13 أبريل، 2024 9:16 ص
Search
Close this search box.

عبد الفتاح القصري.. اشتهر بدور ابن البلد وأبدع  في الكوميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“عبد الفتاح القصري” ممثل مصري ويعد أحد عمالقة الكوميديا في السينما، والده كان ثريا يعمل في تجارة الذهب، ولد في 15 أبريل 1905، درس بمدرسة “الفرير” الفرنسية، جمع “عبد الفتاح القصرى” في طفولته بين مخالطة أبناء الطبقة الراقية في المدرسة وبين انتمائه وحبه لأولاد البلد الشعبيين في الجمالية ومقاهيها وشوارعها، ودائمًا كانت ترجح الكفة الثانية فأحب حياة الباعة والمعلمين وولاد البلد وتأثر بهم، وعمل لفترة مع والده فأظهر خلالها براعة في التحدث مع الزبائن الأجانب.

حياته..

تعرف “القصري” على عدد من فناني المسرح، وعشق الفن والتمثيل وبدأت محاولاته لاحتراف الفن، فالتحق بعدد من الفرق المسرحية ومنها فرقة “فوزى الجزايرلى”، و”عبد الرحمن رشدي”، ولكن هذه الفرق تعثرت وواجهت بعض المشاكل وخلال هذه الفترة ثار غضب والده عليه بسبب تأخره وسهره، ووجد الحل في أن يزوجه.

وبالفعل تزوج من أولى زوجاته في أغسطس عام 1916، ولكنه طلقها بسبب عدم الإنجاب واستمر في طريقه الفني. إلى أن غضب عليه والده وطرده وهدده بالحرمان من الميراث إذا ما استمر في طريق التمثيل ولكنه أصر على موقفه وعلى استكمال مشواره الفني.

استمر “عبد الفتاح القصري” في طريق الفن رغم غضب والده والتحق بفرقة “جورج أبيض”، كما ذكر المؤرخ الفني “ماهر زهدي”، وتحمس له “جورج أبيض” بعدما عرف إتقانه للغات وقدرته على ترجمة المسرحيات، وأعطاه دورًا في مسرحية “أوديب ملكا”. وقف أمام “جورج أبيض” في مسرحية تراجيدية جادة، ليقوم “أبيض” بدور “أوديب”، بينما يقوم “القصرى” بدور العراف الأعمى، فيقول “أدويب” للعراف الذي وصفه بالقاتل “صه يابن الجحيم”، ويأتي الدور على العراف “عبد الفتاح القصري” الذي أراد التجويد فرد بصوته وطريقته المميزة “واحسرتااااه أنا تقوللى صه”، فانفجر الجمهور ضحكًا، وارتبك “جورج أبيض” وغضب بعدما أخرجه “القصري” من حالة الاندماج مع الشخصية، فأمر بإغلاق الستار، وانفعل على “القصري” في الكواليس ووصفه بالفاشل وأنه لن يكون ممثلًا أبدًا، وتعجب “القصري” لأنه ظن أن ضحك الجمهور معناه نجاحه، فازداد انفعال “جورج أبيض” وصفع “القصرى” على وجهه وطرده من المسرح، وصدرت الصحف في اليوم التالي لتتحدث عن واقعة ضرب “جورج أبيض” لممثل مبتدئ أفسد العرض المسرحي، واعتقد القصري أن هذه الصفعة كتبت نهاية مشواره الفني القصير ولن تقبله أي فرقة مسرحية بعدما انتشرت تفاصيل الواقعة وحكم عليه “جورج أبيض” بالفشل.

لم يكن “القصرى” يعلم أن هذه الواقعة ستكون سببًا في انطلاقه الفني وسوف ترسم خارطة طريقه ليكون أحد عمالقة الكوميديا الذين لا يتكررون. فبمجرد أن سمع “نجيب الريحاني” بأن فنانًا مغمورًا طرده “جورج أبيض” لأنه أضحك الجمهور بدلًا من أن يبكيه، بحث “الريحاني” عن هذا المغمور ليضمه إلى فرقته، وبعدما عثر عليه وقع معه عقدًا للعمل في فرقته.

تألق “القصري” في فرقة “الريحاني” وربطتهما علاقة صداقة قوية، وبدأ طريق الشهرة والنجومية التي رسمها بهيئته وطريقة كلامه وخفة ظله وإيفيهاته وهو يجسد شخصية ابن البلد والحانوتى والمعلم، وخلال هذه الفترة تزوج مرتين ولكنه لم يحقق حلم الإنجاب، وفى فترات سفر “الريحاني” كان يعمل في فرقة “على الكسار” وحقق شهرة واسعة.

السينما..

لم يقتصر تألق ونجاح “القصري” على المسرح فقط وبدأ مشوار تألقه السينمائي عام 1935 عندما اختاره “فوزي الجزايرلي” للمشاركة في فيلم (المعلم بحبح)، ولفت الأنظار إليه وبدأت تنهال عليه العروض السينمائية خلال فترة الأربعينات والخمسينات، حتى وصل عدد الأفلام التي يشارك فيها خلال العام الواحد إلى 10 أفلام بخلاف العروض التي يرفضها، فضلًا عن المسرحيات التي شارك فيها، ورغم أنه كان يقوم بدور السنيد أو الدور الثاني، إلا أنه كان يخطف الأضواء ويلفت الانتباه أكثر من أبطال العمل الفني في أحيان كثيرة.

وكانت وفاة “الريحانى” من أكبر صدمات حياة “القصري” الذي لم يكن يفارقه في أيامه الأخيرة،  وبعدها كون “القصري” مع “إسماعيل ياسين” ثنائيًا فنيًا وكان أحد أركان الفرقة المسرحية التي كونها “إسماعيل ياسين”، وتجلى “القصري” في كل أدواره، وأصيب بمرض السكر عام 1951 بعد وفاة والدته.

عرف “القصرى” ما يريده منه الجمهور ورفض أن يخرج عن جلباب وعباءة ابن البلد يقول: “أنا لا أصلح إلا لأدوار أولاد البلد، صاحب قهوة، جزار، حانوتي، ماقدرش أمثل دور باشا عمري ما قعدت مع باشوات”.. هكذا رد “القصري” ضاحكًا عندما عرض عليه المخرج “أحمد بدرخان” عام 1951 المشاركة في فيلم “مصطفى كامل” بتجسيد شخصية “زكى باشا مبارك”.

قدم مع “نجيب الريحاني” ثنائيًا فنيًا مازال حاضرًا حتى اليوم، حيث قدما معًا فيلم (لعبة الست)، و(سي عمر)، وذلك خلال فترة عمله بفرقة “نجيب الريحاني”. وعندما انتقل إلى فرقة “إسماعيل ياسين”، كونا معا ثنائيًا آخر، فقدما  (ليلة الدخلة، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، ابن حميدو، إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين، الآنسة حنفي، وحماتي قنبلة ذرية، حرام عليك). ومن أشهر أدواره هو دوره في فيلم (ابن حميدو) حيث لعب دور “المعلم حنفي شيخ الصيادين”. كما لعب في وقت متأخر دوراً مميزاً في فيلم (سكر هانم) وهو دور “المعلم شاهين الزلط”. ومثل “عبد الفتاح القصري” حوالي 63 فيلم وكان آخرها (سكر هانم) 1960.

ومن أشهر المسرحيات التي قدمها: (قسمتي، الدلوعة، الشايب لما يدلع، الجنية المصري، 30 يوم في السجن، حسن ومرقص وكوهين، ماحدش واخد منها حاجة)..

ومن أفلامه: (سكر هانم 1960 – شجرة العائلة 1958- إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين1957-    ابن حميدو – إسماعيل ياسين في جنينة لحيوانات-

1956- القلب له أحكام – إسماعيل يس في متحف الشمع-1955         إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة- 1954    الآنسة حنفي- المحتال- إوعى تفكر- كدبة إبريل- العمر واحد- حسن ومرقص وكوهين – الأستاذ شرف).

قصر القامة..

عايش “عبد الفتاح القصري” قصصًا كثيرة بسبب قصر قامته، فمثلما كانت هي علامته المميزة في عالم الفن كانت سببًا أيضًا في أن تتركه خطيبته الأولى، قال “القصري” في حوار قديم له: “تعرضت لكثير من المتاعب بسبب قصر قامتي، وكان ذلك سببًا في هروب عروستي الأولى التي خطبتها وأنا في الـ16 من عمري”.  جاء إليه الرفض والسبب أنه قصير، قائلا: “علمت أن العروسة رفضت الزواج مني، لأنني قصير القامة”، ولكنه عاد يشكر الله على قصره الذي نجاه وبعد سنوات “حمدت الله على قصر قامتي الذي كانت سببا في فسخ هذه الخطبة، فقد كانت تقاليد زمان لا تسمح للعريس أن يرى عروسته إلا ليلة الزفاف فلم أرَ هذه الخطيبة، بل تقدمت لخطبتها من والدها كما كانت تقتضى التقاليد. وتابع: “بعد مرور سنوات رأيتها تسير في الطريق، وأشارت إليها إحدى قريباتي قائلة خطيبتك أهه، فنظرت إليها واستعذت بالله من الشيطان، وأسرعت بالمشي خشية أن تعدِل عن فسخ الخطبة، فقد كانت قبيحة الشكل إلى أبعد حد».

وفاته..

وهو يؤدي دورا في إحدى المسرحيات مع الفنان “إسماعيل ياسين” إذا به يصاب بالعمى المفاجئ فيصرخ قائلا (لا أستطيع الرؤية) وظن الجمهور أن هذا الأمر ضمن أحداث المسرحية فزاد الضحك ولكن أدرك “إسماعيل ياسين” حقيقة الأمر فسحبه إلى كواليس المسرح. ومع إصابته بالعمى تنكرت له زوجته الرابعة التي كانت تصغره بسنوات كثيرة وطلبت منه الطلاق بعد ما جعلته يوقع على بيع كل ممتلكاته لها، وتزوجت من صبي كان يعطف عليه “القصري” ويعتبره الابن الذي لم ينجبه، وقد زادت هذه الصدمة إصابته بالاكتئاب وظل حزينا في منزله رافضاً للحياة، جاءت الحكومة لتكمل على باقي الأمان في حياته وهدمت له البيت الذي كان يسكن فيه فاضطر إلى أن يقيم بحجرة فقيرة جداً تحت بير السلم في أحد البيوت الفقيرة في حي الشرابية، وأصيب من الفقر والبرد وعدم الاهتمام بتصلب في الشرايين أثر على مخه وأدى إلى اصابته بفقدان للذاكرة،

في السنوات الأخيرة “للقصري” وعقب اشتداد المرض عليه، ونقل بعض وسائل الإعلام المصرية ما تعرض له على يد طليقته، قامت كل من الفنانة “نجوى سالم” والفنانة “ماري منيب” بمخاطبة السلطات لإنقاذه، فقررت نقابة الممثلين صرف إعانة عاجلة ومعاش شهري له، وسعت “نجوى سالم” أيضاً لدى محافظ القاهرة وقتها، فحصلت “للقصري” على شقة بالمساكن الشعبية في منطقة الشرابية، وتبرع الكاتب “يوسف السباعي” بمبلغ 50 جنيهاً لشراء غرفة نوم حتى يجد “القصري” سريراً ينام عليه، كما قادت الفنانة “هند رستم” حملة بين الفنانين للتبرع لعلاج زميلهم. وجاءت نهايته في مستشفى المبرة حيث وافته المنية في 8 مارس 1964 ولم يحضر جنازته سوى ثلاثة أفراد أسرته فقط والفنانة “نجوى سالم”.

https://www.youtube.com/watch?v=cGj0thEvO_M

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب