“عبد الله صقر”.. صاحب أول مجموعة قصصية إماراتية

“عبد الله صقر”.. صاحب أول مجموعة قصصية إماراتية

خاص: إعداد- سماح عادل

“عبد الله صقر” قاص إماراتي. صاحب أول مجموعة قصصية إماراتية بعنوان (الخشبة).

“قطع مظلمة من الليل”..

بعد توقف عن الإصدار والنشر لأربعة عقود، أصدر “عبد الله صقر أحمد المري” كتابه «قطع مظلمة من الليل»، في حفل نظّمه الصالون الثقافي «المستطيل الأدبي» للشاعر أحمد عيسى العسم في رأس الخيمة.

قال صاحب دار «العنوان للنشر والتوزيع»، التي نشرت الكتاب القاص “محسن سليمان”: «شرفنا الأديب عبد الله صقر باختيار «العنوان» للعودة إلى الساحة الأدبية وهو المتيم بالكتابة، الذي لم يتوقف عن التدوين وطرح رؤاه وأفكاره على الرغم من عزوفه عن النشر طوال أربعة عقود مضت عندما نشر مجموعته القصصية التاريخية «الخشبة» ليصبح علامة من علامات الأدب في الإمارات»، في «قطع مظلمة من الليل» فضّل عدم تجنيس محتواه وترك للقارئ حرية تذوق الشعر والاستمتاع بحرفية المعنى في الصورة والنثر.

وقال  “عبد الله صقر”: «هذا إصداري الأول بعد انقطاع طويل منذ نوفمبر 1975 تاريخ إصدار المجموعة القصصية «الخشبة»، وأطرح اليوم إصداري الجديد، متمنياً أن يكون محتواه بمستوى ما تنهله الساحة الأدبية والثقافية من إنتاج وأن يعود عليها بالفائدة الإبداعية، أعتبر كتابي إضافة إلى كل كتاباتي التي لم أنقطع عنها، والتي حتما أعتز بها كثيرا وأتمنى لبعضها أن يصل إلى القارئ في أحد الأيام».

قال الشاعر “أحمد العسم”: «عودة عبد الله صقر تبعث السرور إلى القلب لِما لهذا المبدع من آراء ورؤى متقدمة، فهذا إخلاص ووفاء للكتابة والنشر واستمرار الإبداع، فأشكره على نظرته الصائبة نحو كل شيء رآه وتحقق وأتمنى له الأفضل».

وقال الشاعر “هاشم المعلم”: «يعود رائد القصة القصيرة في الإمارات الأديب والشاعر عبد الله صقر أحمد، بعد مثابرة وتأمل مضيئاً فضاء الساحة الثقافية بنصوص «قطع مظلمة من الليل»، التي صحبت عبد الله صقر في رحلاته وأسفاره نحو عواصم وتحديدا طوكيو، وبرشلونة، ودبي، ليرسم بخيال شاعر قطعا مضيئة بالأمل والتفاؤل، وقد أسبغ كثيراً من تأملاته الشاعرية ليثبت لنا وجوده الفكري، ولو أنه توارى قليلاً عن المشهد الثقافي».

وقال الشاعر والقاص “عبد الله السبب”: «رائد القصة القصيرة الإماراتية عبر «الخشبة» القصصية، ورائد قصيدة النثر عبر«اغتراب في زمن مسلوب»، لا يزال محافظا على لياقته اللغوية، ولا يزال في صُلب المشهد الثقافي على الرغم من ندرة تواجده في عالم النشر والكتب»، وأن العنوان الذي أطلقه على مشروعه الأدبي الجديد «قطع مظلمة من الليل»، يفتح الباب لأسئلة عدة: هل نصوص كتابه هذا أشد حلكة من الليل؟ أم أن ثمة فكرة ما تختبئ في نفسه؟”.

الخشبة..

استضاف اتحاد كتاب وأدباء الأمارات فرع دبي،  في مكتبة دبي العامة فرع الصفا “عبد الله صقر” صاحب أول مجموعة قصصية “الخشبة” حيث روي عن المجموعة القصصية وكيف استخدم مخيلته في استلهام حياته اليومية الهادئة قصصا مليئة بالأحداث المشوقة التي تمتليء بدهشة الفكرة وعمق الحدث.

وعن تأثير البحر عليه في صياغة إبداعه قال أن للبحر وأهواله دورا كبيرا في بلورة شخصيات قصصه وأشعاره وحياته اليومية، فالبحر على اتساعه وقسوته كان خير معلم وصديق.

وحول عن مشروعه القديم في الإنتاج السينمائي قال إنها فكرة قديمة بدأتها منذ التسعينيات جهزت لها معدات متطورة وقد أنجزت (برومو) لأحد البرامج التلفزيونية، وتداخل  القاص إبراهيم مبارك بقوله إن مجموعة “الخشبة” أثارت لغطًا كبيرًا وقت صدورها، وهذه ضريبة إبداء الرأي .لقد تكبد جيلنا الكثير من أجل المحافظة على كلمته، فالطريق لم تكن سهله بعكس هذه الأيام”.

رثاء..

في مقالة بعنوان (عبد الله صقر المري) كتب “إبراهيم الهاشمي”: “أنت «الخشبة» أنينا حزينا، أول أمس، أنينا يفطر القلوب. أنينا يسح وجعه كأنه «اغتراب في زمن مسلوب». و«سهيل» سواءً كان أسما أو ريح هبوب، توقف في صمت بلا نبض ولا حركة ولا صوت. كان الوقت حينها «قطع مظلمة من الليل»، ترزح على القلوب فتزيد من صدمتها، فتنطلق بآهة حرى، وزفرة تشق الصدر وكأنها خنجر غرس لتوه دون سابق إنذار. لقد جاء الخبر صادما موجعاً “توفي عبد الله صقر أحمد المري”.

عبد الله ذلك العملاق الحيي، الطيب الشهم، صاحب قلم الريادة والسبق الذي أصدر أول مجموعة قصصية في الإمارات، ولم يكتف بذلك، فأصدر أول مجموعة شعرية لقصيدة النثر في تاريخ الإمارات، أديب بمعنى الكلمة، يغلب طبعه الهدوء والسكينة، بالرغم مما يشتعل بين جنبيه من لهيب الإبداع والفكر الذي سال عبر أربعة مؤلفات صدرت في أزمنة مختلفة، خطفته الرياضة فتوجه لها بكل جوارحه، لاعبا مميزا ثم مدربا متألقاً له صيته ومكانته، وصاحب مدرسة كروية لها أسلوبها ومفهومها، لكن حنين الحرف والكلمة والإبداع كان يتأجج بين جنبيه، فعاد للقلم يبثه لواعجه وفكره ورأيه، فكان متميزا في كل مراحله، سواءً في الإبداع والأدب أو في الرياضة”.

ويضيف: “عرفته ذلك الذي يغلب صمته على حديثه، يقطر تهذيباً إذا تحدث بصوته الهامس الحَيي والأدب الجم، يسمع أكثر مما يتحدث، لم يغره بريق الشهرة بتاتا، فكان يتجنب الظهور الإعلامي ما استطاع إلى ذلك سبيلا، يعمل على نفسه بدأب شديد، قراءة وتعلما، التقينا مرارا في «العربي مول»، حيث كان يجلس هناك في أحد المقاهي برفقة «كمبيوتره» يكتب أو يقرأ، وإذا جالسته يكون كنسمة ندية ليس فيها إلا الطيب دون بهرجة أو تعال أو غرور أو نميمة.

عبدالله صاحب البدايات والبصمة الأولى في المؤلفات القصصية والنثرية في الدولة، شخصية استثنائية فقدت الإمارات بفقده أديباً حقيقياً ملتزماً أنيقاً يعرف لكل شيء حدوده، كبير في حضوره، كبير في كتابته، كبير في تعامله، وكم هو كبير موجع غيابه.”

الشكل الفني..

في مقالة بعنوان (بنية الشكل الفني في “خشبة” الإماراتي عبد الله صقر) كتب “أحمد عزيز الحسين”: “تشكِّل القصة عند القاص الإماراتي عبد الله صقر لحظة أو ومضة، ويتميز شريطها اللغوي بالقصر أو القصر الشديد، كما أنها تخلو من الترهل والحشو، وتتميز بالاقتصاد اللغوي والتكثيف، وليس في المتن الحكائي للقصة أي حضور مباشر للكاتب، ولا هيمنة له على السيرورة الجمالية للقصة، أو على حركة السرد، إلا في قصة الزوبعة حيث يحرص الراوي المشارك في هذه القصة على إثبات ملحوظة في الهامش تفيد أن ما حدث في القصة واقعي؛ فيضع يدي القارئ على عكاز تواصلي يشي بالتعامل مع المادة المقروءة على أنها حقيقية، وبذلك يفصل الوقائع التي يصورها عن بنيتها السردية التي تتعالق معها، ويلحقها ببنية المرجع الخارجي الذي يوهم به.

كما أن القصة، عند عبد الله صقر، تحافظ على العمود السردي عمومًا، وتحرص على خلق صراع بين طرفين متقاطبين بغية دفع الفعل الصاعد إلى الأمام، ماعدا قصة واحدة هي السقوط انتهك فيها الكاتب السرد الخطي، فبدأ قصته من لحظة التنوير ثم عاد بلقطة (فلاش باك) إلى الافتتاحية السردية، ولاحق بعد ذلك تنامي الحبكة التقليدي، وانتهى إلى الخاتمة السردية التي جعلها بداية لقصته، وقد سمَّى الدكتور يوسف حطيني هذه التقنية من القص بـ”البنية الدائرية”؛ لأن الكاتب ربط فيها أول السرد بآخره عن طريق إعادة بنية لغوية أو حدثية”.

ويضيف: “وقصص الخشبة لا تصور الشخصية المحورية في حالة الفعل، بل تصورها عنصرا سرديا منفعلا يتلقى نتائج ما يجترحه الآخرون من أفعال، وهي تحرص على تغييب المكان، وتعويم الزمان، والتكتم على الدلالة، وتهمل، عند رسمها للشخصية، اسمها وملامحها الإنسانية المشخصة، إلا أنها تنثر في النسيج السردي، أحيانًا، بعض الملفوظات اللسانية التي تحدد منبتها الاجتماعي، والحافز السردي الذي يحركها في المتن الحكائي”.

وفاته..

توفي “عبد الله صقر”  3 مارس 2025، عن عمر ناهز 73 عاماً، حيث ووري جثمانه الثرى ، في مقبرة القصيص بدبي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة