بحث تاريخي
(التركمان)
(عرب التركمان)
والأعراق المختلفة الأخرى
في شرق المتوسط
إعداد
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب- باحث في الشأن التركي وأوراسيا
مراجعة وتدقيق
أ.د رشيد عبّاس/ مدير تعليم سابق في الأردن
2023م
الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغلاف 1-1
الفهرس 2- 2
مقدمة 3- 3
اسئلة البحث 4 – 4
فرضيات البحث 4 – 4
محددات البحث 4 – 4
اجراءات البحث 5 – 5
منهجية البحث 5 – 5
الفصل الاول 5 – 29
الفص الثاني 29 – 48
الخلاصة 48 – 48
التوصيات 48 – 48
المصادر والمراجع 49 – 51
مقدمة:
إن الحديث عن الأعراق المختلفة على هذه البصيرة, قد يتطلب كثير من العودة للخلف بخطوط قد تصل إلى مئات القرون الماضية, ثمَّة عدد من الأسباب المترابطة تدفَع بنا إلى حثِّ القارئ بقوة على إعادة التفكير بشأن العلاقة بين فكرة العرق وبنية التباين البشري, فلأسبابٍ نظرية، ولأسبابٍ عملية، وأخرى علمية، تجد العرق ربما يفسر أو يصف التباين البشري, والنتيجة المترتِّبة على استخدام العرق على نحوٍ غامض هي أن الأفراد غالبًا ما يتَّجهون نحو اتخاذ موقفٍ اعتيادي بتقبُّل فكرة أن العرق له صلة بالوراثة والتطور؛ ومن ثم يُمكن تفسير التفاوت في عادات وسلوك وجوانب الحياة الأخر لكثير من التجمعات السكانية بناءً على علم الوراثة العرقي, فقد ادى التركيز على العرق كشيءٍ وراثي إجراء استكشافٍ وافٍ لنتائج التفكير العرقي.
إن التباين البيولوجي البشري يتضمن العديد من السمات التي عادةً ما تتغير على نحوٍ مستقل, والتباين الجيني «داخل» ما يُسمَّى بالأعراق أكبر بكثير من التبايُن فيما «بينها» فقد يَعتقد المرء أن التباين الجيني بين الأعراق كبير؛ غير أنه في الواقع لا يوجد سوى اختلاف جيني محدود بين الجماعات التي صرنا نُطلق عليها أعراقًا.
نعم, لا يُمكن تصنيف البشر دومًا وفقًا للعرق, فمن المستحيل إيجاد تعريفٍ ثابت وشامل للجماعات العرقية، وإذا لم يكن بالإمكان تعريفُ الجماعات، فلا يُمكن وضع تعميماتٍ علمية بشأنها؛ فالجماعات العرقية غير مستقرة في المقام الأول؛ نظرًا لتغيُّر النمط الحياتي المحدَّد اجتماعيًّا عبر الزمان والمكان.
ومع كل هذا وذاك فإن أفضلكم عند الله اتقاكم..
لقد جاء هذا البحث رداً على بعض وسائل الاعلام المحلية الاردنية المكتوبة والمرئية مثل قنوات التلفزة, حيث جاء في قناة فضائية الحقيقة الدولية – بتقرير حول (النّور والتركمان في الأردن هذه هي حكايتهم الحقيقة الدولية), وجاء في تقرير بعنوان التركمان .. أو ما يطلق عليهم النور في الأردن شريحة غامضة نسلط عليها الضوء…(قناة A ONE TV), وعرضت قناة الغد تقرير بعنوان.. تركمان الأردن «النّور» – (Alghad TV), وعرضت ايضاً (قناة الغد) برنامج نوافذ مع الإعلامية ليلى خليل، (التركمان عشيرة أردنية على هامش الحياة. Alghad Extra ), ثم جاء في قناة بي بي سي إكسترا (الغجر، النور، التركمان اعراق مختلفة ..رحلة البحث عن الجذور والهوية في الاردن والعراق), وكان اخرها قناة الحقيقة الدولية حكاية النور والتركمان في الاردن ارشيف 16/ 4/ 2017 مقال نشر في جريدة الغد العدد رقم (84) الصادر يوم السبت التاسع من رمضان 1425هـ الموافق 23/10/2004م في الصفحة 16 قسم حياتنا بعنوان الغجر والتركمان: هل هما وجهان لمعاناة واحدة ؟ بقلم محمد جميل خضر.
اسئلة البحث:
- هل كان لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية معرفة مسبقة بالأعراق المختلفة في شرق المتوسط؟
- هل كان لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية منهجية علمية في تناول الموضوع؟
- هل كان لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية توصيات بشأن الأعراق المختلفة في شرق المتوسط؟
فرضيات البحث:
1) لم يكن لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية معرفة مسبقة بالأعراق المختلفة في شرق المتوسط؟
2) لم يكن لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية منهجية علمية في تناول الموضوع؟
3) لم يكن لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية توصيات بشأن لأعراق المختلفة في شرق المتوسط؟
محددات البحث:
تم تحديد البحث بالأعراق الاتية: التركمان..عرب التركمان.. والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط.
إجراءات البحث ومنهجه:
اعتمد هذا البحث على منهجية المسح والتتبع التاريخي, وذلك لكون البحث يتعلق بالأعراق التاريخية للتركمان وعرب التركمان.. والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط.
المسح التاريخي: ويقسم إلى فصلين, الفصل الاول والفصل الثاني
الفصل الاول:
قبائل النوَر وقبائل التركمان وعرب التركمان في الأردن وفلسطين وسوريا والعراق ولبنان ومصر، لكل منها تاريخ وجذور يختلف عن الآخر، لا شيء مشترك الوحيد بينهما سوى أنهما يعيشان في تلك البلدان منها الأردن قبل تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية، وأنهم الآن يحملون الجنسية الأردنية، أما الاختلافات فتبدأ من العرق والعادات والتقاليد ونمط العيش والأصول والبدايات البعيدة.
النوَر يُعتقد بأن أسلافهم غادروا شبه القارة الهندية حوالي القرن السادس ميلادي (إلا أنهم يرفضون هذه الرواية ويأكدون على أنهم عرب ينتسبون إلى بني مرة الذي انتقم منهم الزير سالم وحكم عليهم بالشتات), وهم يتكلمون لغة مختلطه هندية فارسية رومانية.
أما التركمان فهم شعب تعود أصوله إلى إحدى القبائل التركمانية الأوغوزية الموجودة في تركمانستان، وأوزبكستان وكازاخستان وأذربيجان وشمال شرقي إيران، وأفغانستان، وشمال القوقاز, وفي مرج ابن عامر في فلسطين، وفي حلب وباير بوجاق اللاذقية وحمص والرقة والجولان في سوريا وفي كركوك وموصل وتلعفر وطوزخورماتو في العراق وفي منطقة عكار وبعلبك في لبنان وغيرها من المناطق في شرق المتوسط ويتكلمون اللغة التركية بلهجات تركمانية ذات جذور واحدة.
هذا البحث سيتناول جزءَا من فهم الغجر بعيدًا عن الصور النمطية التي يفترضها المجتمع في نظرته إليهم لوجودهم، مع ما يكتنفها من تصورات واعتقادات مبنية على أحكام سلبية مسبقة، كذلك هذا الغموض الذي يحيط بالغجر وحياتهم، إذ لا تزال الصورة السائدة عنهم، أنهم جماعة مغايرة ومتمايزة تتضامن وفقا لوضع ثقافي واجتماعي وإثني خاص، وتمتهن حرفا دونيَّة تعمق الفجوة بينهم وبين الجماعات الاجتماعية الأخرى المحيطة بهم والفرق بينهم وبين جماعات العرقية التي تعيش حياة البداوة والترحال مثل العرب البدو والتركمان البدو (اليوروك).
نجد أن هناك خلط كبير بين اثنيات تختلف كليا وجذريا عن بعضها البعض عرقيا وثقافيا ولغويا وجغرافيا وتاريخيا مثل الخلط بين الغجر والقرباط و النَوَرْ والحجيات والتركمان وعرب التركمان والعرب الكرد والصورة والتقارير التلفزيونية والصحفية تتكرر من حين لآخر وخاصة في وسائل الاعلام الاردنية والدولية ،هذه التقارير تتكرر اما جهلا بعدم المعرفة في تاريخ علم الاعراق والاثنيات وعاداتهم وتقاليدهم واماكن انتشارهم في الوطن العربي والعالم هذه مشكلة تلك القنوات والصحف, اما اذا كانت عن قصد في تشويه سمعة وتاريخ بعض الاثنيات وخاصة التركمان الذين لهم تاريخ عريق تمتد الى اكثر من الف عام في المشرق العربي منذ الفتح السلجوقي التركماني للأناضول الذي سوف نتحدث عن تاريخهم وعاداتهم وتقاليدهم المشرفة.
حيث شاركوا في الفتوحات الاسلامية التي امتدت من سور الصين العظيم وصولا الى ابواب فيينا والبلقان ولكن هوس بعض الصحفيين والصحافة في كتابة المقالات وتصوير حلقات تلفزيونية ذات محتوى بعيد كل البعد عن الحقائق التاريخية والعرقية لبعض الاقليات وخاصة التركمان الذين يعيشون في الاردن وفي فلسطين لا تليق بهم وبتاريخهم المشرف، وهي إذ تتكرر وتعني ذلك وجود جهلاء من الاعلاميين في تلك المنابر الاعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة عند من يريد كتابة موضوع في ظاهرة معلومة وموجودة ، يعرفها كل الناس في سائر انحاء العالم: وهي وجود تجمعات بشرية تعيش حالة بداوة بدائية يطلق عليهم أسماء مختلفة: الغجر ، القرباط أو الغرباتي، النَوَرْ والحجيات، الصلب، الزط ، نخولي، جبسي، العبدال (أبتال).
ولا تخلو دولة على الكرة الارضية في دول العالم تجمعات بشرية تعيش بهذا الأسلوب في الحياة اليومية، حيث ولا يوصف هذا الأسلوب وطريقة العيش بالحسن ولا ينظر إليهم بالتقدير والاحترام من قبل المجتمع ككل ، حيث أن هناك فرقا شاسعا في الروايتين حول تعريف الغجر أو النَوَرْ بين ، رواية الغجري عن نفسه، ورواية الآخرين عن الغجري، وهذا يولد حالة من التناقض والتنافر بين الغجري وغيره من الاثنيات، وتؤسس لحالة رفض متبادلة، فالآخر لا يقبل الرواية الغجرية على افتراض أنها تعزز اندماج المنبوذ وهو هنا الغجري وتؤكد على شرعية وجوده كأقلية، بل وتضمن في حالات انتماءه للغالبية كما في وجود الغجر في المجتمع العربي من خلال ادعاء الغجر أواصر القربى والدم، إذ ليسوا -أي الغجر- إلا عربا أقحاحا من بني مرة، وهم بذلك جزء من النسيج الاجتماعي الأصيل المكون للمجتمع النابذ، بينما لا يقبل الغجري رواية الآخر الذي يؤكد أن هؤلاء ليسوا إلا قوما طارئين على المجتمع قادمين من الهند ، يمتلكون عادات وتقاليد تناقض عادات أماكن انتشارهم في المجتمع السائدة مثل عادات وتقاليد (العرب -التركمان -الكرد- الشركس والفرس وغيرهم) كذلك عادات المجتمعات الغربية مثل عادات وتقاليد (الروس- البلغار – ألمان- فرنسيين- إسبان-بوسنه والهرسك – ألبان وغيرهم)، حيث إنهم يمتهنون أعمالا دونية و منافية للأخلاق والدين والعرف والعادات والتقاليد، كذلك تكرس رواية الآخر الفكرة الإثنية السائدة حول الغجر، وأنهم ليسوا عربا، وبالتالي فهم ليسوا إلا أقلية، يجب أن تعامل وفقا للأنماط الاجتماعية التي تقررها الفئة الغالبة.
هنا لابد من تعريف الغجر، وتسمياتهم، حسب المؤرخين الأوربيين فمثلا يعرف”موريس“هذه الجماعة الإثنية بقوله(إنها فئة متمايزة من السكان تعيش في مجتمع أكبر ولها ثقافتها المتمايزة، وتشعر بذاتيها وترتبط معا إما بروابط السلالة الجينية أو الثقافة أو القومية). في حين يعرفها الباحث والمؤرخ ”شيرميرنورن“: بأنها مجموعة من الأفراد يعيشون في مجتمع أكبر، ولهم سلف مشترك وتاريخ ونظريات مشتركة ترتكز على واحد أو أكثر من العناصر الرمزية، مما يجعلهم يشعرون بالأهلية،ومن هذه العناصر أنماط القرابة والجوار والتماس الفيزيقي واللغة أو اللهجات المختلفة والقبلية والإنتماء القبلي أو تركيب من هذه العناصر.
أما الباحث ”بارث“ فيرى أن الجماعة الإثنية كجماعة سكانية يمكن تحديدها في ضوء الخصائص التالية: ذات وضع سلالي خاص مميز وتشترك في صفات وعناصر وأنماط حضارية ولديها بناء خاص من وسائل التواصل والتفاعل الداخلي بين أفرادها، كذلك بينها كجماعة وبين الجماعات الأخرى.
بناءا على ما سبق، تبدو الجماعة الإثنية كأقلية لها خصائص مميزة، سواء كانت عرقية أو ثقافية أو حضارية أو لغوية أو دينية أو حتى مهنية، أوهذه الخصائص مجتمعة، في ظل مجتمع غالب وأكبر ومغاير، مما يجعلها بالضرورة متمايزة ومتميزة، مشكلة نوعا من الثقافة الفرعية, وبتطبيق هذه الخصائص على الجماعة الغجر، نجد أنها تنطبق تماما عليها، فالغجر يمتلكون وضعا سلاليا متفردا، وسمات جينية مميزة لهم عن محيطهم العام، كذلك يمتلكون وسائل اتصال وتعبير داخلي إذ يمتلكون لغة منحوتة وإشارات خاصة بهم، كذلك ينتمون لنمط حضاري موحد، وسياق ثقافي مغاير، مع ما يلاحظ من تقاطعه أحيانا مع السياق الثقافي العام، وإن كان الغجر يتميزون بما قد نطلق عليه ”التكيف الديني“، فهم متأقلمون دينيا مع المجتمعات التي يتواجدون بها، مع وجود أقليات غير متدينة بينهم.
هنا نجد بأن هناك تعدد تسميات في حالة الغجر، ونجد التباين حول أصول تسمياتهم ، وذلك لأسباب عديدة منها عدم وجود مدنية غجرية مستقرة، مما يستلزم بالضرورة وجود المخطوطات التاريخية التي تنشأ في حالة كهذه، كذلك عدم وجود مؤرخين غجر، ولكن السبب الأهم يعود إلى تنوع مناطق انتشارهم واستيطانهم، واختلاف الثقافة والجغرافيا المحيطة بهم، واختلاف اتجاهات تفسير نشوئهم وتواجدهم وفقا للسياق الاجتماعي المحيط الغالب، لذلك نشأ ذلك التنوع في تسمياتهم كما يلاحظ، أضف إلى ذلك، يقدم الغجر فرضيات متضاربة حول جذورهم، فالغجري الأوروبي يقدم فرضية مغايرة لما يقدمه الغجري الإفريقي وكذلك الآسيوي وهلم جرا، فإن كان الغجر أنفسهم مختلفون حول جذور نشأتهم، فلا ضير في اختلاف الناس حولهم.
الغجر لهم أسماء عديدة حسب البلاد التي يقيمون فيها والتعريف والتسمية الأشهر لهم هي ”الغجر“، فاسمهم في سوريا “النَوَرْ”، وكذلك القرباط وهي تأتي من الكلمة العربية” غربة“ وهو الاسم الشامي الآخر للنور، ويطلق أيضا على الغجر في أفغانستان واليونان ولبنان وفي مصر “الغجر”، وفي بلاد فارس وتركستان” زنجاري” وفي ايطاليا “زنجاني”، وقد يبدو أن هذه المسميات ترجع إلى أصل واحد (زنكالي) يسمون به أنفسهم وهو لفظ هندي قديم ومعناه “سود الهند” أو السند. وقد ذكرها أستاذ اللغات” جوبسون“ في بحث خاص عن اللغات الهندية، وهذا يقودنا لدعم فرضية انحدار أصول الغجر من الهند، وأنهم الشعب الهندي الوحيد الذي غادر الهند هجرة إلى باقي مناطق العالم، مع الملاحظة أنهم يتواجدون الآن بكثافة في الهند.
هناك بعض النظريات تتحدث بأنهم من بدو من أواسط آسيا، وهذا لا يتعارض مع كونهم هنودا نازحين هاجروا من الهند الى أسيا الوسطى، وأن ثقافتهم تدل على إيمان مطلق بالحرية وهذا الإيمان سمة بدوية. في أصل لفظة الغجر وجذوره، هناك اتفاق بين المصادر العربية والفارسية وفيما بعد الغربية، أنهم أي الغجر شعب هندي، وأنهم هاجروا إلى أواسط وغرب آسيا لأسباب مجهولة تقدم عادة تفسيرات أسطورية، إلا أن الغجر كما أسلفنا يقدمون فرضيات تخالف السائد والمشهور عنهم. كما في المجتمع العربي في الأردن مثلا، يقول الغجر – النَوَرْ أنهم عرب أقحاح من بني مرة، وأنهم أبناء هذه المنطقة، وأنهم سموا بالنور لشدة جمال بناتهم، حتى قيل كأن النُور يخرج من وجوههن، فحرفت الكلمة فيما بعد إلى النَوَر. وكذلك في مصر يعبر الغجري عن كل ما هو مرتحل ومتنقل، التشرد والتيه والخداع، والنظرة السلبية لدى المجتمع المصري، حيث يرى المصريون أن الغجر شعب من أصل هندي، له ثقافته الخاصة، والتي تخالف السياق الاجتماعي المصري، بينما الكاولية ”غجر العراق“ في العراق فصورتهم لا تختلف كثيرا عن صورة الغجري في مصر، وكذلك الحال بالنسبة لـ”النور“ وهي الكلمة الشامية الدراجة في سوريا ولبنان لوصف الغجر.
هنا سوف نسرد بعض المعلومات التاريخية حول التركمان الأوغوز وتسميتهم وجذور إنتشارهم الجغرافية وتاريخهم الحافل بالبطولات والفتوحات الاسلامية وكذلك ذكر بعض من عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية المشرفة, نجد أن المجتمع التركماني في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن والدول العربية الأخرى (التركمان الغربيين) تربطهم علاقة وثيقة مع الشعب التركي والأذربيجاني والتركمانستاني أكثر من تركمان أفغانستان وباكستان وإيران وكازخستان وقيرقزستان واوزبكستان (تركمان الشرق) من حيث العادات والتقاليد الاجتماعية, وكذلك في روسيا في شمال القوقاز (ستافروبولسكي كراي -أسترخان) الذين يتحدثون اللغة التركمانية، والتي تصنف على أنها جزء من فرع الأوغوز الشرقية للغات التركية.
في أوائل العصور الوسطى، أطلق التركمان على أنفسهم اسم الأوغوز، وفي العصور الوسطى أخذوا الاسم العرقي – التركمان في البيزنطية، في المصادر الأوروبية، وبعد ذلك في التقليد الأمريكي، كان يُطلق على التركمان اسم التركمان، في بلدان الشرق الأدنى والأوسط – التركمان، وكذلك التركمان، تيريكيمي, في خاقانات الروس – توركمين؛ في دوقية موسكو – تورمان؛ وفي روسيا القيصرية – التركمان والتروكمان.
أستخدم تعبير التركمان مرادفا للغز او الاوغوز، ولعل هذا التعبير شاع وتعمم عندما بلغت لسلاجقة التركمان الأوائل مبلغ القوة والسيادة فالسلاجقة والخوارزميين وقرة قويونلويون والآق قويونلويون والعثمانيون والأفشاريون ينحدرون من القبائل التركمانية من القنق وبيغديلي وييفا وبايندر والقايي والأفشار على التوالي. حيث ورد أقدم ذكر للـ “تركمان” في كتاب (أحسن التقاسيم) للجغرافي العربي الكبير المقدسي البشارى (4هـ/10م) وذلك أثناء وصفه مدينتي (بروكت) و(بلاج) الواقعتين على نهر سيحون, فالتركمان هم شعب تركي يعيشون في تركيا وتركمانستان وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وجزء من الصين يعرف بتركستان الشرقية وجزء من أفغانستان وفي شمال شرق إيران وشمال العراق وفي مناطق مختلفة من سوريا ولبنان وفلسطين وليبيا والجزائر ومصر.
يَتكلّم التركمان اللغةَ التركمانيةَ بلهجاتها المختلفة في أماكن انتشارهم مثل اختلاف لهجة العربي السوري والعربي الجزائري والمصري والاردني كلها لغة عربية بلهجات مختلفة، وكذلك اختلاف بين لهجة التركماني العراقي والسوري والايراني والاوزبكي والكازاخي كلها لهجات من اللغة التركمانية التي هي لغة احد فروع مجموعة اللغات التركية المنبثقة من اللغات الألطية جنباً إلى جنب مع اللهجات التركية، الأذربيجانية، القاشقائية، الغاغوز وسالارية.
إن أجداد التركمان الموجودين في (تركيا، آذربيجان، ايران، العراق، سوريا ،فلسطين، لبنان، ليبيا، الجزائر، وتركمانستان) ينتسبون الى جدهم الأكبر الأوغوزخان وقد سموا بالتركمان في القرن الحادي عشر أي بعد قرنين من الزمن ، والاسمين – الترك والتركمان- لـ مسمى واحد .وقد تمت الاشارة الى فخوذ وشارات وعلامات فارقة لاربعة وعشرون فرعا من فروع الأوغوز في كتاب جامع التواريخ.
وكان تعبير التركمان قد استخدم تاريخيا كمرادف لتعبير “الغز- الأوغوز ” وهي قبائل سكنت خلال عهود أواسط آسيا، ولعل هذا التعبير شاع وتعمم عندما بلغت لسلاجقة الأوائل مبلغ القوة والسيادة. وردت لفظة التركمان في كتاب (تاريخ سيستان) لمؤلف مجهول من القرن الخامس, ويبدو أن هذا الكتاب ألف بأقلام ثلاث مؤلفين وفي ثلاث فترات, وأن كلمة التركمان لها علاقتها بدخول السلاجقة التركمان إلى منطقة سيستان وذلك عام 428هـ / 1026م.
وردت اللفظة في تاريخ أبن الفضل البهيقي (ت 470/ 1077) مع الإشارة إلى السلاجقة فيدعوهم المؤلف مرة بالتركمان وأحيانا فرق بينهم وبين السلاجقة, وكذلك يشير إليهم بالتركمان السلاجقة وفي مواضع أخرى يكتفي بالقول بالسلاجقة, ومن المحتمل أن المؤلف ميز مجموعة معينة من التركمان (الغز) قادهم من جماعات التركمان الآخرين الذين جاء قسم منهم قبل السلاجقة نحو جهة المغرب وآخرون تدفقوا نحو هذه البلاد بعد الحملات السلجوقية فيبدو أن هذا التعريف شاع بقيام السلاجقة الأوائل وأستخدم فيما بعد لدلالة على جميع قبائل الغز سواء كانوا أتباع السلاجقة أو غيرهم.
بعد إيجاز بلمحة قصيرة حول تسميات وجذور الغجر – النَوَرْ , وسرد بعض المعلومات التاريخية عن أصول وتعريف التركمان الأوغوز لا بد أن نتساءل هل هناك شخص واحد يعرف التاريخ القديم والحديث لا يعرف الفرق بين التركمان كعرق أصيل معروف ذات تاريخ حافل بالبطولات تمتد الى أكثر من الف عام في المشرق العربي ، وبين ظاهرة النور والغجر والقرباط والحجيات كلها تسميات ذات مدلولات واحده عرقيا واثنيا وثقافيا؟ فهل هناك تلازم بين التركمان كعرق أصيل من شجرة جدهم الكبير أوغوزخان وظاهرة النَوَرْ والغجر الذين لاتعرف عن شجرتهم العرقية سوى انهم قدموا من الهند وانتشروا في اوروبا الشرقية وبعض البلدان العربية تحت مسميات الغجر والنور والحجيات والعبدال والقرباط وغيروا ؟
طبعا ننصح هؤلاء الصحفيون الجهلاء في التاريخ وفي علم الأعراق الأثنولوجيا التي هي فرع من الأنثروبولوجيا الباحث في أصول الشعوب المختلفة وخصائصها وتوزّعها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويدرس ثقافاتها دراسةً تحليلية وأن يفتحون كتب التاريخ لقراءة الحقائق عن التركمان السلاجقة والتركمان العثمانيين الذين ينحدرون من شجرة الأوغوزخان وأحفاده الذين فتحوا العالم واسلم على ايدهم الكثير من الكفار في تلك الفتوحات ليعلموا أن التركمان هم أفراد العرق التركي الذين تناسلوا من سلالة جدهم الأسطوري أوغوز خان بأحفاده 24 حفيد، وهم أصل الترك ويتواجدون في تركمانستان وتركية وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرقزستان وأفغانستان وإيران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وليبيا والجزائر ومصر.
قبل الدخول لتفاصيل حول موضوع الفرق بين القومية التركمانية العريقة وبين الغجر أو النَّوَر نتحدث عن تاريخ وعادات هذين القوميتين المختلفين كليا عن بعضهما البعض… تفصيل التفريق بين التركمان و النَّوَر والغجر ـ وبين ما وصفا بوجهين لمعاناة واحدة في التقارير الصحفية والبرامج التلفزيونية الاردينة ـ لا بد من القول بجزم وحزم: إن النور والغجر اسم لحالة لاسلوب معيشة ليس لهم شجرة عرق معروفة سوى بانهم قدموا من الهند وانتشروا في العالم وتحدثوا بلغات دول انتشارهم ، وهذا ليس بعرق أبدا ، فالعرق هو مفهوم يستخدم في تصنيف البشر إلى مجموعات، تدعى أعراق أومجموعات عرقية، استنادا إلى تركيبات من الصفات البدنية المشتركة، السلف، وعلم الوراثة، والصفات الاجتماعية أو الثقافية.
على الرغم من أن هذه التجمعات تفتقر إلى أساس متين في البيولوجيا الحديثة.استخدم لأول مرة للإشارة إلى المتكلمين بلغة مشتركة ومن ثم للدلالة على الانتماءات أمة والنور والغجر ليست لديهم لغة مشتركة غير ان لهم لهجة ممزوجة بلهجات بلدان اقامتهم. ولطالما دل مفهوم العرق على تقسيم البشرية إلى مجموعات معدودة على أساس معايير.
النَّوَر أو الغَجَر لا يخفى على أي ناطق بالعربية بأن للأسمين العربيين المذكورين دلائلَ سلبية مثل التسوّل والهمجية والطبع الحادّ, وفي الواقع، “النَّوَر”لفظة دخيلةٌ في اللغة العربية وأصلها من الفارسية “نورده” ومعناها “الرحّالة”، وهناك من يزعم أن “النَّوَر” مشتق من “النور” لأنهم مُثّلوا بالشمس، وتأثيل كهذا ليس بعيدا عن الأقوال الاعتباطية. إلا أنها اكتسبت مدلولا سلبيا في اللهجات العربية المختلفة, والنَّوَر منذ البدء خليط من فئات عرقية مختلفة تجمّعت عند الهجرة الأولى من الهند, وتختلف الآراء بشأن تاريخ هجرة الغجر وأصلهم، إلا أن بعض المؤرخين أوضحوا بأن تكوّن النَّوَرُ وتبلوروهم كانت خارج الهند ولا توجد مجموعة غجرية حقيقية. هناك ثمة أسماء ونعوت أخرى “للغجر -النّور ” في التراث العربي مثل: زنوج الهند، الدوم، الزط، الصلبي، المطاربة، أولاد الطرقات، السبابجة، أبناء الرياح، شهود الزمان، الشعب المختار، الغجار، أولاد قابيل ابن آدم، القرباط ، الحجيات, العبدال أو أبتال.
تاريخ الغجر او النَّوَر وسبب انتشارهم في العالم يعتقد بعض المؤرخين أن الغجر في اوائل القرن الخامس عشر .. حصل جفاف طويل المدة في منطقة البنجاب في وسط اسيا ( بين الهند وباكستان حالياً ) .. فهاجر أهل تلك المناطق بعد أن أصبحت صحراء.. وتوجهوا غرباً بحثاً عن المراعي والاراضي الصالحة للزراعة ومن ثم انتشروا في أوروبا الغربية وكان لهم تجمعات في اسبانيا وفرنسا ( وأشهر أنواع السكاير في فرنسا تحمل اسمهم – جيتان ) اختلطت لغاتهم ولهجاتهم مع الأوساط التي عاشوا بها ولكنهم احتفظوا ببعض المفردات من اللغات الأوردية والفارسية والكردية و(الآرامية).
كان أول اتجاه فروا به إلى بلاد فارس وفي بلاد فارس نشأت منهم قبيلة غجرية كبيرة هي (اللور أو اللُّر) ولا تزال حتى يومنا هذا في إيران مقاطعة واسعة تسمى (لورستان) يقطن فيها بعض القبائل الرحل من نمط الغجر, وقد هاجروا من أراضيهم (في الهند وإيران) في نحو القرن الرابع الميلادي، وفي آسيا الصغرى وصل الغجر إلى أرمينيا وأقاموا حول أرارات ومن أرمينيا هاجروا نحو الأناضول وفي نهاية القرن التاسع الميلادي وجد الغجر عند أطراف الإمبراطورية البيزنطية ثم اتجهوا نحو بحر إيجة وفي أواسط القرن الخامس عشر وصلوا إلى مناطق المجر وصربيا وباقي بلاد البلقان الأخرى.
عند تخوم أوربا انقسموا إلى مجاميع مختلفة بعضها توجهت نحو جنوب اليونان في جزيرة بيلون وأسموها (مصر الصغرى) وأقاموا فيها ثلاثة قرون ثم استمرت الهجرة إلى أوربا, في القرن الرابع عشر التقوا في مملكة دوزان (عام 1343) القيصرية ووقفوا في عهد ازدهار الإمبراطورية الصربية أمام الفتح العثماني وبعد حين ظهروا في الأراضي الرومانية ثم في بلاد بوهيميا وخلال القرن الخامس عشر غطوا أراضي ألمانيا وإنجلترا وأسبانيا وهناك مجموعة أخرى اتجهت نحو روسيا, ثم بعد ذلك انتشروا في بولندا، واستمر انتشارهم إلى أن بلغوا السويد وإنجلترا في القرن السادس عشر الميلادي، كما استوطنوا في إسبانيا بأعداد كبيرة.
في كتاب “تاريخ الغجر“ لمؤلفتان الروسيتان ايلينا ماروشياكوفا وفاسلين بوبوف حول الغجر او النَّوَر او الزط او المطاربة؟ تقول المؤلفتان كنا نبحث في المعاجم عن كلمة “غجر” فلم نجد لها مكانا يذكر اذا تفرقت مثل تفرق أصحابها فهم عابرون في المكان والتاريخ وان الغجر شعب واحدا تفرق وتشتت في اصقاع الارض وهو افتراض قد لا يكون صحيحا بالضرورة وحسب الكتاب نجد تعدد مسميات اصحابها فهم الدوم والزط والسابجة والقرياط والكاولية والنَّوَر والصلبي… وتلك حال قوم يعيشون في اماكن متعددة ومتلونة ويمتهنون مهنا حرفية عديدة.
تفتقر الغجر أو النَّوَر الأن ، إلى لغة مكتوبة مشتركة للجميع تنمّ لهجاتُهم عن ترحالهم وأصلهم الهندي على حدٍّ سواء, وقد أدّت مخالطة الشعوب والأمم الأخرى إلى اقتراض مفردات جمّة من لغاتهم، السلاڤية، الفارسية، الأرمنية، اليونانية، الألمانية، الفرنسية والأسبانية فلغتهم فهي لغة الشعوب التي يعيشون بجانبها أو بالقرب منها.. ففي بلاد العرب عرفت لغتهم بالعصفورية والدومارية وهي لغة شفهية غير مكتوبة وتبدو كأنها خليط من الفارسية والتركية والهندية والعربية… وهي لغة شبه مندثرة لتفرق اهلها في هذه البلاد, أما في البلدان الأخرى فنجد ان بعض الباحثين ومنهم من خطتا هذا الكتاب (ايلينا وفاسلين) يقولون ان لغات الغجر انقسمت الى فرعين هما.. متحدثون باللهجة.. بن وهم من مجموعة “الروم” ومتحدثون باللهجة.. فن وهم مجموعة “اللوم” ومعهم ايضا “الروم.”
حسب المؤلفتان الروسيتان (ايلينا ماروشياكوفا وفاسلين بوبوف )“ يعود الوجود الروماني متمثلا في البلقان كعنصر من الجزء الاوروبي للإمبراطورية العثمانية والى قرون مضت ولم يكن مصادفة ان يطلق على هذا الاقليم غالبا الموطن الثاني للغجر.
ويؤكد المؤرّخون والخبراء بشؤون الغجر أن إقليم البلقان هو الموطن الثاني للغجر ويُرتّبون ويُصنّفون اللهجة الرومانية – لغة الغجر– على أنها لغة هندية، وهذا التأكيد على الدور المهم الذي لعبته أرض البلقان في تشكيل ثقافة ولغة الغجر ليس مجرد تعبير متفق عليه فقط، وإنما هو تعبير مبني على بحث علمي جاد خلال رحلتهم من أقصى الهند إلى وسط وغرب أوروبا.
استقرّ الغجر النَّوَر الرومانيون في شبه جزيرة البلقان لقرون عديدة فيما بين القرنين التاسع إلى الحادي عشر الميلادي، وحيث أنهم بدأوا دخول غرب أوروبا خلال القرن الخامس عشر فقط، فلابد أنهم عاشوا في إقليم البلقان مدة خمسة قرون على الأقل، وكان لذلك تأثير واضح على تطور الخصائص الرئيسة للغجر كجماعة بشرية وعلى ثقافاتهم، بما في ذلك اللغة بالإضافة إلى أن أعداداً كبيرة من الغجر قد بقيت في البلقان مقيمين فوق أرض الإمبراطورية العثمانية وولاياتها خاصة عند مراكز نهر الدانوب لمولدافيا وفالاتشيا، وبالتالي في الولايات التي أُقيمت داخل حدود الإمبراطورية السابقة للدولة العثمانية وهي ولايات ظلّت على ارتباط بتلك الإمبراطورية.
أمّا في العصور الحديثة فقد هاجرت أعداد كبيرة منهم عبر العالم بما في ذلك ما يطلق عليه الغزو الكبير لطارقي النحاس (الكالديراري) خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، مشكلة موجات الهجرة من يوغوسلافيا السابقة في ستينات القرن العشرين حتى ثمانيناته، كالهجرة إلى رومانيا التي أعقبت تغيرات عام 1989م في أوروبا الشرقية وتلك التي يمثّلها اللاجئون في البوسنة وكوسوفو، وقد حملوا معهم آثاراً ملحوظة للتلاقح الثقافي واللغوي مع الشعوب الأخرى التي سيطرت على إقليم البلقان.
ويعود أول ذكر للغجر في وثائق الضرائب للإمبراطورية العثمانية عام 1430م، وهو موجود في سجل التيمارز مسجل به 431 أسرة غجرية يمثلون 3.5% من جملة المُسجّلين بوجه عام، وتفيد وثائق محفوظة أن الغجر المسلمين قد مُنعوا من الاختلاط بالغجر المسيحيين، وكان عليهم أن يدفعوا ضريبة أعلى لو وقعوا في ذلك، إذ على المسلم أن يعيش فقط بين المسلمين، وإذا خالف فعليه أن يدفع ضريبة الرأس بنفس القيمة الضريبية المفروضة عليهم، والقراران متعارضان فالممارسات المعتادة على أيه حال، أن يقوم المسيحيون بسداد ضريبة أكبر من المسلمين.
واستمر استخدام الغجر في الجيش العثماني حتى نهاية القرن الثامن عشر، إذ يذكر راهب صربي في تقاريره السرية التي كان يرسلها للجيش النمساوي عام 1737م أن دفاع مدينة كوسوفو قد تُرك بأيدي الغجر، في حين قام الغجر بأداء دور في الدفاع عن كوسوفو ضد الغزاة النمساويين عام 1788م مرة أخرى، وقد عمل الغجر في ظل العثمانيين في العديد من المهن ,حيث اشتهر الغجر بإحياء الحفلات الموسيقية التي كانت تقام في قصور كبار الإقطاعيين منذ مطلع القرن الـ17، أثناء غزوات القبائل التركمانية المتجهة نحو جبهات القتال، كانت تستخدم طبول وموسيقى الغجر او العبدال في مراكز تجمع المتطوعين لتحريك روح الحماس في روح المقاتلين الجنود ، خاصة في حروب الامبراطورية العثمانية في البلقان مطلع القرن الـ 19 ميلاديًا مازالت هذه العادة تمارس في تركيا عند ذهاب الشباب لخدمة العسكرية.
يذكر الاستاذ الدكتور على الجباوي في كتاب عشائر النور في بلاد الشام صفات التي يتميز بها الغجر أو النَّوَر أو الكواولة أو الكاولية وعاداتهم، وإن مصدر رزقهم التسول والرقص والغناء، وإن الغجر لم يسهموا في نهضة دول ومناطق تواجدهم بل كانوا سببا في إثارة الاضطرابات في بعض الدول التي عاشوا فيها. وينقسم المجتمع النوري أو الغجري في الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان إلى جماعات مهنية متعددة مثل القرباط وهم رؤوس النَّوَر ، جاءت تسميتهم من جبال الكاربات في أوروبا وهم يمارسون التسول وبعضهم يمارس صناعة الغرابيل حيث يحافظون على لغتهم الأم «لغة العصفورة» أو لغة «الضوم واري». ويتميزون بالقسوة ولا يتزاوجون من العشائر النورية أو الغجرية الأخرى وعشائر النور تتفرع إلى عشائر مهنية، لا عرقية دموية عصبية، مثل الطبالة والرياس والطنجرلية والسعّادين ومروضي القردة والدببة والسعادين والبهلوانيين والحدادين والصباغ وتجار الخيول والحمير الهزيلة، ونور تلبيس الأسنان بالذهب والمبيضين وأصحاب القدور «الحجيات» والشعّار أو القواصيد.
تشيع بين النَّور أو الغجر في الأردن وفلسطين وسوريا بعض المفارقات الكبيرة ,حيث أن هناك الكثيرون من النّور ينزعجون حين تصفهم بالغجر، حيث يؤكد المثقفون النّور بأن هناك فرقاً شاسعاً بين ”الغجر” و”النَوَر”، فالفرق بين ”النَوري” و”الغجري” يوضحه أحد مثقفي النّور الذي يعيش على أطراف حارة ”النَوَر” في شمال قطاع غزة، بأن عائلته الكبيرة معظمهم متعلمون ومثقفون يقول بأن الفرق هو أن”الغجر” سمعتهم سيئة في المجتمع في كافة النواحي أطفالهم لايتعلمون في المدارس وهم في حالة تشتت وتسكع في الشوراع ويقال عنهم بإنهم قطاع طرق وحرامية يمتهنون السرقة وتجار مخدرات وغيرو من التصرفات التي لا تليق بالمجتمع التي ينظر اليهم نظرة ازدراء، ولكنه في الوقت ذاته، ان النَوري لا يخجل من أصله بل يفتخر به، وهناك الكثيرون منهم يرفضون بعضًا من عاداتهم وتقاليدهم، مثل أن تعمل المرأة في التسول والرقص والغناء في الحفلات.
و هناك شائعة تشيع بين النَّور ان سبب تنقلاتهم فهم يعتقدون أن أصولهم تعود إلى بنى مرة وأنهم عرب أصليون وينكرون أصلهم الهندي استنادا إلى «حرب البسوس» وسيرة الزير سالم، الذي انتقم من بنى مرة وأمر بتشتيتهم في الأرض وحكم عليهم ألا يركبوا الخيل وأن لا يذوقوا طعم الراحة والأمن والاستقرار فهربوا ناجين بأرواحهم وهاموا في صحارى الجزيرة العربية. أما حقيقة مزاعم بعض النور إلى كونهم عربا فيعزوها الباحث إلى نصوص المعاهدة التي وقعها القائد العربي محمد بن قاسم الثقفي عام 638 أيام الخليفة عمر بن الخطاب مع الاساورة الذين دخلوا بمقتضاها الإسلام ووافقوا على محاربة العجم والدخول في خدمة العرب وحذا حذوهم قبيلتا السيابجة والزط اللتان انضمتا إلى قبيلتي بني تميم وبني مرة العربيتين حسب كتاب عشائر النّور في بلاد الشّام للبرفسور الدكتور علي الجباوي.
تبنّى الغجر دين المناطق التي سكنوا فيها فغجر البلقان هم في معظمهم من المسيحيين منهم من يتبع المذهب الأرثوذكسي كما في روسيا والجبل الأسود وصربيا، بالإضافة للغجر الذين يقطنون في أوروبا الغربية فديانتهم هي الرومانية الكاثوليكية, أما الذين سكنوا تركيا فدخلوا في الدين الإسلامي. ويعتنق الغجر في الوطن العربي وإيران الإسلام ويؤدون الشعائر الدينية ويحتكمون للشرع الإسلامي وهذا ما يمكن التماسه من خلال شؤون حياتهم الاجتماعية، كالزواج والطلاق، إلا أن غجر “الرياس” أقل التزاماً من غجر “القرباط” في تأدية فرائض الدين الإسلامي لمزاولة معظمهم الغناء والرقص، وهذه الفئة، أساءت لهم كثيراً “لأن الناس أصبحوا ينظرون إليهم من خلال هذه الفئة التي تقوم بأعمال مسيئة لأنها لا تجيد سوى مهنة الاحتفالات حيث الرجال يعزفون والنساء مخصصات للرقص والغناء.”
أن نساء النَّوَرريات موشومات غالبا، يمارسن التسول والبصارة وقراءة الفأل، وعليهن يقع العبء الاقتصادي. الزواج عند النَّوَر داخلي، فالزواج المختلط عار عندهم، ويتم باكرا، و النَّوَر شعب مكثار «ولود»، معروف بتعدد الزوجات، وبتفضيل الزواج بين أبناء العمومة، وبشيوع زواج البدل، «الداقيش» (حيث تكون العروس مهرا للعروس الثانية والعكس بالعكس) ومعروف بندرة حالات الطلاق، وكثرة حالات الخطف الذي ينتهي بالتراضي، بدفع ضعف المهر كما عند النور المطاربة.
من جهة أخرى على عكس المرأة الغجرية النورية نجد أن للمرأة التركمانية الاصيلة دورها في الحياة الاجتماعية في أماكن انتشارهم في سوريا والعراق والاردن وفلسطين ولبنان وغيرها من البلدان وأن هناك الكثير من الرحالة والمستشرقين الذين جاءوا إلى الشرقين الاوسط والادنى وكتبوا بصدد شعوبها وخاصة في العصور التي تلت سقوط الدّولة العثمانية، لفت أنظارهم إلى الدور الرئيسي والحيوي الذي تضطلع به المرأة التركمانية في مجتمعها. حيث أنها تتمتع بقدر كبير من حرية الحركة والتعبير والمظهر، خصوصًا إذا قارناها بمثيلاتها من المجتمعات الشرقية التي تعيش الى جانب المجتمع التركماني فهي القدوة والمثال في العمل والنّظافة وتربية الأطفال والوقوف عند مشاكل شعوبها وحتى من الشّعوب الجارة الأخرى سواء العائلية أو الاقتصادية وحتى مشاكلها مع الدّولة وقابيلة حلّها دون ملل.
بالإضافة إلى ذلك كانت المرأة التركمانية في كافة العصور تجلس الى جانب الرجال وتشارك معها بصورة طبيعية في النقاشات الجارية وتعرب عن آرائها بكل حرية وأمان وتمارس صلاحياتها بكل اقتدار وكذلك كانت تجلس في المجالس الادبية والعلمية التي كانت تقرأ فيها القصائد الشعرية أو تناقش فيها مختلف الامور. مساحة الحرية المكفولة للمرأة التركمانية تتسع دائرتها في بعض المناطق أكثر حين تظهر بعض الممارسات والاعراف الاجتماعية المتبعة في مناطق عديدة من مناطق انتشار التركمان. وهذا القدر من الحرية والاخلاص، تؤكدان على الاصالة لدور المرأة التركمانية وأن لهذه الاصالة جذورًا تاريخية موغلة في القدم الى حقب زمنية، وهو الذي يفسر عدم مقدرة الطّغاة ” بالرغم من تأثيرهم القوي جدًا على المجتمع التركماني” على طمسه أو لجمه تمامًا.
والمرأة التّركمانية هي المرأة الوقورة النّزيهة العفيفة التي لا تعرف الخيانة ولا الكذب ولا الغش ولا الخداع ولا الظّلم، ولن نرى امرأة تركمانية في أماكن الفساد فهي تحتفظ بشرفها وعفّتها خوفًا من الله تعالى أو طمعًا لكسب رضا لله تعالى. وهي تعمل على فطرتها السّليمة التي وهبتها الله لها، ونحن كذلك لم نجد امرأة تركمانية خانت زوجها، ولم نجد امرأة تركمانية طلبت الطّلاق من زوجها، الاّ ماندر وهذا شيء طبيعي، والسبب لأنها مخلصة لبيتها ولأولادها ولزوجها وتفدي نفسها ومالها من أجل إسعاد أسرتها. وبسبب خوفها من الله تعالى وإلتزامها لأوامره .فهي تريد أن تكون المثل الأعلى والأسوة الحسنة من بين قريناتها. وهي تعرف مسؤوليتها أمام أُسرتها وشعبها حسب قوانين الله تعالى فهي مسؤولة عن رعيتها، وهي بعملها هذه أصبحت مميزة في المجتمعات المختلفة وعند الشّعب العراقي والأمة الإسلامية، هذهِ هي مزايا المرأة التركمانية وسبب أصالتها.
تميّز المرأة التركمانية عن باقي القوميات بميزة تستحق كل التّقدير والاحترام، بالإضافة إلى أنّها مرتبطة بعائلتها وزوجها وأطفالها ارتباطًا وثيقًا وبصلة رحم قوي، فهي أيضًا تصبر ولا تشكو مهما قاست من شظف العيش ومهما كانت مصائبها كبيرة وترضى على اقدارها عند المصائب ولا تعصي الله أبدًا. وعند وفاة زوجها لا تتزوج أبدًا بالرّغم من كون زواجها في الإسلام حلالاً، وفاءً لزوجها وخاصة إذا كانت لها الأطفال فهي تفكر فقط في تربية أولادها وسعادتهم أكثر من سعادة نفسها فلا تهمها المغريات الدّنيوية.
وهي تعرف جيّدًا كيف تكرم الضّيوف وتستقبلهم بأحسن استقبال وتعرف كيف تقدم لهم أفضل الأكلات فهي مرتبطة بعادات الإسلام في استقبال ضيوفها أو ضيوف رجلها فإذا كانوا رجال وليسوا من قرابة الدّرجة الثانية فهي تقوم بخدمتهم فتحضر الطّعام والشّاي وتقدمها من وراء حجاب أو ترسلها مع الأطفال إلى الضّيف، أما إذا كانوا أقرباء من الدّرجة الأولى فيتجالسون ويتصاحبون ويتسامرون معًا. أمّا في القرى فتختلف الأمور فصاحبة البيت تخرج لترحاب واستقبال ضيوفها بزيّها القروي والتي تلائم المرأة المسلمة.
الظروف الاجتماعية والجغرافية تؤثر تأثيرا مباشرا على العادات الاجتماعية للمجتمع لذلك ماذا يتوقّع لشعب الغجر أو النور متشرد لا وطنَ له ولا لغة مشتركة، قتل النازيون الأوربيون منهم أكثر من مائتي ألف شخص في العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين وإن عدمَ رغبة النَّوَر في انتهاج أسلوب السكن الدائم أدّت إلى ممارسات تعسفية ضدهم في أماكن انتشارهم, ففي بعض الأقطار الأوروبية أصبحوا عبيداً وذاقوا الأمرين من ألمانيا النازية. ما زال الروما أكثرَ الشعوب تعرّضاً للظلم والاضطهاد في أوروبا عامة وبعد انهيار الشيوعية خاصة أما في منطقة الشرق الأوسط فالسرّ مفضوح على مصراعيه للداني والقاصي على حدّ سواء.
في فلسطين يطلق على هذه الجماعات اسم « النَّوَر» ويعيشون هناك منذ ما يزيد على أكثر من مائة عام وأن الكثير منهم انخرطوا في المجتمع الفلسطينى حيث تخلى بعض ابناء الغجر عن العمل في الموسيقى والرقص، بعد أن ارتبط قدر الغجر بحياة الفلسطينيين أنفسهم وتشربوا معهم معاناتهم. ووفقا لدراسة «النَّوَر»، فان الغجر في فلسطين أبناءهم يتسولون في الشوارع وتدخن نساؤها السجائر في بيوتهم الفقيرة، ويحول الفقر دون تعليم أبنائهم إلا عدد قليل يجتمعون في مراحل جامعية ويعملون في التدريس كما أصبح بعضهم.
وفى سوريا يشكل الغجر أو القرباط أو العبدال (أبتال) مجموعة بشرية متحابة يتوزعون في المحافظات الداخلية السورية والحدود اللبنانية السورية ويسمون بـ «القرباط – الغرباتي » وتعني الغرباء أو« النَّوَر بسبب كثرة ملابسهم الملونة »، ويطلق عليهم في الساحل السورى «المطاربة» كذلك يطلق عليهم الغوازي والحجيات ومن المدن التي ينتشرون فيها دير الزور وحمص وحماة وحلب إلا أن عددهم يزداد بشكل ملحوظ في باديتى حمص وحماة، وتحديدا في جورة العرايس ينتشرون بكثرة ولهم أيضا تواجد ضخم في منطقة تدمر الأثرية ,وفي ريف حلب الشمالي في مناطق إنتشار التركمان الاغوز يطلق عليهم العبدال أو أبتال لايختلفون عن النور والغجر في العادات والتقاليد وطريقة العيش في الخيم الى يومنا هذا ولكنهم يتكلمون اللغة التركية بحكم انتشارهم بين القرى والبلدات التركمانية ولكنهم يختلفون اختلافا كليا عنهم فهم شعب مغلق اجتماعيا ومذهبيا وفي أسلوب حياتهم وطريقة عيشهم في الخيم فهم أصحاب الطبل والزمر والغناء في الاعراس والحفلات التركمانية, البرفسور فاروق سومر في كتابه الأوغوز (التركمان) تاريخهم، تنظيمات عشائرهم وأساطيرهم يروي قصة هجرتهم الأتراك الأوغوز (التركمان) من وسط آسيا (تركستان) إلى الأناضول وآذربيجان والمنطقة العربية بشكلٍ عام، ويبين قبائل وأماكن إستيطانها غير ناسياً أصغر القرى التي استوطنوا بها، فضلاً عن تاريخ كل عشيرة منهم بشكلٍ مفصّل وعاداتهم وتقاليدهم وتنظيماتهم القبلية ، ووفقًا لبعض الرويات المتدوالة حسب الموروث الشعبي التركماني، بأن 80 ألف خيمة من قبائل (بكدلي أو بي ديلي ) التركمانية بقيادة القائد التركماني فيرز بي ومعهم 4 آلاف خيمة من العبدال أو (أبتال) الذين كانوا يمارسون مهنة دق الطبول والزمر والغناء في الأعراس حيث هاجروا من أسيا الوسطى ومن خراسان وأستوطنوا في منطقة يوزغات في الأناضول ومن ثم الى منطقة جولاب في الرقة السورية ومنها انتشروا في شرق المتوسط لبنان وفلسطين والاردن.
والنوَر في لبنان غالبيتهم تنتمي الى النوَر “الخضر” الذين وفدوا الى لبنان في مطلع هذا القرن، بعد ان ضربوا اطنابهم ردحا من الزمن على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، وهم يتحدثون بلغة “الرومللي” الى جانب اللغة المحلية المكتسبة ولا يدينون بديانة معينة وان تكيّف البعض منهم مع ديانة الغالبية في البلد المضيف, تتشكل قبائل النور في لبنان من مجموعة عشائر وافخاذ وبطون، وليس ثمة فرق كبير بين الواحدة والاخرى من حيث التركيبة والنظام الداخلي، فلكل قبيلة شيخها او زعيمها او رئيسها.
في الاردن الذين يسكنون اطراف ضواحي العاصمة عمان والمدن الأخرى فتختلف طبيعة عملهم حسب مكان اقامتهم. وهناك بعض الغجر المقيمون في الغور و اربد و مادبا يعملون في الزراعة. اما الغجر الساكنون في العاصمة عمان يعملون كباعة متجولين ومتسولون على اشارات المرور في الشوارع الرئيسية بين المدن, أهم الجماعات النورية الغجرية في الأردن وهي النور المطاربة والرياس وهم أهل طبل وزمر مواسمهم مناسبات المجتمع من أعراس وطهور وغيرها ونّور الحجيات ومورد هذه الجماعة من رقص وغناء نسائها في حفلات خاصة لاتخلوا من شرب الخمور وغيرها مع ضيوفهم ضمن خيمهم على الطرقات الرئيسية بين المدن الكبرى لقاء مبالغ مالية.
و يشتهر بعض الغجر بشكل كبير في الاردن وسوريا بتصليح الاسنان حيث كان من الشائع في العقود الماضية ان ترى خلال تجوالك في مدينة عمان احد الغجر يسير و بيده شنطة تحتوي على معدات الاسنان، كما اشتهروا ايضا بتركيب الاسنان الذهبية؛ لكن اليوم لم يعد هناك الكثير منهم و ربما انهم لم يعودوا يمارسون هذه المهنة, وهناك الكثير من الغجر رحلوا من الخيام الى مساكن و انخرطوا بالمجتمع الاردني والعديد منهم اكملوا تعليمهم و يعملون بعدة مجالات.
الغجر في الاردن يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة و يحملون الجنسية الاردنية، على عكس بعض الدول التي لا تسمح لهم بالانخراط في مجتمعاتهم. يسكن الغجر في الغالب بجوار المدن، لأن عدد السكان يكون أكثر مما يدر عليهم ربحًا أكبر خاصة لمن يمتهن التسول في الشوارع وأمام المساجد ودور العبادة وفى الساحات.
وفي المملكة العربية السعودية بمنطقة حائل، يعيشون تحت اسم البدو، وهى جماعات تحمل نفس السمات العامة للغجر في التحرر تمامًا من قيود الدين والعادات والتقاليد والتفرد بسلوك اجتماعي مخالف تمامًا لما هو سائد وأحيانا يخالف الفطرة السلمية. وفي منطقة الحائل يتميز الغجر بالبشرة البيضاء والعيون الملونة والقذارة الشديدة للأطفال، ويشيع بينهم الزواج المبكر في مرحلة الطفولة، والغجر في منطقة حائل مسلمون بالاسم فقط.
كذا يشكل الغجر في العراق اقلية عرقية ينتشرون في جماعات صغيرة في العراق ويسكنون في مجتمعات فردية منعزلة عن أطراف المدن، وتوجد مجتمعاتهم في بغداد ابى غريب والكمالية والبصيرة وشارع بشار وحى الطرب على طريق الزيرو الموصل وهجيج والسحاجى، إضافة إلى بعض القرى في سهول جنوب العراق كالديوانية وقرية الغوارة والمتنى والغجر والناصرية وعفك.
أما الغجر النَّوَر في مصر وحول أسطورة الترحال فرضت الحياة في مصر على الغجر العزلة والترحال، ويرجع ذلك إلى نظرة المجتمع إليهم، لذلك يعيشون دائماً في مجموعات صغيرة على أطراف المدن والقرى، ويتنقلون من مكانٍ إلى آخر، بحثاً عن فرص العمل أو هرباً من شيء ما. تقول أساطير تاريخهم إن حكام البلاد في الوقت الذي دخل الغجر فيه إلى مصر، كانوا يفرضون نوعاً من الضريبة عليهم اسمها “ضريبة الرؤوس”. وللهرب من دفع هذه الضريبة، كان الغجر يعيشون على أطراف المدن والقرى ويتنقلون بينها حتى لا يقعوا في أيدي رجال السلطة.
وبحسب الأستاذ المساعد للأدب الشعبي في جامعة القاهرة د. خالد أبو الليل، فإن الغجر في مصر ينتمون إلى مجموعة “الدومر”، إحدى المجموعتين الأساسيتين اللتين تشكلان مجتمعات الغجر على مستوى العالم، والثانية هي “الرومن”, في مصر، ينقسم غجر “الدومر” إلى مجموعات عرقية أخرى هي “النَور” أو “الحلب” أو “المساليب”، وجميعها مفردات تشير إلى جماعة إثنية تتبع نسقاً من العادات والتقاليد تجعلها أشبه بمنظومة مرتبطة فيما بينها وبين أي جماعة غجرية في الوطن العربي وأفريقيا، بالإضافة إلى اللغة الخاصة بهم, أن “جزءاً كبيراً من الأغاني الشعبية الموروثة يعود الفضل في حفظها إلى الغجر وخاصة النساء، حيث كن يذهبن إلى الفلاحين في الأراضى الزراعية للغناء لهم مقابل القليل من المال”, كما كن نساء الغجر يحترفن الرقص في الأفراح والليالي الشعبية، لذلك أطلق المصريون على الراقصات الغجريات اسم “الغوازي.”
نجد أن الغجر أو النَّوَر ارتبط اسمهم بالكثير من الصور النمطية ولا يزال، حتى في دوائر المثقفين في الشرق كما في الغرب تُحاك حولهم أساطير يرى فيها البعض “نوعاً من الإثارة” قد تنفع لكتابة كلمات أغنية أو تصميم رقصة أو نسج سيناريو قصة مثيرة لعرّافة أمام كرة من الزجاج في مكان ما, هذا الوصم الظالم ليس مُريحاً لهم ,هذه المجموعة المنبوذة عبر التاريخ، تتحمل إلى اليوم أبشع أنواع التمييز بل التحقير والكثير من الاتهامات التي اختزلتهم في قارئي طالع، ممتهني دعارة، وسبب مباشر في صلب المسيح، وغيرها من الإسقاطات الظالمة. وأكثر ما يوصم به الغجر: مسؤوليتهم عن صلب المسيح إذ تقول الأساطير إنه حين قُرر صلبه أُرسل جنديان لإحضار 4 مسامير، لكن الحدادين رفضوا صنعها حين عرفوا أنها ستستخدم لصلب المسيح, قتل الجنديان حداداً يهودياً وأخر عربياً ، ثم قابلا حداداً غجرياً، فصنع 3 مسامير وحين شرع بصناعة الرابع، سمع من أحدهم قبل وفاته يحذره من صنع مسمار رابع، لكن الغجري صمم على صنعه فتحول المسمار إلى نور قوي، تركه الغجري فزعاً وحمل خيمته وهرب، وبقي مشتتاً أبد الدهر، وجميع ذريته إلى اليوم دون موطن.هكذا تقول الأسطورة، وهي واحدة من أساطير كثيرة عن الغجر.
من عادات العائلية والزواج لدى الغجر النَّوَر أن أبناء الغجر لا يتزوجون من خارج دوائرهم، إذ يمثل زواج الأقارب لديهم قاعدةً صارمةً لا يمكن تجاوزها. ورغم اقتراب الغجر من واقع الحياة في المجتمعات التي يعيشون فيه والاندماج النسبي في تفاصيل هذه الحياة، لم يستطع الغجر كسر حلقة الزواج العائلي، ويرجع ذلك إلى التزامهم بتقاليدهم من ناحية، وإلى عدم رغبة مواطني تلك المجتمعات في الزواج من غجرية.
وعادةً ما يتم الزواج عند الغجر في سنٍ مبكرةٍ جداً، ويمتاز بطابعٍ خاص، حيث يرسل الغجري في بادئ الأمر ربطة عنقه أو “الشال” الخاص به إلى الغجرية التي يرغب في الزواج منها، فإذا ارتدتها فهذا يعني أنها قبلت بالزواج منه، ويعد الطلاق أمراً نادر الحدوث بين الغجر, كما أن تعدد الزوجات أمرٌ مسلمٌ به، فيتزوج بعض الغجر من زوجتين وربما من ثلاث يقمن بالعمل والإنفاق على الرجل في كثير من الأحيان.
أما العائلية والزواج لدى التركمان كان الاوغوز التركمان و خاصة الامراء منهم يتزوجون من امراة واحدة فقط فلم يعرف عندهم الضرة ولا الشريكة, و هذه الخصوصية جديرة بالاهتمام لدرجة كبيرة.حتى امير الامراء قازان يذكر له في السير اسم زوجة واحدة لا اكثر و هي (بورلا خاتون ذات القوام الطويل), ويلاحظ عليهم معاملتهم اللطيفة بكل تقدير واحترام لزوجاتهم حيث كانوا يتبعون في امور كثيرة نصائح زوجاتهم و يتصرفون بموجبها و يخاطبونها بكلمة كوزلم (جميلتي), في قضية الزواج كانت لهم عادة ان تطلب عائلة الفتاة مهرا من عائلة الشاب و كانت العائلات المتحابة تخطب اولاد بعضها البعض وهم لم يزالوا اطفالا رضعا, و عندما يخطب الرجل فتاة كان يضع خاتمه الخاص في اصبعها اما الفتاة فكانت تقدم لخطيبها قميصا لونه احمر خيطته بيدها ليلبسها الشاب في ليلة الزفاف.
و في العرس كان هناك تقليد رمي السهام على خاتم العريس من قبل الاصدقاء, هذا وان العريس كان يحدد مكان ليلة الدخلة بواسطة رمي السهم, و كان امراء وابطال الاوغوز يفضلون ان يقترنوا بفتيات فارسات و محاربات تركبن الحصان و تتقلدن السيف مثلهم, و هذه الرغبة لم تكن عنصرا اسطوريا, بل ان مثل هذه الفتيات و النساء الفارسات بين الاقوام و العشائر التركية كانت موجودة بكثرة في كل زمان, و تاكيدا على ذلك فان احد الاوروبيين الذي مر بالاناضول سائحا في القرن الخامس عشر كتب عن مدى استغرابه و تعجبه من شجاعة النساء التركمانيات و انهن يقاتلن مثل الرجال لذا لا يجب ان يستغرب من قيام الامير التركماني بيرق بمصارعة خطيبته بانو- جيجك, لان العلامة محمود الكاشغري ينقل لنا قولا ماثورا عن الاجداد يقال فيهلا تصارع فتاتا, و لا تسابق خيلا), بيرق الذي لم يعرف هذا القول الماثور للاجداد او لم يراعي ذلك, كان قد تخلص من الهزيمة بصعوبة كبيرة امام خطيبته, خلاصة القول, كانت للنساء مكانة مرموقة عند الاوغوز و يمكن فهم و ادراك مدى الاعتبار الذي كانت تتمتع به النساء في القوم الاوغوزي في الوسط الاجتماعي و المكانة المرموقة و المشرفة لهن وسط المجتمع التركماني الاوغوزي.
يُعرف التركمان بكونهم شعب محافظ جدًا على عاداته وتقاليده التركمانية، والعثمانية المتوارثة، فهم يولون اهتماما كبيرا بالضيف، وضيافته، ويهتمون بإعداد الطعام التركماني الأصيل، وكيفية تقديمه، ويحترمون الكبار، ويحافظوا على أدق التفاصيل، من الاهتمام بغطاء طاولة طعامهم، إلى انتقاء لقب وطريقة الخطاب مع أي شخص! فهم شعب اجتماعي حريص على العلاقات الاجتماعية لذلك يحرصون على تبادل الزيارات العائلية في حياتهم حيث ان الحياة الاجتماعية والعائلية لدى التركمان كبيرة ومتشعبة، فالتركمان يعتمدون على العائلات الكبيرة ويتعمدون انجاب الكثير من الأطفال الذي يعيشون مع عائلاتهم حتى بعد البلوغ، والصلات العائلية وصلات الأخوة قوية جدا ويعتمد الأخوة على بعضهم البعض عند الوقوع في مشاكل.
ومن أبرز العادات والتقاليد المتأصلة في بيت كل أسرة تركمانية، المثيرة للاهتمام:
الزواج بامرأة واحدة: ان الزواج والحياة الزوجية يعتمد في حياة التركمان على عدة عوامل يجب ألا يتخطاها الشباب منها عوامل قبلية وعشائرية وكذلك موافقة ومباركة الأهل وخاصة الوالدين للزواج من أهم شروطه، ويحرصون على التوافق المادي والعائلي والثقافي, وفيما يشبه المهر يقدم أهل العريس للعروس الكثير من الهدايا والأموال النقدية والطعام والبضائع التي يرسلوها للعروس وأهلها، وهو من أهم مظاهر الفرح والزواج لدى التركمان.
الزي (اللباس): ليس بالمكان تكوين فكرة واضحة حول زي اللباس عند الاوغوزولكن يجري الحديث عن ان رئيس البوز- اوق المدعو اوروز قوجه كان يرتدي عباءة فرو مصنوعة من فرو الماعز الذكر, لكن كلهم كانوا يرتدون في الشتاء البسة جلدية دون ارتداء الفراء المصنوع من جلد الماعز, القلنسوة كانت تعتبر غطاء راس قومي للاتراك و حسب معلوماتنا فان لون القلنسوة فبما بين القرنين الثالث عشر و الرابع عشر كانت باللون الاحمر, اما القلنسوة البيضاء فقد تم ارتداؤها في الاناضول في النصف الثاني من القرن الثالث عشر ولأول مرة من قبل محمد بك الذي هو من امراء الثغور في دنيزلي, و اصبح لبسها تقليدا متبعا فيما بعد, اما عن العمامة فإننا على علم بان طغرل بك كان يضع على رأسه عمامة عندما جاء ال نيسابور في سنة 1038م, و لقد كانت العمامة التركية بالحجم الوسط وثنيات جميلة تجلب الانتباه من حيث مظهرها الجميل, و لقد عرفت هذه العمامة في مصر على انها عمامة تركمانية.
وبالعودة حول وجود التركمان وما يتعلق بهجرتهم الى الأناضول ومنطقة الشرق الأوسط نجد أن هناك اربعة موجات تركية منتظمة انطلقت من آسيا الوسطى سالكين خطوطاً مختلفة: فالخط الاول الطريق الشمالي من شمال بحر الخزر عابراً الى روسيا, والخط الثاني من جنوب بحر الخزر الى جزيرة العرب وآسيا الصغرى ومنها الى جزر بحر إيجة ومنها الى البلقان ويونان, والخط الثالث من فوق افغانستان الى هندستان. والخط الرابع طريق الموجة الكبيرة من فوق اراضي شرق تركستان ومن داخل حدود اسيا الوسطى الى الصين والشرق الأدنى. وهناك من يقول بأن اقواماً تركية كثيرة ومنذ 5- 6 الاف سنة ق.م.
ويقول أحمد وصفى زكريا أوطان التركمان الأصلية في براري آسيا الوسطى الممتدة من جزر الخزر وبحر خوارزم ونهر جيحون، وهم أول من أسلم من الترك في القرن الرابع الهجري، وأطلق عليهم منذ ذلك الحين اسم تركمان بعد أن كانوا في جاهليتهم يدعون اوغوز أو الغز والتواريخ العربية تذكرهم تارة باسم (الغز) وتارة باسم (الخوارزمية) . بلاد التركمان هي البلاد الواقعة في الجنوب الشرقي من بحر قزوين ويسير في طرفها الشمالي الشرقي نهر امودريه المعروف باسم (جيحون), ويحدهم من الجنوب خراسان من إيران وأفغانستان، ومن الشرق أوزبكستان، ومن الغرب بحر قزوين، ومن الشمال كازاخستان حيث هاجر التركمان منها وسكنت الاناضول وشرق المتوسط ووادي الرافدين.
لم تكن هجرات القبائل التركمانية محصورة على فترات ما قبل الميلاد بل امتدت الى ما بعد الميلاد والعهد الاسلامي، بصورة جماعية وافراد عددية وكتل قبائلية مشكلة بذلك قوة بين القوى الموجودة بالإضافة إلى تأسيسها دولا وامارات مستقلة في المنطقة بين حين واخر بداية العهد الاسلامي وحتى سقوط الامبراطورية العثمانية ابان الحرب العالمية الاولى.
كان الجيش الاداة الرئيسية بيد الخلفاء في توطيد حكمهم والقضاء على الثورات التي قامت عليهم وفي عهد الخلفاء العباسيين الاولين كانت الجيوش مكونة من عناصر متعددة اهمها العرب والتركمان وهذا ما ساعد الخلفاء في الحفاظ على تماسكهم او ضمان ولائهم، لكن النزاع الذي قام بين الامين والمأمون ادى الى ظهور الفرقة والتشتت مما ادى الى وقوف الجيش العباسي بجانب عباس بن المأمون عند مطالبته الخلافة، وبعدما استطاع المعتصم القضاء على هذه الحركة زاد من قناعته حول ضرورة البحث عن مصدر في الجيش يعتمد عليه وكان المصدر هذا هو التركمان. وان عدد من المؤلفين العرب اشاروا الى مهارة التركمان في القتال وتحملهم المشاق وبروحهم العسكرية دون الانغماس في المخاصمات السياسية من وصف بعض المؤرخين فرسان التركمان (انهم قوم لا يعرفون الملق ولا الخلابة ولا النفاق ولا السعاية ولا التصنع ولا النميمة ولا الرياء ولا البذخ ولا الاولياء ولا البغي ولا الخلطاء ولا يعرفون البدع ولم تفسدهم الاهواء ولا يستحلون الاموال على التأول ما في الدنيا اشجع ولا ارمى ولا اثبت اقداما على الاعداء من التركمان).
ان استخدام التركمان في الجيش الاسلامي يرجع الى اوائل العصر الاموي عندما هاجم ولاة الامويين البلاد وجلبوا منها عددا من رجالها ، فقد جلب سعد بن عثمان بن عفان عددا من رجال الصغد واستخدمهم في المدينة وجلب عبيد الله بن زياد الفين من رجال التركمان من بخارى وجعلهم حرسا خاصا للوالي كما تم استخدام هؤلاء في قمع حركات قامت ضد الدولة الاموية. وعندما ولى قتيبة خراسان فرض على كل مدينة يتم فتحها تقديم عدد من الرجال كي يقاتلوا مع المسلمين.
ويقال بأن حجاج عندما بني مدينة (واسط) نقل اليها كثيرا من التركمان ومن نسلهم ابن مارقلي, وان هجرة التركمان الى المنطقة العربية سوريا والعراق وفلسطين بقيت مستمرة فمنهم من توافدوا ومنهم من جلبوا من كل حدب وصوب كما لم يقتصر عملهم على الجندية فحسب بل مارسوا مختلف الاعمال حيث امتهنوا التجارة وزاولوا الصناعة والزراعة والسياسة مما استرعى نشاطهم واخلاصهم وامانتهم في اعمالهم انتباه رجال الدولة الاموية فاستخدموا قسما كبيرا منهم في الجيش وولوهم مناصب عالية. كما ذكر الطبري بان يزيد بن هريرة عندما سلم مدينة واسط الى جعفر المنصور سنة 132 هـ بعد حصار دام عدة شهور كان معه الفان وثلاثمائة رجل من تركمان بخارى.
يقول الدكتور مصطفى جواد ان (بني عباس) اجتذبوا التركمان مثلهم مثل (بني الامية) حيث بلغت دعاياتهم بلاد الترك في تركستان واسيا الوسطى فتوافدت اليهم جموع غفيرة من التركمان من طامع في المال وراغب في تبديل الحال ومتطوع يظن طاعته لوجه الله .كما يذكر ايضا بان الجيش الذي فتح العراق اثر انقراض الدولة الاموية كان جيش ابي مسلم الخراساني التركماني وكانت اغلبية الجنود من التركمان.
وبذلك دخل التركمان العراق وسوريا وفلسطين افواجا تلو افواج منضوين تحت لواء العباسيين وان فضل بن يحى البرمكي والي خوراسان انذاك ارسل سنة 138 هـ عشرون الف مقاتل تركماني الى المنطقة لاستخدامهم في الجيش العباسي، وعندما بني الخليفة ابا جعفر المنصور مدينة (بغداد) سنة 145هـ واتخذها عاصمة له عين للتركمان محلات خاصة بهم مثل محلة (الحربية) المنسوب الى حرب بن عبيد الله وهو تركماني من اهل بلخ الذي قربه المنصور اليه وجعله صاحب شرطة بغداد وقام منصور بمنح قطائع من شوارع بغداد واسواقها الى رجال بلخ ومرو وبخارى وهم من التركمان، كما انتبه الخليفة هارون الرشيد الى قابلية التركمان الحربية وادخلهم في جيشه وحراسه. وقد اقبل تركمان ما وراء النهر وتركمان الصغد والشاش واشيروسينة والصغانيان وفي مقدمتهم ملوكهم وامراءهم على الاسلام مزدحمين باب المأمون بوفودهم.
كما ألف المعتصم خلال حكمه جيشا من التركمان وجندهم واسكنهم في سامراء وغيرها من المدن التي كانت لها اهمية استراتيجية، ويقول السوطي ان المعتصم هو اول من تزين بزي التركمان ولبس التاج كما استخدم التركمان في الجيش بكثرة ولما بويع له لم يكتفي بالتركمان الموجودين عنده بل شجع التركمان على القدوم الى بلاد الشام وعلى يدهم وبأمرة القائد التركماني (افشين) قضى المعتصم على بابك الخرمي سنة 223 هـ عندما شق عصا الطاعة كما اعطى درسا قاسيا للدولة البيزنطينية التي كانت تتجاوز على حدود الدولة العباسية بين حين واخر عندما سار المعتصم اليها بهذا الجيش ودك حصونها وفتح مدينة عمورية المشهورة ومن القواد المواطنين التركمان الذين ساهموا مساهمة فعالة في هذه المعركة (اشناس قائد المقدمة ، ايتاخ قائد جناح الايسر والبغا في المؤخرة) وهزت بطولات التركمان اريحة الخليفة العباسي المعتصم واثار اخلاصهم نخوته واعجابه وقام بإظهار كل مظاهر الاكرام والتقدير لهم.
كما قام خلفاء الامويين والعباسيين بإسكان المواطنين التركمان في المدن والثغور والمواقع العسكرية الاستراتيجية في مناطق المختلفة ، حيث استوطنوا في دمشق وحلب و بصرة، واسط ، بغداد، سامراء، تكريت، موصل، تلعفر، اربيل، كرخيني، كركوك، مندنيجين- مندلي ومناطق الاخرى.
ان تدفق سيل التركمان لم يتوقف في جميع ادوار التاريخ فقبل احتلال بغداد من قبل معز الدولة البويهي سنة 334هـ بعشر سنوات دخل العراق جمع من الاتراك بزعامة (بجكم) وبقيادة كل من الامراء توزون و ياروق ومحمدينال فرحب بهم محمد ابن رائق بهذا القدر من الرعاية حيث اوعز زعيمهم بجكم بان يجلب من بقى منهم مشردا في ايران بعد تشتت جيش مرداويج اثر مقتله سنة 323هـ – 935م ومن باب التكريم والتقدير اصدر الخليفة امرا يقضي بتعيين بجكم اميرا للأمراء سنة 326هـ وظل في منصبه هذا حتى وفاته سنة 331هـ حيث اشغل المنصب من بعده الامير التركماني توزون.
اخبرنا ابن الاثير بان التركمان الذين دخلوا العراق على شكل موجة سنة 433هـ سميت بـ الغز ,ويقول الاخرون بان هذه الدفعة من التركمان سميت بـ (تركمان بلخان) جاءوا الى بلاد الشام والعراق من اذربيجان وعلى راسهم ابو منصور كوكتاش وابو علي دهقام خلال هذه الفترة حصل تقدم وتوسع كبير في نشاط وحيوية السلاجقة التركمان.
فالسلاجقة هم فرع من قبائل (الغز الأوغوز ) انسابت من سهول تركستان حوالي 345هـ 956م وسكنوا اول الامر في بلاد ما وراء النهر وشرق المتوسط واعتنقوا الدين الاسلامي وفق المذهب الحنفي الذي اخذه التركمان من السامانيين وقد سمي هذا الفرع بالسلاجقة نسبة الى جدهم الاعلى سلجوق بن دهقان الذي كان محترما بين فرسانه شهما صاحب راي وتدبير كان لسلجوق بن دهقان اربعة اولاد (اسرائيل ، بيغو ارسلان ، موسى بيغو ويونس وميكائيل) وقد خلف اسرائيل ولدا اسمه قتلمش الذي هو رأس سلاجقة الروم و خلف ميكائيل ولدين طغرل بك وجغرى, وكما توثق علاقة السلاجقة مع الخليفة العباسي بزواج الخليفة القائم بأمر الله من ارسلان خاتوون خديجة ابنة داود اخ السلطان طغرل بك.
يقول الباحث الدكتور مصطفى جواد ان دور السلاجقة في بلاد الشام والعراق كان أعظم الأدوار أثرا في المجتمع ، فان الوف الرجال (الغز الأوغوز) من جند السلجوقيين لم يدخلوا بلاد الشام والعراق اذلة مستعبدين فردا فردا او بضعة وانما دخلوها جموعا أحرارا مسلحين فاتحين منقذين ، متصوفين بها تصرف المالك ، وصار قادة السلاجقة وامراؤها اهل قطاع وضياع في دمشق وحلب وبغداد وما جاورها من الجزيرة والشام وبلاد العجم كما اسس كثير من امراء السلجوقيين امارات تركمانية كإمارة بني ارتق بماردين وما حولها وامارة اتابكة الموصل وإمارة حلب ودمشق وامارة بني زين الدين كجك في اربيل وامارة بني قفجان في كرخيني كركوك وامارة القرا ارسلانية بامد ديار بكر وامارة اتابكة الجبل وآذربيجان من بني الدكز وامارة السلغرية بشيراز وما حولها من فارس وامارة الايواقية في جبل حمرين وغيرهم من بني شملة وايدو غدى بخوراسان ومن القبائل التركمانية التي دخلت بلاد الشام والعراق مع السلجوقيين قبائل البيات وبكديلي والأفشار وغيرهم.
في سنة 920هـ/1514 م تمكنت الدولة العثمانية من القضاء على جيش اسماعيل شاه الصفوي في واقعة جالديران وذلك في عهد السلطان سليم خان, كما استطاع السلطان سليم من طرد الصفويون من ديار بكر سنة 1521م وبذلك تم لقائد القوة العثمانية بغلي محمد باشا وبالتعاون مع العالم ادريس بدليسي نزح نفوذ الصفوية من (الموصل، عانة ،الحديثة، سنجار، تلعفر، جزيرة ابن عمر، العمادية، اربيل، كركوك) واستلام ادارتها سلما اما بغداد فكان الحكم الصفوي فيها منذ سنة914هـ/1508م الى ان دخلها السلطان سليمان القانوني سنة 941 هـ / 1534م.
وفي ظل حكم العثماني وسياسة الإسكان التي أعقبت عصر تأسيس الإمبراطورية العثمانية وعصور التوسع والانتشار لم تكن موضوع بحث ودراسة مع إن الإمبراطورية العثمانية كانت عرضة لتغيرات كثيرة في كافة المجالات محكومة في ذلك بظروف كل عصر وهكذا برزت سياسة الإسكان كنتيجة فرضتها الظروف, إسكان داخلي وكانت إحدى التدابير المتخذة لإعادة أعمار القرى هي المباشرة بتوزيع القرى وذلك بإعطاء القرية لمن يطلب تعهدها شريطة ان يجلب سكانا من خارج المنطقة لاستيطانها وأعمارها واستصلاحها وإعادة استثمارها زراعيا كما نلاحظ ان سياسة الإسكان العثمانية في القرن السابع عشر كانت تهدف إلى إعادة تعمير البنية الداخلية.
شيدت معظم القرى التركمانية بجوار طريق الحج، وأسكن فيها التركمان لحماية طريق الحج من قطاع الطرق واللصوص.. حيث كان البدو يشنون غارات سطوٍ على قوافل الحجاج و التجار. وأن التركمان في سورية وفلسطين لا تختلف عن التركمان في العراق ولبنان والاردن من حيث التاريخ والثقافة واللغة والتشكيلات القبلية، وقد هاجرت أعداد كبيرة من قبائلهم في فترات متباعدة إلى إيران وتركيا وإلى المشرق العربي مثل العراق وسوريا وفلسطين ولبنان.
قدوم قسم من التركمان إلى شرق المتوسط فلسطين وسوريا ولبنان والاردن والعراق ما قبل العثمانيين في أواخر القرن السابع الميلادي ،عندما اندفعت القبائل التركمانية من موطنها في تركستان وسط آسيا، حيث اندفعت القبائل التركمانية من موطنها في سهول تركستان وسط آسيا غربا ،وأخذت تستقر في العديد من المناطق ذات التماس بين الدولة العربية الإسلامية والدولة البيزنطية وأماكن الثغور من شمال العراق وحتى شمال آسيا الصغرى.
ان اغلب الاسكان التركمان الذي تم في شمال العراق وشمال سورية وغربها وفي ثغور الاقصى كان من داخل تلك المناطق فمثلا معظم قبائل التركمان التي نقلت من اماكن ومواقع سورية وفلسطينية وعراقية اخرى أي أن وجود التركمان قديمة اقدم من دخول العثمانيين الى منطقة الشرق الاوسط بمئات السنين منذ بدايات القرن الثالث عشر ولم تأت مع العثمانيين في القرن السادس عشر ولم يأت بها العثمانيون من الاناضول كما يظن البعض خطا ,هناك بعض العشائر التركمانية التي اتى بها العثمانيون لكن اغلب هذا البعض هرب ايام الحكم العثماني وعاد الى حيث اتى.
فتركمان حلب وتركمان يني ال كانوا يخرجون للرعي صيفا في اراضي ارابكير جانيك ديفريكي بوزاوق جوروم اماسيا سيواس بينما كانوا يقضون الشتاء متنقلين في انحاء بلاد الشام. وتركمان بوز قورت الشعب الاغبر كانوا يمضون الصيف في دياربكر وارضروم عند منابع الفرات وينزلون لقضاء الشتاء في البادية الممتدة من جنوب ماردين ,والرقة في منطقة تسمى جولاب وحتى دير الزور وتركمان سورية ولبنان كانوا يقضون الصيف في جبال لبنان وينزلون لقضاء الشتاء في واحة تدمر وبادية الرقة.
كما تبوأت شخصيات تركمانية كبيرة مناصب رفيعة في الدولة، وبرز منهم كثير في قائمة النخبة العليا في التاريخ المجتمع العربي الإسلامي . حيث شارك التركمان في الدفاع عن بلاد الشام أثناء الحروب الصليبية دفاعاً مميتاً حتى وصف تلك الحروب بحروب الفرنج والتركمان ,وهم المعروفين بفروسيتهم وشجاعتهم، بدأ بحكم السلاجقة والاتابيكية الزنكية والمملوكية التركمانية, برز منهم الملكُ العادلُ أبو القاسمِ نور الدين محمود بن عمادِ الدِّين زَنْكِي (511 – 569 هـ / 11 فبراير 1118 – 15 مايو 1174) وهو ابن عماد الدين زنكي بن آق سنقر يُلقَّب بالملك العادل،رغم وفاته بسبب المرض وهو الابن الثاني لعماد الدين زنكي. حكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين, شملت إمارته معظم الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين والخطبة للخليفة العباسي في مصر بعد أن أوقفها الفاطميون طويلا، وأوقف مذهبهم.
يقال بأن تواجد التركمان في فلسطين كانت منذ عام 1088م وبشكل خاص في لواء حيفا ضمن قطاع آل طرباي الذين أصبحوا يعرفون باسم الأسرة الحارثية في مرج ابن عامر، والاسم الذي حمله تركمان فلسطين، والذي لا زال متداولا حتى اليوم هو عرب التركمان. ولم يكن التركمان السلاجقة أول من اتصل بفلسطين من الأتراك. فقد كان هناك أتراك يعيشون في بلاد الشام إذ دخل هؤلاء الجيش العباسي وبرز بعضهم قادة عسكريين وحكاماً على الأقاليم، وكان منهم فيما بعد الطولونيون والاخشيديون الذين حكموا مصر وامتد نفوذهم إلى فلسطين وجنوبي بلاد الشام في العصر العباسي. تاريخياً فإن أعداداً كبيرة من التركمان تتراوح بين 6000-12000 قدمت إلى فلسطين قبل الحروب الصليبية ضد هجمات الأعراب وغاراتهم على الريف الفلسطيني، وجرت لهم إقطاعات في غور الأردن والمناطق التي تحاذي البادية، وكان المقاتل التركماني يتحرك تحت ظل سيفه ويحمل معه أسرته كلها أينما استقرّ. وفي أثناء الحروب الصليبية وبعدها استمرت هجرات التركمان إلى الشام بحثاً عن المراعي الخصيبة والأمن، وانضموا إلى الزنكيين والأيوبيين في حروبهم ضد الفرنجة الصليبيين، واستعان بهم نور الدين زنكي في حروب العصابات في الجليل الفلسطيني.
الفصل الثاني:
يقول الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس حول قبيلة عرب التركمان, بأنه عند استعراض تاريخ وجود قبائل التركمانية في الأردن وفلسطين, تجد أن هناك قبيلة كبيرة تسمى قبيلة عرب التركمان الأوغوزية العريقة ضاربة في جذورها كل فترات التاريخ ولكنها غائبة للأسف الشديد في هذه الفترة عن الساحة الاجتماعية لباقي القبائل الأخرى, غائبة كمجموعة من العشائر الوازنة, وقبل أن نتساءل لماذا قبيلة عرب التركمان غائبة اليوم كقبيلة عن المشهد الاجتماعي؟ علينا أن نؤكد قبل ذلك أن أبناء عشائر هذه القبيلة التركمانية جاءوا كمحاربين على التوالي منذُ مئات السنين من ثلاث جهات, جاءوا من شمال وشرق وجنوب بلاد الشام, جاءوا متجهين إلى فلسطين واستقروا في منطقة مرج بن عامر/ حيفا, منذُ عام 635م حتى عام 1416م, وبعد عام 1948م عام النكبة, لجأ السواد الأعظم من أبناء هذه القبيلة إلى المملكة الأردنية الهاشمية حيث الاستقرار, وإلى دول أخرى مجاورة وقسم الأكبر من هذه القبيلة التركمانية قد استعربوا ثقافيا ونسي الكثيرون منهم لغتهم الام وكذلك عاداتهم وتقاليدهم التركمانية بحكم وجودهم بجوار القبائل العربية ولكنهم لم ينسوا بأنهم تركمان.
حيث تشير الوقائع التاريخية أن أبناء وعشائر قبيلة عرب التركمان جاءوا على التوالي كمقاتلين وقادة ميدانيين مع ألوية عسكرية لتحرير القدس الشريف من الغزاة, فقد جاءت المجموعة الأولى إلى مرج بن عامر/ حيفا مع ألوية القائد (ابو عبيدة عامر بن الجراح) رضي الله عنه وذلك عام 635م, والمجموعة الثانية جاءت ألوية القائد نور الدين محمود بن زنكى ومعه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، الذى أصبح بعد عشرين عاماً البطل الأول في العالم الإسلامي لقرونٍ طويلة عام 1186م, في حين أن المجموعة الثالثة والاخيرة جاءت مع ألوية القائد العثماني السلطان (سليم الأول) عام 1416م.
وبعد أن أستقر الزحف العسكرية الميداني لتحرير القدس الشريف من الغزاة, استقرت هذه المجموعات الثلاث في منطقة مرج بن عامر/ حيفا, حيث تعايشت معاً لالتقائهم على وحدة الدين ووحدة اللغة, ليشكّلوا بعد ذلك وحدة ثقافية متينة مليئة بالعادات والتقاليد والقيم الرفيعة والنبيلة المشتركة لهم, ومع مرور الزمن بدأت تتشكل نواة لكل عشيرة من العشائر الثمانية في مرج بن عامر آخذة هذه العشائر بالتمحور حول اسم (عشائر عرب التركمان), ولخصوبة أرض هذا المرج والذي اخذ شكل مثلث بين كل من مدينة حيفا ومدينة جنين ومدينة طبريا, بطول 45 كم, وعرض 25 كم, وبمساحة كلية تقدّر بـ 400 كم², فقد عمل أبناء هذه العشائر الثمانية بالزراعة وتربية المواشي حتى عام 1948م. بالإضافة إلى مخيم جنين وبلدات وقرى بئر الباشا، بئر السبيل، مثلث الشهداء، الزبابدة، عرابة، يعبد، رمانة. وفي الوقت الحاضر يتركز وجود عشائر وعائلات التركمان في محافظة جنين، وقراها، حيث يزيد عددهم عن العشرة آلاف نسمة في مدينة جنين، ومخيمها فقط، ويقدر عدد التركمان اليوم بأكثر من 30 ألف نسمة، موزعين على بعض المحافظات الفلسطينية، وتحديدا جنين، ونابلس، وطولكرم، وقطاع غزة، حيث يعرفون هناك “بعشائر الشجاعية” التركمان. ومن الفئات الإسلامية التي سكنت في القدس يوجد التركمان الذين وصلوا إلى المدينة من آسيا الوسطى.واستقر أغلبهم بحي باب العمود، وتشير السجلات إليهم باسم التركمان أو التركماني. والاسم الأخير هو اللقب الذي اتخذوه حفاظًا على هويتهم، وكان هو الشائع.
“التركمان” بصورة عامة، نجحوا بأنهم تمكنوا من التأقلم والتعايش مع أبناء القوميات الأخرى في البلدان التي يعيشون فيها ، وحتى أواخر العهد العثماني، كان التركمان يحافظون على لغتهم التركية.ولكن خلال القرن الأخير انتقلوا لاستخدام اللغة العربية، وانخرطوا كليا في المجتمع الفلسطيني، حيث كان منهم النائب في المجلس التشريعي، ثم الوزير في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، فخري التركمان.
نعلم بأنه تم تحرير القدس على يد المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي عام 1187م، لكن كثير منّا لا يعلم أن مشروع استعادة بيت المقدس بدأه آل زنكي التركماني الذين يرجع نسبهم لقبيلة الأوفشار التركمانية احد فروع قبائل الاغوز الذين أنجزوا واقتربوا من الفتح المقدس إلّا أن إرادة , الله سبقت فمات نور الدين الزنكي التركماني، وأن صلاح الدين الأيوبي كان قائدا في دولة نور الدين محمود الزنكي بن عماد الدين، وأن عماد الدين الزنكي هو من أرسل صلاح الدين لمصر والتي كانت قاعدة صلاح الدين فيما بعد للوصول للسلطنة بعد موت نور الدين محمود الزنكي.
عندما وضع نور الدين زنكي التركماني نصب عينيه قتال الصليبيين منذ بداية استلامه لإمارة حلب وإنهاء جميع معاقل الصليبيين في بلاد الشام، وكان هدفه تحرير القدس، حتى أنه أمر ببناء منبر سنة 563 هـ / 1168م ليضعه في المسجد الأقصى بعد أن يقوم بفتح المدينة وقد صنع هذا المنبر في دمشق بواسطة مهرة الحرفيين من دمشق وحلب, نُقل هذا المنبر بالفعل إلى القدس بعد فتحها على يد صلاح الدين الأيوبي ودعي هذا المنبر فيما بعد بمنبر صلاح الدين.
ومن بين قادة التركمان الذين برزو ,مظفر الدين كوجك (كوكبورو) أحد قادة صلاح الدين وزوج شقيقته، وهو أمير دولة الأتابكة في أربيل، حيث شهد المعركة الكبرى في حطين ،وقد انضم إلى جيش صلاح الدين فيما بعد القائد التركماني يوسف زين الدين وهو أمير أتابكة الموصل في شمال العراق, وكان للتركمان الحزبنلدية وهم من تركمان الشام مشاركة فاعلة لصلاح الدين في تحرير فلسطين، كما قدم إليه مع القائد التركماني بدر الدين دلدرم خلق كثير من المقاتلين التركمان.
بعد فتح القدس من قبل الجيوش الإسلامية واستقرار الوضع فيها ، توجهت الجيوش الإسلامية إلى الأجزاء الغربية من فلسطين وأقامت مقارها في الأجزاء الغربية من مرج بني عامر. ونعلم بأن الفرنجة سيطروا على القدس واحتلوها مرة أخرى بعد 42 عام من فتح صلاح الدين لها، ولكن التركمان الخوارزميون حرروها مجددا حيث هب التركمان ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺯﻣيون ﻓﻲ عشرة آلاف فارس وﺳﻴﻄﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ وحرروها من براثن الصليبية ومن ثم دخلوا ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻋﺎﻡ 1244م وتمكنوا من شق طريقهم إلى دير القديس جيمس الأرمني فقتلوا الرهبان والراهبات الذين كان لهم دور ديني في إراقة دماء المسلمين في القدس، وخرج الحاكم الفرنجي في قوة مسلحة من القلعة ليلقى حتفه، أما الحامية فصمدت ثم فاوضت على تسليم القلعة مقابل الخروج الآمن، وبعد ذلك اتخذ الخوارزميون التركمان طريقهم إلى غزة للانضمام إلى جيش مصر.
وقد كان لهؤلاء التركمان دور كبير في الدفاع عن القدس أثناء محاولات الملك الإنجليزي ريكاردوس استعادة القدس من الأيوبيين, وهكذا تم انتزاع القدس نهائيا من الصليبيين حتى سقوطها في أيدي الإنجليز بعد خسارة الأتراك العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وخروجهم منها في سنة 1917 م.
في عام 666هـ / 1268م في عهد الملك الظاهر بيبرس، وهو تركماني الأصل ،جرى توطين عدد كبير من مقاتلي التركمان وعائلاتهم على طول الساحل الفلسطيني في حراسة الثغور البحرية من هجمات الصليبيين الفرنجة، وشاركوا معه قبل ذلك في معركة عين جالوت، وكانت لهم أدوار في تأمين الطرق والإمدادات اللوجستية وجباية الزكاة وتوصيل البريد، وأوكل إليهم بيبرس الدفاع عن يافا بعد تحريرها. ويقول ابن كثير: وقد تعرّض التركمان في الساحل (الذين وضعهم بيبرس) عام 670هـ /1272م في ناحية قاقون لغارة فرنجيّة، وقد قُتل عددٌ منهم ونُهبت ممتلكاتهم . وفي عام 695هـ / 1296م فرّ قوم من المغول يدعون العويراتية بقيادة احد زعمائهم (طزغاي) خوفا من القائد المغولي (غازان)، فأنزلهم الملك العادل كتبغا ساحل البحر المتوسط بين عثليت وقاقون وقد ذابوا واختلطوا بأهل البلاد.
قبيلة (جبني) التركمانية الذين سكنوا على ضفاف وحول نهر الأردن ، وتوطن قسم منهم مرج بن عامر وفي نواحي عكا الزيب والمنوات والفرج وغباسية والمزرعة والداعوق من هذه القبائل والتي تسمى قبيلة عرب التركمان الحاضرة الغائبة اليوم التي تتألف من ثماني قبائل أوعشائر هي (عشيرة الشقيرات, عشيرة الطواطحة, عشيرة العوادين, عشيرة النغنغية, عشيرة بني سعيدان, عشيرة بني علقمة, عشيرة بني ظبية, عشيرة بني غرة) وبواقع 145 عائلة فرعية والواقعة ضمن هذه العشائر الثمانية, وتجدر الإشارة هنا أن تعداد هذه القبيلة قد بلغ نحو الـ (000¸100) نسمة تقريباً حسب أخر إحصائية كانت عام 2003م, موزعين اليوم في كل من المملكة الاردنية الهاشمية وفلسطين وبلاد المهجر حسب الباحث الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس.. كانت هذه القبائل التركمانية (عرب التركمان) مع القبائل التركمانية الاخرى ضمن مملكة صفد في عهد المماليك تقف إلى جانب الطاعة89، اشتركت كقوات مساعدة مع عساكر السلطة كالإغارة على عكا عام 663هـ / 1265م , هذا يعني أنه تم توطين التركمان في تلك المنطقة ما زالوا يعتزون بتركمانيتهم, كما دعا (شيخٌ) التركمان في صفد لمساعدته في هجومه على المدينة عام 807هـ، ولكنْ ليس مِنْ دليلٍ في تلبيتهم, ولقد أوصل التركمان الناصر فرج بن برقوق إلى دمشق اثر هزيمته، في موقعه اللجون عام 814هـ /1411م .
في زمان المماليك التركمان والشركس ترسّخ وجودهم واستقروا في جبال نابلس وسهول جنين، وتزايدت أعدادهم في فلسطين بعد موجة هجرة جديدة أوائل القرن التاسع عشر, تُعد القدس مدينة عربية إسلامية، حيث شكل المسلمون فيها أغلبية ساحقة، استقر أغلب التركمان فيها في حي باب العمود، باب حطة وتشير السجلات إليهم باسم التركمان أو التركماني, والاسم الأخير هو اللقب الذي اتخذوه حفاظًا على هويتهم، وكان هو الشائع. تولى زعامتهم بالقدس شيخ دعي بشيخ التركمان ومن ابرز شيوخهم اسماعيل شيخ التركمان فقد تقلد التركمان وظائف عسكرية مثل مصطفى بلوكباشي بن الحاج نظير التركماني وعملوا في الطوائف الحرفية في المدينة فكان الحاج حسين التركماني شيخ طائفة الحياكين في المدينة سنة 1098ه 1687 م والحاج عثمان التركماني عمل في نفس الطائفة وكذلك ذكرت سجلات محكمة القدس الشرعية التركمان في قضايا اخرى كأن يكون أحدهم شاهدا أو في قضايا الضرب والمشاجرات وفي قضايا الارث الشرعي او المطالبة بنفقة لغياب الزوج فضلا عن ذكرهم في عقود الزواج.
هنا لابد من ذكر بعض الحوادث التي تخص قبائل التركمانية الأوغوزية والتي وردت ضمن الأرشيف العثماني بما يخص بالتركمان وعاداتهم وتقاليدهم ونشاطهم التي كانت ومازالت مختلفة تماما عن عادات وتقاليد ونشاط الغجر – النور الذين سكنوا في فلسطين والأردن وكذلك في دمشق, ورد في الارشيف العثماني ضمن حوادث عام 1622م يذكر الخالدي أنّ الجمال التي كانت تحمل عازق الأمير فخر الدين المعني في الفاطور (بيسان) هي للتركمان وعرب آل فضل وهؤلاء التركمان خلاف قومنا, ويذكر أيضا في الأرشيف العثماني ضمن حوادث عام 1623م، أغار خيّاله أحمد بن طرباي على تركمان نازلين على نهر المفشوخ وأخذوا جميع طرشهم, وادي المفشوخ يخرج من جنوب قرية معليا وينتهي بالقرب من نهاريا في البحر المتوسط, يظهر مما سبق أنّ أصحاب الجمال هم تركمان الجولان أو تركمان القريتين في حوران، كما أنّ تركمان عكا لهم وجود في منطقتهم منذ العصر المملوكي.
وعن وجود القبائل التركمانية في فلسطين والأردن يذكر الرحالة الفرنسي الفارس( دارفيو) في مذكراته في عام 1664م، بأن هناك قبائل تركمانية يعيشون تحت الخيام ويمارس بعضهم حياة البداوة ، يتكلمون لهجة غير عربية يمكن تكون أقرب الى اللغة التركمانية الى جانب اللغة العربية، وقد كانوا يقيمون في الريف (دون تحديد لأماكنهم) .ويعيشون بشكل مختلف عن العرب، وخيامهم بيضاء، ويقومون بتجارة كل أنواع المواشي, وهم تركمان بلاد حيفا والذين كانوا ضمن سيطرة الأمير طرباي, كما يذكر دارفيو: أن بعض أفراد من قبيلة – جيبني التركمانية الأغوزية ومقرها الأناضول استقروا في منطقة اللجون في حدود عام 1664 م, يظهر بأنّ دارفيو اعتمد على ما أورده (رود) في أن قبيلة جيبني التركمانية الأوغوزية تقيم في ولاية برصفد، إنّ القبيلتين هما لمسمى واحد مع اختلاف اللفظ، وجدت هذه القبيلة في العصر المملوكي ، وبقي امتدادها في العصر العثماني .
وكذلك يورد إحسان النمر في تاريخه أنّه ضعفت صلة تركمان المرج بأمرائهم آل شهسوار في نابلس وانفرط عقدهم ، ففسدوا وكثر أذاهم وتسلطهم على القرى المحيطة بالمرج، واعتدوا على جمال وذخائر حسين بك الشافعي متسلم لواء اللجون الذاهبة من جنين إلى عكا . فصدرت الأوامر من والي دمشق بطرد التركمان من جبل نابلس فقام بطردهم على آغا النمر وحسين بك والشيخ علي المهاميط شيخ جنين فأجلوهم إلى جهات حيفا وطبريا ، ولا يزالون يعرفون بعرب التركمان وذلك عام 1106هـ / 1694م, يظهر بأنّ للتركمان نفوذاً في جبل نابلس وما حول المدينة ، وكانوا موزعين في أكثر من مكان، وما قام به الولاة والحكام هو تجميع لهم في جهة حيفا.
وقد خرج التركمان في حملة عبد الله باشا النمر من دمشق إلى منطقة الكرك، وهم كتيبة بقيادة الميرالاي مصطفى بك شهسوار الذي ظل ميرآلايا في نابلس واستوطنها , ويظهر بأنّ التركمان بعد تضييق الخناق عليهم في نهاية القرن السابع عشر الميلادي ضعفوا وخمل ذكرهم تقريباً في القرن الذي جاء بعده.
وقد ورد في الأرشيف العثماني حوادث عام 1162هـ / 1749م أن أغار أعوان الظاهر عمر شيخ طبرية على جمال سائرة من الشام ونهبوا أهلها وأخذوا مالها ، وذلك انتقاماً من والي الشام أسعد باشا الذي أمر جنده قبلاً بالإغارة على العرب والتركمان الذين في أرض الظاهر ونهبوهم وأخذوا أغنامهم وقتلوا منهم جماعة . كما ورد في أحداث عام 1164هـ أن هناك تركمان ينزلون أرض الغوطة وعندهم أغنام وماشية.
كما يظهر بأنّ التركمان الذين نزلوا جبل نابلس زمن آل النمر أو مع آل النمر هم موجة ثانية من التركمان, فالموجة الأولى هم الذين وطئوا البلاد منذ حروب صلاح الدين مع الفرنجةواستقرارهم في زمن الظاهر بيبرس.
ينقل دروزة عن الصباغ (ميخائيل نقولا الصباغ) في كتابة تاريخ الشيخ ظاهر أنّ الشيخ ظاهر تولى طبريا سنة 1144هـ / 1739م وحصنها تحصيناً جيداً، وكان يطلب من وزير صيدا التزامها بدعوى حمايتها من العربان لأنّ قبائل التركمان والصقر التي كانت منتشرة في هذه الأنحاء كانت تفرض إتاوة معينة على كل بلد وتنهب السابلة .يظهر بأنّ قبائل التركمان المذكورة في السياق هم تركمان طبرية وصفد والجولان، وليس تركمان المرج وساحل عتليت.
ونعود إلى ذكر التركمان إذ ينقل العابدي عن نعمان قساطلي الدمشقي المتوفى عام 1920م في كتابه الروضة النعمانية، وعن القس أسعد أفندي منصور في كتابه (تاريخ الناصرة), إن موسى الحاسي والد عقيلة قد تزوج بامرأة من عرب التركمان الشقيرات وهي خضراء بنت مصطفى الشقيرات فولدت له صالحا ثم عقيلة, وقد ولد عقيلة في زمن عبد الله باشا في حيفا حيثما كان أبوه في خدمة المذكور، وقد حكم عبد الله باشا في الفترة من 1818م – 1832م, المصاهرة هذه إن دلت على شيء فإنما تدل على ما لهذه العشيرة (الشقيرات) من منزلة ومكانة في نفوس الناس والولاة في تلك الفترة، وهي مطلع القرن التاسع عشر الميلادي.
والمعلوم أنّ خضراء هذه لها أخ يدعى مطلق وهو آخر شيوخ التركمان، إذ لم يأت بعده شيخ في منزلته وقد عاش في القرن التاسع عشر، وقد يكون امتد به العمر إلى مطلع القرن العشرين, يذكر الصقر وعربانهم أنّ الجزار اعتمد على التركمان في حروبه مع المجاورين ومع الصقر بالذات، وهذا ما أكسب التركمان منزلة مهمة بين فئات المجتمع ،مما دعا موسى الحاسي لمصاهرتهم في زمن عبد الله باشا الذي جاء بعد سليمان باشا العادل, وكان المتعاطي قضاء مصالح الجزار منذ ثَقُلَ مرضه إلى حين وفاته هو الشيخ طه التركماني, وقد أمّر اسماعيل باشا الذي كان مسجوناً عند الجزار، وقد حدثت اشتقاقات بين أعيان الأغوات فقتلوا الشيخ طه وابنه وبعض أتباعه، واشتعلت نار الفتنة بين الارناؤوط والتركمان.
بعد هذا السرد لتاريخ التركمان الحافل بالمأثر والبطولات في المشرق العربي وكذلك وبالمقارنة مع تاريخ وجود النور والغجر في المشرق العربي والعالم نجد أن لأصلة قرابة بين الاثنيتين المختلفين عرقيا وثقافيا واجتماعيا وجغرافيا, نجد بان فالنور أو الغجر حالة اجتماعية وأسلوب للعيش طرأت على فئة بسبب من الأسباب ،هم أكثر شعب انتشاراً على الأرض، لا أصل لهم سوى عاداتهم وتقاليدهم الهندية التي انطلقوا وانتشروا منها، فالغجر ليسوا أقلية، أو طائفة، ولا أتباع ديانة منسيّة، بل هم شعب يقال إن هجرتهم الأولى انطلقت من الهند، ثم انشطروا إلى جماعات، اتخذوا من الترحال مصيراً لهم، وانتشروا في كل أصقاع الأرض، مؤمنين أن كل الأرض هي وطنهم، وعند اتصال الصحافة والاعلام بـهم لم يقدموا الصورة الحقيقية كما هي، بل تم تزييف الحقائق الاجتماعية والتاريخية وتقدم نفسها على أنـها شريحة اجتماعية فلسطينة أو أردنية وسورية، لـحقتها من المظالم ما هو ماثل وشاهد في واقع عيشها، وفي الواقع هم ليسوا شريحة فلسطينية وأردنية وسورية أو عراقية، بل هم وافدون على المنطقة العربية ومنها بلاد الشام، وهم ليسوا أصحاب ثقافة أو عرف محدد.
أما التركمان فهم شعب تركي الأصل يقطن معظمهم في تركيا والعراق وسوريا والاردن وفلسطين ولبنان وليبيا والجزائر وإيران وأفغانستان وأذربيجان مناطق آسيا الوسطى ويعرفون باسم «الأوغور» و«الأغوز» و«الغز» نسبة لجدهم الأوغوخان وأحفاده 24 قبيلة متفرعه منه، وقد ورد أول ذكر لاسم «الغز» في كتب الجغرافيين العرب ابتداء من النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وشاع استعمال هذا الاسم حتى في الوثائق الحكومية في القرن السادس الهجري، أما الاسم «تركمان» فإن المقدسي ـ وهو من جغرافيي القرن الرابع الهجري ـ كان أول من استعمله في كتابه «أحسن التقاسيم» في صدد حديثه عن كورة أسبيجاب، ثم استعمل الاسم منذ القرن الخامس الهجري في كتابات العرب والفرس، فأطلق على مجموعة كبيرة من الغز ومنهم القَرْلُق كما ذكر الكاشغري.
تعد سهوب آسيا الوسطى موطن التركمان الأصلي، وقد عرف العرب هذا المكان باسم «تركستان»، وكانت بلادهم تمتد في مطلع القرون الميلادية الأولى حتى المجرى الأدنى لنهر سيحون، ومن أهم مراكزهم بلاج، وبروكت على نهر سيحون جنوب سَوْران وطشقند.
يختلف المؤرخون حول عدد قبائل التركمان، فقد جعلها رشيد الدين (مؤرخ المغول العظيم) أربعاً وعشرين قبيلة على حين جعلها محمود الكاشغري (من القرن الخامس الهجري) اثنتين وعشرين لكل منها سمة أو علامة على دوابهم يعرف بها بعضهم بعضاً،ويذكر أن قبيلتين منهما انفصلتا عن باقي قبائل التركمان قبل الإسلام، وكونتا شعب الخَلْج وبذلك يكون مجموع قبائلهم عنده كما عند رشيد الدين. ويذكر الكاشغري أن قَنَق هي القبيلة المتقدمة بين كل القبائل ومنها السلاطين السلاجقة، وكان لكل قبيلة منها أمير أو مقدّم دعاه المسلمون «دهقان.»
أما أشهر قبائلهم فقبيلة التكة، وغوكلن، ويوموت (يومت) وارساري وسُرق (ساريق) وورسق، وييرلي قاريق، وقاقن وجرفلغ ويازغر أو يازر وقَرلُق، وكانت أهم قبائلهم في الشام قبيلة دُولغادر (ذي القدر) وهي القبيلة الوحيدة التي كان لها شأن سياسي بين القبائل التركمانية التي كانت في الشام أيام حكم المماليك.
فالتركمان كان لهم دور سياسي في كل الفترات حيث تمكن التركمان من إقامة كيانات سياسية كان لها شـأن في غربي قارة آسيا وفي آسيا الصغرى، فقد أسسوا دولة السلاجقة منذ مطلع القرن الخامس الهجري، واستطاع طغرل بك في وقت قصير أن يضم إليه جرجان وطبرستان وخوارزم وهمدان ودينور وحلوان والري وأصفهان، ولم تأت سنة 470هـ/1077م حتى كانت المناطق الغربية من آسيا من حدود بلاد الأفغان إلى حدود الامبراطورية البيزنطية في الأناضول والفاطمية في مصر قد دخلت تحت سيطرة السلاجقة، وكانت مملكتا القره قوينلو والآق قوينلو في القرنين الثامن والتاسع الهجريين قوتين لا يستهان بهما، كذلك أسس التركمان الدولة الدانشمندية في آسيا الصغرى وكانوا من أبرز الشعوب فيها، وكان لهم أثر في سياستها إلى جانب العثمانيين، أما التركمان الذين استقروا في فارس وخوارزم وبخارى وأفغانستان فكانو يؤلفون جماعات شبه مستقلة ضمن الدول التي استقروا فيها، مما دفع هذه الدول إلى تسيير الجيوش لقتالهم وكثيراً ما ألحقوا الهزائم المتكررة بجيوش هذه الدول.
تراث قبائل التركمان ظلت جذور الحياة القبلية راسخة في أعماق نفوس التركمان، مما أثر في دولهم وحاضرهم ومستقبلهم، فقد ظلّت حياة غالبيتهم أقرب إلى البداوة، وكانوا يعيشون في أوضاع قاسية، أما من اختلط منهم بعد هجرتهم، بسكان البلاد الأصليين العاملين بالزراعة والفلاحة، فقد مالوا إلى الاستقرار والتحضر، وكان للفارق في المستوى الحضاري والمعيشي بين الحضر والمتبدين من قبائل التركمان أثر في خلافاتهم. والتركمان عموماً رجال حرب ماهرون في الرماية من على ظهر الخيل.
وتعد لغة التركمان الأوغوز إحدى فروع اللغة التركية وكانت لغة من يقطن غربي آسيا وأوربة الشرقية منذ القرن الخامس الهجري، وهي تتبع الفرع اليائي من القسم الثاني الكبير من أقسام اللغة التركية, والقسم اليائي هذا هو أكبر الأقسام في الوقت الحالي لأنه ينتشر في بقاع شاسعة في آسيا وأوربة، وقد استخرج محمود الكاشغري مقياساً تفرّع بمقتضاه القسم اليائي إلى فرعين: «قلفان» و«قالان» ويضم القالان أوغوز القرن الخامس الهجري/الحادي عشر ميلادي وأعقابهم، سواء كانوا خلصاً أو مولدين وهم التركمان وأتراك أذربيجان وغيرهم.
وتتميز المفردات التركمانية بالميزات التي تميزت بها اللهجات التركية الجنوبية، ويمكن القول إن لهجة التركمان هي أساس اللهجة الفصحى التي ظهرت في آسيا الصغرى، وكان للهجة التركمان التي انسلخت عن بقية اللهجات التركية في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، أدب غني شائع، فهناك قصائد أوغوزية نظمت في العهد الغزنوي، وجاء الأوغوز الذين استقروا في آسيا الصغرى بجميع مأثوراتهم الأدبية، والواقع أن الأدب العثماني ليس إلا أدب الترك الأوغوز الذين استقروا في آسيا الصغرى أيام العثمانيين ويقوم هذا الأدب الذي استمر تطوره منذ عهد السلاجقة على آداب لهجات أقدم منه، وظل متصلاً بهذه الآداب في جميع عصور تطوره، وصار في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي أهم فرع من فروع الآداب التركية وأغناها، وكان له أثر في آداب اللهجات الأخرى.
كان الشعر من أبرز معارف التركمان، وجل شعراء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من قبيلة غوكلن، ولعل ذلك راجع إلى أنها قد أخذت في حياة الاستقرار قبل غيرها من القبائل، وفي طليعة هؤلاء الشاعر مخدوم قولي ووالده دولت محمد ملاَّ آزادي, وظهر من بين التركمان علماء في اللغات، كان من أشهرهم محمود بن الحسين الكاشغري الذي ألف أول معجم عربي تركي سماه ديوان لغات الترك، وقد أخذ معلوماته عن أنسابهم وأحسابهم من الأمير إينانج الذي كان من أسنِّ القوم وأعرفهم بأنسابهم وأحسابهم.
اشتهر التركمان في آسيا الوسطى بصنع الطنافس التركمانية، ولا تزال شهرتها إلى الوقت الحاضر، وتقوم النساء والفتيات بصنعها، كما كان التركمان من أحذق الناس بعمل اللبود لأنه لباسهم، وكانوا يصنعون سهامهم من العظام، لأن الحديد قليل عندهم، وليس للتركمان في تركستان زرع إلا الدخن، وكان غذاؤهم ألبان الإبل ولحومها، وأكثر ما يأكلون لحوم الصيد.
في العصر الحديث اكتمل تكون الشعب التركماني منذ القرن الخامس عشر للميلاد وعقب انحسار المد المغولي، ونواته القبائل الآنفة الذكر، وقد انضم إليها بعض القبائل التركية الأخرى من غير الأوغوز، وأكثرهم من القبجاق، وهم مسلمون على المذهب السني، استقر بعضهم في حوضي نهر كورتة ونهر مانيج (مانتش) وبعد أن استولى الروس على كراسنافودسك (سنة 1869) وخيوه (1873) أصبح خضوع التركمان لهم أمراً واقعاً بعد حروب طويلة انتهت باستيلاء الروس على كوك تبة عنوة عام 1881 واستسلام مرو 1884 والأراضي إلى الجنوب منها عام 1885، وفي الأعوام التالية عقدت معاهدات حددت التخوم، وفي عام 1924 بعد الحرب الأهلية غدت تركمانستان جمهورية سوفييتية اشتراكية, وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 وتفككه انفصلت تركمانستان عن جسم الدولة السوفييتية وغدت جمهورية مستقلة وعدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة 85٪ منهم تركمان والبقية روس اوكرانيين أرمن طاجيك وغيرهم, كما يعيش في باقي الجمهوريات الآسيوية التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي نحو 1,5 مليون تركماني. وفي أفغانستان نحو 1,5 مليون وفي إيران 3 مليون تركماني وفي سوريا 3.5 مليون وفي العراق نحو 3 مليون تركماني وفي لبنان أكثر من 100 الف وكذلك في فلسطين يصل عدد التركمان 156 ألفًا في جميع أنحاء فلسطين حسب احصائية عام 1982، غادر الكثير منهم البلاد بسبب ضغوطا الاحتلال الصهيوني، ولا يزال هناك 80-90 ألف تركماني يعيشون في المناطق المحتلة، بينهم 4 ألف في القدس وحسب احصائيات عام 1945 كانت حوالي 7500 نسمة منتشرين في 7 قرى ووجودهم ملموس جدا في (مخيم جنين) للاجئين وفي كل المحافظة قرابة وفي الاردن مئة ألف تركماني وفي ليبيا والجزائر أكثر من مليون تركماني قسم منهم استعربوا كما في لبنان وفلسطين والجزائر وليبيا وفي المناطق الداخلية من سوريا والعراق ولكن أغلبهم يعرفون أنفسهم بأنهم تركمان ويتكلمون اللهجات التركمانية.
تحرص التركمان الان على الحفاظ على التقاليد والموروثات العامة التي ورثتها منذ نشأتها ، والى جانب ذلك هم يحرصون أيضا على اتباع قواعد الدين الإسلامي، فنجد أنهم شعب ذو سلوك مهذب ومضياف ومحب للخير واحترام كبار السن والحرص على السلوك المهذب، وعلى الرغم من أن بعض العادات والتقاليد القديمة لهم قد فقدوها في فترة الاخيرة، إلا أنهم تمكنوا من الحفاظ على أصولهم والتمسك بأخلاقهم الحميدة، والمحافظة على قيم الإسلام وأخلاق القبيلة التي نشأوا عليها, والمنازل الريفية البسيطة وكذلك الخيم لدى تركمان البدو الذين مازالوا يمارسون حياة بدوية في تربية الاغنام.
ولكن لا يزال التركمان متمسكون بأصولهم في كل شيء رغم الحداثة التي سيطرت على العالم كله إلا أنهم لا يزالوا يحتفظون بأصولهم القبلية والعشائرية في الكثير من المدن والبلدات والقرى ، فمفهوم الخيمة كما ذكرنا لايزال موجود عند التركمان البدو وهي الخيمة الشعرية التي كان يستخدمها أجدادهم في السكن وكانت تسمى دار الغارة أو البيت الأسود ، وهي خيمة يمكن نصبها وفكها بسهولة ويتنقلون بها في أي مكان ويستخدمها الشباب الآن في التخييم كما هناك بعض القدماء يحرصون على العيش بها حتى الآن، كما هو الحال في الريف التركماني أيضا الذي يحتفظ بأصوله في المعيشة فيسكن فلاحي التركمان في منازل بسيطة جدا مكونة من طابق واحد ومحاطة بفناء واسع يربون فيه الماشية والحيوانات، وعلى الجانب الآخر يوجد أيضا في التركمان المدن الحديثة التي يسكن سكانها في المناول الحديثة كما هو الحال في معظم بلدان العالم.ومن الصفات التي يتميز بها التركماني هو احترام الآخر وحب الضيافة، والبعد عن التعصب العرقي و الديني و تظهر بشكل واضح لدى عادات التركمان في القرى التي توارثوها أباً عن جد، فالتركماني يُنشئ أولاده منذ الصغر على حب الوطن و احترام الكبير، والوفاء للصديق وعدم المهابة من العدو.
بعض وسائل الإعلام الأردنية المرئية والمكتوبة خلطت بين الاعراق التي لا تجمعهم اية صلة علما ان الغجر أو النّور يتحدثون لغة خليطة مع لغة المنطقة التي يسكنون بها والتركمان يتكلمون لغة تركمانية او تركية جذروها الاحرف الأورخونية التي مازالت محفورة على أحجار القبور المنتشرة في الاناضول وصولا الى سهول منغوليا.
الخلاصة
لا بد من ذكر كل هذه المعلومات التاريخية حول التركمان والغجر أو النور وليستخلص القارئ فكرة واضحة عن التركمان وهذه هي الاستخلاصات:
1- النّور أو الغجر أو الزط أو أي اسم أخر ويرد مرادف لهذه الكلمات باللغة الإنجليزية كلمة (غيبسي) وتعني الغجري في القاموس الانجليزي المحتال أو المخدع مما سبق يتبين أن حالة وأسلوب العيش للنَور مبنية على التخييل والخداع، والوصف هو لأسلوب عيش وليس لعرق، فكيف جرى الربط بين تلك الاقوام (الغجر- التركمان) المختلفة عرقيا وثقافيا ؟ من المعلوم أن أسلوب العيش هذا من الممكن تغييره ، وليس هو قدرا مقدورا، بخلاف العرق، التركمان من حيث العرق كانوا ومازالوا محافظين على عاداتهم وتقاليدهم في الحياة بشكل حافظوا عليها من أجدادهم عبر التاريخ وهذه العادات والتقاليد واللغة تختلف كليا عن بقية الاقوام، والنور من حيث العادات والتقاليد لهم خاصية في العيش ،يختلفون حيث العرق مع بقية الاقوام الموجودة في المنطقة العربية منها العرب والتركمان والاكراد والجركس وغيرهم، والغجر هم من الهنود، أو من البلغار، أو من الأسبان، أو من الهولنديين، أو من الألمان أو الروس، أو من الإنجل والسكسون؟.
2- التركمان هم أفراد العرق التركي الذين تناسلوا من سلالة جدهم الأسطوري أوغوزخان بأحفاده 24 حفيد, وهم أصل الترك ويتواجدون في تركمانستان وتركية وأذربيجان وأفغانستان وإيران و عراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وليبيا, ويَتكلّم التركمان اللغةَ التركمانيةَ، وهو فرع من مجموعة اللغات التركية المنبثقة من اللغات الألطية, فالتركمان هم الترك الذين آمنوا بالإسلام من دون قيد وشرط بعد الفتح الإسلامي وكانوا يقطنون في الجهة الغربية من بلاد التركستان في أواسط أسيا غرب نهرا أمودوريا وسريديريا, من حيث العيش كان البعض منهم يعيش على شكل بدو رحل يربون الاغنام والجمال ويتنقلون من مكان لأخر طلبا للمرعى لمواشيهم.
3- جاء اسم التركمان إليهم من كونهم آمنوا بالإسلام قبل غيرهم من قبائل التركمان الأخرى, وهناك رأي آخر لا يبعد عن الرأي الاول ومفاده ان كلمة التركمان مركبة من كلمتين (ترك وايمان) ويعني الاتراك المؤمنون بالإسلام ثم قيل بالدمج تركمان وبالرجوع الى اللغة التركية أن (ترك – من) متشكل من لفظتين هما ترك زائدا (من) وتفيد كلمة (من) بالتركية القديمة معنى ( أنا ) أي ترك أنا كما يلفظ في تركمانستان و أزربيجان أو تأتي ( مان ) بمعنى أداة تعظيم وتفخيم وتدل على البأس والشدة والتعظيم في اللغة التركية، وتصبح كلمة تركمان بمعنى التركي الشجاع (ترك مان) .إنهم اصحاب طبيعة قتالية وممارسون للقتال بمهارة فائقة .
4- الاسلام والتركمان؛ دور الاسلام في حياة التركمان, إن السلاجقة كما مر هي قبيلة من قبائل التركمان، وكان لهم دور بارز في التاريخ الإسلامي, أبان العهد الاموي كان القائد الاسلامي قتيبة بن مسلم قد وصل الي ما وراء نهر جيحون (اموداريا) في فتوحاته ونشر الدعوة بين الترك فقبلوها في القسم الغربي من امبراطوريتهم واعتنقوا الاسلام.
وهكذا بدأت تلك القبائل حياتها كأمة على ضوء الاسلام واصبحت جزءا من شعوبها المسلمة وبدأت تتحضر شيئا فشيئا بسرعة كبيرة وتخرج عن عزلتها من تلك الاصقاع البعيدة وتمارس حياة الاستقرار بدل الارتحال وترتبط مع باقي الشعوب في اطار حضاري عام تأخذ منها وتعطي لها وتمزج عاداتها وتقاليدها بعادات وتقاليد تلك الشعوب, وكانت للعقيدة الاسلامية دور كبير في صياغة حياة التركمان من جديد وامدادها بكافة شروط البقاء والاستمرار والتجديد ويمكن ملاحظة ذلك بشكل واضح من خلال ما يلي:
اولا ـ ساهم الاسلام بدور اساسي وكبير في تمدين التركمان واخراجهم من الجاهلية وعصر البداوة الى نور الحضارة حيث اصبح لهم كيان مستقر بين الامم والحضارات.
ثانيا ـ عن طريق الاسلام وحده انتشر التركمان في الارض وتركوا عزلتهم في تلك القفاري والاراضي الصحراوية ووفدوا الى هذه البقاع واستقروا فيها.
ثالثا ـ بالإسلام اصبح التركمان امة رائدة تملك كل المقومات المطلوبة للامة الحية, ولها رسالة تبشر بها وتقود امما وشعوبا باسم تلك الرسالة.
رابعا ـ بالإسلام غدا التركمان حكاما وملوكا لدول تضم عدة شعوب اسلامية واسسوا دولا وامارات والتي من اهمها الامبراطورية السلجوقية والدولة التيمورية والامبراطورية العثمانية.
خامسا ـ بالإسلام لعب التركمان بدور حضاري في تاريخ البشرية وخلدتهم صفحاته الناصعة بحروف من ذهب.
وقد اقترن التركمان بالإسلام اقترانا عجيبا الى درجة يذهب بعض المؤرخين الى ان اطلاق اسم التركمان على فئة من الاتراك في آسيا الوسطى في حينه جاء بعد ان دخلت تلك الفئة في الاسلام واعلنت ايمانها. حيث ينقل الدكتور مصطفى جواد في المعجم المستدرك نقلا عن وقائع قزان وبلغار وملوك التتار ما يلي:
قال ابو الفداء سمّوا بذلك لان كل من اسلم من اتراك خراسان وما وراء النهر في الصدر الاول كان يقال له “صار ترجمانا” لكونه ترجمان بين المسلمين العرب الفاتحين بسبب اختلاطه معهم وتعلمه اللسان منهم وبين من لم يسلم من الاتراك , حتى صار ذلك علما لهم أي لمن اسلم منهم ثم قيل بالتحريف تركمان). وهناك رأي آخر لا يبعد عن الرأي الاول ومفاده ان كلمة التركمان مركبة من كلمتين (ترك وايمان) ويعني الاتراك المؤمنون بالإسلام ثم قيل بالدمج تركمان وكذلك هناك راي اخر يقال ان التسمية المؤلفة من قسمين في اللغة التركية ف(تورك) اسم علم و(من) تعني البأس والشدة أو (مان ) أداة تعظيم وتفخيم في اللغة التركية , كلمة تركمان تأتي بمعنى التركي الشجاع ( ترك مان) او الرجل التركي مان تورك . من هنا فان الحديث عن الهوية التركمانية لا يكتمل ولا يكون له معنى ومضمونا الا من خلال فهم دور الاسلام في حياة التركمان وتأثيره المباشر عليها, وفي هذه المسألة تتشابه حالة العرب مع التركمان وبشكل تطابقي كبير سواء في مرحلة ما قبل الاسلام او ما بعده.
5- أن قبائل الغز أي الذين أنشأوا الامبرطورية السلجوقية والعثمانية هم قبائل تركمانية فقد جاء في جاء في كتاب تاريخ الدولة العثمانية تأليف محمد فريد بك المحامي في ص 115 إذ يكتب تاريخ أول سلطان عثماني وهو عثمان بن أورخان يقول مؤسس هذه الدولة هو ارطغرل بن سليمان شاه التركماني قائد احدى قبائل التركمان النازحين من سهول وسط آسيا الغربي إلى بلاد آسيا الصغرى (الأناضول).
6- في شمال العراق وخاصة في مدن كركوك وموصل وتلعفر وطوزخورماتوا وفي سوريا في مدن حلب وحمص وحماة والرقة وإدلب وفي اللاذقية على الساحل السوري في منطقة (باير بوجاق ) وجبل التركمان وفي القنيطرة الجولان المحتل تعيش قبائل تركمانية عبر التاريخ الطويل لهم مأثرهم في تنمية والمساهمة في الحياة الاجتماعية في كلا البلدين.
7- أن صلاح الدين الايوبي الذين قاتل الصليبيين بعد وفاة القائد التركماني نور الدين زنكي الذين الذي كان له الفضل في ترتيب حملة لفتح القدس من الصليبيين هم من التركمان كما تقول كافة المصادر التاريخية.
8- تعتبر الكتابات الأورخونية هي ما تبقى للإنسانية من دولة الـﮔوك تورك، ولعلّ أول تاريخ مكتوب فيما يخص التاريخ باللغة التركية عن طريق الأبجدية الأورخونية، وتوثيق ذلك ثلاث مسلات وجدت غافية على ضفاف نهر أورخون في تركستان (منغوليا)، وقد وجد الباحثون أنها كتبت باللغة التركية الأورخونية, وقد تبعثرت بعض النقوش و الأحجار الأثرية حول تلك المسلات.
9- برزت سياسة الاسكان العشائر التركمانية في عهد الامبراطورية العثمانية كنتيجة فرضتها بعض الظروف فمن اهمها التغيرات التي طرأت على الامبراطورية العثمانية ان الاضطرابات الاجتماعية هدمت القرى وشتت الفلاحين الذين يشكلون القاعدة الاساسية للبنية الداخلية للمجتمع, شيدت معظم القرى التركمانية في منطقة شرق المتوسط بجوار طريق الحج، وأسكن فيها التركمان لحماية طريق الحج من قطاع الطرق واللصوص. حيث كان البدو يشنون غارات سطوٍ على قوافل الحجاج و التجار, أو في الثغور والاماكن المواجهة لصد الغزوات البدو من الصحراء لمناطق الحضر من الريف والمدن وكما تم اسكان التركمان أيضا في المناطق ذات الاضطرابات المذهبية الثائرة ضد الحكم العثماني السني. أقدم عملية إسكان لهذه العشائر كان إسكان عشائر التركمان الرحّل في لواء الرقة، وأقدم قرار في هذا الخصوص يعود إلى شهر كانون الثاني سنة 1691م، حيث تم إسكان جموع قبيلة بي ديلي او (بجدلة او بكدله او بقدليه التركمانية كما يقال لهم باللغة العربية ) التابعة لقصر اوسكودار من طائفة التركمان الكبرى.
لفظ تركمانستان فهو متخصص بالدولة في جنوب غرب الجغرافيا الواسعة لتركستان الكبيرة المحاذية لشمال شرق إيران وبحر الخزر، ولعل دولة (تركمانستان) سمّيت بهذا الاسم؛ لأنها كانت على خط تَرْكِ أراضي التركستان، هجرةً إلى الأراضي التي تليها، والتي يمكث بها أقوام غير الأقوام الطورانية الألطائية، والواقعة على خط الهجرة الثاني نحو إيران فالعالم العربي.
التركمان قبيلة من القبائل التركية التي وفدت من وسط أسيا، وتحديدا من أسيا الوسطى ومن منغوليا موطنهم الأصلي. الفرق بين التركمان والأتراك هو كالفرق بين العدنان والقحطان أصل العرب, أما ألاختلاف اللغوي واللهجات بينهما هو كاختلاف اللهجة العربية العراقية و اللهجة العربية السورية، (مازالت اللهجة التركمانية تحتفظ بنسبة 40% من المفردات العربية بخلاف اللهجة التركية التي أدخلت إليها، بعد تأسيس الجمهورية التركية، المفردات الإنكليزية والفرنسية بنسبة أكثر من 30% بدلا من المفردات العربية، وما زال التركمان في الكثير من المناطق في العراق وإيران وأفغانستان والصين يعتمدون الحروف العربية في الكتابة).
ويمكن أن يأخذ الكلام منحى آخر، فيمكن اعتبار من تمدّن من هذه الأقوام بعد هجرته في الأناضول والبلقان، أنهم الترك، ومن بقي مرتحلًا في جغرافيا محدودة، يكون من التركمان، فيكون من طغى عليه واقع البداوة من التركمان، ومن تحضّر كان من الترك. والنهج الواقعي في بيان الفرق بين مصطلحي التركي والتركماني، فيمكن الوقوف عليه وفق بداية ونهاية تاريخ الدولة العثمانية، أي أنّ كل من كان عمره من هذه الأقوام 7 قرون فما فوق، فهو مواطن قديم سبق وجوده في الشرق الأوسط وجود العثمانيين، فهم التركمان، وأمّا من أتى مع العهد العثماني، وبقي في مناطق العثمانيين مع نهاية الحرب العالمية الأولى فهم الأتراك.
في كتاب عشائر الشام لأحمد وصفي زكريا حين وضعه فصلا عن التركمان في الشام قوله: (ومن التركمان في أنحاء حمص الشرقية قسم لا يزال على بداوته ورحلته يدعون تركمان سوادية تمييزا لهم عن التركمان البياضية ويقول ومثل هؤلاء التركمان السوادية الرحل عشيرة التركمان الضاربة في شمالي الرقة لكن هذه قد استعربت بالمرة ولم يبق لها من التركمانية إلا الاسم ومثلهم في الاستعراب التام العشيرة المسماة بعرب التركمان في مرج ابن عامر.
هذه الدراسة والبحث تعطينا فرق بالأدلة التاريخية الموثقة من الارشيف العثماني وغيره والنتائج المبنية على الدراسة الفرق الواضح بين الغجر والتركمان فالغجر-النَوَرْ حيث أن الغجر ليسوا عرقا معروفا بإنتمائه سوى أن كل الدراسات تقول بأن الغجر اصولهم من الهند انتشروا في أوروبا الشرقية والعالم العربي عبر فترات من الزمن, ولكن التركمان فهم عرق أصيل ينتمون إلى جدهم أوغوزخان المؤسس الفعلي للإمبراطورية الهونية التركية، والده طومان خان (تيومان) بن بلغار خان ووالدته آيهان خاتون، وذلك قبل الميلاد بـ 214 عام ،(متا) وهو الاسم الحقيقي للأوغوز خان.
تزوج الأوغوز خان من إمرأتين أنجب منهما ستة أولاد، ويعتبر هؤلاء الأولاد هم أجداد القبائل التركمانية، وأولاده هم ﮔوﻥ(ویعني الشمس)، آي (القمر) و ييلديز(النجم) وهؤلاء الثلاثة من زوجته الأولى إيشيق (وتعني النور) وتسمى مجموعتهم بـ (بوز أوق), وبعد أن تزوج زوجته الثانية (آيسو- وتعني ماء القمر) أنجب منها ﮔﻮك (ویعني السماء) داغ (الجبل) ودنگیز (البحر) وتسمى مجموعتهم (أوچ أوق).
بعد أن تزوج أولاد الأوغوز خان أنجب كل منهم أربعة أولاد انحدرت منهم القبائل التركمانية الأربعة والعشرون وسأذكر بالأسفل أسمائهم:
(مجموعة البوز أوق – السهم الأغبر)
: وهو الإبن الأكبر /البكر/ للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم: ﮔوﻥ *
1- قايي: ويعني القوي والكبير (وقد أنشأت سلالته الإمبراطورية العثمانية)
2- بيات: أي الثري ذو الجاه (ومنهم الشاعر التركماني فضولي البغدادي والشاعر عبد الوهاب البياتي ووالشاعر يحيى كمال بياتلي…… والقائمة تطول)
3- آق أولي: ويعني من يملك في كل مكانٍ بيوت بيضاء
4- قره أولي: ويعني من يملك في كل مكان بيت سوداء
: وهو الإبن الثاني للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم : * آي
5- يازير: ويعني المستولي على ولايات عديدة
6- دوگر: الموحد الذي يجمع القبائل
7- دودورغا: المالك
8- ياپارلی : وهو الإبن الثالث للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم : * ييلديز
9- آوشار: ويعني المحب للصيد(اسس نسله الدولة الأوشارية في إيران)
10- قيريق: ويعني المبارك المخلص
11- بگدیلی : ويعني صاحب كلمة عزيزة بين الأمراء
12- قارقين: ويعني الكريم الذي إذا أطعم أشبع
(مجموعة أوچ أوق – السهام الثلاثة): وهو الإبن الرابع للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم : * كوك
13- بايندير: ويعني الثري (وينقسمون إلى قره قويونلي وآق قويونلي وقد أسسوا دولتان عضيمتان بهذه الأسماء)
14-بچنك: (إشتهروا بانضمامهم لألب آرسلان بمعركة ملاذكرد وكانوا سبباً في نصره على الروم)
15- چاودور: ويعني الشريف المشهور
16- چپنی: ويعني مهلك الأعداء أينما كانوا
: وهو الإبن الخامس للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم : * داغ
17- سالور : اسم مركب من كلمتين (سال – أرسل / اور – اضرب) ويعني المرسل للقضاء على الأعداء
18-أيمور : أي السيد – الغني
19- آلايوندلي : أي صاحب الجياد الصهباء
20- يوراگیر : الطيب – صاحب الفائدة
: وهو الإبن السادس والأخير للأوغوز خان، وقد أنجب أربعة أولاد هم : * دنگیز
21- ایگدیر : الشجاع
22- بوكدر : المطيع
23- يوا : صاحب الشأن والمرتبة الرفيعة
24- قينيق : العزيز في كل مكان (نسله أسسوا الإمبراطورية السلجوقية)
ونرى أن أسماء أحفاد الأوغوز خان هم أسماء العشائر التركمانية التي مانزال نستخدمها حتى يومنا هذا.
وجاء في كتاب في العقود اللؤلؤلية في تاريخ الدولة الرسولية تأليف الشيخ علي بن الحسن الخزرجي ت ستة 812 هـ أي قبل أكثر من ستمائة سنة في الجزء الأول ص 27 ما يلي: فلما هلك جبلة بن الأيهم وكان يسكن بلاد الروم هو وأولاده بعد ان تنصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقام أولاده بعده ما شاء الله في بلاد الروم ثم انتقل ولده ومن انضم إليهم من قومهم إلى بلاد التركمان فسكنوا هناك مع قبيلة من قبائل التركمان يقال لها (منجك) هي أشرف قبائل التركمان ، فأقاموا بينهم ، وتكلموا بلغتهم وبعدوا عن العرب فانقطعت أخبارهم عن كثير من الناس، فكان كثير من الناس يظن أنهم من التركمان وهم مقيمون على أنسابهم. مع هجرة من بلاد التركستان، إلى العراق ، سوريا ،ولبنان والأردن وفلسطين والاستقرار في مرج ابن عامر قبل عام 1538م – 945 هـ كما يدل دفاتر الطابو العثماني لناحية مرج ابن عامر في عهد الأمير طرة باي، صار الإسم (جماعت تركمانان) أي جماعة التركمان ليتغير فيما بعد إلى عرب التركمان، ذلك هو التفسير الممكن لاسم عرب التركمان, أتمنى أن تكون الحقائق التاريخية والجغرافية والاجتماعية لتبيان الفرق بين الغجر والتركمان قد وضحت.
أمام هذه الحقائق المعروفة وحقائق أخرى يطول المقام لو واصلت عرضها، نتساءل وكل واحد يسمع عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة قضية التركمان ووجودهم في سوريا عبر التاريخ منذ عام 1088 م ضمن مناطق مثل حلب والرقة وحمص وحماة وإدلب وباير بوجاق اللاذقية وجبل التركمان على الساحل السوري وفي منطقة مرج بن عامر وجنين وقطاع غزة وفي لبنان محافظة عكّار، ويتركّزون في قرى الكواشرة وعيدمون (أكبر قريتين للتّركمان)، الدّبّابيّة، الدّوسة، ووادي الجاموس وفي محافظة البقاع يتواجدون في مدينة بعلبك، و قرى النّعنعيّة، والشّحيميّة، وعدّوس، والحديدية وفي مدينة صيدا، وبلدة القلمون، والعاصمة بيروت، ومدينة طرابلس، وقضاء الضّنّيّة، في قرية الحوّارة يحافظون على لغتهم الأم وعاداتهم وتقاليدهم حتى يومنا هذا، مثلما ورثوها عن أجدادهم كيف يربطهم بالنور لا تاريخ ولا عادات وتقاليد ولا أسلوب ونمط الحياة مشابة بين التركمان الاصلاء والغجر النور.
الخلاصة:
مما سبق قد نخرج بالخلاصات الآتية:
إن الموطن الأصلي لأعراق كل من التركمان وعرب التركمان والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط مختلف تماماً, وإن عادات وتقاليد كل من التركمان وعرب التركمان والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط مختلفة تماماً, وإن طبيعة عمل كل من التركمان وعرب التركمان والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط مختلفة تماماً.
التوصيات:
لعدم وجود لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية معرفة مسبقة بالأعراق المختلفة في شرق المتوسط, ولعدم وجود لدى إعلاميّ وسائل الإعلام المحلية الأردنية منهجية علمية في تناول الموضوع, فالبحث يضع جملة من التوصيات من ابرزها:
1) أن يكون لدى الإعلامي في وسائل الإعلام معرفة مسبقة بالأعراق المختلفة في شرق المتوسط.
2) أن يكون لدى الإعلامي في وسائل الإعلام منهجية علمية في تناول موضوع الأعراق المختلفة في شرق المتوسط.
المصادر والمراجع:
https://www.youtube.com/watch?v=cO5G4XRo3WY
https://www.youtube.com/watch?v=q2AEdQmbqlo
https://www.youtube.com/watch?v=PW8CKuUdwUk
https://www.youtube.com/watch?v=GxkaLYqRlb0
https://fb.watch/k-hb1soVBm/
https://www.youtube.com/watch?v=MpcV66tlCbk
المصادر والمراجع
– كتاب الأوغوز التركمان للبروفسور التركي فاروق سومر ( استاذ التاريخ في جامعة انقرة و احد اكبر المؤرخين في العالم التركي)
– كتاب الأتراك في التاريخ. البرفسور إيرول كونكور مطبوعات 2005
– كتاب لغة الأتراك ، فؤاد بوزكورت ، تاريخ النشر 2012-08
– موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين تأليف المؤرخ العراقي عباس العزاوي
– الامبراطورية العثمانية – تاريخها السياسي: سعيد أحمد برجاوي تاريخ النشر: 1993
– جذور التركمان في بلاد الشام بقلم الدكتور مختار فاتح بيديلي/ مجلة الاخاء مجلـة ثقافيـة ادبيـة فنيـة تراثيـة فصليـة خريف 2020 السنة 60 العدد 366
– جدل الهويات / سليم مطر/ بيروت 2002
– البرق الشامي: الجزء الثالث / تصنيف عماد الدين الأصفهاني الكاتب ؛تحقيق وتقديم مصطفى الحياري.1987
– كتاب شذرات الذهب – الجزء الثاني تأليف ابن العماد الحنبلي
– الأقليات والعلاقات الاثنية في شرقي المتوسط: بقلم- فايز سارة, عرض وتلخيص نصرت مردان
– حسين نامق أورقون، التاريخ التركي، الجزء الثالث، أنقرة 1946
– اسكان العشائر في عهد الامبراطورية العثمانية / جنكيز أورهونلو،:ترجمة فاروق زكي مصطفى. 2005
– جولة في تاريخ الترك والتركمان عبر العصور واألزمان. إعداد الباحث. طارق إسماعيل كاخيا 2015
– تاريخ دول الاتراك في عهد السلجوقي : الدكتور حسين امين.
– عيون الزمان على من سكن جولان من عشائر التركمان – للباحث التركماني محمد خير عيد
– الدكتور مختار فاتح بي ديلي ..حكاية التركمان في الشرق وشمال افريقيا والتي لم تحكى بعد .. جذورهم واماكن توزعهم وعاداتهم – موقع الكتابات الكترونية
– الدكتورمختار فاتح بي ديلي ..حراس ثغور الاقصى …تركمان فلسطين..موقع الحوار المتمدن
– التركمان المسلمون ودورهم في تحرير القدس للكاتب سيف الدين التركماني .مدونات الجزيرة
– القدس في العهد العثماني (1640 – 1799 م): دراسة سياسية، عسكرية، إدارية
– أحفاد الاوغوز التركمان المنسيين في الشرق الاوسط- تركمان فلسطين بين الماضي والحاضر مقالة للكاتب والمؤرخ التركي حسين دونغل.2020
– كتاب عرب التركمان أبناء مرج ابن عامر للدكتورة علياء الخطيب
ـ الراوندي، راحة الصدور وآية السرور في تاريخ الدولة السلجوقية، نقله إلى العربية إبراهيم الشواربي، وعبد المنعم حسين وفؤاد الصياد (القاهرة 1960)
ـ موجز تاريخ التركمان في العراق، شاكر صابر، (بغداد 1960)
ـ الكاشغري، ديوان لغات الترك (اصطنبول 1932)
-تاريخ دول الاتراك في عهد السلجوقي : الدكتور حسين امين
– تاريخ دول الاتراك والترك : كامران كورون –
– توركلار وتورك دولتلاري : كامران كورون ص513
– النمر ، إحسان ، تاريخ جبل نابلس والبلقاء ، ج1 ، مطبعة ابن زيدون ،دمشق
– البرغوثي وطوطح ، تاريخ فلسطين ، القدس ، 1923م
دراسة وترجمة وتحقيق ، محمد عدنان البخيت ونوفان رجا الحمود ، عمان ، 1989م –
– الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس.. مقالة بعنوان القبيلة الغائبة.. قبيلة عرب التركمان.
– زكريا، أحمد وصفي ، عشائر الشام ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1983م
.. من هم الغجر؟ ما الفرق بين الغجر والنَور والتركمان؟ من أين أتوا وما عاداتهم؟«ديوان الغجر» -هاشم غرايبة
البلاذري ، فتوح البلدان ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، 1983م –
– علي الجباوي … كتاب عشائر النّور في بلاد الشّام 2006 م