4 مارس، 2024 3:32 م
Search
Close this search box.

صعود وهبوط .. “الحركة النسائية العراقية” وفقاً لإختلاف السلطة

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد – سماح عادل :

الحركة النسائية ترتبط دوماً بالوضع السياسي الذي تنشأ في ظله.. ويرتبط نمو الحركة النسائية بوجود قدر من الحرية السياسية في بلد ما، وتوافر سلطة متسامحة ومعتدلة إن لم تكن تقدمية، حيث أن هناك عداء شرس ما بين الرجعية والمساواة ما بين الرجل والمرأة وتوفير الحقوق الخاصة بها.

أول معركة للمرأة العراقية..

أبطال ثورة العشرين

يعتبر المؤرخون أن أول مساهمة وأول معركة خاضتها “المرأة العراقية” في تاريخها الحديث في “ثورة العشرين”، في الريف والمدينة، تلك المساهمة ساعدت على تشكيل بدايات الوعي بقضية المرأة، وحثت العناصر الواعية من الوطنيين التقدميين والماركسيين والشخصيات السياسية، وعدد كبير من الأدباء والشعراء “عرباً وكورداً” إلى المشاركة في الصراع الفكري حول قضية المرأة، ورغم المعوقات ومقاومة المحافظين فإن تأثيرات حركة تحرر المرأة في “مصر وتركيا” انتقلت إلى “العراق”، كما أسهم انتصار الثورة البلشفية في 1917 في ظهور اتجاه لنصرة المرأة وسط فئة المثقفين والتقدميين ومنهم “حسين الرحال”، ولعبت صحيفة “الصحيفة” عام 1924 دوراً هاماً، وكانت السيدة “أمينة الرحال” والسيدة “حفصة خان النقيب” رمزين للتحرر، وتم شن حملة إعلامية مطالبة بالتحرر الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وأسفر ذلك عن ازدياد عدد المدارس وإقبال الفتيات على التعليم، وانحسار الحجاب، وتوسيع إدراك المرأة بضرورة قيام جمعيات نسائية ذات أهداف اجتماعية، فكانت أول جمعية من هذا النوع باسم “جمعية النهضة النسائية” ومجلتها “ليلى”.

ضد معاهدة 1930..

في السنوات التالية لـ”ثورة العشرين” شهد العراق نمواً في الوعي الوطني والسياسي، وشمل النضال من أجل الاستقلال والتصدي لمعاهدة 1930 الاستعمارية حركة جماهيرية واسعة، من ضمنها النساء، وظهرت أحزاب وطنية ذات برامج تقدمية، في مقدمتها “الحزب الشيوعي العراقي” الذي أسس في 1934، والذي تبنى قضية المرأة واعتبرها جزء من قضاياه الأساسية، هذه التطورات شجعت بعض النساء على الانتماء إلى بعض الأحزاب، والتفكير في تشكيل منظمات نسائية ذات أهداف مختلفة، منها خيرية واجتماعية كحماية الأطفال أو الخدمات الصحية “الهلال الأحمر”…، أو منظمات نسوية تجمع بين هدف تحرير المرأة العراقية والتحرر الوطني، وأصدرت مجلات نسائية عديدة، وبدأ إنشاء المدارس وتعليم الفتيات بدعوة من الكتاب والمثقفين منذ العشرينيات، وفي الثلاثينيات أصبح هناك عدد لا بأس به من المتعلمات لكن المرأة لم تلتحق بالعمل إلا بنسبة ضعيفة في الثلاثينيات، بعد إنشاء الجامعة وتخرج عدد من النساء منها.

الأربعينيات..

مسيرة ضد معاهدة بورتسموث

مع حلول الحرب العالمية الثانية في الأربعينيات وحدوث أزمة اقتصادية، أصبح خروج المرأة للعمل أمراً ضرورياً، ونشأت منظمات نسوية عدة، وأول منظمة نسوية من هذا النوع أنشأت في بداية الأربعينيات باسم “اللجنة النسوية لمكافحة النازية والفاشية”، وبعد الحرب تحولت هذه المنظمة إلى “رابطة نساء العراق”، وكانت  المنظمات النسوية تسير في اتجاهين: “اتجاه خيري وخدمي”، و”اتجاه سياسي” تمثل في المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، بعد الحرب العالمية الثانية انتعشت الحركة النسائية حيث انتصرت الاشتراكية، كما توفر مناخ من الديمقراطية نسبياً في الفترة من 1945 : 1947، حيث منحت الإجازة لبعض الأحزاب الوطنية، وانعكس ذلك على نشاط جمعية “رابطة نساء العراق” التي قامت بفتح مدارس وإقامة نشاطات اجتماعية.

تكون الاتحاد النسائي في 1945 برئاسة “آسيا وهبي”، والذي كان يضم منظمات نسوية أربعة، حيث كان الخلاف حول توجيه نشاط الاتحاد وجهة نسوية بحتة بعيداً عن السياسة، وأدى الخلاف إلى انسحاب الرابطة النسائية ونشط الاتحاد خلال حرب فلسطين 1948 في جمع التبرعات وإرسال المساعدات.

ضد معاهدة “بورتسموث”..

في النصف الثاني من الأربعينيات شاركت المرأة بشكل فعال في المعارك الوطنية وقضايا السجناء السياسيين، وساهمت في وثبة كانون ثان/يناير 1948 ضد معاهدة “بورتسموث” بشكل بارز، وأثناء الانتكاسة التي حدثت بعد الوثبة حدثت موجة اعتقالات وشملت عناصر نسائية تقدمية، وتم إغلاق الأحزاب الوطنية، نتيجة قمع السلطة الرجعية وسيادة الأحكام العرفية، ولقد تعرضت النساء إلى الاعتقال والتعذيب والأحكام الثقيلة.

الخمسينيات..

في الخمسينيات تأسست منظمة “تحرير المرأة” من قبل بعض السيدات، ولكن الجمعية لم تجز من قبل السلطة وذلك في عام 1951، وفي 1952 تأسست رابطة “الدفاع عن حقوق المرأة العراقية” بشكل سري، وجمعت الرابطة سيدات من مختلف الطبقات الاجتماعية والاتجاهات السياسية والقومية والعقائدية، وبنضالات الرابطة البطولية تحولت إلى منظمة جماهيرية، وتكونت لها فروع في “كردستان، والشمال، والوسط، والجنوب” وكان لتلك الرابطة دور كبير في النضال من أجل تقديم الخدمات للمرأة والطفل والعائلة، وكذلك في حركة أنصار السلام، والانتفاضات الوطنية وفي الدفاع عن ثورة 14 تموز/يوليو ومكتسباتها.

نزيهة الدليمي مع قاسم

استقبلت “رابطة المرأة العراقية” والجماهير النسائية ميلاد أول جمهورية عراقية بعد ثورة تموز/يوليو 1952 بالتأييد المطلق، كما اشتركت في لجان المقاومة الشعبية والتدريب على حمل السلاح وتمت إجازة الرابطة، وافتتح المؤتمر الأول للرابطة 1959 وانتخبت الهيئة القيادية ومن أبرز الشخصيات القيادية التي جرى انتخابهن “نزيهة الدليمي، وسافرة جميل حافظ، ومبجل بابان، وخانم زهدي، وبشرى برتو، وماري القوري، وعفيفة رؤوف، وسالمة الفخري، وروز خدوري، وعفيفة البستاني”، وأصبحت رئيسة الرابطة “نزيهة الدليمي” أول وزيرة ليس في العراق فقط وإنما في المنطقة ككل.

وقدمت الرابطة للسلطة مسودة مشروع “قانون الأحوال الشخصية” الذي أصبح بعد ذلك قانوناً رقم 188 – 1959، بالإضافة إلى خدمات في مكافحة الأمية والخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، كما وأصدرت مجلتها “المرأة” باللغتين الكردية والعربية، وكانت الرابطة عضواً في “الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي” منذ 1953، وفي سكرتاريته وحضرت كافة مؤتمراته، وكانت لها علاقات جيدة بالمنظمات النسائية العربية الأخرى، وخلال سنوات عمر جمهورية 14 تموز عقدت الرابطة ثلاث مؤتمرات.

الرجعية والقمع..

وبعد نجاح الرجعية بقيادة “حزب البعث الاشتراكي” في إسقاط سلطة عبد الكريم قاسم بانقلاب في فبراير 1963، تعرضت الحركة النسائية الديمقراطية المتمثلة في “رابطة المرأة العراقية” إلى الملاحقة، واعتقل كثير من كوادرها اللواتي تعرضن للتعذيب الوحشي والسجن، أثناء الحملة الوحشية على كل الوطنيين.

تكريم نزيهة الدليمي

ارتدت الحركة النسائية، وفقدت المرأة مكتسباتها بما فيها حقوقها في قانون الأحوال الشخصية، الذي عدل بعد الانقلاب تعديلا رجعيا، وألغيت إجازة الرابطة، وعادت للعمل السري وفي الفترة من 1964 حتى 1969 استطاعت بتجربتها السرية ونضال كوادرها أن تعيد تنظيماتها في كل المحافظات، والقيام بدور طليعي في قيادة المظاهرات النسائية المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وإطلاق الحريات الديمقراطية، وقادت حملة واسعة ضد العدوان الصهيوني في حزيران 1967، وفي أواخر 1968 بعد عودة حزب البعث للسلطة في ثوب جديد قدمت الرابطة طلب بإجازتها لكنه رفض، وتمت إجازة “الاتحاد العام للنساء” منظمة البعث النسوية وأداة تنفيذ سياساته.

تبعيث المنظمات الجماهيرية..

لقد سعت الرابطة وبذلت جهودها للتنسيق من أجل وحدة الحركة النسائية لكنها فشلت، بينما سعت السلطة إلى “تبعيث” المنظمات الجماهيرية، و”تعريب كردستان”، حيث أصدرت السلطة قانون “المنظمات الجماهيرية” الذي بموجبه منعت كل المنظمات الديمقراطية من العمل، ومن يعمل في غير منظمات السلطة يتعرض للسجن، واتخذت الرابطة قراراً بتجميد نشاطها في 1975 وفي 1979 تقرر إلغاء التجميد، وأصدرت بيانات ضد اعتقال المناضلات، وفي مقدمتهن “عائدة ياسين” ونددت بسياسة التهجير.. ففي الثمانينيات تصاعدت سياسة التهجير للآلاف من العائلات التي اتبعها النظام بحجة أصولهم الإيرانية، حيث تم تسفيرهم إلى إيران وإسقاط الجنسية عنهم، ومصادرة ممتلكاتهم، وفي 1981 عقدت الرابطة مؤتمرها الرابع وانتمت إلى “الاتحاد النسائي العربي” وحضرت المؤتمرات النسائية العربية والعالمية، كما ساهمت عدد من عضوات الرابطة في الكفاح المسلح بجانب الكرديات ضد النظام..

تدهور الأحوال بعد الحرب..

بعد الحرب الإيرانية العراقية أصبح المجتمع العراقي في وضع متدهور اجتماعياً واقتصادياً وتحول الاتحاد النسائي إلى مهادن للنظام، في حين أدانت “رابطة المرأة العراقية” عسكرة العراق، والحروب، والقمع وجرت تصفيات جسدية للعديد من كوادرها القيادية في سجون النظام، واختفت عضوات منها، بالإضافة إلى عدد كبير من المعتقلات والمهجرات والملاحقات.

في التسعينيات وبعد انتهاء حرب الخليج ساهمت المرأة في الجنوب والوسط وفي كرستان في انتفاضة الشعب عام 1991 ضد النظام، وقدمت ضحايا كثيرة من النساء والأطفال حيث قمعت الانتفاضة بوحشية.

كردستان..

في “كردستان” استأنفت “رابطة نساء كردستان”، و”اتحاد نساء كردستان” بشقيه نشاطها وحصلت المرأة الكردستانية على مكاسب كثيرة، منها تأسيس منظمات نسائية عديدة، وصحف نسائية، كما شغلت بعض مواقع صنع القرار وصدرت قوانين لصالح المرأة.

مجلة “ليلى”

وأنشأت الرابطة فروع لها خارج العراق داخل “سوريا، اليمن، بيروت، الجزائر، بريطانيا”، واستمرت في عمل نشاطات في هذه الفروع، حيث كانت صوتاً إعلامياً لنصرة المرأة العراقية والشعب العراقي وفضح الديكتاتورية، ومنذ أواخر التسعينيات أعادت الرابطة نشاطاتها وتمكنت من الاشتراك في فعاليات وتظاهرات عالمية، وتواصلت مع منظمات الأمم المتحدة المعنية بالمرأة وحقوق الإنسان.

إصدارات الحركة النسائية..

أول مجلة نسائية صدرت باسم “ليلى” في 1924، وكانت محررتها السيدة “بولينا حسون”.. وأصدرت الجمعيات والشخصيات النسائية عدد من المجلات منها مجلة “المرأة الحديثة” لـ”حميدة الأعرجي” سنة 1936، وطالبت فيها بالمساواة.. كما أصدرت “فكتوريا نعمان” 1935 ملحقاً سنوياً لجريدة “الناس”.. وأصدرت “حسيبة الراجي” مجلة “العراق” سنة 1936.. و”مريم نرمة” مجلة “فتاة العرب”. وبعد تأسيس “رابطة نساء العراق” برئاسة “عفيفة رؤوف” أصدرت مجلة “تحرير المرأة” في 1947.. وفي 1949 أصدر “الاتحاد النسائي العراقي” مجلته.. وعند تأسيس “رابطة المرأة العراقية” في 1952 ورغم العمل السري عملت الرابطة على نشر عدداً من الكراسات حول أوضاع المرأة العراقية، حيث طبع كراس المرأة العراقية باسم الدكتورة “نزيهة الدليمي”، وتضمنت مواضيع حول المرأة في الطبقة العاملة، والمرأة في طبقة الأغنياء البرجوازية، وكراس آخر صدر بعنوان “المرأة تحل مشاكلها” باسم “ليلى زيدان”، وأصدرت الرابطة مجلة شهرية سرية باسم “حقوق المرأة”..

  • لقد اعتمدت في جلب هذه المعلومات عن الحركة النسائية العراقية على الكتاب القيم: “صفحات من تاريخ الحركة النسائية العراقية ” للمناضلة النسوية “خانم زهدي”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب