16 نوفمبر، 2024 5:43 م
Search
Close this search box.

“شهر رمضان” في حضرة الوالي والسلطان (5) .. الجمعة الثانية في جامع الحاكم .. ولغز طائفة البهرة !

“شهر رمضان” في حضرة الوالي والسلطان (5) .. الجمعة الثانية في جامع الحاكم .. ولغز طائفة البهرة !

خاص : بقلم – عبدالناصر محمد :

في سنة 379 هجرية الموافق سنة 989 ميلادية؛ أمر الخليفة الفاطمي “العزيز بالله”، ببناء مسجدًا كبيرًا لا يقل جمالاً عن جامع والده؛ “المُعز لدين الله”، (الجامع الأزهر).. وشرع الخليفة في بناء هذا المسجد خارج “باب الفتوح”.. حيث لم يكن ذلك الباب العتيق “الفتوح” في مكانه الحالي؛ بل كان عندما أسّسه “جوهر الصقلي” قريبًا من رأس حارة “بين السّيارج” حاليًا داخل “شارع المُعز”، ولكن حين قام الوزير “بدر الجمالي” بتجديد سّور القاهرة أنشأ بابي “النصر” و”الفتوح” في موضعيهما الحاليين.

ونعود إلى ذلك المسجد الذي شّرع في بنائه الخليفة “العزيز بالله”؛ والذي تقرر أن يُطلق عليه اسم: “الأنور”، ولكن شاء القدر أن يتوفى “العزيز بالله” قبل إتمام المسجد، وتولى الخلافة من بعده ابنه “الحاكم بأمر الله”؛ الذي أتم المسجد ونسّبه له الأهالي وأصبح يُطلق عليه اسم “جامع الحاكم بأمر الله”، وكانت له مكانة خاصة عند “الحاكم”؛ ولذلك كان حريصًا أن يُخصص له يوم جمعة في رمضان فكانت الجمعة الثانية.

وقد ارتبط “جامع الحاكم بأمر الله”؛ أو “الأنور”، ارتباطًا وثيقًا بتجمع الفرق الشيعية بداخله؛ وهذا الأمر مستمر إلى الآن، حيث توجد طائفة “البهّرة” الهندية؛ المخصص لها أحد أروقة المسجد والتي تحملت فواتير تطويره عدة مرات.

وطائفة “البهّرة” هم مجموعة من الشيعة القادمين من “الهند”؛ وهم من كبار التجار، وكلمة “بهّرة” في اللغة الهندية تعني: “تاجر”.. وهذه المجموعة الشيعية؛ والتي يُقدر عددهم في “مصر” نحو: 16 ألفًا على أقصى تقدير، تعتنق الفكر الفاطمي الشيعي وتعشق كل الأماكن المقدسة التي أنشئت في عهد الفاطميين؛ خاصة في “مصر”، مثل مساجد “الأزهر والحاكم بأمر الله والجيوشي والأقمر”.

وقد مكثت جماعة “البهّرة” سنوات طويلة؛ خاصة في فترة الستينيات من القرن الماضي، تسّعى لعمل تجديدات في “مسجد الحاكم بأمر الله”، خاصة وأن المساجد الأخرى تشهد سّيطرة مسلمي “مصر” عليها ولعدم الصدام مع أحدهم خاصة جماعة مسّالمة تمامًا، فضلاً عن المسجد كان في حالة مزرية تمامًا، حيث أهمل لعقود طويلة وتهالكت جدرانه وآلت أعمدته للسقوط وتحولت أروقته إلى مخازن للتجار المحيطين بمنطقة “الجمالية”.

وعرضت تلك الجماعة على الحكومة المصرية أكثر من مرة عمل صيانة وإصلاح للمسجد على نفقتها الخاصة، ولكن عروضها كانت تقابل بالرفض حتى جاءت فترة السبعينيات ووصلت مطالبهم إلى الرئيس؛ “أنور السادات”، والذي وافق على العرض بشرط أن يقوم الجامع بدوره الطبيعي كمصلى للجميع؛ وفي الوقت نفسه يُخصص أحد أروقة المسجد لعناصر طائفة “البهّرة” يُمارسّون فيه طقوسّهم ويعطون الدروس لأتباعهم دون مضايقة من أحد ويقضون فيه الصلاة التي لا تختلف كثيرًا عن صلاة المذهب السُني وهو مازال معمولاً به حتى الآن في دليل قاطع على عظمة “مصر” التي تؤمن بحرية العبادات بلا تشّدد.

وأنفقت طائفة “البهّرة” أكثر من مليون جنيه على تجديدات الجامع؛ وأصبح في أبهى صورة كما هو الآن وإن كانت يد الإهمال امتدت إليه إلى حد ما في الوقت الحالي.

وقد انتهت هذه التجديدات عام 1976؛ ووجهت الدعوة للرئيس “السادات”، ليقوم بافتتاحه، والذي وافق على الفور بلا تردد غير أن الأجهزة الأمنية حذرته من تعرضه للاغتيال في “حي الجمالية” الشعبي الذي يصعب تأمينه؛ إلا أن الزعيم “السادات” ضرب بهذه التحذيرات عرض الحائط وأصر على القيام بهذه المغامرة، وهو ما حدث بالفعل وسط فرحة جماهيرية كبرى، حيث استقبله الأهالي بحفاوة بالغة وأطلقت النساء الزغاريد بالبطل المنتصر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة