13 أبريل، 2024 8:18 ص
Search
Close this search box.

عقيلة راتب.. صاحبة صوت عذب وكانت نجمة في المسرح والسينما

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“عقيلة راتب”، ممثلة مصرية. ولدت في القاهرة 1906، تخرجت من مدرسة التوفيق القبطية. اشتهرت في بدايتها بصوتها الجميل والذي قدمته من خلال فرقتي “علي الكسار” و”عزيز عيد” الغنائيتين المسرحيتين في القاهرة. كان أبوها رئيساً لقسم الترجمة بوزارة الخارجية.

“عقيلة راتب” بدأت حياتها الفنية في الثلاثينيات، عملت ممثلة في المسرح في فرقة “على الكسار” هي وزوجها المطرب “حامد مرسى”، اختارت لنفسها اسم “عقيله راتب” بعد أن رفض الأب عملها في السينما، حيث أن راتب هو أخيها عملت، في “أوبريت هدى” كبطولة وغنت فيه، واختارها “زكى عكاشه” لتكون بطلة فرقته المسرحية في العديد من الأعمال منها (مطرب العواطف، حلمك ياشيخ علام، الزوجة آخر من تعلم، خلف البنات، جمعيه كل وأشكر).

نالت “عقيلة راتب” العديد من الجوائز عن أفلام مثل، “لا تطفئ الشمس”، من أشهر أعمالها في التلفزيون “عادات وتقاليد” وقد نجحت في أدوار السيدة التي تعيش في الأحياء الشعبية أكثر من البنت الأرستقراطية، وفي البطولات لم تكن نجمة شباك تجذب المتفرج، لكن يمكن الوقوف عند أدوارها في (زقاق المدق، حب ودموع)، ودور الزوجة في “القاهرة 30”.

قدمت ما يزيد عن 60 فيلما في السينما المصرية، منها “بواب العمارة”، “غدا يعود الحب”، “الفرسان الثلاثة” وكان آخر أفلامها “الفاتنة والصعاليك” عام 1976 من إخراج “حسين عمارة”. كما قدمت عددا من الأعمال المسرحية منها “مصير الحي يتلاقى” و”الزوجة آخر من يعلم” ومن أشهرها “هدى” و”ملكة الغابة”.

الطفلة كاملة..

في حوار مع ابنتها وحفيدتها أجرته “زينب عبداللاه” تحكي الابنة عن طفولة والدتها الطفلة “كاملة” التي لا يتجاوز عمرها 6 سنوات تجرى خلف العسكري الإنجليزي الذي حمل صندوق اللعب الخاص بها، حين دخلت قوة من جنود الاحتلال تفتش منزل والدها الدبلوماسي “محمد كامل بك” أحد قيادات وزارة الخارجية، والمصري الوحيد الذي تولى منصب رئيس قلم الترجمة بوزارة الخارجية، لتبحث عن أصول المنشورات التي توزع ضدهم، وكان والدها الذي قام بدور كبير في ثورة 1919 يترجمها إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية. وبكل قوته ضرب العسكري الإنجليزي الطفلة على رأسها ففقدت الوعي بعدما تعلقت بصندوق لعبها، فاندفع أهالي المنطقة نحو الجنود الإنجليز بعدما استفزهم مشهد الاعتداء على الطفلة، وشبت معركة سقط على أثرها خمسة قتلى من الأهالي وعدد من الجرحى، وتم اعتقال “محمد كامل بك”، وبعدها قامت مظاهرة كبيرة اضطرت الإنجليز للإفراج عن الدبلوماسي والد الطفلة “كاملة”، وصدرت صحف اليوم التالي تحمل عنوان “حادثة الخليج المصري” نسبة إلى الشارع الذي يسكن فيه “محمد كامل بك” الذي أصبح اسمه شارع بورسعيد حاليًا”.

تحكي “أميمة” ابنة “عقيلة راتب” عن أن المواهب الفنية ظهرت على والدتها في سن الطفولة، فكانت تغنى وترقص وتمثل في الحفلات المدرسية بمدرسة التوفيق في الضاهر حتى أصبحت أشهر طفلة في المدرسة، وخلال رحلة نظمتها المدرسة غنت الطفلة “كاملة” في القطار واندمج معها الركاب وتصادف وجود أحد الصحفيين، فكتب في اليوم التالي عن إعجابه بصوت مطربة القطار. كانت بداية تعلق الطفلة باحتراف الفن حين شاهدها “زكى عكاشة” صاحب “فرقة عكاشة المسرحية”، وعرض عليها التمثيل في الفرقة وعندما أخبرت والدها الدبلوماسي الكبير ثار وغضب وضربها ولم يكن عمرها تجاوز 14 عاما. تمسكت الطفلة بحلمها وانتقلت إلى بيت عمتها بعد غضب الأب عليها، وكانت العمة متفتحة وتحب الفن وبعد إلحاح “زكى عكاشة” ورغبة كاملة في التمثيل وافقت عمتها ومثلت الفتاة مع الفرقة بعدما غيرت اسمها حتى لا تثير غضب والدها أكثر، واختارت اسم “عقيلة” وهو اسم أقرب صديقاتها، و”راتب” اسم شقيقها الوحيد الذي توفى طفلًا، فيما أصيب والدها بالشلل، ولم تستطع زيارته ولم تفرح بالنجاح الساحق الذي حققته في أول أعمالها مع فرقة عكاشة “أوبريت هدى” بسبب غضب والدها ومرضه. حققت نجاحات كبيرة مع “فرقة عكاشة” وأصبحت حديث الناس والصحف والوسط الفني، حتى لفت نجاحها انتباه “إسماعيل صدقى” باشا رئيس الوزراء في ذلك الوقت وذهب مع عدد من الوزراء لمشاهدة الأوبريت وهنئوها بهذا النجاح فكتبت الصحف أن مجلس الوزراء انعقد من أجل عيون “عقيلة راتب”.

لم تستمر النجمة الجديدة طويلا مع “فرقة عكاشة”، وانتقلت بعدها إلى فرقة “على الكسار” التي كانت تعانى من أزمة وكساد فأصبحت الفتاة التي لم تتخط السادسة عشرة من عمرها طوق النجاة للفرقة وحجز الجمهور مقاعد المسرح لمدة شهر كامل بعد الإعلان عن بطولتها لمسرحية «ملكة الغابة»، وكان “الكسار” يخاف على النجمة الصغيرة ويعاملها معاملة ابنته، ويخشى عليها من بطل الفرقة المطرب “حامد مرسى” الذي كان دنجوان عصره وله العديد من المغامرات العاطفية.

قصة حب..

تتحدث الابنة عن قصة حب والديها التي بدأت في فرقة “على الكسار”، مؤكدة أن والدها الذي أطلق عليه وقتها لقب “بلبل مصر الوحيد” كان تلميذ “سيد درويش” وأول من غنى أغنية “زورونى كل سنة مرة” وقع في غرام والدتها بطلة الفرقة، ولم يصرح لها بحبه، حتى عرف أن أحد كبار رجال السرايا الذي كان يحرص على مشاهدة العرض يوميا وقع في غرامها وتقدم ليطلب يدها من “على الكسار” وقدم لها صندوق مجوهرات، ووعد الباشا بأنها إذا وافقت على الزواج سيحضر الملك والملكة حفل الزفاف، وحين سمع المطرب الدنجوان “الكسار” يتحدث مع “عقيلة راتب” عن هذا العريس صرخ فيه قائلا: “أنا بحبها وعاوز أتجوزها”. لم تفكر الفتاة التي لم تكمل عامها السادس عشر كثيرا وحسمت الموقف لصالح المطرب الولهان وأخبرت “على الكسار” برفضها طلب الباشا وموافقتها على الزواج من “حامد مرسى”، رغم تحذيرات الكسار من غضب الباشا ومغامرات المطرب العاشق، وبالفعل تم الزواج بين النجمة التي كان عمرها وقتها 16 عاما، وأطلق عليها وقتها لقب “السندريلا”، وبين “بلبل مصر” عام 1932. وتوعد الباشا فرقة الكسار وحاول وقف الإعانة التي تقدمها الدولة للفرقة انتقاما لرفض بطلتها الزواج منه.

وتضيف: وصلت شهرة “عقيلة راتب” إلى أن رأت فيها كل الفرق المسرحية في الثلاثينات والأربعينات طوق النجاة الذي ينقذها من الإفلاس، فأصبحت الورقة الرابحة التي يتهافت عليها الجمهور وتتنافس الفرق في ضمها إليها فانتقلت بين عدة فرق، وقدمت الاستعراض والمونولوجات والأوبريتات، حتى أنها كانت تملى شروطها على هذه الفرق، ومنها فرقة الراقصة ببا عز الدين الاستعراضية التي طلبتها للعمل معها فاشترطت عدم تقديم الخمور وبالفعل استجابت ببا لطلبها. وواتتها فرصة الانتشار عالميا عندما شاركت فرقة «مزاى» المجرية في تقديم استعراض غنائي راقص، فأعجب بها مدير الفرقة وأجرى معها صحفيون مجريون حوار صحفيا وطلب منها مدير المشاركة في تقديم عروض في دول العالم، ولكن رفض الزوج ولم تستطع عقيلة أن تترك مصر إلى أي بلد آخر.

وبعد أن أصبحت “عقيلة راتب” نجمة المسرح الأولى، انتقلت إلى السينما لتحقق نجاحات كبيرة، فقدمت أول أفلامها عام 1936، ووقع معها “حسين سيد” أخو الملكة فريدة الذي كان مديرا لأستوديو مصر وقتها عقد احتكار لمدة 5 سنوات بعد وفاة المطربة أسمهان، وكانت تغنى وتقدم استعراضات في الأفلام التي تقوم ببطولتها، فأطلق عليها لقب السندريلا، وتؤكد الحفيدة أن جدتها أول فنانة يطلق عليها هذا اللقب قبل “ليلى مراد” و”سعاد حسنى”: “كان صوتها حلو وبتعمل استعراضات وغنت في أفلام كتير”، مشيرة إلى أنها كانت أيضا أول من تحدثت عن قضايا المرأة في السينما عندما قدمت فيلم “قضية اليوم” عام 1945 والذي تحدث عن عمل المرأة.

بينما تشير الابنة إلى دور والدتها في اكتشاف عدد من نجوم وعمالقة الفن قائلة :”كانت أمي تشارك في اختيار الأبطال الذين يمثلون أمامها وهى التي اكتشفت “عماد حمدي” الذي كان يعمل موظفا في الإدارة بأستوديو مصر، ورشحته أمامها لبطولة فيلم “السوق السوداء”، ورغم فشل الفيلم إلا أنها أقنعته بأنه ليس السبب في هذا الفشل ووعدته أن يشاركها بطولة فيلمها الجديد، بالفعل اختارته ليمثل أمامها دور البطولة في فيلم “دايما في قلبي”، ونجح الفيلم نجاحا كبيرا وشق بعدها “عماد حمدي” طريقه إلى النجومية”. ورغم أن “أنور وجدي” اشتهر في بدايته بأدوار الشر أكدت الابنة أن والدتها اختارته لبطولة فيلم “قضية اليوم”، واعترض المخرج “كمال سليم” ولكنها أقنعته، لتبدأ شهرة “أنور وجدي”.وأيضا: “كان المؤلف مصطفى السيد يتعاون مع أمي في بعض المونولوجات، وقال لها إن هناك فنانا جاء من طنطا واسمه محمد الحو ويريدها أن تساعده، فتعجبت أمي من اسم الحو، فغيره إلى محمد فوزي، ورشحته أمي لدور في فيلم “سيف الجلاد” الذي كان يشاركها بطولته يوسف وهبي، وظهر فوزي في هذا الفيلم لأول مرة ولم يغنى فيه. عندما عرفت أمي بمواهبه في التلحين والغناء رشحته أمامها لبطولة فيلم “عروس البحر”، وغنى معها فوزي أول دويتو في حياته في أغنية “صيد العصاري”، وقام بتلحين أغاني الفيلم”.

التليفزيون ..

“التليفزيون اتبنى على أكتافها” وصفت “الحفيدة جنى جلال” دور جدتها وأعمالها التليفزيونية وأهمها مسلسل “عادات وتقاليد”.. “كانت بتطلع على سقالات سنة 1960 في ماسبيرو لأداء دورها في المسلسل الذي ارتبط به الجمهور ارتباطا شديدا”.وتشير الابنه إلى عدد حلقات المسلسل التي وصلت إلى 338 حلقة، وكان يعرض يوم السبت من كل أسبوع في السابعة مساء: “كانت الشوارع بتفضى وقت المسلسل، واستمر المسلسل عدة سنوات، وأمي مكانتش بتعرف تمشى في الشارع من شدة زحام الجمهور عليها وكانوا ينادونها باسم حفيظة هانم”.

انحسار..

وبدأت الأعمال المسرحية ل”عقيلة راتب” تقل مع بداية السبعينيات، كما أصبحت تؤدى دور الأم في السينما وفى عام 1975 أنتج لها محمد عوض فيلم «احترسي من الرجال ياماما». تحكى الحفيدة عن حياة جدتها بعد واقعة فقد بصرها التي شاهدت أحداثها حين كانت ترافقها أثناء تصوير فيلم المنحوس، مشيرة إلى أن الفنانة “عقيلة راتب” أصرت على استكمال المشاهد المتبقية لها، وبعدها ذهبت للطبيب الذي أكد أنه لا أمل من عودة بصرها مرة أخرى، لتظل النجمة الكبيرة آخر 10 سنوات من حياتها فاقدة البصر وبعيدة عن الأضواء.

ولزواج “عقيلة راتب” من “حامد مرسي”، قصة طريفة ذكرتها في مقال قديم لها في مجلة “الكواكب”، قالت فيه: “نشأت في بيت كل من فيه يحب الموسيقى وكان أبي شغوفًا بالموسيقى الشرقية إلى حد كبير، وكانت تربطه صلات صداقة وطيدة بعدد من الموسيقيين القدامى، كما كان يقيم في أغلب أيام الأسبوع سهرات فنية. كان من بين الذين يترددون على هذه السهرات مطرب لامع من الشبان الذين اشتهروا في عالم الغناء، وكان والدي رغم حرصه الشديد على التقاليد التي كانت تسيطر على أغلب البيوت المصرية في ذلك الوقت ومنها عدم السماح للسيدات والبنات بالظهور أمام الرجال، إلا أنه رغم ذلك فقد كان أبي يعرف شغفي بالموسيقى والغناء ولهذا كان يسمح لي بأن أحضر هذه الندوات بل وسمح لي أن أغني أغنية جديدة لمنيرة المهدية وحازت على إعجاب الجميع. لاحظت أن المطرب الشاب كان يصفق طويلًا ثم ظل ينظر إليّ طوال السهرة وكلما التقت عيوننا خفض وجهه وهو يفرك بيديه، وبعد أيام اختلى هذا الشاب بوالدي وفجأة سمعت صوت والدي يصرخ: “مش ممكن إزاي ده؟”، وعرفت بعدها أنه عرض على والدي أن أعمل بالغناء في فرقة الكسار، ورغم محاولته إقناع والدي إلا أنه رفض. ولكن حامد مرسي، لم ييأس إلى أن أقنع والدي بشرط أن أكون تحت رقابة دقيقة منه، وأصبح حامد بالنسبة لي كأستاذي ويشجعني ويقف بين الكراسي أثناء الغناء ليراقبني من الناحية الفنية ويجلس معي لساعات يدربني على الغناء، وذلت يوم ذهبت إلى المسرح كعادتي وإذا به يفاجئني بخبر لم أكن أتوقعه، وقال لي إنه حصل على موافقة والدي بالزواج مني وسألني هل أوافق أنا الأخرى؟، وكان ردي عليه بأن أطرقت برأسي وقلت له: “مش عارفة أقول إيه يا حامد؟”، فكان رفع التكليف بيننا بمثابة إعلان موافقة”.

وفاتها..

توفيت “عقيلة راتب” في 22 فبراير العام 1999، ونالت في حياتها مجموعة من الأوسمة والجوائز من قبل الملك فاروق والرئيسين “جمال عبد الناصر” و”أنور السادات”.

 

 

https://www.youtube.com/watch?v=_mo2E_U7uoo

https://www.youtube.com/watch?v=jRwo3x9zaGM

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب