16 نوفمبر، 2024 5:30 م
Search
Close this search box.

“شهر رمضان” في حضرة الوالي والسلطان (4) .. الخليفة الفاطمي “المُعز لدين الله” وحكاية بناء الأزهر الشريف !

“شهر رمضان” في حضرة الوالي والسلطان (4) .. الخليفة الفاطمي “المُعز لدين الله” وحكاية بناء الأزهر الشريف !

خاص : بقلم – عبدالناصر محمد :

يرى بعض المؤرخين أن الفاطميين أطلقوا اسم “الأزهر” على الجامع الشهير؛ تيمنًا بالسيدة “فاطمة الزهراء؛” ابنة رسول الله سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم.. وفريق آخر له رأي أعتقد أنه الأرجّح حيث يؤكد أن تسّمية الجامع بهذا الاسم ترجع إلى عادة شّرعها الفاطميون بإطلاق أسماء تُشّير النور والضياء على المساجد التي أنشؤوها في مصر، فهناك بخلاف الأزهر جامع “الأنور” الذي تم الانتهاء من أعماله في عهد الخليفة الفاطمي “الحاكم بأمر الله”، ولذلك سُميّ باسمه عن طريق العامة وهو الاسم الأشهر له حاليًا ويقع في أول “شارع المعز” بعد “بوابة الفتوح”، فضلاً عن جامع “الأقمر” على بُعد نحو مائتي خطوة من جامع “الأنور” ولايزال منارة عظيمة يتّزين بها أشهر شوارع المحروسة “قاهرة المعز” على الإطلاق؛ وهو “شارع المعز”.

أول صلاة جمعة..

بعد أن إستتب الأمر للدولة الفاطمية؛ قرر الخليفة “المعز لدين الله” أن يبنّي جامعًا بالمدينة الجديدة التي أنشأها؛ والتي لاتزال من أجمل مدن العالم، وهي القاهرة، فقام على الفور “جوهر الصقلي”؛ قائد جيشه والذي على يديه بُنيّت “قاهرة المعز”، بالشّروع في بناء ذلك الجامع وقام بوضع حجر الأسّاس له يوم السبت الموافق السادس من جمادى الأولى سنة 359 هجرية؛ 969 ميلادية.

وتم الانتهاء تمامًا من بناء تلك المنارة الإسلامية الكبرى؛ التي ظلت عّبر كل هذه المئات من السّنين نبراسًا يُضيء سماء العلم والفقه الإسلامي في أوائل شهر رمضان المبارك سنة 361 هجرية؛ 971 ميلادية، وفي اليوم السابع من الشهر الكريم – وهو يوم جمعة – قام المعز ومعه كبار رجال الدولة وعلى رأسهم القائد “جوهر الصقلي”، بافتتاح الجامع وكانت أول صلاة جمعة به في ذلك اليوم التاريخي – ولما لا يكون هذا اليوم تاريخي.. إنه “الأزهر الشريف”.

بخور هندي..

وقد اهتم كل من تولى أمر “مصر” من الفاطميين بالجامع الأزهر فجّدده “العزيز بالله”؛ الذى تولى الحكم بعد وفاة والده “المُعز لدين الله”، وكذلك الحال في عهد أشهر الخلفاء الفاطميين على الإطلاق وهو “الحاكم بأمر الله”، والذي يُعد أول من قرر صرف رواتب لخُدام المسجد؛ وسجّل ذلك في وثيقة مكتوبة مع شراء كل ما يلزم الجامع؛ وكان من بينها تخصيص مبلغ 15 دينار ثمن بخور هندي في شهر رمضان وأيام الجُمع.

وأصبح الجامع مركزًا تعليميًا للمذهب الشيعي؛ الذي كان يعتنقه الفاطميون، ولكن حين زالت هذه الدولة أُغلق الجامع لقُرابة عام وتم تعليم المذهب السُني به على يد القائد العظيم “يوسف بن أيوب”، ولذلك لُقّب باسم “الناصر صلاح الدين والدولة” ومع مرور الأيام أُحذفت كلمة الدولة وصار معروفًا باسم: “الناصر صلاح الدين”؛ حتى اسمه الحقيقي نادرًا ما تجد أحدًا يعرفه.

وأصبح لـ”الأزهر الشريف” دورٍ كبير في تعلم مختلف الشؤون الدينية؛ أي أشبه بجامعة إسلامية كبرى، خاصة في عهد ركن الدين والدولة السلطان الظاهر “بيبرس البندقداري”.

ثمانية أبواب..

وللجامع الأزهر ثمانية أبواب؛ أولها باب “المزيّنين”، وهو أكبر أبواب “الأزهر” وأشهرها؛ وقد عُرف بهذا الاسم بسبب جلوس الحلاقين “المزيّنين” لحلق الرؤوس أمامه، وباب “المغاربة”، وباب “الشوام”، وباب “الصعايدة”، وباب “الشُربة”، وسُمي بهذا الاسم لقربه من مطبخ الشربة الذى كان يُطبخ به الأرز في شهر رمضان للفقراء المتّرددين على الجامع، بالإضافة إلى باب “الجوهرية” وبابين صغيرين آخرين.

عار الفرنسيس..

ظل “الأزهر الشريف” عبّر الأزمنة؛ رمزًا للمقاومة والنضال الشعبي، فأثناء الحملة الفرنسية على “مصر” كان مركزًا لثورة القاهرة الأولى؛ التى نشّبت فى تشرين أول/أكتوبر عام 1798م، ولكي يتمكن جنود الحملة من مواجهة الثوار انتهكوا حُرمة الجامع واقتحموه بخيولهم، وحين قُتل قائدهم “كليبر” عام 1800م على يد الطالب الأزهري؛ “سليمان الحلبي”، قام الفرنسيين أو “الفرنسيس” – كما كان يُطلق عليهم من قبل “الجبرتي” – اقتحموا الجامع ونهبوا كثيرًا من الآثار الإسلامية القيّمة والقديمة كـ”حجر رشيد”، ونتيجة لما فعله اللصوص الفرنسيس فإن كثيرًا من نفائّس الكتب التي كانت مودعة بمكتبات أروقة الجامع تسرّب إلى أيدي علماء “أوروبا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة