18 نوفمبر، 2024 3:44 م
Search
Close this search box.

عبر خمسة قراءات .. باحث إيراني يُشرح ظاهرة “عاشوراء” !

عبر خمسة قراءات .. باحث إيراني يُشرح ظاهرة “عاشوراء” !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

تبلورت مراسم “عاشوراء” حول معركة اليوم الواحد التاريخية بين “الإمام الحسين” وأتباعه من جهة، وجيش “عمرو بن سعد” من جهة أخرى. وإزاء التراكم التاريخي الطويل؛ طرأ الكثير من التغيير على هذه المراسم.

وهذه المقالة تناقش خمس قراءات عن هذه المراسم؛ كل منها برز بشكل كبير في فترة تاريخية. وتفكيك هذه القراءات لا يعني وجود نسخ كاملة متفاوتة ومنفصلة، وإنما أحيانًا تتداخل هذه القراءات. بحسب “علي معموري) الباحث الديني الإيراني، في احدث مقالاته الحليلية المنشورة على موقع صحيفة (بي. بي. سي الفارسية).

القراءة المذهبية..

هي أولى القراءات التي تبلورت حول معركة “عاشوراء” استنادًا إلى الشرعية الدينية لإدعاء “الإمام الحسين”، الخلافة، ضد الخليفة الغاصب.

ومن هذا المنطلق؛ فقد ظهرت هذه القراءة في شكل طقس ديني وتهيئة المجال لإشاعة مفاهيم “الإمام” والخلافة وإثبات الأحقية الدينية. وقد راجت هذه القراءة في العقود الأخيرة من القرن الأول وحتى فترة حكم “آل بويه”، وكانت أحد المحاور المهمة محل استناد الشيعة.

وقد لعبت صلة “الإمام الحسين” بالرسول، (صلى الله عليه وسلم)، والمسار التاريخي لحادثة “كربلاء”، بعد دعوة أهل “الكوفة”، “الإمام الحسين”، لقيادة جيش استعادة الخلافة، دورًا كبيرًا في هذه القراءة.

ويستخدم أنصار هذه القراءة حادثة “عاشوراء” كأداة ترويج المذهب الشيعي وبطلان المذاهب الأخرى.

القراءة الفقهية..

وتنظر هذه القراءة لحادثة “عاشوراء” من منظور شرعي والتعامل معها عبر القيام بمجموعة من الأعمال الفقهية؛ مثل الغُسل والزيارة والصوم وغيرها، كذلك الإمتناع عن بعض الأمور مثل السرور والزواج وغيره.

وينتشر هذا النوع من التعامل مع “عاشوراء” بين رجال الدين والطبقات المتدينة.

القراءة الطقسية..

ظهرت هذه القراءة بشكل ملموس في عهد “آل بويه”، وراجت خلال العقود التالية.

فقد تشكلت، آنذاك، وللمرة الأولى؛ جماعات العزاء العلني في الشوارع والأزقة. وفي هذه المراسم يطوف الرجال والنساء، الذين يضربون صدورهم، مختلف مناطق “بغداد”، عاصمة العباسيين آنذاك، ويقومون بالعزاء في قالب مجموعة من الطقوس والمناسك مثل ضرب الصدور وإنشاء الأشعار.

وانتشرت طقوس “عاشوراء” على نطاق واسع في العقود التالية، وأشتملت على أنواع من العادات والتقاليد الثقافية والعادات الاجتماعية المختلفة. ونحن نتابع حاليًا القيام بعشرات الأشكال والأنواع من العادات التي دخلت مراسم “عاشوراء” عن طريق الثقافات الفرعية وراجت بالتدريج منها ضرب الصدور، وجلد الظهور بالسلاسل، وضرب الرؤوس بالسيوف، ورفع الرايات ومشاعل النار أو الفوانيس، وقراءة الروضة وخلافه.

ويغلب على هذه القراءة أداء هذه الطقوس لدرجة أنه أحيانًا تتلخص حادثة “كربلاء” في شكل هذه الطقوس.

القراءة السياسية..

تشكلت هذه القراءة بالتزامن مع ظهور تيارات “اليسار الإسلامي” وإصرارها على تقديم تفسير ثوري للإسلام، ومن الطبيعي أن تكون حادثة “عاشوراء” أحد أفضل مصادر هذا المسعى.

واستنادًا إلى هذه القراءة، يظهر “الإمام الحسين” بشكل ثوري يستهدف الإصلاح السياسي والاجتماعي وقيادة ثورة شعبية. وقد انتشرت هذه القراءة وشعارات مثل، (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء)، قبيل “الثورة الإيرانية”.

وقد خفتت هذه الموجة إثر أفول نجم تيارات الإسلام الثوري وظهور تيارات ناقدة قوية. كذلك فإننا نشهد حاليًا تطور آخر لتلكم القراءة كمؤشر على التطورات الأساسية والملفتة في التعامل مع ظاهرة “عاشوراء”.

إذ تدور القراءة السياسية لـ”عاشوراء” بإتجاه نقد طبقة السياسيين الدينيين ورجال الدين وظهور الفساد والاستبداد في الأنظمة الدينية بدلاً من الترويج للإسلام الثوري.

القراءة الإنسانية..

تأثرت النظرة إلى “عاشوراء”، في هذه القراءة، بالقيم الإنسانية. ويغلب على هذه القراءة الإلتفات إلى القيم الإنسانية في “عاشوراء”؛ مثل الوفاء والشجاعة والكرم والعفو إزاء القسوة والبطش والعنف والخيانة وكسر العهود.

وتمتاز هذه القراءة بتحطيم القيود الدينية وتهيئة مجالات جذابة لكل البشر على اختلاف الثقافات والأديان.

علاوة على ذلك؛ فقد هيأ التعامل من المنظور الإنساني المجال لظهور أنواع فنية عالمية مختلفة مثل الشعر والمسرح والرسم وغيرها. ورغم بروز هذه القراءة على نطاق واسع في الفترات المعاصرة؛ إلا أنها تضرب بجذورها في تاريخ مراسم “عاشوراء”.

والواقع أن المنتوجات الفنية التقليدية المرتبطة بـ”عاشوراء” إنما تعكس تأثر الفنان العميق بالأبعاد الإنسانية للحادثة. على سبيل المثال ترسم أشعار “محتشم الكاشاني” جمال المشاعر الإنسانية في الحادثة. كذلك تركز رسومات “محمود فرشتچيان” على الأبعاد الإنسانية للحادثة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة