13 أبريل، 2024 9:37 ص
Search
Close this search box.

عبد الوهاب الأسواني.. كتب عن مجتمعه تمهيدا لتشريح اجتماعي أكبر

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“عبد الوهاب الأسواني” كاتب مصري، ولد في قرية جزيرة المنصورية محافظة أسوان عام 1934، وصل في دراسته إلي الثانوية العامة ولم يكمل تعليمه نظرا لانشغاله بتجارة كبيرة بدأها والده في الإسكندرية، وهناك اختلط بمجتمع الأدباء والمثقفين.

“عبد الوهاب الأسواني” عضو مجلس اتحاد كتاب مصر، وعضو مجلس اتحاد أدباء مصر، وعضو لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو نادي القصة، حصل في عام 2011 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب.

البداية..

في حوار معه أجرته “هانم الشربينى” يقول “عبد الوهاب الأسواني” عن بدايته : “من حسن حظي أن والدي كان لديه محل تجارى بسيط في منطقة الرمل بالإسكندرية، وكانت مليئة بالسكان الأجانب ووقتها كنت أهوى القراءة وكان لدى مقدرة كبيرة على التعبير، وقد ولدت عندي هذه المقدرة لسببين، الأول أنه كان يعمل مع الوالد رجل أزهري يتولى الحسابات واسمه الشيخ إبراهيم وكان لديه كتب تاريخية وفى التراث العربي القديم مثل كتب الجاحظ والأصفهاني، وكان يقرأ مجلات عديدة مثل (روزا اليوسف) و(الهلال) و(الاثنين)، بخلاف الصحف اليومية وكنت مثله أهوى قراءة الشعر القديم واستفسر منه عن المعاني المجهولة بالنسبة لي، وكان عمري وقتها  10سنوات، والسبب الثاني أنى قد وجدت أيضا أن كلمات كثيرة تراثية من الكتب التي أقرأها موجودة في مجتمعي الأسواني، مجتمعي الأصلي، وهو مجتمع مليء بالقبائل ذات الأصول العربية، سواء من أصل حجازي أو يمنى.. بدأت الكتابة حينما قمنا بعمل ندوة تضم أبناء التجار الذين يحبون الكتابة وأطلقنا عليها اسم ندوة السبت، وكنا من أقاليم مختلفة صعايدة وبحاروة وقمنا في إطار الندوة بعمل مسابقة عن القصة القصيرة، واشتركت فيها بقصتين وفازت الاثنتان وكان عمري وقتها 15 سنة، ثم أجريت مسابقة في مجلة تابعة للقوات المسلحة وحكم فيها كبار الكتاب مثل “يحيى حقي” و”نجيب محفوظ” و”محمد مندور” و”أحمد باكثير”، وقد فزت بالمركز الأول وكانت قيمة الجائزة كبيرة وقتها تبلغ 15 جينة،  ثم انضممت لندوة في أواخر الخمسينات كانت تعقد في القهوة التجارية في الإسكندرية، وكان يتزعمها  القاص السكندرى “محمد حافظ رجب”، وكنت أنا في هذه الفترة لدى ولع شديد بقراءة التاريخ العربي الإسلامي، ووقتها كانت الكتب في منطقة المنشية والرمل متوفرة بل كانت موجودة على عربيات يد مثل الطماطم في محلات البقالة، وكنت أذهب كل أسبوع لمكتبة الحجازي الموجودة في شارع يشبه سور الأزبكية في القاهرة وكانت متخصصة في الكتب القديمة، وفى كل مرة كنت أشترى 10 كتب أقرأها ثم أعيدها لآخذ غيرها ويخصم قرش صاغ على كل كتاب، وتمكنت من قراءة كل الكتب التاريخية  ووقتها كان اهتمامي الأول بالتاريخ لأني لم أكن أعرف  أن القصة والرواية من الفنون الماكرة والتي يستطيع الكاتب أن يقول من خلالها  ما لم يستطع أن يقوله من خلال المقال المباشر، وربما الموهبة الروائية في داخلي هي التي جعلتني شغوفا بالتاريخ لأن التاريخ هو صراع بين الشخصيات،  والرواية كذلك ولكن الفارق في بناء الشكل وطريقة الحكي، ولحبي للرواية المدفونة بداخلي كنت حينما أكتب مقالات أنسج وقائع تاريخية من خيالي ولذلك بعدها بدأت أقرأ القصة بعناية،  شديدة وبدأت أتردد على القهوة التجارية وأختلط بجماعة الأدب العربي. وفى العشرينات من عمري اشتركت في مسابقة للقصة القصيرة والرواية نظمها نادي القصة بالقاهرة والإسكندرية، بالتعاون مع مجلس الفنون والآداب وفزت بالجائزة الأولى في المسابقتين  وفازت روايتي سلمى الأسوانية  وكانت مفاجأة”.

ويواصل: “وبعدها بدأت في حضور الندوات في القاهرة وبدأت الأوساط الأدبية تعرفني لأن هيئة الكتاب قررت طباعتها طباعة فاخرة وقالت لي “سهير القلماوي” التي كانت تترأسها: سنكافئك على تفوقك بطباعتها طباعة فاخرة، ومن الرواية ذاتها تعرفت على “يحيى حقي” والذي سلمت له الرواية بالآلة الكاتبة للتوسط لمنحى منحة تفرغ من وزارة الثقافة لكتابة روايتي “وهبت العاصفة”، وحينما ذكرت له أنني كاتب رواية “سلمى الأسوانية”  وأحتاج للتفرغ تساءل: هل هي الرواية التي تصور الحياة في جزيرة في أسوان، هذه منذ يومين “يوسف الشارونى” تكلم عنها معي،  ومدح فيها كثيرا، اكتب عنوانك وتليفونك، وبعد اللقاء سافرت إلى الإسكندرية ففوجئت يبعث لي بجواب قائلا: يا فتى الفتيان إذا لم تحصل على التفرغ فمن يستحقها غيرك، ثم بدأت أنشر بعدها قصصا في مجلة “المجلة”،  ووقتها من كان ينشر في مجلة “المجلة” كان يقال له: مبروك أنت الآن أديب معترف بك لأن “يحيى حقي” اعترف بك، ورغم أنني كنت في سنوات عمري الأولى إلا أن الغرور لم يأخذ طريقه إلى، لأنني مؤمن ببيت شعر يقول: هب الدنيا تقاد إليك طوعا أليس مصير ذلك للزوال”.

وعن  الرواية يقول: “وقتها كان عمري 29 عاما وبدأت أدرس كل شيء عن الرواية، مثل الكتب التي تكتب عن كيف تكتب رواية، وقد قرأت عدداً كبيراً من الروايات والذي شجعني أن بعض الأدباء كانوا قد كتبوا دراسات عن روايتي “سلمى الأسوانية” وأهم دراسة كتبت عنها هي ل “يوسف الشارونى” الذي يهتم بالبناء بجانب الموضوع، والذي تكلم عن طريقة البناء وطريقة تصوير الشخصيات والسرد، وقد اكتشفت أن المكتبة العربية كانت فقيرة جدا في الكتب التي تتحدث عن بناء الرواية ولكنى أذكر أنني استفدت من كتاب عن المسرح والرواية،  واسمه فن كتابة المسرحية والذي أخذت نحو عام كامل في قراءته وعموما الموهبة تقود صاحبها بحيث تجعله يقرأ الأعمال الجيدة ويفر من الأعمال الرديئة”.

الصحافة مقبرة الإبداع..

وفي حوار آخر معه أجراه “محمد مهنا” يقول ” عبد الوهاب الأسواني” عن كون  “الصحافة مقبرة الإبداع”: “صحيح كنت أتمنى لو أنني تفرغت للأدب فقط، وبصفة خاصة الرواية، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. وقد أجبرتني مهنة الصحافة على التوقف عن الكتابة الأدبية أربع أو خمس سنوات؛ لأنها شغلتني تمامًا. وهذا لا يمنع أنني استفدت من العمل في الصحافة استفادة عظيمة؛ فهي التي عرفت من خلالها الكثير من المشاكل التي تحدث في مصر والعالم، و خلال عملي في صحف يومية خارج مصر كنت أقرأ الكثير مما تبثه وكالات الأنباء عن طريق «التيكرز»، لما يحدث في مصر والعالم العربي، إلا أن هذه الأخبار ممنوعة من النشر في منطقتنا العربية كلها؛ لأن أسرارًا كثيرة كشفتها تلك الوكالات عن الحكام العرب، ولولا الصحافة لم أكن لأعرفها. فضلا عن تمكني من دخول أماكن كثيرة غير متاحة لأصحاب المهن الأخرى، وكل ذلك يصب في صالح كاتب الرواية. لذلك أجيبك عن سؤالك، لو عاد بي الزمن للوراء لاشتغلت في الصحافة أيضًا، مع تجنب التوقف عن الكتابة الأدبية الذي قلل إنتاجي”.

إنسانية المكان..

وفي حوار ثالث مع  صحيفة “الخليج” يقول “عبد الوهاب الأسواني”عن يبدو المكان كعنصر مشترك في كل أعماله: “نشأت في أسوان ثم انتقلت إلى الإسكندرية، والمبدع هو مرآة وانعكاس للمكان بالأساس، لذا فالمكان لدى له الحضور الذي قد يراه البعض طاغياً على العمل، ولكن استخدام المكان لا يعني بالضرورة أن يحكم البعض على أعمالي من منظور مكاني فقط، وإغفال منظور آخر، والحقيقة أنني منذ الصغر أرى المكان بطبيعته الاجتماعية قبل طبيعته الديموغرافية، فقد كنت ممثلاً عن أبي بين الشيوخ في الجلسات مثلاً، وعندما أتناول المكان فأنا أعكس واقعاً من أجل تشريح اجتماعي أكبر، كحال رواية (كرم العنب)، فهي رواية تتحدث عن مصر بكاملها وإن اتخذت طبيعة مكانية معينة، والأهم في الأدب هو عالمية المكان وإنسانيته، فقد ترى (كرم العنب) في بلاد أخرى عبر التأمل في شخوصها وانفعالاتهم وفي تطور صراعهم الدرامي، وخلاصة القول إن المكان بالنسبة لي هو مفتاح للانطلاق إلى عوالم أخرى”.

ويجيب عن سؤال إلى أي مدى تحتفي بسيرتك الذاتية: “هذا أيضاً من الخلط في القول لدى قلة من النقاد، ما من شك أن التجارب الحياتية أو السيرة الذاتية، قد تقفز للذهن لحظة الكتابة ولكن إذا صححنا القول فهناك سيرة لأبي منثورة هنا وهناك بشكل غير مكثف، وستجدها في روايتي التي تصدر قريباً بعنوان (إمبراطورية حمدان)، ولكن عن نفسي لم أكتبني بعد، وإن كنت بصدد ذلك في روايتي التي أعيد تنقيحها الآن (جوليا اليونانية)، وذلك ينطبق على أدب محفوظ أيضاً فأنا لا أتفق مع ما أثير عن تلميح لسيرة ذاتية تخص محفوظ في عمل هنا أو هناك، على الكاتب أن يكتب ما شاء، وعلى الناقد قول ما شاء بشرط ألا نفرض رؤية أحدهما على الآخر، وأعتقد أن اللبس يأتي من خصوصية العمل والمكان والشخوص فيستسهل البعض القول: إن هناك سيرة ذاتية في (كرم العنب)” .

وفاته..

توفي ” عبد الوهاب الأسواني” في 3 يناير 2019

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب