27 ديسمبر، 2024 11:15 م

“عصام الشماع”.. اهتم بطرح رؤية مختلفة وركز على حياة المهمشين

“عصام الشماع”.. اهتم بطرح رؤية مختلفة وركز على حياة المهمشين

خاص: إعداد- سماح عادل

“عصام الشماع” مخرج وسينارست مصري

التعريف به..

ولد في عام 29 سبتمبر 1955، درس الطب والجراحة في جامعة عين شمس، وحصل على البكالوريوس سنة 1982، بدايته كانت عبر فيلم (طالع النخل)، من إنتاج التلفزيون المصري، وأخرجه الفنان محمد فاضل، وكان من بطولة الراحل هشام سليم والفنانة فردوس عبد الحميد، وركز من خلاله على حياة المهمشين في القرى والريف المصري

بعده قدم فيلم (الأراجوز)، واستعان في بطولته بالفنان عمر الشريف، وقدمه بصورة مختلفة تماماً عن تلك التي ظهر بها من قبل سواء في السينما المصرية أو العالمية، فمن خلال دور فنان الأراجوز بدا التماهي واضحاً بين لاعب الأراجوز وعروسة الأراجوز نفسها، فلا يظهر من منهما الذي يحرك الآخر.

.وله العديد من اﻷعمال الفنية التي تحمل رؤى جديدة، منها المسلسلات التلفزيونية: “رجل من زمن العولمة”، “نافذة على العالم”، و”قمر 14″، كما كتب السيناريو للعديد من اﻷفلام منها “الجنتل” و”راندفو”.

تضمنت أعمال “الشماع” فيلم “الفاجومي” الذي قام بكتابة السيناريو له وإخراجه، ويحكى قصة حياة الشاعر المصرى أحمد فؤاد نجم. في 2011 تم انتخاب “الشماع” نائبا لرئيس مجلس إدارة جمعية الكتاب والنقاد السينمائيين. آخر أعماله: سيناريو وحوار فيلم “أخلاق العبيد” بطولة خالد الصاوي ومن إنتاج عام 2017.

ومن أبرز أعمال عصام الشماع، مسلسل “الكبريت الأحمر” بجزئيه الأول والثاني، الذي قام ببطولته الفنان أحمد السعدني، وكل من الفنانة ريهام حجاج، وداليا مصطفى، وهاني عادل، ومصطفى يوسف، وجليلة محمود، ورباب ممتاز، وأشرف زكي، وعبد العزيز مخيون، وغيرهم، والعمل من إخراج سيد يوسف.

وفي2011 تم انتخاب المخرج والكاتب الراحل عصام الشماع، رئيسا لمجلس إدارة جمعية كتاب ونقاد السينما.

مذكرات..

في الحلقة الأولى من مذكراته، لـ«الإذاعة والتليفزيون» حكي “عصام الشماع” عن جيل الستينات، وكيف تأثر بنكسة 67، وبالاتجاه الاشتراكي في أفلام المخرج الكبير توفيق صالح، وكل من يوسف شاهين وصلاح أبوسيف، وكيف أحب الفن وهو الطبيب الجراح. وتحدث “الشماع” عن جيله، جيل الستينات، واصفا تلك الفترة بالـ«رائقة»، شارحا أنه ومعه جيله في تلك الفترة كانت حركتهم في الحياة حركة منتظمة، من خلال قوانين حاسمة، كما كانوا يشعرون بأن الدولة شريكتهم في الحياة، بمعنى أنهم في المدرسة مثلا كانوا يحصلون على وجبات كـ«الجبنة الصفراء»، كما كان هناك التأمين الصحي، بالإضافة إلى وجود تأمين صحي آخر بالوحدات الصحية، ويقول: «كانت هناك حالة من النظام والاعتناء من الدولة بالمواطن، حتى للطبقة الأقل من الوسطى، فأنا كنت على سبيل المثال انتمى لطبقة الأفندية، لكنهم فقراء، أو التي كانوا يطلقون عليهم لقب «المطربشين»، وهم الذين كانوا يرتدون الطرابيش في الأربعينات من القرن الماضي.

ويضيف أنه وجيله كانوا يشعرون بأن عائلاتهم سعيدة، وهذا الشعور كان يأتيهم لأنهم يحسون بالنظام كأول انطباع لهم، ولأنهم يعيشون في مجتمع منظم جدا عكس الآن، ليس منظما فقط بل كان آمنا أيضاً، وهذا الشعور كان يتسلل لهم منذ لحظة ذهابهم للمدرسة حتى خروجهم منها.

الستينات..

وعن فترة الستينات يقول: “أهم ما ميز فترة الستينات من القرن الماضي الفنون والطفرة الكبرى التي كانت موجودة بها، فالسينما على سبيل المثال كانت رخيصة تذكرتها بـ3 صاغ، وحينما ارتفع سعرها أصبحت بـ3.5 صاغ، وانخفاض سعر التذكرة جعل مشوار السينما عادة أسبوعية وأحيانا أخرى أكثر من مشوار”.

الانتماء..

وعن الإحساس بالانتماء يروي: «على جانب آخر كان التليفزيون بدأ البث، كما أن الدولة كانت توفره في النوادي والحدائق العامة، في حالة أن الأسر لم تستطع توفيره لأبنائها، والإذاعة هي الأخرى كانت في أوج عظمتها في ذلك التوقيت، فكنا نستمع لبرامج موجهة عن الصحة والتعليم، والصناعة، والإنتاج، أو ما كان ما يسمى ببنود الميثاق، وأناشيد المدرسة كانت كلها عن العمل وأهميته ومعاني الانتماء، وما كنا نسمعه في المدرسة نراه في الحقيقة، فمثلا كنا نسمع عن توفير فرص للعمل وأصبحنا نرى ذلك يتحقق في أقارب لنا. والحارة الشعبية كانت منظمة جدا وتسير على نفس نهج المجتمع المنظم، فمثلا الأطفال ينزلون للعب من الساعة 5 لـ7 مساء، ثم يصعدون لمنازلهم، وكأن هناك اتفاقا مسبقا على هذا، فالقانون كان يحكم الحكاية من الصباح حتى المساء.

وأشار إلى أن الأمان، والنظام، والمتعة، أشياء كانت موجودة بطفولته في فترة الستينات، كما كانت هناك علاقة مباشرة مع أهله، ليس هو وحده بل كل جيله، وتلك الأشياء من أهم سمات فترة الستينات، ومن ملامح تلك الفترة أيضاً أنهم لم يكونوا يشعرون بفوارق شاسعة بين الأغنياء والفقراء: «كان لي أقارب من الأغنياء، لكن الفوارق التي بيننا كانت بسيطة، عندهم تليفزيون مثلا وإحنا ماعندناش، عندهم تليفون وإحنا ماعندناش، فالفوارق ليست ضخمة، هم يعيشون في شقة إيجار وإحنا برضه ساكنين في شقة إيجار»، وأحيانا الرئيس جمال عبد الناصر يتخذ إجراء بترخيص الإيجارات، فكل عائلة توفر بين 2 و3 جنيهات، فيبدأون بشراء لحمة.. مثل هذه الأشياء كانت تظهر لنا ونشعر بها”.

يرى أنه أثناء طفولته كانت البلد في حالة من الفرح، كما كانت هناك ثقافة حقيقية، فالشباب تجد معهم كتبا وروايات مترجمة، ويقول: «هذا الاتجاه كان منتشرا وسائدا في تلك الفترة، وأصبحت هناك سخرية من هؤلاء الشباب في أفلام السبعينات.. كانوا «بيتريقوا على المثقف»، تلك الشخصية التي كانت موجودة بكثرة شديدة أيامنا وعلى جيلي، ففي كل بيت كان لابد أن تجد شخصا مثقفا لأقصى درجة، وذلك بفعل المناخ السائد وقتها الذي كان يشجعنا على الثقافة والقراءة بشكل عام، فالثقافة كانت وقتها جزءا من التباهي لدينا كشباب قرأنا أعمالا لكل من طه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وزكى نجيب محفوظ.

بل كنت تجد حتى أفلام الستينات من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، أي الدولة، وكذلك لمنتجين قطاع خاص أغلبها مأخوذ عن نصوص أدبية كـ«دعاء الكروان»، وغيره من الأفلام العظيمة، كان هناك اقتراب بين الفنون والثقافة، وهذه هي النقطة التي فقدناها تماما.

«كانت هناك مكتبات في كل المدارس دون استثناء، وكذلك كنا نأخذ دروسا للموسيقى، فأنا شخصيا تعلمت العزف على إحدى الآلات في المدرسة، كما كانت هناك فرق رياضية، وتقام مسابقات بها منافسات حقيقية بين الطلبة من جميع أنحاء الجمهورية”.

النكسة..

وعن تأثير النكسة على جيله قال: «ولا حاجة.. كنا مدركين تماما لها، فنحن تأثرنا أكثر بخطاب تنحى الرئيس عبدالناصر.. (ده كان يوم أسود).. بل كان أسوأ من النكسة، لأنه كان يمثل لنا الأب، وكنا (خايفين على أبونا اللي قرر يمشى مش أكتر)، فنحن شعب عاطفي جدا، فهو كان رئيسا وقائدا حقيقيا، بدليل جنازته الموجودة على موقع يوتيوب، سترى حب الناس له وخروجها لوداعه، فالناس خرجت بدافع الحب وليس أي شيء آخر.

السينما..

وعن السينما يقول: «تأثرت بأفلام للمخرج الكبير الراحل توفيق صالح من بينها فيلمه «صراع الأبطال» مثلا، وكذلك أعجبت بالاتجاه الاشتراكي في تلك النوعية من الأفلام، كما تأثرت بنوعية أخرى كفيلم «بداية ونهاية» للمخرج الكبير الراحل صلاح أبو سيف، وبنوعية الأفلام الخفيفة، التي كانت مبهجة وقتها كفيلم «شباب مجنون جدا» لسعاد حسنى وثلاثي أضواء المسرح وإخراج نيازي مصطفى، أو فيلم آخر اسمه «شاطئ المرح» لنجاة وحسن يوسف وغيرهما من هذه النوعية من الأفلام.. بجانب تأثري بأفلام المخرج الكبير يوسف شاهين.. وهذا كله ولم أكن أعرف أنني سأصبح فيما بعد سينمائيا.

أعترف بأنني لم أبدأ كسينمائي، إنما بدأت كأي شاب مثقف في الكلية، فقد كنت مشهورا بالمثقف، أي اشتهرت بالثقافة وليس الفن، وأسهمت أثناء دراستي الجامعية في إنشاء «الجماعة الأدبية»، حتى أصحابي كانوا وما يزالون يقولون عنى «طول عمرك المثقف بتاعنا»، كان هناك اختراع اسمه «المثقف»، فأنا في سن مبكرة انتهيت من قراءة أعمال ابن خلدون، وابن تيمية، وغيرهما، وهناك سر أقوله لك وهو أننى لم أكن أحب السياسة، فكنت قارئا لـ«هيجل» الفيلسوف الألماني الشهير من خلال كتاباته عن نظرية التاريخ وغيرها، ولم أكن أهوى «كارل ماركس»، كما قرأت لـ«سارتر» الفيلسوف والأديب الفرنسي بعمق شديد، فلم أكن من هواة الثرثرة السياسية الماركسية.”

أخلاق العبيد..

آخر أعمال “عصام الشماع ” هو فيلم “أخلاق العبيد” الذي طرح في السينمات عام 2017، وكان من بطولة الفنان خالد الصاوي، يسرا اللوزى وسلوى محمد علي وسارة سلامة وكارولين خليل ورامي غيط ولطفي لبيب ومحمد شرف، وإنتاج حسين ماهر، سيناريو وحوار عصام الشماع، وإخراج أيمن مكرم.

وكان الفنان خالد الصواي يجسد ضمن أحداث فيلم “أخلاق العبيد”، دور رجل أعمال يعاني من اضطراب نفسي، يتعرض لمواقف معينة تغير مجرى حياته بالكامل.

وفاته..

توفي “عصام الشماع” يوم الأحد 29 ابريل 2024 عن عمر 69 عاما.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة