خاص: إعداد- سماح عادل
“عرفان خان” ممثل هندي شهير في أفلام بوليوود، له أدوار مميزة. وكانت له شهرة عالمية.
حياته..
ولد “عرفان خان” في (جايبور بولاية راجستان في الهند)، وهو سليل أسرة مسلمة ميسورة الحال واسمه الحقيقي عند الولادة كان “صاحب زادة عرفان علي خان” والدته تنتمي إلى أسرة ملكية أما والده فكان رجل أعمال ميسور الحال. تخلى “عرفان” عن اسم “صاحب زادة” لأنه يدل على منبته الطبقي الميسور. فوالدته “بيجون” من عائلة “تونك حكيم”، عمل والده في إدارة تجارة الإطارات، درس “عرفان” للحصول على درجة الماجستير عندما حصل على منحة للدراسة في المدرسة الوطنية للدراما (أم أي) في نيودلهي في عام 1984، وتخرج منها عام 1987، ثم انتقل إلى مومباي، ومن هنا بدأ مشواره الفني بأدوار صغيرة على المسرح وفي التليفزيون.
سينما..
تميز “عرفان خان” بأدائه الدقيق والواضح، حيث وصفه الكثيرون بأنه أحد الممثلين الأكثر موهبة في الهند. وكان يحظى باحترام كبير في الأوساط الفنية.
في عام 1988 بدأ بدور بسيط في فيلم (سلام بومباي) الذي رشح لجائزة الأوسكار، وبعدها قام “عرفان” بعدة أدوار بسيطة حتى عام 1994 ليأخذ الدور الرئيسي في فيلم (المخبر الخاص)، وفي عام 2001 شارك في فيلم (المحارب) وهو من إخراج هندي وإنتاج هوليوودي، والذي يعد انطلاقة “عرفان الحقيقية”، وفي عام 2003 قدم واحد من أهم الأدوار الشريرة في السينما الهندية في فيلم (هاسلي).
سطع نجم الممثل “عرفان خان” عالمياً بعد مشاركته في فيلم “المليونير المتشرد” الحائز على ثماني جوائز أوسكار و”العالم الجوراسي”. وشارك في أكثر من 100 فيلم سينمائي والعشرات من المسلسلات التلفزيونية، وسطع نجمه ليس في الهند فقط بل في جميع أنحاء العالم.
الجوائز..
حصل “عرفان” على أول جائزة في مسيرته السينمائية وكانت الجائزة الأولى من الفيلم فير وهي أفضل ممثل في دور سلبي ولم يكتف بواحدة بل حصل أيضا على جائزة “سكرين ويكلي” لأفضل ممثل شرير.
في عام 2013 فاز بجائزة السينما الوطنية في الهند عن فيلم Paan Singh Tomar، وهو فيلم لعب فيه خان دور البطولة حيث جسد تحول شخصية رياضية بارزة إلى قاطع طريق.
كما فاز في العام نفسه، بجائزة “اختيار المشاهدين” في مهرجان “كان” السينمائي عن فيلم The Lunchbox. وكان الفيلم الهندي الوحيد الذي تم اختياره للمنافسة في مهرجان لندن السينمائي في ذلك العام.
شارك في الفيلم البريطاني –الهندي The Warrior الذي فاز بجائزة البافتا للمخرج “آصف كاباديا”.
كما تم إدراجه في القائمة المختصرة لدخول المملكة المتحدة الرسمي لجوائز الأوسكار ولكن أزيل لاحقاً لسبب وهو أن اللغة الهندية ليست أصلية في بريطانيا.
رأيه في الأفلام الهندية..
كان “عرفان خان” ينتقد نمطية الأفلام الهندية التي تكثر فيها عرض الأغاني والرقصات بشكل مبالغ فيه، حسبما صرح في إحدى حواراته مع بي بي سي الآسيوية. وقال في لقاء له مع بي بي سي: “في الماضي، في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كانت لدينا لغتنا الفريدة الخاصة بنا واستخدمت الأغاني بطريقة خيالية جداً، كانت الأغاني هي مصدر قوة الفيلم، الآن أصبحنا راضين، فباتت الأغاني عبئاً، وهو السبب الذي أدى إلى توقف الجماهير العالمية في الغرب عن متابعتنا، لأنه لا توجد مصداقية”.
عندما كان يتحدث في ذكرى مرور مائة عام على صناعة السينما الهندية، في إحدى مقابلاته مع مقدم الشبكة الآسيوية “بوبي فريكشن” وتحديداً عن أول فيلم إيمائي هندي أنتج عام 1913، سأله المقدم عما يعني ذلك بالنسبة إليه. أجاب “عرفان خان”: “لا توجد لدينا العديد من مصادر الترفيه في الهند، وهذا هو سبب استمرار نجاحنا في الهند مئة عام، كانت هناك أعمال رائعة نقوم بها في الماضي، كان لدينا مخرجون رائعون، وأفلام تم إنتاجها بما يسمى بالنمط الهندي التي تتخللها الأغاني والرقصات، ورغم ذلك، كانوا يستخدمون تلك التقنيات من أجل معالجة قضايا المجتمع، إلا أننا فقدنا ذلك السحر، صحيح أننا بقينا حاضرين منذ مئة عام، لكن هذا لا يعني أن لدينا أي سبب للاحتفال به”.
تجنب “عرفان خان” التمثيل في الأفلام الخفيفة، تلك التي لا تترك أي أثر على المشاهد بعد فترة قصيرة من مشاهدته. مصرحا: “أحاول أن ألعب أدواراً في أفلام تترك أثراً أطول، تلك التي تخاطبك وتجعلك ترغب بمشاهدته مرات ومرات، فأفضل الأفلام هي التي تترك أثراً لفترات أطول”.
شوهد “خان” آخر مرة على شاشة السينما في Angrezi Medium ، تكملة لـ Hindi Medium، والذي كان أيضًا آخر فيلم يتم عرضه في دور السينما الهندية قبل إغلاق البلاد بسبب فيروس كورونا.
من أجمل أفلامه..
“مقبول”
كان هذا الفيلم للمخرج “فيشال بهاردواج”، والمقتبس بشكل عام من مسرحية “ماكبث” لشكسبير- سببَ ذيوع شهرة خان الذي لعب شخصية مقبول، مساعد زعيم العصابة القوي والخطير، وحصل على إشادة النقاد عن أدائه لهذا الدور. وتأخذ قصة الفيلم منعطفاً درامياً حين يقع مقبول في حب عشيقة زعيم العصابة، فيقتله ليتخلص منه وينجح في تزعم العصابة في النهاية.
“بان سينغ تومار”
يتناول هذا الفيلمُ، الذي أخرجه “تيغمانشو دوليا” وفاز بجائزة أفضل فيلم روائي في عام 2012، قصةَ البطل الرياضي الذي يفوز بميدالية ذهبية، ولكن والدته تُقتَل دون وجه حق، فيجد نفسه وقد أصبح من الخارجين عن القانون. ويُعتبر هذا الفيلم، الذي يقال إنه مقتبس عن قصة حقيقية، من الأفلام البالغة الإثارة.
“الحياة في المترو”
لا شك أن هذا الفيلم قد شكّل نقطة تحوّل في مسيرة “خان”، فبفضله فاز بجائزة مهرجان “فيلم فير” لأفضل ممثل مساعد. ويروي الفيلم قصة تسعة أفراد تزداد حياتهم تعقيداً حين تتشابك مصائرهم. وقد لعب “خان” دوره بكل اقتدار وثقة. ويتميز هذا الفيلم أيضاً بموسيقى تصويرية رائعة ستنقلكم إلى بدايات القرن الحادي والعشرين.
“علبة الغداء”
تدور قصة هذا الفيلم، الذي رُشح لجائزة البافتا، حول صداقة عجيبة تجمع بين رجلين غريبين بسبب الطعام والرسائل، وقد حقق نجاحاً كبيراً، سواء في المهرجانات أم في شباك التذاكر.
“المليونير المتشرد”
يروي هذا الفيلم، الفائز بجائزة الأوسكار والمقتبس بشكل عام من رواية “سؤال وجواب” للكاتب الهندي “فيكاس سواروب”، قصة الفتى “جمال مالك” البالغ من العمر 18 عاماً والقادم من أحياء جوهو العشوائية في مومباي. وقد برهن خان بأنه يستحق الفوز على أقرانه في هوليوود بلعبه دور ضابط الشرطة في هذا الفيلم الذي أخرجه “داني بويل” وحقق نجاحاً ساحقاً.
“هندي متوسط”
يعتبر من الأفلام التقليدية الساخرة عن الأغنياء، والفيلم الذي حقق أعلى الأرباح في مسيرة “خان”، كما نال عنه أيضاً جائزة بمهرجان “فيلم فير”. وقد أدى خان دوره الكوميدي في هذا الفيلم بنفس البراعة التي تَمَيز بها في أدواره الجادة، ويعدّ من أكثر أدواره نجاحاً.
“تالڤار”
يتناول هذا الفيلم القصة الحقيقية للجريمة المزدوجة التي ارتكبتها الفتاة “أروشي تالوار”، البالغة من العمر 13 عاما، بمشاركة خادمها “هيمراج بانجاد” عام 2008. ويلعب “خان” دور الضابط الذي يتولى التحقيق في هذه الجريمة بشرطة دلهي. وقد حقق دوره كشرطي صعب المراس نجاحاً كبيراً، وحصد الفيلم جائزتين من مهرجان جوائز الفيلم الوطنية.
تزوج “عرفان خان” من “سوتابا ديفيندرا سيكدار” ، وأنجب منها أبناءه “بابل” و”أيانشارك”.
وفاته..
في عام 2018، كشف “عرفان خان” عن إصابته بورم سرطاني في الغدد الصماء، وهو مرض نادر يصيب الخلايا التي تطلق الهرمونات في مجرى الدم. وخضع لاحقاً للعلاج في أحد مستشفيات لندن. في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” في عام 2018، قال خان: “لقد رأيت الحياة من زاوية مختلفة تمامًا. تجلس وترى الجانب الآخر وهذا رائع. أنا في رحلة”.
وبعد شهرين من إعلان مرضه، كتب رسالة مفتوحة عن تجربته في العلاج من مرض السرطان تحدث فيها عن “شدة ألمه وحالة عدم اليقين” في الحياة. تعاطف معه مئات الآلاف من معجبيه في جميع أنحاء العالم.
توفي “عرفان خان” يوم 29 أبريل 2020. عن عمر يناهز 53 عاما.
وجاء في البيان الذي أصدرته شركته للعلاقات العامة والتي أكدت وفاته: “غادرنا خان إلى السماء، محاطاً بمحبيه وعائلته، تاركاً وراءه إرثاً مميزاً به، لروحه السلام”.
سادت حالة من الحزن مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلان وفاته، وعبر نجوم بوليوود عن صدمتهم وحزنهم الشديد لعدم قدرتهم على توديعه في جنازة جماهيرية تعكس عشق الجماهير له، نتيجة الإجراءات الاحترازية التي فرضها انتشار فيروس كورونا.
“شاروخان” أول من علق على خبر وفاة “عرفان خان” عبر حسابه الرسمي على موقع “أنستجرام”، ونشر صورة تجمعه بالنجم الراحل وأرفقها بكلمات رثاء ووصفه بأعظم ممثل في الوقت الحالي وودعه قائلا: “صديقي وأخي أتمنى أن تجد روحك طريقها للجنة”.
ووصف “أميتاب باتشان” خبر وفاة “عرفان” بأنه الأكثر حزنا وإزعاجا، وقال إنه رحل عن العالم مبكرا، وكتب: “سلام على روحك.. ممثل رائع وزميل مخلص دعواتي وصلواتي”.
أما “أرجون بيجلاني” فنشر صورة “عرفان خان” مع تعليق: “سيدي سنعتز دوما بأفلامك. أنا من أكبر المعجبين”.
أما النجمة “كاترينا كييف” فودعته بكلمات رنانة، ووصفت وفاته بخسارة قاتلة لرجل عبقري وممثل ليس له مثيل. ونشرت “بيريانكا تشوبرا” صورتها مع “عرفان خان”، وعلقت: “سيتذكرك العالم دوما. حاربت كأفضل محارب. أتمنى أن ترقد روحك في سلام”.
أما النجم “سلمان خان” فوصف موته بخسارة للوسط الفني وزملائه وجماهيره وعائلته، وكتب: “ارحل في سلام يا أخي العزيز”.
ونشرت “ديبيكا بودكون” صورة حداد سوداء واكتفت بكتابة اسم “عرفان خان”. وشارك معظم نجوم هوليوود في نعي “عرفان خان”، مثل “كاران جوهار، وإمتياز علي، وكارينا كابور، وسونام كابور، وعمران هاشمي، وغيرهم، ما حول موقع “أنستجرام” في الهند إلى منصة كبيرة لتوديع النجم صاحب 53 عاما.
وقد أثار رحيله موجة من الحزن بين معجبيه، ومنهم “باريكشيت بالوشي”، المذيع ببرنامج “بريكفاست نمبر 1” على محطة سيتي 1016 الإذاعية بدبي، الذي علق على رحيل “عرفان خان” قائلاً: “لقد فقدت صناعة الأفلام الهندية “فناناً”. وهذه الكلمة من النادر استخدامها في بوليوود، لأنك عادةً ما تكون إما ممثلاً أو نجماً متألقاً. وربما لم يكن لعرفان خان جيش كبير من المعجبين يضاهي غيره من الممثلين في بوليوود، إلا أنه كان بالتأكيد من أكثر الشخصيات المحبوبة في هذه الصناعة. ورحيله يعتبر خسارة شخصية للعديد من المعجبين بالسينما الهندية بسبب بساطة أدائه، والأدوار التي لعبها، وتجسيده لكفاح الرجل العادي في الهند”.
واضاف: “كان واحداً من الممثلين القلائل الذين حظوا بإشادة الجماهير والنقّاد على السواء. وأحد نوادري المفضلة عنه أنه رغم نشأته في منطقة صغيرة جداً اسمها تونك، وعدم مشاهدته لفيلم ’الحديقة الجوراسية‘ لأنه لم يكن يملك حينها حتى ثمن تذكرة السينما، إلا أنه تمكن من أن يلعب دور الرجل الذي يملك هذه الحديقة في فيلم ’العالم الجوراسي‘ الذي تلاه. سنفتقده بشدة”.