خاص: إعداد- سماح عادل
ما هو علم الأبراج أو علم التنجيم كما يطلق عليه أحيانا، هو الاعتقاد بأن الظواهر الفلكية مثل النجوم وعلاقتها بالكواكب، لها القدرة على تغيير الأحداث اليومية، كما أن لها تأثيرًا على السمات العامة للشخصيات، ما يثير الكثير من التساؤلات حول حقيقته، وهل فعلا وضع النجوم وكوكب عطارد يؤثر على المستقبل ويمكن من خلاله معرفة ما سيحصل لاحقا.
علم الفلك..
يجب التفريق بين علم الأبراج وعلم الفلك المعتمد على دراسات علمية للفضاء والكون والأجرام السماوية، وعلم التنجيم القائم على ربط علاقة الأجرام السماوية بالأحداث على الأرض، كما يجب التحدث عن هوس الناس بقراءة الأبراج في المجلات اليومية، وحقيقة التنبؤات التي يطلقها علماء الأبراج أو ما يعرف بالمنجمين.
حقيقة علم الأبراج..
قد يبدو علم الأبراج حقيقا من بعض النواحي فهو يعتمد على دراساتٍ علميةٍ للأجرام السماوية ومخططات النجوم، التي يستخدمها المنجمون لاستنتاج التنبؤات بمستقبل الأشخاص والأحداث المستقبلية، لكن الحقيقة أن وصف الأبراج بالعلم ما يزال محطّ دراسةٍ ويحتاج إلى إثباتاتٍ أكبر تدعم النظريات والفرضيات المتنوعة الموجودة في هذا العلم.
ولكي نقول أن علم الأبراج علما لابد من:
أولا يجب إثبات مدى تأثير الكواكب والشمس والقمر على الأحداث التي تدور على كوكب الأرض بشكل مباشر.
يستخدم علم الأبراج مجموعةً من القواعد المتعلقة بحركة الأجرام السماوية المختلفة لتفسير الأحداث على الأرض والتنبؤ بصفات الشخصيات المرتبطة مع حركتها، فقد تفترض صفات معينة لمواليد فترة معينة في السنة، وكذلك النتائج المتوقعة في المستقبل.
وجود أفكار قابلة للاختبار، معظم التنبؤات تعتبر عامة، ويمكن تفسيرُها على عدة نتائج؛ مثل التنبؤ بالنجاح خلال الفترة القادمة، وهذا التوقع مطاطي بعض الشيء، فهو يحتمل نجاحا في العمل أو الزواج وهكذا.
الاعتماد على الأدلة: غالبا لا يحدث اختبارا فعليا لتوقعات علم التنجيم، وفي حال حدوثها وإيجاد أدلة تنافي الأفكار الفلكية فإن علماء الأبراج لا يعملون على تغيير الأفكار بناء على هذه الأدلة.
فحص التنبؤات: عند الحديث عن علم محدد فإن النتائج والتوقعات تنشر في مجلات علمية ليتم مناقشتها وفحصها من قبل العلماء، أمّا في حال علم الأبراج فإن التوقعات تنتشر في مجلات خاصة لذلك لا يتم فحصها وتحديد مدى صوابها.
البحث: إذا افترضنا أن علم الأبراج علما حقيقيا فيجب محاولة إثبات صحة الأفكار الفلكية، لكن الحقيقة أنه لا يوجد أية أبحاثٍ علميةٍ تساهم في اكتشافات علميةٍ جديدةٍ تدعم نظريات التنجيم.
التصرف وفق القواعد العلمية: العلماء يطرحون الفرضيات، ويبدأون بالبحث عن الأفكار التي تدعم نظريتهم، واختبار أفكارهم أو ضحدها إذا اكتشفوا وجود فرضيات بديلة، أما علماء الأبراج أو المنجمين؛ فهم فقط يطرحون الأفكار الفلكية ولا يبحثون عن أدلة تثبت نظريتهم، إضافةً إلى تجاهل جميع الأدلة المعاكسة لأفكارهم. من هنا لا نستطيع إطلاق لقب عالم على عالم الأبراج؛ لأنه في الحقيقة لا يعتمد على أي من قواعد البحث العلمي، وأي من قواعد ممارسة العلوم.
طريقة عمل علم الأبراج..
يربط علماء الأبراج بين مواقع النجوم والكواكب وتأثيرها على الأفراد والشخصيات بناء على تاريخ الميلاد، ومنها يطلقون تنبؤات وتوقعات لمستقبل الشخص بالاعتماد على مواقع الأجرام الفلكية المختلفة إذ يطلقون على كل جرمٍ اسما معينا، وتكون له دلالات مختلفة على مستوى الصحة والعمل والحالة النفسية، لكن هل علم الأبراج حقيقي، وهل يمكن الاعتماد على التوقعات والتنبؤات المنشورة في الصحف اليومية؟ يجب أولا تحديد تأثير الأجرام السماوية على الأشخاص، ثم تحديد تأثير الأبراج بشكلٍ عامٍ على حياة الأفراد.
تأثير مواقع الأجسام الفلكية..
لا شكّ أن الإنسان يتأثر بموقع الشمس واتجاهها بالنسبة للأرض، كما يتأثر حتمًا بتقلبات الطقس المختلفة إذ تؤثر أشعة الشمس على الكرة الأرضية، كما يؤثر موقع القمر على المد والجزر في المحيطات، وهذه الأمور قد يلاحظها الأشخاص القريبين منه، والتي ستؤثر بشكلٍ كبيرٍ على نمط حياتهم ومعيشتهم، وقد تؤثر الرياح والشتاء على حياة الأفراد أيضا، لكن جميع هذه التأثيرات تعتبر تقلبات في المناخ و الطقس ولا علاقة لها بشكلٍ أو بآخرٍ بعلم الأبراج إلا إن علماء الأبراج والمدافعين عن هذا العلم يصرون على تأثير الشمس والقمر على صفات الأفراد وشخصياتهم وفق تاريخ ميلادهم، وهذا ما نفته العديد من التجارب العلمية الموثقة منها تجربة بيتر هارتمان ومعاونوه، الذين قاموا بدراسة أحوال ما يزيد عن 4000 فرد، وأثبتوا عدم وجود علاقة بين تاريخ ميلاد الشخص ومقدار ذكائه وشخصيته بشكل عام.
كما قام شون كارلسون بإجراء تجربة مماثلة بوجود 28 منجما لإثبات صحة أو خطأ تنبؤاتهم، وقد أثبتت التجربة أن التنبؤات كانت عبارة عن صدف عشوائية لا أكثر، كما كشف عن عدم قدرتهم على معرفة المستقبل بالشكل الكامل، وهذه النتائج وغيرها أثبتت فعلا أن علم الأبراج ليس علما حقيقا؛ وإنما مجموعة من التنبؤات التي تحمل الخطأ والصواب.
تأثير للأبراج على الحياة..
يؤمن قرابة 30% من الأمريكيين البالغين بعلم الأبراج، ويعتقدون أنه علما حقيقيا قائما على مبادئ وركائز واضحة، كما أن 34% من الأمريكيين يجيبون على سؤالنا هل علم الأبراج حقيقي بنعم، مع إيمانهم المطلق بحقيقته وتأثيره على حياتهم العامة، والحقيقة أن المشكلة ليست الإيمان بعلم الأبراج بل بتطبيقه الكامل على العلاقات الاجتماعية فليس من العدل تطبيق توافق الأبراج عند التعامل مع البشر والحكم المسبق على نجاح العلاقة أو فشلها بناءً عليه، بالتالي محاولة التبرير للأبراج المتوافقة بما يتماشى مع معلوماتنا المسبقة، كما أنه من غير العدل الحكم على شخص من خلال تاريخ ميلاده فقط وإغفال جميع العوامل الأخرى المؤثرة على بناء الشخصية، فلا يُمكن تعميم صفة الهدوء على مواليد برج معين أو صفة الصدق والشجاعة وغيرها.
الحقيقة أن الناس يشعرون بالتحسن النفسي نتيجة إيمانهم بالطريقة، وهذا هو نفس تأثير الدواء الوهمي، الذي من الممكن يعطي نتائجًا أفضل إذا اقتنع المريض بنفعه، وهذا ما يُحدث بالفعل مع من يؤمنون بعلم التنجيم فالشخص الذي يقرأ برجه صباحا ويجد فيه تحسنا على المستوى العاطفي والعملي سيقتنع فعليا بهذا التحسن، وسيتبع النصائح الموجودة في برجه، لكن شعوره بالتحسن ناتج عن إيمانه وليس عن التحسن الفعلي، وهذا ينطبق بشكلٍ عامٍ على الأخبار السلبية التي ستشعر صاحبها بالسوء نتيجة إيمانه بها وليس حدوثها بالفعل.
الأبراج الفلكية..
تعرف الأبراج على أنها مخططات فلكية توضح موقع الشمس، والقمر، والكواكب الرئيسية في النظام الشمسي، كما توضح الروابط الفلكية فيما بينها، ويعتقد أن الأبراج تحدد شخصية الفرد وطباعه، وذلك من خلال دراسة موقع القمر ومواقع الكواكب، وهي: عطارد، والزهرة، والمريخ، وزُحل، والمشتري.
يوجد اثني عشر برجا فلكيا موزعين بالاعتماد على تاريخ الميلاد، وينتمي كل منها لواحد من عناصر الأرض الأربعة، وهي: الأرض، والماء، والهواء، والنار.
على الرغم من أن علمي الأبراج وعلم الفلك يشتركان ببعض الأساسيات العلمية القديمة، إلا أنهما أخذا بالانفصال تدريجيا عن بعضهما البعض ليصبح كل منهما علما منفصلا بذاته في أواخر القرن السابع عشر، وذلك خلال مساهمات العلماء الذين درسوا أثر حركة الأجرام السماوية على التطبيقات الفيزيائية.
الأمر الذي استدعى تطور علم الفلك وانفصاله ليصبح علماً مستقلا بذاته يتم اختبار نظرياته بالطرق العلمية، وعليه فعلم الفلك كما هو العلم الذي يهتم بدراسة بالكون والفضاء الخارجي، ويهتم بحركة الأجرام السماوية، بينما يهتم علم الأبراج بدراسة كيفية تأثير حركة الأجرام السماوية على الأشخاص، وتأثيرها أيضاً على الأحداث والمجريات عموما.