8 مارس، 2024 6:33 م
Search
Close this search box.

عروسية النالوتي.. في “تماس” كتبت عن تحرر المرأة من ثقل عصور الاضطهاد

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“عروسية النالوتي” كاتبة تونسية، ومؤلفة رواية “تماس”، إحدى أفضل مائة رواية عربية.

حياتها..

من مواليد عام 1950 بجزيرة جربة، تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي والعالي بتونس العاصمة، حصلت على شهادة في اللغة والآداب العربية في 1975. عملت في التعليم في المعاهد الثانوية، كما عملت في مجال الصحافة وأنتجت العديد من البرامج الإذاعية. وكتبت المقالة الصحفية والقصة القصيرة والرواية والمسرحية، ولها العديد من الدراسات الأدبية. وهي عضو نادي القصة واتحاد الكتاب التونسيين. بدأت مسيرتها الأدبية بمجموعة قصصية بعنوان “البعد الخامس” تونس 1975، توالت بعد ذلك إصداراتها بروايتي “مراتيج وتماس”، ومجموعة قصص بعنوان “جحا” ثم رواية “هجمة النمل على قرية التين والزيتون”.

من مؤلفاتها..

  • البعد الخامس ـ مجموعة قصصية سنة 1975.
  • مراتيج ـ رواية سنة 1985.
  • جحا ـ هجمة النمل على قرية التين والزيتون ـ قصص للأطفال 1974.
  • تماس ـ رواية 1995.

ساهمت في كتابة سيناريوهات أفلام التونسية..

  • فيلم خشخاش للمخرج سلمى بكار (2006).
  • فيلم ثلاثون للمخرج الفاضل الجزيري (2008).

نصوص ممنوعة..

في حوار صحفي معها تقول “عروسية النالوتي” عن الحركة الثقافية العربية بعد ثورات الربيع العربي: “لا يمكن أن نتحدث عن إنتاج ثقافي الآن عن الثورتين في مصر وتونس، لكن نشر البعض نصوصاً وكتابات كانت ممنوعة في تونس وتكشف كيف كان النظام الديكتاتوري يتعامل مع المثقفين. وصلت هذه الحقيقة إلى القارئ بفضل الغضب وصرخة الشعوب لتحرير نفسها مما يكبلها ورفع الصوت والقلم. عندما حدثت الثورة بادرت الدور إلى نشر الكتب الممنوعة التي تعبر عن معاناة أصحابها داخل السجون وخارجها في سجن الوطن عموماً”.

وعن دور المرأة التونسية في الثورة تواصل:”تماماً كما دور الرجل في الثورة، فالشعب كله خرج رجالاً ونساء وشيوخاً يطلقون الصرخة للعيش بكرامة في وطنهم ومحاربة كل من يهدر أحلامهم وطموحاتهم في الحرية والكرامة. قام الجميع بدورهم على أكمل وجه حتى نجحت الثورة.

لماذا نتحدث عن الثورات وكأنها فجائية، ولماذا يعتقد البعض أن المرأة لم تؤد دوراً مهماً فيها. النظرة إلى الاحتجاجات التي قامت في تونس منذ عام 2008، تؤكد على انخراط النساء في القوى والعناصر الشعبية المطالبة بعيش كريم، ذلك في ظل استحالة وجود أحزاب في المعارضة.

كذلك ثمة من يتحدث عن النصوص والروايات التي تناولت الثورات الأخيرة وكأنها ظهرت فجأة. الحقيقة أنها كانت موجودة، والثورة حررتها من سجنها. حتى صمت النخبة كان يعني بالنسبة إلى النظام الحاكم موقفاً معادياً، والمطلع على تاريخ كتابة معظم الروايات يجدها سابقة على تاريخ الثورة”.

وعن التنوع في الكتابة لديها ما بين الرواية والقصة والسيناريو وكتب الأطفال توضح :”تملي الفكرة شكلها وإطارها، وتحمل الكتابة المتنوعة سواء للأطفال أم الكبار تقنيات حديثة. توجهت إلى كتابة السيناريو والمسرحيات المختلفة منذ بداية السبعينيات، لكن تبقى الرواية هي الأقرب إلى نفسي، أكتبها والقصة القصيرة منذ سنوات طويلة وأهتم بالأدب العربي أو الشرقي عموماً، والغربي أيضاً نتيجة نشأتي في تونس القريبة من أوروبا، ما جعلني أجمع بين ثقافات متعددة ومختلفة”.

وعن العلاقة بين المثقف والسلطة بعد ثورات الربيع العربي تقول: “أتمنى أن تتغير لأننا ما زلنا في حالة انتظار، وألا تعود إلى ما عانيناه سابقاً، فلا يمكن أن نفرط في مكاسب الثورة ولن نسمح بتكبيلنا مجدداً ولا بسجن الكلمة الحرة لتنطلق المشاريع الجديدة وتنطلق الثقافة.

نحتاج إلى مشروع قومي عربي تتضافر فيه جميع الجهود العربية، وإلى توجهات من الجماهير العربية وقياداتها السياسية تعمل على الارتقاء بالثقافة لتشكل ركناً أساسياً في الوطن مع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فشعب بلا ثقافة لا كيان له أو مقام بين الشعوب الأخرى”.

تماس..

في مقالة بعنوان (تحرر المرأة التونسية أدبيا تفرد أم تمرد؟.. رواية “تماس” لعروسية النالوتي نموذجا). يقول الكاتب: “يبدو انتقاء أثر ما للاشتغال عليه كنموذج لتحرّر المرأة التّونسيّة أدبيّا في سياق المدوّنة الإبداعيّة التّونسيّة  ضربا من المغامرة التي قد تفتح ألف باب للاحتجاج.. لكنّني لا أنتقي رواية “تماسّ” للأديبة عروسيّة النّالوتي انقيادا لذائقة فرديّة بل اقتداءً بتقييم نقديّ عربيّ عدّها واحدة من أفضل مائة رواية عربيّة، وما عُدّت كذلك لولا توفّرها على مقوّمات فنّيّة جعلتها تتفرّد.

إنّنا مُذْ نلج عالم “تماسّ” الرّوائيّ تتكشّف لنا خباياها النّفيسة التي جعلتها تنال ذلك الشّرف، وإنّها لخبايا أساسها تفرّدٌ في معانقة فنّ الكتابة الرّوائيّة وسَبْكٌ مخصوص لجدائل الإبداع فيه وطنيّا، وإنّها لخبايا تهبنا نفسَها منذ عتبة الرّواية أي عنوانِها بمَهر بسيط هيّنٍ هو مساءلةُ اللّفظ والبناء والقولِ عن ماهيّاتها ومشروعيّة حضورها ذاك”..

ويضيف: “عروسيّة النّالوتي روائيّة اختارت أن تكون الأنثى التي تكتب عن الأنثى عساها تكون إلى أغوار نفسها أقربَ ولترانيم روحها أفهمَ، وإن كان هذا  في حدّ ذاته تحرّرا من باتْريكيّة الكتابة التي كانت سائدة منذ انبثاق فن الرواية في الأدب العربيّ..

إلا أنّ كاتبتنا توغل في تحرّرها ذاك لتفتح في إحدى زوايا الرواية مجلسا يسبر أغوار نفس المرأة وشخصيّةُ زينب تبحر في حوار باطني قائلة:”في الحقيقة نحن لم نتغيّر كثيرا… مازلنا نحمل ” نساء البيت” في تركيبة تفكيرنا… رغم تغيّر السّحنات والهيئات والمشاغل مُخَضْرَمات في كلّ شيء. في عواطفنا… في لباسنا… في تفكيرنا.. في هندسة بيوتنا وطرق تأثيثها… في علاقاتنا بأجسادنا وأرواحنا… مشتّتات بين تيّار العصر وبين ما يعشّش في الداخل من قديم “العوائد” نتحرك في الشّوارع مُثقَلات النّفس بصناديق الماضي وحقائب الحاضر” (ص 78)

إنّه قول يكشف تحرّر الواقعيّة لدى عروسيّة النّالوتي من العَرض والوصف إلى التّحليل الفكريّ والتّفسير “السّوسيو-كولوجي” في حلّة لغويّة سرديّة لا تثقل الرّواية ولا تجنح بها عن الجمال والعذوبة المتفرّدين.

وما اكتفت الكاتبة بذلك بل طوّعت وصف الطّبيعة للثّورة على نشاز سلوك الإنسان عن بهائها وهو يتعلّق بالألم والحزن كرضيع لا يشبع وضروع الكون بالبهجة مثقلة، فنجدها تقول:” كان مهرجان الألوان في الحديقة يقول إنّ السّعادة ممكنة وإنّ الجمال مبذول في سخاء… فأين العطب إذن؟ لمَ يستكثر البشر الفرحةَ على أنفسهم فيصرفون بقيّة الوقت في التّكفير عنها بجلد الذّات وتعطيل بهجتها وكأنّ حقيقة الإنسان الوحيدة هي كَدَرُه الصّميميّ الذي لا يداوِر””.

ويخلص أخيرا أن: “”تماسّ” هي رواية امرأة كتبتها امرأة (عروسيّة النّالوتي) تروي حكاية امرأة (زينب حسّان) تحبّر زوايا من حكايتها كامرأة أخرى تتماسّ معها دون أن تتماهيا (زينب عبد الجبّار.. ثلاث نساء يجتمعن في الأثر الأدبيّ هذا نسجًا وانتساجًا. فلا غَرْوَ أن يزخر بِقَوْل في المرأة تلجه الكاتبة من زاوية الابنة الرّافضة لشكل وجود أمّها، زوجةً، تائقةً إلى التّحرّر منه قائلةً: “لا أريد أن أكون شبيهة أمّي”(ص78)، بما للأمومة من معاني الانتماء، توقًا إلى التّحرّر من كلّ قيود تراها تكبّل مسيرتها في الوجود وهي التي تُضمر في نفسها إصرارها، كتجلّ لإصرار الكثير من النّساء، على الظّفر بمنشودها قائلة في موضع سابق:”لابدّ لزينب عبد الجبّار أن تتحامل على نفسها، لابدّ أن تستمدّ من الخراب الذي يسكنها القدرة على الحبّ! لا يمكن لهذا الخواء أن يتواصل”(ص64).. إنّه الرّغبة الجامحة في التّمرّد على الموجود تأسيسا لمنشود تمسي فيه المرأة المثقلة ذاكرتها بحِكَم عهود الاضطهاد القديمة المتجدّدة، مرفرفةَ نحو ذُرى أماني عهود قد تأتي لخّصها قولها:”أنا هي أنا: زينب عبد الجبّار حصيلة الهزائم القديمة التي كانت ولم أكن، ومشروع الأحلام المتوثّبة التي أعيش ولم ألمس””.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب