفراغ في الداخل، كي نحظى بالعذوبة كما يفعل المزارع عندما يحفر التربة لإخراج الماء العذب. لو تحدثنا عن الأفكار فهي كثيرة بكثرة البشر.

الفلاسفة والكهنة والمفكرون والسياسيون جميعهم طرحوا أفكاراً ولا يزال العالم كما تراه. فالأفكار هي منبع الشقاء لأنها آتية من العقل والعقل كائن مخاتل ومحتال. فالعقل البشري زيف أشياء كثيرة وكساها بالأقنعة، ودور الرواية الإشارة إلى تلك الأقنعة كي نزيحها لنكون نحن وليس غيرنا”.

الرواية في الإمارات..

وعن الريادة في مجال كتابة الرواية في الإمارات يقول: “لو سألت سمكة: كيف يبدو البحر؟ ستقول البحر هنا، البحر هناك. هكذا هي الرواية بحر بالنسبة للروائي، لا يستطيع أن يحدد شواطئها، مع العلم أن كل إنسان هو روائي، كل إنسان يحمل حكايته معه، فقد يعبر عنها وقد لا يعبر، لذلك لا أستطيع أن أدعي الريادة، لأن قبلي مليارات من البشر، كانت لديهم حكاياتهم ورواياتهم، وقصة آدم وحواء تكفي لأن تكون الرائدة.

أما عن الأسبقية في الرواية الإماراتية فهذا لا يعنيني، بل كل الذي يعنيني هو أن أعيش الرواية كما هي حاجتي إلى التنفس ولا أستطيع أن أكون غير ذلك”.

وعن ملامح رؤيته الفلسفية التي يتبناها في أعماله الروائية يقول: “أعشق الفلسفة لكني لست فيلسوفاً. أنا أرى ما لا يستطع غيري أن يراه، فأكتب متخلصاً لأكون جزء من هذا الوجود. أنا أتحد مع الكون عندما أكتب، وأتداخل مع الماوراء عندما أدخل الغرفة الواسعة، التي بداخلي”.

الإرهاب ثقافة بشرية..

وعن ظاهرة التطرف الديني ورصدها في راويته يقول: “قلت إن الروائي لا يأتي بالقمر وإنما يشير إليه بالبنان. ورطة آدم دخلت في مضمون الحكاية بعيداً عن الأفكار، بعيداً عن التصنيف، بعيداً عن التحريف والتجديف والتجريف. قلت إن الإرهاب لم يأتِ عبر الأطباق الطائرة. الفكر الإرهابي جزء من ثقافة البشرية عبر العصور والأزمان. هتلر كان إرهابياً وكذلك جنكيز خان والاسكندر الأكبر ونتانياهو.

هناك مفصل مهم يجب أن نلتفت إليه أنه عندما نشير إلى الثقافة فهذا ليس اتهاماً وإنما إشارة إلى الثقافة الإنسانية التي أنجزت أعظم الحضارات وقدمت أهم الفلاسفة هي أيضاً حملت معها بذرتها العدوانية التي سقى جذورها نفس العقل صاحب الإنجازات وحامل الأفكار.

نحن لا ندعو إلى تغيير العقل بل نود أن نحول العقل من منطقة العدوانية إلى منطقة الحب. التربة العقلية خربت بفعل التقادم وبحاجة إلى تجديد وإلى نقل الأشجار من مكان إلى مكان آخر كي تأتي بثمار أجود.

إذا نظرت إلى المنطقة العربية التي شابها (الخريف) ستجد أن الكل يقتل الكل، لماذا؟ لأن الهدف هو الأنا، هذه الأنا التي تورمت وأصبحت قيحاً تحتاج إلى أمصال ثقافية تزيح عنها الغبار وتعيد إليها الوعي المغدور”.

ويجيب عن سؤال هذه الرواية تلامس أيضاً التحولات الاجتماعية التي حدثت في الإمارات من سبعينيات القرن الـ20 وإلى اليوم… هل للنقلة الاقتصادية وزر تتحمله إزاء ظواهر سلبية رصدتها، مثل: المخدرات والتفكك الأسري والآثار السوسيوسايكولوجية الناجمة عن شروط المجتمع الاستهلاكي الجديد؟: “عندما يهطل المطر يأتيك الوادي بالماء العذب، ومع الماء هناك الطمي والأعشاب الشوكية والحشرات والنفايات. فهل نسد الوادي ونستغني عن الماء أم ننقي الماء؟ قال طاليس الإغريقي (الأشياء جميعاً جاءت مع الماء فلننقِ الماء).

إذاً فلننظف الأفكار ونجعل من التطور قفزة من الحفرة إلى خارجها وليس حبواً داخل الحفرة. في الإمارات حدث التطور بصورة مذهلة وصادمة وخلال أربعة عقود من الزمن، حققت الإمارات ما لم تحققه دول أخرى خلال قرون.

هذه الوثبة المدهشة تحتاج من الإنسان أن يخلق المواءمة والانسجام ما بين الذات والمعطى الحضاري حتى لا تفلت الجياد من مرابضها وينفك الزمام. المسألة متعلقة بالعقل وقدرته على الإمساك باللحظة وعدم التيه في الأفكار وهذا الانسجام لا يحدث إلا بتدخل الوعي وصحوة الروح. ولا تصحو الروح إلا بوقفات التأمل الحقيقية التي هي المكابح التي تحزم أمر اليقظة المطلوبة لأي تطور يحدث في أي بلد”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب