16 نوفمبر، 2024 6:45 م
Search
Close this search box.

“صلاح نصر” .. حين يريد غسل سمعته بتحطيم أسطورة المبالغة من حوله !

“صلاح نصر” .. حين يريد غسل سمعته بتحطيم أسطورة المبالغة من حوله !

خاص : عرض – سماح عادل :

“صلاح نصر”.. شخصية شهيرة، حيث كان عضواً في “تنظيم الضباط الأحرار” قبل ثورة 23 (تموز) يوليو 1952 في مصر، ثم تولى عدة مناصب هامة بعد قيام الثورة، أهمها أنه كان رئيساً للمخابرات العامة، وبعد هزيمة 1967 حوكم بعدة تهم، منها إستغلال الأموال العامة، واستخدام النساء والضغط عليهن في أعمال منافية للأخلاق لصالح المخابرات، وفي السبعينيات أستطاع الصحافي “عبدالله إمام” أن يجري حواراً مطولاً مع “صلاح نصر”، بعد الإفراج عنه، نشر في كتاب بعنوان: (صلاح نصر يتذكر.. الثورة – المخابرات – النكسة).

يقول الصحافي المصري، “عبدالله إمام”، في مقدمة كتابه أن “صلاح نصر” فتح قلبه وتكلم بصراحة في حوار طويل أمتد لـ 60 ساعة، وهو حوار طويل مع الرجل الذي رأس “جهاز المخابرات العامة” المصري في أخطر سنوات ثورة يوليو.

لقاء ناصر..

يقول “صلاح نصر”، في الحوار، أن أول لقاء مع “جمال عبدالناصر” كان في منتصف 1949، حيث كان “عبدالناصر” مدرساً لفرقة تأهيل لإمتحان أركان حرب، وقد تخرج “صلاح نصر” من كلية أركان حرب 1951، وكان وقتها قد أنضم لـ”تنظيم الضباط الأحرار”، وكان يقوم بتوزيع منشوراته.

محمد نجيب..

يقول “صلاح نصر”، في حواره، عن الأحداث؛ التي تلت ثورة (تموز) يوليو 1952، خاصة في عام 1954 أن: “الخلاف بين محمد نجيب ومجلس الثورة بدأ مبكراً، وكانت الصورة لدى الضباط الأحرار من خلال مجلس الثورة أن محمد نجيب يريد أن يستأثر بالسلطة وحده، وفي رأيي أنها كانت مجرد تكتيكات من الشيوعيين استخدموا فيها محمد نجيب كأداة مرحلية، وأعتصم ضباط المدرعات في ثكناتهم وعقدوا اجتماعاً عاماً وتوجه إليهم عبدالناصر فطلبوا منه حل مجلس الثورة وعودة أعضائه إلى الثكنات وتعيين قائد عام بالأقدمية، وطالبوا عودة الحياة النيابية، ولم ينجح عبدالناصر بإقناعهم بغير ذلك، وقرر المجلس تسليم السلطة إلى محمد نجيب كرئيس للجمهورية وخالد محي الدين كرئيس الحكومة، فكرت وأتخذت قراراً تلقائياً وأمرت بأن تخرج طلعة طيران فوق مبنى المدرعات الذي يعتصم فيه الضباط، كما طلبت تحريك مجموعة من المدافع المضادة للدبابات وأستدعى عبدالحكيم عامر، خالد محي الدين، الذي كان متحالفاً مع محمد نجيب وأخبره بأنه إذا لم يخرج الضباط المتمردون من مبنى المدرعات فسندك المبنى، وخرج الضباط وسلموا أنفسهم وحددت إقامة محمد نجيب”.

إنشاء المخابرات العامة..

عن جهاز المخابرات، يقول “صلاح نصر”: “جهاز المخابرات العامة كان جديداً لم يكن موجوداً قبل الثورة، فقد كان في مصر قبل الثورة جهاز للمخابرات الحربية، يقوم بدور المخابرات العسكرية، بالإضافة إلى جزء من أعمال المخابرات العامة، وكان يقوم بالجزء الآخر قبل الثورة البوليس السياسي التابع لوزارة الداخلية، أما بعد الثورة كان المقصود فصل جهاز المخابرات العامة عن المخابرات الحربية، وتولى زكريا محي الدين رئاسة أول جهاز للمخابرات العامة بعد إنشائها وفصلها عن المخابرات الحربية بعد الثورة، وعلاقتي بالمخابرات بدأت سنة 1956، وعينت 1957 رئيساً للمخابرات، كان همي الأول أن أقوم ببناء جهاز مخابرات يقوم على أسس علمية؛ ويستطيع أن يواجه المخابرات الإسرائيلية بقدرتها الرهيبة. ووجدت أن تنظيم المخابرات على أساس تنظيم مجتمع المخابرات المركزية الأميركية كان أفضل الأنظمة، وأخذنا أيضاً من تنظيم المخابرات الفرنسية والإيطالية، وكان الهدف من المخابرات حماية مصر من المؤامرات الخارجية والداخلية التي كانت ستتعرض لها كأية ثورة جديدة”.

المراقبة..

يجيب “صلاح نصر” عن عمليات المراقبة، التي كان يظن الناس أنها تجري على نطاق واسع: “عملية المراقبة المعروفة في عرف الأمن ليست مراقبة تليفونية فحسب، بل أنها مراقبة كل نشاط العميل، سواء في بريده أو تحركاته أو مقابلاته، وكل هذه توضع في خطة عامة يقوم بها أفراد متخصصون من رجال مكافحة التجسس”.

وعن الذعر الذي كان يشعر به الناس من أن تكون هناك أجهزة تسجيل في مكاتب الموظفين أو في المقاهي، يقول “صلاح نصر”: “أنها أسطورة بثها الخونة، لأنه لو قامت المخابرات أو جهة غيرها بهذا العمل لأحتاجت إلى أفراد يكونون جيشاً كبيراً ومعدات تحتاج لميزانية كبيرة، لقد نشأ التشويش والإضطراب وهذه القصص الأسطورية؛ نتيجة للغموض الذي يكتنف أعمال الأمن بصفة عامة، وقد ذكرت سابقاً أن هناك ما يزيد على أصابع اليدين من أجهزة الأمن حمل عبدالناصر أخطاءها على المخابرات العامة وعلى صلاح نصر لخصومة سياسية”.

تلفيق قضايا..

عن القضايا التي أعدتها المخابرات لأشخاص، يقول: “هناك كثير من القضايا كانت النيابة تفرج عنهم؛ إذا لم تجد الأدلة كافية من وجهة نظرها مثل قضية مصطفى أمين، وهناك من قدمتهم النيابة للمحاكمة وبرأهم القضاء، وهذا يوضح أن مهمتنا تتعلق بإكتشاف الجريمة أي جهاز بحث واستقصاء”. وعن علاقة المخابرات بالصحافيين يقول: “لا يهم المخابرات التجسس على الصحافيين، وهي تتعاون مع بعض الصحافيين بإمدادها بمعلومات عن الدول الأجنبية بحكم عملهم وموقعهم، وكل الدول لها صحف في الخارج تدعم خطها السياسي، وقد قامت مصر بهذا التدعيم بواسطة أجهزة المخابرات”.

المؤامرات..

عن المؤامرات، يؤكد: “تعرضت الثورة منذ يومها الأول لمؤامرات داخلية وخارجية عديدة، منذ البداية واجهت الثورة قضية تخريب مصنع نسيج كفر الدوار، كان وراءه إستفزازات الرأسمالية المستغلة، كما أن بعض صغار ضباط البحرية جندهم أحد أفراد الإخوان المسلمين بالإسكندرية، وهناك مؤامرات خفية قامت بها بعض عناصر من الأحزاب المنحلة، ولكنها لم تتبلور في صورة تنظيمات لقلب نظام الحكم”.

وفي سؤال عن القرارات الإشتراكية في مصر، وهل صدرت نتيجة إنذار من الإتحاد السوفياتي، يقول “صلاح نصر”: “هل القرارات الإشتراكية التي كانت أمل الغالبية العظمى من أبناء الشعب، الذين عانوا مئات السنين، تحتاج إلى إنذار من السوفييت أو غيرهم ؟.. لو تتبعنا القرارات منذ بداية الثورة لجاز لنا أن نسأل من الذي أنذر بأول قانون للإصلاح الزراعي 1952، ومن الذي أنذر بتمصير البنوك والشركات الأجنبية وإنشاء المؤسسة الاقتصادية وفرض مجانية التعليم”.

الإخوان والشيوعيون..

بخصوص “الإخوان المسلمين” والشيوعيين والقبض عليهم، ورجال الأحزاب السابقين واعتقالهم، يقول “صلاح نصر”: “لم يدخل إخواني واحد مبنى المخابرات العامة، وليس للمخابرات أدنى صله بقضايا الإخوان، وأذكر أنه حدث خلاف بيني وبين الرئيس الراحل عبدالناصر بخصوص قضية الإخوان، فبعد أن قامت المباحث العسكرية بالقبض على عدد كبير منهم أتصل بي شمس بدران وأخبرني أن الرئيس أمر بأن تقوم المخابرات العامة بالتحقيق في القضية فرفضت. أما النشاط الشيوعي فكان من إختصاص المباحث العامة، وأقصد هنا النشاط التنظيمي لعملياتهم السرية، والقضية الوحيدة التي تدخلت فيها المخابرات العامة قضية مصطفى أغا، التي كانت تدبر لقلب نظام الحكم لحساب الصين الشعبية، كما لم يكن لرجال المخابرات أية علاقة برجال الأحزاب السابقين”.

التعذيب..

عن عمليات تعذيب قامت به المخابرات، كانت قد كثر الحديث عنها، يقول “صلاح نصر”: “أن ما يخص المخابرات العامة من بلاغات، وعددها 240 بلاغاً المقدمة من المواطنين ليست لنا علاقة بها سوى مصطفى أمين وستة من قضية مصطفى أغا، وآخر ضبط متلبساً بقتل الوزير السوري طعمه العودة وحوكم وأدين، أما ما تبقى من البلاغات، وبها على حد ما سمعت جرائم قتل وتعذيب من الدرجة الأولى، فلا تخص المخابرات من قريب أو بعيد، المخابرات العامة ليست عصابة تتابع المواطنين وتعذبهم، إنما هي جهاز علمي”.

الجنس كوسيلة..

عن سؤال ما هي الأسباب التي دعت إلى استخدام الجنس في المخابرات، يجيب “صلاح نصر”: “الواقع أن استخدام الجنس بمعنى استخدام المرأة وتأثيراتها العاطفية على الرجل؛ ليست بمستحدثة في أعمال المخابرات والتجسس من القدم في جميع أنحاء العالم، وفي التاريخ المعاصر، لكن استخدام الجنس سلاح ذو حدين، فقد ينقلب ضد من يستخدمونه إذا لم يحسن استخدامه، فالمرأة بطبيعتها متقلبة العواطف كثيراً ما تغلب عواطفها وأنوثتها على الواجب، ففي خضم هذه الظروف قد تصبح عميلة للطرف الآخر، إذا ما وقعت في حبه، كان هذا من بين أسباب إحجامنا عن استخدام النساء في باديء الأمر، ولكن ظروف الأمن أجبرتنا على ذلك، هذا بالاضافة إلى أن بعض الزوار كانوا يحضرون هنا لمباحثات سياسية سرية على مستوى القمة يتصلون بنساء، وفي اليوم التالي كانت أجهزتنا تأتي بكل أسرار المحادثات من أفواه هؤلاء النسوة اللاتي يرددنها في كل مكان، هذه المحادثات السرية عندما تنشر أخبارها أليس هذا ضد الأمن القومي ؟.. ألا تصل إلى عملاء الأعداء ؟.. فكرنا أن يكون لدينا طاقم مدرب يمكن السيطرة عليه حتى لا يفشي الأسرار، هؤلاء اللاتي عملن معنا حصلن على تدريب أمن وفرق توعية، نجحنا بواسطتهن في عدم نشر الأسرار السياسية.. كان هذا أساساً هو المنطق الذي جعلنا نستخدم أسلوب النساء، لكنه تطور بعد ذلك، فكرنا في استخدامه في بعض قضايا التجسس وهذا أسلوب معروف تستخدمه كل أجهزة العالم وخاصة عدونا الرئيس إسرائيل، وقد نجحت بعض النساء العميلات لنا في الكشف عن قضايا تخابر لم يكن في إستطاعة الرجال أن يصلوا إليها”.

وبإعتراض المحاور على؛ أن هذا العمل منافي للأخلاق، يقول “صلاح نصر”: “أن معظم أعمال المخابرات غير مشروعة ولكنها مباحة، هنا المصلحة العليا للدولة هي الهدف الأسمى، من هن هؤلاء اللاتي استخدمناهن ؟.. ونحن لا نرغم النساء في أي شيء مهما كانت النتائج، ولا أعتقد أن حماية كيان الدولة ليس أسمى غرض تقوم به المخابرات.. والدولة كانت تعلم كل صغيرة وكبيرة حول استخدام هذا الأسلوب، لم تكن العمليات تتم بطريقة عشوائية أو إرتجالية، كل عميلة تم تجنيدها لها سجل به تاريخ حياتها ومعارفها ونشاطها وعلاقتها بأي موظف، وكل عملية تقوم بها مسجلة بالتفاصيل أسبابها وأهدافها ماذا حققت، لم تكن العملية كما صورها البعض تخضع للنزوات أو للشهوات”.

وعن استخدام الفنانات، يقول: “عدد محدود لا يكاد يعد على أصابع اليد، واللاتي تعاون معنا من الفنانات رحبن فوراً بالعمل معنا، ولكل واحدة منهن ملف موقع بإمضاءها برغبتها، وكل واحدة من اللاتي تعاون معنا حصلت على أجر عما قامت به كاملاً، وبعض اللاتي يتشدقن بالعفة الآن كانت تأخذ أجرها عن كل عملية تقوم بها.. لقد ذكر عن ذلك أسماء عديدة وقصص خيالية قرأتها، وعدد هؤلاء الفنانات كان قليلاً وقد تعاون برغبتهن”.

وعن تصوير السيدات في أوضاع مخلة للتأثير عليهن وإخضاعهن، يقول “صلاح نصر”: “اللاتي كن يعملن في عمليات السيطرة، ليست منهن عنقاء يصعب الوصول إليها، هناك في المخابرات ما يسمى بأعمال السيطرة أي السيطرة على العميل والعميلة، ليست السيطرة فقط هي بطريقة الجنس، هناك أنواع معروفة عديدة من السيطرة كالمال والمخدرات أو الوثائق على العميل بخط اليد أو تسجيل خيانته للوطن، وهناك السيطرة باستخدام الجنس أو الشذوذ الجنسي بإعتبارها نقط ضعف، السيطرة عن طريق التصوير نوع من هذه الأعمال، فالعلاقة بين رجل المخابرات والعميل معه هي علاقة سيد ومسود، الأول يدفع ويأمر والثاني يأخذ ويطيع.. الجاسوس أو العميلة في رأيي يمكن أن يشترى بالمال يمكن أن ينقلب على من يعمل معه، قد يؤدي ذلك إلى قلب الخطة العامة لنشاط المخابرات، والسيطرة ضرورة لاستخدامها إذا ما خان العميل أو العميلة واجبه.. المرأة أكثر تقلباً من الرجل كما قلنا، لذلك كان التصوير للسيطرة عليها في الأوقات الحرجة ولم يستدع الأمر أبداً استخدام هذا الأسلوب لتهديد العميلات لأنهن سرن في الطريق السوي، ولم تخن واحدة منهن الأمانة، وأحياناً وهذه نقطة هامة قد يكون المقصود من التصوير ليس العميلة، ولكن العميل الأجنبي الذي معها”.

الداخل أهم..

عن نكسة 1967، وسعي “عبدالناصر” للتنحي ثم تراجعه عنه، يقول “صلاح نصر”: ” في 10 (حزيران) يونيو أتصل بي عبدالناصر هاتفياً في ساعة متأخرة من الليل وطلب مني أن أولي إهتمامي بالموقف الداخلي، وألمحت أن هذا من مسؤولية وزارة الداخلية والمباحث العامة، وأن هذا سيؤثر على عملنا في الخارج، فقال لي: لا يهمني في هذه الفترة أي شيء عن الخارج، ولا أريد منك أن تبذل أي نشاط في الخارج، أريد أن أعرف كل ما يدور في الداخل أريد تقارير مستمرة عن الرأي العام الداخلي، أنا لا أثق في المباحث العامة وأحملك مسؤولية أمن البلاد الداخلي في تلك الظروف، وأريدك أن تنتشر في جميع المحافظات وتحمي البلاد من أي تخريب معنوي ومادي.. كان عبدالناصر حازماً في تعليماته فقبلت المهمة وحولت المخابرات من جهاز معلومات إلى جهاز أمن”.

محاكمة صلاح نصر

https://www.youtube.com/watch?v=6rERZ1YB4_E

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة