9 أبريل، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

علم نفس (19)..  أهمية تناول النشاط النفسي وتتبع نموه مع نمو الإنسان

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة – سماح عادل

 

مدرسة ورتسبورغ..

ما إن أطلّ القرن العشرون حتى أخذت الساحة السيكولوجية تتمدد بصورة محسوسة، وتتوسع، من خلالها، البحوث والدراسات فـي الاتجـاهين الأفقـي والعمودي، ويحتدم الصراع، وترتفع حرارة المنـاظرات، وتـستقطب أفواجـاً جديدة من العلماء ليدلي كل منهم برأيه في قضايا العلم الفتـي التـي تتمحـور أساساً حول موضوع هذا العلم ومنهجه.

ونستعرض أهم نشاطات وأفكار مدرسة ورتسبورغ نظراً لدورها الـذي لا يستهان به في تطور التصورات السيكولوجية. ويرجع الفضل في ظهور هذه المدرسة إلى جهود مجموعة مـن البـاحثين بزعامة أوسفالد كولب (١٨٦٢-١٩١٥م)، أحد تلاميذ فوندت، الذي اتخـذ مـن مدينة ورتسبورغ في مقاطعة بافاريا مركزاً لنشاط المجموعة. فأنشأ فيها مخبراً للبحوث النفسية في الأعوام الأخيرة من القرن التاسع عشر.

ومن أبرز أفـراد هذه المجموعة كارل مارب (١٨٦٩-١٩٥٣م) وهنـري وات (١٨٧٩-١٩٢٥م) وأوغست ميسير (١٨٦٧-١٩٣٧م) ونارسـيس آش (١٨٧١-١٩٤٦م) وكـارل بيـولر (١٨٧٩-١٩٦٣م) وأوتو سـيلز(١٨٨١-١٩٤٤م) وكـارل تيلـر وأ.مـاير و أ.أورت وغيرهم.

عرف كولب كباحث متمكن من خلال كتابه “مبادئ علم الـنفس” ١٨٩٣. وكانت أفكاره وقتئذٍ قريبة من أفكار فوندت. ولكنه تحول فيما بعد إلـى موقـع آخر، ووقف من أستاذه موقفاً معارضاً، انعكس في سلسلة التجارب التي أشرف عليها في مخبر ورتسبورغ.

هذا التحول في فكر كولب جاء نتيجة فلسفة ماخ الوضعية ومـذهب هوسرل الفنومنولوجي وإطلاعه عليهما وتأثره الكبير بهما. وهذا ما نلمسه فـي أعماله اللاحقة وانعكاساتها في الاتجاه العام للمجموعـة ونـشاطاتها النظريـة

والتجريبية.

والمتعقب لنشاطات كولب وجماعته يجد أن تأثير الوضعية والفنومنولوجية عليها لم يحدث دفعة واحدة، وفي وقت واحد، وإنما بـصورة تدريجيـة وعبـر سنوات عديدة. وبإمكانه بشيء من التمحـيص والمتابعـة أن يميـز مـرحلتين رئيسيتين لهذا التأثير وذاك التحول. فالوضعية والفنومنولوجيـة اللتـان اعتمـد عليهما كولب وزملاؤه، بعد انشقاقه عن فوندت، كمنطلق ووسيلة للتعامـل مـع المعطيات التجريبية، لم تكونا حاضرتين عندهم في ذات الوقت. فكثيراً ما كانت تحملهم تفسيراتهم واستنتاجاتهم التي كانوا يبنونها على وضعية ماخ في الأعوام التي أعقبت إنشاء المخبر على الريبة في صحتها ومنطقيتها الأمر الذي دفعهـم إلى التفكير في منطلقات أخرى يمكنهم الاعتماد عليها مـن التحليـل والتعليـل الأكثر انسجاماً مع الأوضاع والظروف التجريبية. فوجدوا فـي فنومنولوجيـة هوسرل ما يستجيب لشروطهم ويلبي متطلباتهم.

بدأ كولب ومعاونوه نـشاطهم التجريبـي المخبـري باسـتخدام المـنهج الاستبطاني. وكان هذا المنهج، بالنسبة لهم، الوسيلة الوحيدة لدراسة النفس. لتجارب ممثلي مدرسة ورتسبورغ فـضلاً كبيـراً على علم النفس في العقد الأول من القرن العشرين. وهذا ما يلاحظ من خـلال اهتمامهم بتفصيلات الأوضاع التجريبية والتعديلات الهامة التي أدخلوهـا علـى مراحل تطبيق الاستبطان. فقد تمحـورت جهـودهم حـول دراسـة الظـواهر السيكوفيزيائية، كقياس العتبات الحسية وزمن الرجع وسرعة الاستجابة.

أن طرح مثل هذه الموضوعات على جـدول أعمـال البحث السيكولوجي في تلك الفترة ليس بالشيء الجديد. إذ سـبق وأن طرحهـا علماء كثيرون منذ أكثر من نصف قرن. ولكن الجديد والهام معـاً فـي تنـاول الورتسبورغيين لها يتمثلان فـي التقنيـات المـستخدمة والتعليمـات الدقيقـة والصارمة.

فالممارسة الميدانية برهنـت لهـم علـى عـدم كفايـة أن يطلـب مـن المفحوص (الذي كان هو نفسه الفاحص)، مثلاً، الإجابة على سؤال أي الجسمين أثقل، أو الاستجابة بكلمة على الكلمة –المثير، بل وأكثر من ذلـك، أن يـصف العمليات التي تجري في وعيه بعد استقبال المنبه وقبل إصدار الحكم. ولعلّ أهم حيثيات الحكم على أهمية هذا الإجراء هو تأكيد أصحابه على ربـط الاسـتجابة بحالة المفحوص ووعيه إلى جانب ربطها بالمثير.

لقد كانت المهمة الأساسية في ما مضى هي تحديد الفرق بين إحساسين، أو تعيين الكلمة التي تستجرها كلمة أخرى. بمعنى أن غرض الباحث من التقريـر الشفهي الذي يقدمه المفحوص، كان ينحصر في التعرف على الصورة النفـسية، أي على أثر الفعل النفسي ونتاجه، وليس على الفعل ذاتـه. فجـاءت مدرسـة ورتسبورغ لتحول بؤرة الاهتمام من الصورة إلى الفعل.

وأغلب الظن أن يكون الورتسبورغيون قد استمدوا موقفهم هذا من فكـرة ماخ عن الجسم بوصفه مجموعة من الإحساسات. وانطلاقاً مـن هـذه الفكـرة اعتبر تقرير المفحوص في التجربة المخبرية وصفاً لمظاهر النفس دون الأشياء الخارجية الفيزيائية. ومن خلالها يكون ماخ قد ألغـى الفـروق القائمـة بـين الاستبطان كنشاط نفسي إنساني ووصف الشروط الموضوعية المحيطة بـالفرد، وأرجع جميع أنواع التقارير الشفهية إلى الاستبطان.

وفي ضوء هذا الفهم وجـد علمـاء الـنفس الورتـسبورغيون أن مـنهج الاستبطان هو المنهج الأصلح لدراسة الإحساسات والإدراك. فتقرير المفحوص حول نشاطه الذهني أثناء التجربة هو –في اعتقادهم- التعبيـر الحقيقـي عـن مجرى التفكير. ولكي يكون الأمر كذلك ألحوا على ضرورة التقيد بجملـة مـن الشروط المعيارية، مـن مثـل تقـديم المثيـرات والتعليمـات ذاتهـا لجميـع المفحوصين. وفي هذا الصدد عمد آش إلى ربط مشاعر المفحوصين وملاحظة ذواتهم بتغير الشروط الخارجية. وحكم على الملاحظة الذاتية بأنها عجفاء ما لم تتمكن من استدعاء تغيرات في المشاعر الداخلية بدرجة تتناسـب مـع تغيـر الشروط الخارجية للتجربة وتعليماتها.

أهمية المثيرات الخارجية..

ولسنا بحاجة إلى الكثير من الجهد لكي ندرك الاعتراف الـضمني بأهميـة المثيرات الخارجية وتأثيراتها على عملية التفكير الذي بنى عليـه آش حكمـه. ومع ذلك فإن قولاً كهذا لا يعدو كونه ضرباً من التوقع والتخمين تدفع به رغبـة المرء في أن يجد هذا الاعتراف ترجمة له في أعمـال آش وزملائـه. فمـا أن نمضي قليلاً في قراءة نظرية ورتسبورغ حتى نفاجأ برؤية أخرى مخالفة لتلـك القاعدة التي وضعها آش، ولكنها تعيد لمبادئ مدرسته انـسجامها وتعبـر عـن تعاليمها أبلغ تعبير. ووفق هذه الرؤية فإن الظروف الخارجيـة ليـست سـوى بواعث أو أساليب لاستثارة النشاط الذهني.

إن فصل ما يحدث خارج الفرد عما يجري في داخله، أو التقليل مـن دور الطرف الأول في ظهور أي مستوى من مستويات السلوك الإنساني، هو السبب الذي حمل الكثير من السيكولوجيين، ومن بينهم جماعة ورتسبورغ إلى استخدام الاستبطان لدراسة موضوعات علم النفس. وثمة سبب آخر لا يقل، إن لم يكـن أكثر، أهمية من الأول، وهو غياب الحدود بين جـوهر الموضـوع وتجلياتـه الخارجية، والفهم الخاطئ للعلاقة بينهما الذي قدمه علماء النفس الاسـتبطانيون حين طابقوا بين جوهر النشاط العقلي من جهة، وإحدى صور ذلك الجوهر التي تتجلى في الملاحظة الذاتية للفرد من جهة ثانية.

فقد لاحظ بيولر أن ميسير كان يشعر أثناء قيامه بتجاربه على كولب بأنه ليس أكثر من منقح أو محرر لأقواله. كما أشارت ل.أنتسيفيروفا من بعد إلـى أن المفحـوص تحـول فـي تجـارب الورتسبورغيين إلى فاحص يتتبع تفكيره الخاص، وبالتالي فإن ملاحظة بيـولر صحيحة، وتنطبق على جميع تلك التجارب. وفي معرض توضيح هـذا الحكـم تقول أنتسيفيروفا: “من وجهة نظر المدخل الموضوعي للـنفس فـإن التقريـر الاسترجاعي عن الأفكار التي يستدعيها المثير لدى الشخص هو أمـر مقبـول تماماً… إلا أن هذا التقرير يعد المادة الخام التي يمكن أن تكون وسيلة احتياطية لاستعادة جريان العمليات النفسية. وعليه فـإن الوقـائع التـي توصـل إليهـا الورتسبورغيون تكتسي أهمية خاصة.

ولكن تقارير الملاحظة الذاتية فـي ظـل غياب نظرية في التفكير حتى ولو كانت مسبقة، قد لا تحمل سـوى معطيـات مجتزأة ومتقطعـة وعرضـية حـول إدراك الإنـسان لموضـوعات تفكيـره” أما على الصعيد العملي فقد كشفت التجارب التي أجريـت فـي مدرسـة ورتسبورغ عن وجود أشكال من الوعي تربطها بالموضوعات صـلات أبعـد وأعمق من مجرد الإحساس بها وإدراكها، تجعل معرفة الإنسان بجـوهر تلـك الموضوعات تتجاوز الصور الحسية.

ولاشك في أن تلك الوقائع تتباين مع موضوعية ماخ التي ترجـع مـشاعر الإنسان برمتها إلى الإحساسات. كما بينت هذه التجارب أيضاً لـدى الإنـسان القدرة على إدراك أفعاله العقلية. وأمام هاتين الحقيقتين اضطر ممثلـو مدرسـة ورتسبورغ إلى التخلي عن مبادئ ماخ الفلسفية والبحث عن غطاء نظري يتسع لمدلولاتهما ويستوعب أبعادهما. فوجدوا هذا الغطاء في فلسفة هوسرل. وكـان ذلك إيذاناً بنهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى في تاريخ هذه المدرسة.

وعلى الرغم من أن هوسرل انتقد وضعية ماخ، ولاسـيما مبـدأ “اقتـصاد التفكير” الذي شكل جانباً هاماً منها، فإن فلسفته لم تكن نقيضاً لتلـك الوضـعية، بقدر ما كانت وثيقة الصلة بها. فقد اعترف هوسرل نفسه بفضل التحليل الـذي قدمه ماخ للإحساسات ودوره الهام في التمهيد للمنهج الفنومنولوجي. بيد أن ذلك لم يمنع الاختلاف من أن يجد سبيله بين أفكار الرجلين. حيث كان لكـل منهمـا رأيه في المصدر الذي يستمد منه الفرد خبراته وتجاربه. ففي حـين رآه مـاخ متمثلاً في الإحساس، قرر هوسرل البحث عنه في جوهر الموضـوع والـوعي معاً.

وعلى هذا فإن مهمة البحث، بمقتضى المنهج الفنومنولوجي، تنصب نحـو دراسة ووصف الموضوعات التي يتجه إليها الفكر. وتجنباً لحدوث أي التبـاس قبل الدخول في تفاصيل التطبيقات الميدانية لهذا المنهج تجدر الإشـارة إلـى أن هوسرل لم يقصد من وراء طرحه لمفهوم الموضوع (الموضوعات) ماهو مادي وموضوعي، وإنما عني به تلك التشكيلات النفسية التي يدركها الفرد.

وهكذا تبين أن البحث في المنهجين: الاستبطاني والفنومنولوجي يتعامل مع مضمون وعي الفرد. ومع ملاحظة أن المنهج الثاني يركـز علـى الموضـوع الفنومنولوجي، وليس على المشاعر التي تنشأ تحت تأثيره.

لقد تناول ممثلو ورتسبورغ التفكير في بداية نشاطهم المخبـري بوصـفه مجموعة من حالات الوعي التي لا تتضمن أي عناصر حسية. ولكنهم عـدلوا، فيما بعد، عن رأيهم، وأصبحوا ينظرون إليه على أنه المعرفة بالأشـياء. ومـع حلول المرحلة الجديدة، وبفعل تأثير الفنومنولوجيا أخذ التفكير يعنـي، بالنـسبة لهم، معرفة جوهر الموضوعات، وليس معرفة صفاتها الخارجية فقط.

وأثناء هذه المرحلة ركزت مدرسة ورتسبورغ نشاطها علـى محـورين. أولهما البحث في عناصر التفكير وطبيعتها والروابط القائمة بينهـا وتـصنيفها. وثانيهما دراسة دينامية التفكير ومحاولة الوقوف على محدداته. ولعل الاهتمـام بموضوعات المحور الأول قد أملته المفاهيم والأفكار التي كانت سائدة في فترة تأسيس المدرسة. فقد تصدر مفهوم الذرة والعنصر قائمة المفاهيم المتداولة فـي الفيزياء والكيمياء آنذاك. ونفس الأهمية بدأ يكتسبها مفهـوم الخليـة فـي علـم الأحياء.

وأمام ذلك واعترافاً بالدور الذي قامت به الطريقة التحليليـة فـي التقـدم العلمي أقبل علماء النفس على استخدام هذه الطريقة للوصـول إلـى الوحـدات الأساسية للنفس. وهذا ما فعله البنيويون، ووجدته مدرسة ورتسبورغ خيـاراً لا مناص منه. ولكن البحوث المخبرية التي أجراها ممثلو هذه المدرسة سرعان ما أقنعتهم بعدم جدوى تفسير الجهاز النفسي المعقد على أساس ذلك المخطط الـذي يتألف من عناصر جامدة لا رابط بينها (الإحساسات والتـصورات والمـشاعر).

كما تبين لهم أن الإنسان يدرك العلاقات بـين الأشـياء الخارجيـة والأفعـال التجريبية وأفكاره الذاتية. وعلى قاعدة علم نفس الوعي اختزلوا كافة أنواع العلاقـات فـي علاقـة واحدة، وهي علاقة الأفكار بالحالات النفسية. وأعلنوا أن “مشاعر العلاقات” هي عناصر التفكير الأساسية المجردة من كل ما هو حسي. وعززت تجارب ماير واورت ومارب هذا التصور. فقد قام مـاير واورت بدراسة تجريبية أطلقا عليها “دراسة نوعية للترابطات”، وكشفا من خلالها عـن وجود عناصر من الوعي لا تحمل أي شيء حسي. ومع ذلك فإن الإنسان يشعر بها بصورة جلية. يقول الباحثان: “إننا نؤلف بين هذه الظواهر كافة تحت اسـم حالات الوعي على الـرغم مـن صـفتها التـي غالبـاً مـا تكـون مختلفـة تماماً.

وفي دراسة مارب التي تناولت الطابع النفسي للحكم إشارات واضحة إلـى حالات الوعي، كالشك وعدم الثقة والتوقـع والتعجـب والموافقـة والتعـرف والإحساس بالتوتر والإحساس بالوهم. ومما تجدر إليه الإشارة بشأن هاتين الدراستين هو أن حالات الوعي التـي تحدثنا عنها لم تكن، في رأي الباحثين الثلاثة، سـوى عناصـر للـنفس بديلـة للعناصر التي حددها فوندت وتيتشنر. كما أنهما لم تتطرقا إلى مسألة العمليـات العقلية. وبقيت هذه المسألة دون طرح إلى أن جاء آش وميز مـن بـين تلـك الحالات مجموعة من المشاعر غير الحسية والتي لا تمس موضوعاً بحد ذاتـه، وإنما جملة من العلاقات المعقدة التي تتبدى عبر كافة مراحل التجربـة، بـدءاً بالتعليمات وانتهاء بالاستجابة، مروراً بإدراك المثير والبحث عـن الاسـتجابة المناسبة. وقد أطلق عليها آش مصطلح “العلاقات المعرفية”.

أخضع آش مع نفر من زملائه كل واحدة من تلك العلاقـات إلـى بحـث معمق، استخدم فيه طريقة الملاحظة الذاتية للتعرف على تركيبها. واقترح فيـه أن تتدرج المهمات التجريبية في صعوبتها وتعقيدها، وأن تكون أكثـر منطقيـة من ذي قبل. ففي تجارب الترابط، مثلاً، أصبح المطلـوب مـن المفحـوص أن يجيب بكلمة على موضوع بأكمله بدل الإجابة بكلمة تدل على جانـب أو جـزء من ذلك الموضوع. أي أن مهمة المفحوص تحولت إلى إدراك ماهو قـائم بـين المفاهيم من علاقات منطقية. وصارت هذه المهمة تلزم المفحوص بتتبع أفكـاره بشكل جيد أثناء أدائه لها.

وكيما يدلل آش على وجود تلك العلاقات المعرفية أو المشاعر غير الحسية أجرى سلسلة من التجارب، كان يطالب مفحوصيه فيها بقراءة نصوص متفاوتة

الصعوبة وشرح مضامينها. واستنتج من خلال تحليله للمعطيات التجريبيـة أن المفحوصين كانوا يفهمون النصوص المجردة والمعقدة بسهولة على الرغم مـن قلة التصورات التي كانت تتشكل في هذه المواقف. وقد فسر هذه النتيجة بوجود ما أسماه “النزعات الاسترجاعية” في الوعي.

فبفضل إثارة هذه النزعات تـضع المثيرات الكلامية عدداً من التصورات المرتبطة بهـا فـي حالـة اسـتعداد أو استنفار. ويشعر المرء بهذه الحالة على شكل فهم فكرة أو معنى ما يقرأه. وفي هذا المنحى تابع ميسير عمله المخبري وحقـق نجاحـاً فـي مـسألة مكونات التفكير. فقد عرض أمام مفحوصيه مهمات أكثر تعقيداً من تلـك التـي عرضها آش. وتوصل إلى القول بوجود أفكار مجردة يحملهـا الإنـسان عـن الصور والكلمات. وهذه إحدى النتائج الهامة التي جمع مقـدماتها مـن تقـارير المفحوصين الذين أخبروه بفهمهم للجمل ومعاني الكلمات دونما الاعتماد علـى أي تصور مهما كان.

ومن جانب آخر وجد ميسير أن مركبات الوعي غير الحسية تتمثـل فـي العلاقات الزمانية والمكانية والـسببية والتطابقيـة والمنطقيـة. وخـص هـذه الأخيرة(العلاقات المنطقية) بمجموعة مستقلة تضم علاقة الـشكل والمـضمون وعلاقة الذات والموضوع. واقترح استبدال مصطلح “حالات الوعي” بمـصطلح “الأفكار” للتعبير عن هذه العلاقات.

تابع بيولر عمله انطلاقاً من استنتاجات ميسير حول الأفكار غير الحـسية وخصص لهذا الموضوع جزءاً كاملاً من أحد مؤلفاتـه الهامـة، أطلـق عليـه “الأفكار”. وعرض فيه تجاربه واستنتاجاته. كان بيولر يطلب من مفحوصيه تقديم تفـسير لـبعض الحكـم والأقـوال المأثورة في بعض تلك التجارب، والكشف عن التناقض في الجمـل والفقـرات التي يتألف منها النص في بعضها الآخر. وقاده تحليل البيانات المتـوافرة إلـى فصل الأفكار عن الحالات الشعورية كالتعجب والثقة والشّك… إلخ، وهـذا مـا عبر عنه في قوله “… إن الأفكار وحدها فقط يمكن أن ينظـر إليهـا كعناصـر أساسية لشعورنا بالتفكير”.

كما وقف على علاقـة الكلام بالتفكير. ونبه إلى ضرورة عدم الخلط بين هاتين الـوظيفتين، أو النظـر إلى الأولى (الكلام) كشرط لازم للثانية (التفكير). وفي هذا يقول “علينا أن نـشير مرة أخرى بوجه خاص إلى أنه من غير الممكن النظر إلى الكلام الـداخلي، أي التصورات البصرية أو السمعية أو الآلية كظواهر ملازمة وضـرورية لـسائر الأفكار غير الحسية”.

إن اعتقاد بيولر باستقلالية التفكير الحقيقي عن الكلام والإدراكات الحـسية والتصورات جعله يتجاوز ميسير في فهم المعرفـة غيـر الحـسية واعتبارهـا مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري. ومن هذه الزاوية يتحدث عـن وجـود ثلاثة أنواع من الأفكار. يشتمل النوع الأول منها على وعي القواعـد، والثـاني على وعي العلاقات بين المفاهيم والأفكار، والثالث على الذكريات المركبة.

لقد كانت بحوث جماعة ورتسبورغ، لاسيما تجارب آش وميسير وبيـولر بالنسبة لكولب مادة غنية وقيمة من الزاوية الفلسفية، فعمل على الـربط بينهـا وتعميمها. وتوصل في النهاية إلى إضافة عمليات عقلية أخرى إلـى المركبـات غير الحسية التي تم الكشف عنها من قبل. وقد أشار إلى تلك العمليات وعرفهـا بقولـه: “ليس ما نعيه وما نعقله أو ما نفكر فيه وفي صفاته وعلائقه هو وحـده الذي ينتمي إلى الظواهر غير المتأملة حسياً، وإنما هناك جوهر وقـائع الحكـم والتجليات المتنوعة لنشاطنا ووظائف علاقتنا النشطة بمضمون الوعي المعطـى وبالضبط التجميع والتحديد والاعتراف أو النفي.

ولعل في هذه الكلمات من الشفافية والوضوح ما ييسر على المتتبع إصدار الحكم بأنها تعكس التوجه الفلسفي الجديد لمدرسة ورتـسبورغ الـذي يتجـسد حصراً في فنومنولوجية هوسرل. فكولب يضع من خلالها إشارة المساواة بـين مضمون الأفكار والمعرفة وينفي التصورات والأشكال الحـسية عـن الطـرف الثاني، أي عن المعرفة. وهو، إذ يفعـل ذلـك، إنمـا يعتمـد علـى المـنهج الفنومنولوجي ويعبر عن حرصه على تطبيقه.

إن تجريد العقل عن الصور والأشكال الحسية على نحو ما قام به كولـب ورفاقه يعني فصل العمليات العليا التي يتضمنها عن مصادرها ومنابعها، ويعني كذلك مصادرة أي إشارة لربط المستوى المجرد بالمستوى الحسي من المعرفة، وانطلاقاً من تصور الحياة النفسية كنسيج يتألف مـن مـستويات متعـددة ذات صلات معقدة ومتشعبة فيما بينها من جهة، وبينها وبين الواقع الخـارجي مـن جهة ثانية.

ويذهب كولب إلى تبرير ذلك برسم صورة أخرى للحياة النفسية، ولعلاقـة الجوهر “الشيء بذاته” بالظاهرة في الموضوع. فهو يعتقد أن الاتحاد القائم بـين جوهر الموضوع وصفاته الخارجية هو اتحاد ظـاهري محـض، وأن معرفـة الموضوع بصورة عميقة ودقيقة تقتضي تجاوز صفاته الظاهرية والتركيز على الجوهر. وهذا لا يتم، في تقديره، إلا عن طريق التفكير الخالص، لأنـه، كمـا يقول، وحده القادر على تعريف الأشياء بذاتها، أي كما هي موجودة في الواقع.

ومن غير الممكن أن يضطلع الباحث بهذه المهمة إن لـم يـتخلص كليـة مـن “الشوائب” الحسية. فاختلاطها به يضعف قدرته على “النظـر” فـي الجـوهر، ويصرفه عنه ويشغله في أمور التعرف على الجوانب السطحية والعرضية فـي الموضوع. لقد تحدث كولب عن التفكير الخالص، القادر على معرفة الجوهر الثابـت، وشدد على أهميته المعرفية، معلناً، في ذات الوقـت، أن الإدراك والتـصورات تشكل حاجزاً يحول دون معرفة الإنسان للعالم معرفة حقيقيـة. فهـي، حـسب اعتقاده، لا تقدم سوى معلومات مضللة عن الموضوعات نظراً لأن هذه الأخيرة تتبدل فيها باستمرار.

إن آراء كولب ومساعديه حول استقلالية التفكير وعدم ارتباطه بالإدراكات والتصورات هي نتيجـة منطقيـة لتـأثرهم بـالمنهج الاسـتبطاني والمـنهج الفنومنولوجي.وبوسع المرء أن يعود إلى وصف بيـولر للمعطيـات التجريبيـة ليتعرف على الأطر التي يلزم هذان المنهجان الباحث بها.

فهذا الالتزام هو الذي حمل الرجل إلى القول بغياب كل ما يـدل أو يـشير إلى علاقة التفكير بالكلام في تقارير المفحوصين. وأن كل ما يفعله الكلام، حتى في أرقى أشكاله (الكلام الداخلي) لا يتعدى، في رأي بيولر، اسـتعادة معطيـات المسألة وتنظيم شروطها. وفي هذا المعنى يجد بيولر أن نتائج محاضر التجارب “تتحدث عن الكلام الداخلي في المقام الأول حين لا يكـون المفحـوص مهيئـاً للمسألة على النحو الذي تطرح فيه، وحين يتوجب عليه إعادة صياغتها لنفـسه أو تقسيمها إلى أجزاء”. وهكذا يضع بيولر وظيفـة الكلام إلى جانب وظيفة الإدراك، وينكر صلتها بالعمليات العقلية.

لم يجانب بيولر وكولب وغيرهما من ممثلي مدرسة ورتسبورغ الواقع كما قدمته وسائلهم في البحث. ولكن واقعهم هذا كان عاجزاً عن بلوغ الحقيقة التـي حجبتها مقاومتهم لقبول مناهج واستخدام أدوات أخرى غير مـنهج الاسـتبطان والمنهج الفنومنولوجي. ذلك لأن كلاً من المنهجين يصرف الباحث عـن رؤيـة الأساس الحسي للتفكير ويمنعه من تتبع أثر الكلام فيه أوصلته به. ومـن هنـا يمكن القول بأن الخطأ الذي ارتكبته مدرسة ورتـسبورغ هـو خطـأ مبـدئي ومنهجي. وكل ما يبنى على خطأ، فإن حظه من الصواب لن يكون كبيراً.

انتقاد المدرسة..

لقد واجهت هذه المدرسة حملة من الانتقادات المتعاظمـة مـن غيـر أن تضعف إرادة ممثليها وتصميمهم على مواصلة العمل في الاتجاه الذي رسـموه. ولعل قلة فاعلية تلك الانتقادات تكمن في أن أصـحابها اعتمـدوا علـى نفـس المبادئ التي اعتمد عليها الورتسبورغيون، واستخدموا منهج الاسـتبطان الـذي استخدمه هؤلاء مع بعض الاختلافات التي تمس أسلوب تطبيقه.

وبالإضافة إلى هذا فإن جماعة ورتسبورغ استمدت القوة على الاسـتمرار من رؤيتها المتقدمة لبعض القضايا المطروحة، ومنها على وجه التحديـد سـمة الدينامية والفعالية التي يتصف بها التفكير، وإخـضاعها للدراسـة والمعاينـة، ومحاولتهم خلق ظروف تجريبية استبطانية تتناسب مع تلك الرؤية. إن افتقار هؤلاء وأولئك لمنهج علمي ووسائل بحث موضوعية ساعد فـي إطالة عمر المناظرات والمماحكات بينهما. فلم يكن بوسع أي طرف تقديم الأدلة الكافية على صحة رأيه وخطأ الرأي الآخر. فقد بقي الاعتقاد مثلاً، باسـتقلالية النشاط الفكري عن النشاط الحسي والوظيفة الكلامية ناظماً وموجهـاً لأعمـال الورتــسبورغيين حتــى ظهــرت طريقــة التخطــيط الكهرودمــاغي ELECTROENCEPHALOGRAMME وطريقــة الرســم الكهروعــضلي ELECTROMYAGRAPHIA .

حيث مكنت هذه التقنية الباحثين مـن الوقـوف على علاقة الكلام الداخلي بالتفكير، وذلك بتسجيل تغيرات النـشاط الكهربـائي التي تحدث في ذلك الجزء من القشرة الدماغية الذي يتلقى المثيرات من عـضلة اللسان والحنجرة، وتسجيل الكمون الكهربائي في عـضلة اللـسان أثنـاء قيـام الإنسان بنشاط ذهني.

أما المشكلة الثانية التي دأب ممثلو ورتسبورغ على معالجتها فهي آليـات التفكير والقوانين التي تتحكم فيه. ومع أن هذه المشكلة تعتبـر الوجـه الآخـر لأطروحتهم عن التفكير كعملية أو كحل للمسألة، إلا أنها بقيت أعوامـاً طويلـة تنتظر حظها من الاهتمام. ذلك لأن الجميع كان مشغولاً عنها بإثبات عدم حسية التفكير. وعندما قرروا طرحها كان هدفهم الرئيسي من ذلك هو إثبـات عجـز النظرة الترابطية عن إعطاء صورة صحيحة عن التفكير من منطلق أنـه أعقـد من أن تحيط به آليات الترابط، وأن ثمة آليات وقوانين أخـرى ينبغـي علـى الباحث أن يقوم بالكشف عنها.

آليات عملية التفكير..

إن صياغة فرضية تتعلق بآليات عملية التفكير، ومحاولة إثبـات صـحتها تعتبران لحظة هامة في تاريخ الدراسات النفسية عامة، ودراسة التفكير خاصة. وتلك نقطة إيجابية تسجل لصالح مدرسة ورتـسبورغ. فمـن خلالهـا أرسـى ممثلوها قاعدة صلبة للتفريق بين النشاط العقلي وعملية التفكير وتحديـد معنـى كل منهما ودوره في حياة الفرد. وقد أوصلتهم دراستهم إلـى الحكـم بعموميـة الأول وشموليته بمقارنته مع الثاني. فإذا كان المقصود بالنشاط العقلي كل نشاط معرفي واع يقوم به الإنسان، فإن التفكير هو الجانب غير الحـسي مـن ذلـك النشاط، الذي يتجلى في صورته الخالصة حالما تعترض سبيل الإنسان مـشكلة أو تطرح أمامه مسألة.

لقد أظهر تنوع التجارب في مخبر ورتسبورغ أنه في المراحل التحضيرية

التي يستقبل المفحوص أثناءها التعليمات، تتشكل لديه حالة أو اتجاه نحـو حـل المسألة المقترحة، أطلق عليها كولب مصطلح “النزعة المحددة”. ومـا عرضـه وات في أعماله المخصصة لدراسة تأثير المسألة على عملية التفكير يعد نموذجاً طيباً للكشف عن طبيعة تلك الآليات ودورها. فقد عرف الباحث المـسألة بأنهـا تحول التعليمات التي يتلقاها المفحوص (الموضوعية) إلى تعليمات ذاتية. وتشرع هذه العمليات بأداء وظيفتها محددة الطابع الانتقائي لتفكير المفحـوص، حيـث يقوم المثير بتحريض مجموعة من النزعات الاسترجاعية التي تستدعي ظهـور عدد من الكلمات والمفاهيم التي ارتبطت في خبرة الفرد بالمثير.

فلما كان القليل فقط من تلك الكلمات والمفاهيم ذا علاقة بالمسألة المطروحة (الاسـتجابة بكلمـة على الكلمة –المثير)، فإنه في هذه الأثناء تبرز الحاجة إلى آلية متممـة تـؤثر بصورة انتقائية على التداعيات المسترجعة مما يفـسح المجـال أمـام تـدخّل التعليمات الذاتية لتقوم بذلك، فتقوى تداعيات وتضعف أو تكف تداعيات أخرى.

والواقع أن ما عناه وات بالتعليمات الذاتية لم يكن سوى إعادة المفحـوص لتعليمات التجربة بصمت عدداً من المرات. ثم تحل مرحلة يتوقف المفحـوص خلالها عن وعي المسألة. ومع ذلك فإن المسألة، كما يلاحظ وات، تستمر فـي تأثيرها، وتدفع المفحوص إلى تقديم إجابات صحيحة عن غير وعي.

ويمضي بيولر أبعد من ذلك، فيجد أن مجرد طرح السؤال علـى الإنـسان كفيل باستدعاء عملية التفكير لديه. بيد أنه لم يوظف هذا التصور فـي تحليـل آليات التفكير، بل ورفض دراسة ما دعاه “جدلية التفكير”. وقصر عملـه علـى وصف العمليات العقلية غير الحسية. بينما التفت آش إلى اختبار النتـائج التـي توصل إليها وات وتطويرها. وعلى الرغم من اتفاقه معه في المقدمات، لاسـيما في القول بانعدام وعي الإنسان بنشاطه الذهني وبعمليات تفكيره وآلياتـه، فـإن ثمة إضافات وإيضاحات حملتها نتائج بحوثه التي تناولت الموضوع المركـزي المطروح. ولعل أهمها إشارته إلى وجود آليات أخرى تتخلل التفكير إلى جانـب “النزعات المحددة” وهي “تصورات الهدف”. وتتم هذه الآليـات بـصورة غيـر شعورية، باستثناء بعض الحالات التي يعي فيها الإنسان تصوره عن الهدف من نشاطه.

أجرى آش تجارب عديدة على مفحوصين منومين مغناطيـسياً. وخلالهـا كان يعرض أمام المفحوص بطاقتين تحمل كل منهمـا رقمـين، ويطلـب منـه حساب حاصل جمع الرقمين في البطاقة الأولى وحاصل فـرق الـرقمين فـي البطاقة الثانية. وبعد أن يستفيق المفحوص يعرض الباحث أمامه بطاقـة تحمـل الرقمين ٦/٢ ،مثلاً. وقد لاحظ أنه ما إن ينظر المفحوص إلى الـرقمين حتـى يسارع إلى الاستجابة بالرقم٨. ولدى سؤاله عن سبب ذكره للـرقم٨ ،كـان يجيب بأنه يشعر بحاجة ملحة إلى قول ذلك.

وجدير بالإشارة أن ممثلي مدرسة ورتسبورغ لم يقـصروا حـديثهم عـن النزعات المحددة على النشاط الذهني فقط، بل شملوا به، فيمـا بعـد، سـاحات أخرى من النفس، كالانفعال والتذكر والإدراك. فالمثير، عنـدهم، يتحلـل إلـى صورة وخلفية، إذ يبرز الجزء من المثير الذي تتجه صوبه النزعـات المحـددة وتصورات الهدف مكوناً الصورة. بينما يتراجع الجزء الآخر الذي تسقطه تلـك النزعات إلى الوراء ليشكل الخلفية. وتنظم هذه الآلية سلوك الفرد في المواقـف الحياتية المختلفة. فهو يدرك المعطيات قريبة بعضها إلى بعض حين ينزع إلـى التأليف بينها. وتتجلى النزعات المحددة كذلك في استجابات الفرد التي لا يملـك حيالها ما يفسر قيامه بها. وهذا ما وقف عليه آش ووات عبـر مجموعـة مـن التجارب. فقد كان المفحوص في كل مرة يبدي عجـزه عـن معرفـة سـبب استجابته على هذا النحو دون سواه (الاستجابة بهذه الكلمة تحديداً دون غيرهـا، الضغط على الزر بهذا الإصبع وليس بسواه.. الخ).

وأخيراً فإن تعاليم مدرسة ورتسبورغ تضمنت أطروحات جديـدة أثـرت، ولاشك، التراث السيكولوجي، وأثارت ردوداً متفاوتة بين التأييـد والمعارضـة. ومن الأمور التي استوقفت بعض النقاد تلك المتعلقة بماضـي الأفعـال العقليـة والمفاهيم وأصولها. ويتساءل هؤلاء عما إذا كان من المفيـد لعلـم الـنفس أن يتناول النشاط النفسي، ويتتبع نموه خلال المراحل العمرية التي يمر بها الفـرد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب