16 نوفمبر، 2024 9:47 ص
Search
Close this search box.

طاووس عمروش.. أول روائية جزائرية وأشهر مطربة أمازيغية

طاووس عمروش.. أول روائية جزائرية وأشهر مطربة أمازيغية

كتبت: سماح عادل

“طاووس عمروش” كاتبة، وروائية، ومطربة جزائرية، اسمها “ماري لويزة”، ولدت في 4 مارس 1914 بتونس، والدها “بلقاسم عمروش” الذي تعود جذوره إلى قرية “إيغيل علي” ببجاية، في الجزائر،  وأمها “فاطمة آيت منصور”، ولدت في عائلة تابعة لقبائل الأمازيغ التي اعتنقت الكاثوليكية الرومانية، وكانت الابنة الوحيدة في أسرة مكونة من ستة أبناء، انتقلت عائلتها إلي تونس هربا من الاضطهاد بعد اعتناقهم للكاثوليكية.

كانت أمها “فاطمة آيت منصور” مطربة مشهورة في قبائل الأمازيغ، وكان لذلك تأثير كبير علي “ماري” في حياتها، وفي أسلوبها الأدبي، الذي يعكس التقاليد الشفوية لقبائل شعب الأمازيغ، أنهمت “ماري” دراستها الابتدائية والثانوية في تونس في 1935، وفي 1936 ذهبت إلي فرنسا لعمل دراسات في مدرسة المعلمين, بدأت “ماري” بترجمة أغاني القبائل بالتعاون مع شقيقها الأكبر “جون عمروش” ووالدتها. و في عام 1939, تلقت “ماري” منحة للدراسة في اسبانيا، وهناك قامت بعمل بحث في العلاقات بين الأغاني الشعبية الأمازيغية والأسبانية.

عائلة عمروش..

لم يكن الحديث عن عائلة “عمروش” إلى وقت قريب  في الجزائرسهلا أبدا، بل كان من قبيل المحرمات لكونهم من دين المستعمر، حيث حرمت من وطنها ومن جنسيتها ومن ممارسة جزائريتها لأنها أعتنقت المسيحية، “جون موهوب عمروش” الأخ الأكبر ل”طاووس” كرمه الرئيس السنغالي في دكار في 21 مارس 1977، ويومها ألقى خطابا مطولا قال فيه “إن نضال أسرة عمروش فخر لكل إفريقيا”، ولقد ظل “جون موهوب” يحلم بأن “جزائر الغد لن تكون فرنسية ولا عربية ولا أمازيغية لكنها ستكون كل هذا”، لكن للأسف ظل الموقف الجزائري الرسمي من هذه العائلة متعنتا.

لقد كانت عائلة ” عمروش” من صفوة المثقفين الجزائريين بعد نهاية حرب التحرير، غير أن جزائر ما بعد الستين، تنكّرت لها وجعلت إبداعاتها طي النسيان، وقد كانت الأم فاطمة، وهي صاحبة الكتاب الرائع”تاريخ حياتي”، وكان يحوي مزيج من تعدد الثقافات والأعراق، والابن “جون موهوب” كان موسيقي وكاتب، وكانت “طاووس عمروش” شاعرة وروائية ومطربة شهيرة في فرنسا.

فاطمة آيت

الكتابة..

كتبت “طاووس عمروش” بالفرنسية أغلب نصوصها، لكنها سعت إلى حفظ التراث الأمازيغي الذي تنتمي إليه، و كانت أول امرأة جزائرية تقوم بإعادة كتابة تراث أجدادها وتمثل هذا الإرث العريق في نصوص روائية وقصصية، كتبت “طاووس” عن معاناة المرأة والتقاليد البالية، كما قامت بتسجيل الحكايات الشفهية، والأساطير، والأمثال، والحكم الشعبية الأمازيغية، وبفضلها تم إنقاذ هذا الإرث من الضياع.

أول رواية نشرتها كانت في 1947 باسم ” الياقوتة السوداء”، وعندما نشرت مجموعتها “البذرة السحرية” في 1966 كتبته باسم “مرغريت   طاووس” اعترافا بفضل أمها التي علمتها الكثير من الأغاني والحكايات والكثير من التراث الشفاهي، ومرغريت هو اسم أمها بعد أن اعتنقت المسيحية.

و كانت روايتها الأولي  تحكي سيرتها الذاتية،وكانت أول رواية  تنشر في فرنسا بقلم مؤلفة من شمال إفريقيا، و حصلت علي جائزة “نوم دى بالم” باسم “مارغريت طاووس”, وذلك بفضل المجموعات القصصية و القصائد في عام 1966.

عنها تقول الباحثة الجزائرية جوهر أمحيس “كتاباتها متميزة تحمل هموم امرأة كانت تسعى إلى فهم ذاتها وإلى أن يفهمها الغير” وأضافت “أن الأديبة في الرواية الأولى والثانية كانت تتحدث كثيرا عن أسرتها، وعن الطفولة والأرض، خاصة الوطن الأصلي، بينما في الكتابين الأخيرين “العاشق الخيالي” و”اعزلة أمي” أبدت فيهما الكثير من النضج والاستقرار”.

الغناء..

أثناء كتابتها باللغة الفرنسية كانت تغني، فقد أدت طاووس العديد من الأغاني باللّغة الأمازيغية، وكانت ذات طابع “الأوبيرالي”، أو ما يعرف في منطقة القبائل بـ “أشويق”، وقد اشتهرت بهذا النمط الغنائي، ومثلت الجزائر من خلاله في عديد المحافل الدولية، مثل “مهرجان داكار للفنون الزنجية” العام 1966، وهي نصوص جمعها وترجمها أخوها “جون الموهوب” إلى اللغة الفرنسية، في كتاب “الأغاني الأمازيغية”.

صدر ألبومها الأول عام 1967 و حقق نجاح كبير، وكان عبارة عن مجموعة من الأغاني التراثية للقبائل الأمازيغية، كما قامت بتسجيل عدة ألبومات أخري منها “الأغاني حفظت من النسيان”, و”إجلالا إلي أغنية عميقة”, وكانت ناشطة في قضايا الأمازيغ، و كانت من ضمن مؤسسو أكاديمية الأمازيغ في 1966..

إن ارتباط “طاووس عمروش” بالقبائل لا يظهر فقط في الأغاني والروايات والأشعار التي كتبتها، لكنه يظهر أيضا عبر الثياب والحلي التي كانت ترتديها وتظهر بها، وكأنها تنشر للعالم قصة جبال القبائل والحقول التي كانت تزورها أثناء العطل كلما غادرت تونس نحو القبائل الكبرى.

قال عنها مالك حداد:”بصوت الطاووس عمروش تقدم الجزائر أوراق اعتمادها لمملكتي الله والناس”، والمفكر الفرنسي الكبير أندريه بروتون وصفها قائلا “إنها الملكة نيفرتيتي بعثت في زمن آخر”.

نضال الهوية..

ناضلت “طاووس عمرووش” طوال حياتها من أجل الهوية الأمازيغية، لكنه كان نضالا ثقافيا بعيدا عن التسييس والسياسة، لذا انسحبت من الأكاديمية الأمازيغية بباريس، التي شاركت في إنشائها عام1966  حين شعرت أن هناك محاولة لتسييس القضية.

التهميش والتجاهل الجزائري..

عاشت “طاووس عمروش” التنكر وتعمد التهميش، حيث لم تزور الجزائر إلا قليلا، فقد تمت دعوتها في نهاية الستينيات لتحاضر حول أخيها “جون موهوب عمروش”، وعادت مرة أخرى بدعوة رسمية من الطالب الإبراهيمي، وزير الثقافة والإعلام، في ذلك الوقت، لتكون ضيف شرف “المهرجان الثقافي الإفريقي” الذي احتضنته الجزائر سنة 1966 وكان مقررا ألا تغني، لكن “طاووس” رفضت هذا القرار الذي رأته ظلما لها في مقال  نشر في صحيفة “لوموند” الفرنسية، وتحدت قرار السلطات يومها واعتلت منصة الغناء أمام الطلبة والشباب في “بن عكنون”، وكان تصرفها هذا  بداية تردى العلاقة بين “طاووس عمروش” والسلطات الجزائرية، خاصة عندما فتحت النار في ثالث زيارة للجزائر على العديد من المسئولين والوزراء، حيث تم احتجازها بمطار “هواري بومدين” ولم يطلق سراحها إلا بعد تدخل سفير الجزائر في باريس يومها “رضا مالك”.

ومنذ ذلك الوقت تم التهميش الكامل لها، حيث تم إتلاف تسجيلاتها من القناة الثانية وطمس سيرتها وسيرة عائلتها، ويرجح أن يكون السبب في تعنت الحكومة الجزائرية مع تاريخ “طاووس” بسبب دعمها للثقافة الأمازيغية التي كانت الحكومة ترفض الاعتراف بها، وترفض الاعتراف حتى بوجود شعب أمازيغي.

أعمالها..

صدر لها كتب ما بين رواية وقصص قصيرة ” الياقوتة السوداء 1947، البذرة السحرية، شارع الدفوف 1969، العاشق المتخيل 1975، عزلة أمي 1995، كما صدرت لها ألبومات منها “أغان قبلية امازيغية 1967، أغان من جبال الأطلس 1971، أغاني حجر الرحى والمهد 1975”.

وفاتها..

رحلت ” طاووس عمروش” بمرض السرطان في “سان ميشال” في 2 إبريل 1976 ودفنت في فرنسا، حيث أوصت أن لا يكتب أي شيء على شاهد قبرها سوى اسمها “طاووس”، مؤكدة بذلك على هويتها.

طاووس

https://www.youtube.com/watch?v=jW9KiXCQK1Y

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة