15 نوفمبر، 2024 8:42 م
Search
Close this search box.

صعوبات التعلم (1) في القراءة والاستماع والتفكير والكلام والقدرات الحسابية

صعوبات التعلم (1) في القراءة والاستماع والتفكير والكلام والقدرات الحسابية

خاص: إعداد- سماح عادل

“صعوبات التعلم” هي عقبات تعترض مجموعة معينة من الطلاب خلال المرحلة التعليمية، حيث يصعب عليهم تطوير مهارات جديدة، أو معالجة المعلومات بطريقة سليمة، أو حتى الاندماج السلس مع أقرانهم. كما أن هناك إعاقة خفية لا يعاني المصابين بها أية أعراض جسدية مرضية أو غريبة.

طفل صعوبات التعلم قد يعاني من ضعف بالسمع، غير أن هذا الضعف لا يعود لأية مشكلة عضوية، فحاسته سليمة تماما، ولكن وظيفتها هي المتضررة. وقد يصنف الأفراد الذين يعانون من مشكلات واضحة مثل: أصحاب الإعاقات العقلية ومرضى الصم والبكم، بكونهم حالات صعوبات تعلم؛ طالما أن الإعاقة أو المرض ليست هي ما يسبب صعوبة التعلم المقصودة.

ظاهرة صعوبات التعلم..

مرت ظاهرة صعوبات التعلم بتاريخ طويل، حتى وصلت إلى مفهومها الدقيق الحالي، الذي لا يسمح بأي خلط بينها وبين مفاهيم أخرى من قبيل التأخير الدراسي، أو الإعاقات الإدراكية، ونحوها.

فقد تم تناولها بإرهاصات تعود إلى ما قبل الميلاد، لكن أصبح الحديث عنها أكثر دقة في 1963، مع ظهور الاتجاه الذي ينادي بأحقية كل الأطفال في امتلاك تعليم متكافئ، وكان ذلك في أمريكا. وفي 1970 أصبح مصطلح صعوبات التعلم واضحا وموجودا في دراسات التربية الخاصة، ومن بعدها انطلقت النظريات التي تؤطر لهذا المفهوم وتعالجه.

التعريف..

تتعدد التعريفات ل “صعوبات التعلم” بتعدد الاتجاهات التي تعالج معناها. والقاسم المشترك بين تلك التعريفات تناول سلوكياتها وأسبابها. أوردت اللجنة القومية المشتركة لصعوبات التعلم داخل أمريكا، تعريفًا كالتالي:

“صعوبات التعلم هو مصطلح عام يشير إلى مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات، تظهر في صورة مشكلات دالة في اكتساب واستخدام القراءة والاستماع والتفكير والكلام والقدرات الحسابية.

وهي اضطرابات ذات منشأ داخلي في الشخص، تنتج عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن تحدث في أي فترة طوال الحياة. وربما تظهر مع صعوبات التعلم مشكلات في سلوكيات تنظيم الذات، والتفاعل الاجتماعي، والإدراك الاجتماعي، غير أنها لا تمثل في حد ذاتها صعوبة تعلم. ورغم أن صعوبات التعلم قد تحدث مصاحبة لحالات إعاقة أخرى، مثل: التخلف العقلي أو الاضطراب الانفعالي الحاد، أو مصاحبة لتأثيرات خارجية، مثل: الفروق الثقافية، والتدريس غير الفعال. إلا أن صعوبات التعلم ليست نتاجًا لهذه الحالات أو التأثيرات“.

وقد أصدرت الجمعية الأمريكية لصعوبات التعلم، تعريفها في٢٠١٥: “صعوبات التعلم هي حالة عصبية تتعارض مع قابلية الشخص على إنتاج المعلومة والتعامل معها. وتؤثر على قابلية الشخص على الكتابة، والتهجئة، والقراءة، والمهارات الحسابية. كما تؤثر على قدرته على الانتباه، والنضج الانفعالي، والتناسق، والمهارات الاجتماعية، والذاكرة“.

والجدير بالذكر أن هناك العديد من جوانب الاختلاف بين صعوبات التعلم، والبطء في التعلم، والتأخر الدراسي. صعوبات التعلم تعني العقبات التي تواجه الطالب حين يتعامل مع المقررات الدراسية التي ترتكز على المهارات الأساسية، كالكتابة والقراءة والحساب، بينما البطء في التعلم هو العقبات التي يعاني منها الطالب في كل المقررات بلا تمييز. ويشير التأخر الدراسي إلى ضعف تحصيل الطالب في كل المقررات التي يدرسها، وسبب هذا الضعف مرض ما يؤثر على قدرات الطالب، أو يرجع إلى إهمال متعمد منه.

أنواع صعوبات التعلم..

الجانب التعليمي هو الجانب الظاهر في هذه الظاهرة لكن تأثيرها يشمل الجوانب المهنية والاجتماعية أيضا. وتتعدد أنواع “صعوبات التعلم”:

– صعوبة القراءة Dyslexia

يظهر هذا الاضطراب بسبب عدم قدرة الطالب على إدراك العلاقة أو التنسيق بين أصوات الحروف ورسمها. ونتيجة لذلك تظهر صعوبات القراءة المختلفة، مثل: القراءة ببطء، إضافة كلمات أو إلغاؤها أو استبدالها بأخرى. تنعكس اضطرابات القراءة كذلك فيما يعانيه الطالب من عدم القدرة على تنظيم العبارات، أو فهم معانيها، أو التفكير أثناء الكتابة.

– صعوبة الحديث Dysphasia

وهي اضطرابات تظهر في شكل عسر في الكلام، أو في فهم ما يتكلم به الآخرين.

– اضطراب المعالجة السمعية

يؤثر هذا الاضطراب على كيفية معالجة الأصوات المسموعة، فنجد أن الشخص الذي يعاني من اضطراب المعالجة السمعية يعاني في محاولة تذكر ما سمعه. كما لا يستطيع فصل الأصوات عن الضوضاء، وكذلك يختلط عليه الفرق بين الكلمات المتشابهة التي يسمعها. وصعوبة التعلم المتعلقة بالمعالجة السمعية، ليست نتاج لضعف السمع.

– عسر الكتابة Dysgraphia

يؤثر هذا الاضطراب على مهارة الكتابة لدى المصاب، وتظهر أعراضه في شكل أخطاء إملائية، وخط سيئ، وعدم القدرة على كتابة ما يفكر فيه.

– اضطراب المهارات الحسابية Dyscalculia

تختلف حدة هذا الاضطراب من مصاب لآخر، وتنعكس مظاهره في التعثر في فهم الأرقام أو فهم تسلسلها أو العلاقة بينها. كما تنعكس كذلك في صعوبة إجراء العمليات الحسابية، أو تعلم المهارات الحسابية، مثل: جدول الضرب.

– صعوبة الانتباه والتركيز ADD

يعاني المصابون بصعوبة التركيز والانتباه من تشتت ذهني واضح، وعدم القدرة على الاحتفاظ بالتركيز لفترة كبيرة. وفي أحيان كثيرة يرتبط اضطراب التركيز والانتباه بمشكلة فرط النشاط المعروفة باسم ADHD. وفي هذه الحالة يظهر على المصابين أعراض، مثل: التهور والتقلب العاطفي والصعوبة في إشباع الرغبات.

– اضطراب المعالجة البصرية Visual Processing Disorder

يتعلق هذا الاضطراب بكيفية معالجة المعلومات البصرية التي يستقبلها المصاب، حيث يعاني في فهمها، وتختلط عليه المعلومات المتشابهة. بالإضافة إلى أن الشخص يعاني خللًا بدرجة ما في التنسيق بين حركة يده وعينه.

– اضطراب الحركة Dyspraxia

عدم اتزان واضطراب في حركة العضلات، بالإضافة إلى صعوبة في القيام بالحركات البسيطة، مثل: حمل المقص وتحريكه، أو حتى بالحركات المعقدة، مثل: الركض. وكذلك يظهر في أعراض أخرى، منها: التحسس الشديد من الضوء والرائحة، وحركة بؤبؤ العين، ومشاكل في النطق.

الأسباب..

“صعوبات التعلم” ترتبط بالكيفية التي يعالج بها دماغ الشخص ما يتعرض له من بيانات ومعلومات ومحتويات سمعية أو بصرية أو غيرها. وتتعدد الأسباب:

أسباب وراثية

موروثة من الأم أو الأب.

اضطرابات في نمو المخ

ويرجع هذا الاضطراب إلى تلف في الجهاز العصبي، سواء في تكونه أو في ترابط خلاياه. وقد يتعرض الشخص لهذه الاضطرابات إما في مراحل تكونه وهو جنين، أو حتى في حياته بفعل الإصابة بأزمات صحية قوية، منها: التسمم أو الحمى.

اضطرابات الحمل والولادة

أحيانًا ما تمر به الأم خلال حملها وولادتها، يكون سبب قوي لتعرض الطفل لصعوبات التعلم. فقيام الأم بالتدخين أو استخدام العلاجات غير المسموح بها أو شرب الكحوليات خلال الحمل، يكون له تأثيرات خطيرة على صحة الجنين وتكوينه. وهناك حالات لا يتكيف الجهاز المناعي للأم مع الجنين بل يهاجمه ويحاول طرده، وهو ما يؤثر على تكون الجهاز العصبي للجنين، كذلك التواء الحبل السري حول الجنين وعدم وصول ما يكفي من الأكسجين إلى المخ، يعرض جزء من المخ للتلف.

أسباب بيئية

قد يكون للتلوث البيئي دور قوي في الإصابة بصعوبات التعلم. مثلًا أن مادة الرصاص المتخلفة عن احتراق الوقود، والموجودة في مواسير المياه، تضر بالجهاز العصبي للإنسان وتؤثر على نموه.

بجانب الأسباب التي سبق ذكرها، توجد عوامل أخرى تعرض الأطفال لهذه المشكلة، منها: سوء التغذية، غياب التقييم الإيجابي، والمعاملة القاسية للطفل، صدمات الرأس، عدوى الجهاز العصبي، والسرطان. كل هذه المشاكل من شأنها إصابة الطفل بصعوبات التعلم المختلفة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة