9 أبريل، 2024 3:58 م
Search
Close this search box.

شهاب الدين محمد إسماعيل.. جمع الموشحات والتي أدت لتطور الموسيقى

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

هو “محمد شهاب الدين إسماعيل عمر المصري” ( 1795- 1857)، تلقى تعليمًا دينيًا في الأزهر، ودرس الحساب والهندسة، كما تعلم أصول الموسيقى وأتقن قواعدها بجهد خاص دون معلم. عمل في بداية حياته وزانًا في الأسواق (قبانيًا)، ثم دخل المحكمة الشرعية تلميذًا للتعلم، ومال إلى الأدب ونظم الشعر. ساعد الشيخ العطار في تحرير “الوقائع المصرية”، ثم خلفه في الإشراف عليها، كما تولى تصحيح ما يطبع من كتب في مطبعة بولاق. مدح حاكم مصر “عباس باشا” بقصائده، فقرّبه إليه، وجعل له في كل قصر من قصوره حجرة، تقديرًا لمكانته وحبًا منه في مجالسته ومنادمته.

– له «ديوان محمد شهاب»- طبع بمطبعة السيد محمد جاهين بمصر- القاهرة 1909، وله قصائد نشرتها صحف عصره، وبخاصة في «الوقائع المصرية».

– له كتب ومؤلفات، منها: «سفينة الملك ونفيسة الفلك»- في الموسيقى والموشحات والأدوار وما كانت تتغنى به العامة- المطبعة الجامعة بشارع عابدين بمصر 1891، وله «رسالة في التوحيد»- ذكرها الزركلي في الأعلام.

كان شاعر وفير الإنتاج، ينظم في كل أغراض الشعر، مع اهتمام شديد بالصنعة والزخارف اللفظية والمحسنات، تعد معظم قصائده سجلاً تاريخيًا لمناسبات عصره. يتنوع شعره موضوعيًا بين المديح النبوي، ومدح أعلام عصره من رجال الدولة وذوي المناصب، والرثاء، كما اهتم في شعره بالتأريخ، ومنه: تأريخه لبناء قنطرة، أو بناء بيت، أو تولي منصب، أو ولادة مولود.

كان عالمًا فاضلًا وشاعرًا للخديويين من “محمد علي” إلى “سعيد باشا”، وكان أشهر أهل عصره في الموسيقى، وهو الذي ألف السفينة المشهورة باسمه، وكان شاعرًا أديبًا لطيف المعشر، وقد جمع في سفينته عددًا عظيمًا من الموشحات العربية، فكان أعظم عامل لترقية الموسيقى في عصره.

الموسيقى المصرية..

في مقال بعنوان (الموسيقى المصرية على مشارف القرن العشرين) نشرته في مجلة ذاكرة مصر، العدد 31- أكتوبر 2017 يكتب “المايسترو سليم سحاب”: “يبدأ التاريخ الموسيقى في مصر في الربع الأول من القرن التاسع عشر بالشيخ شهاب الدين محمد إسماعيل، والشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب، اللذان بفضلهما أخذ الغناء المصري ينهض؛ فقد رسم الشيخ شهاب الدين لمعاصريه صورة فن التواشيح الأندلسية بتأليفه كتابًا عظيم الأهمية اشتهر باسم سفينة شهاب، جمع فيه مئات التواشيح الأندلسية التي كادت أن تندثر، ولم يكن المغنون والملحنون آنذاك يعرفون عنها شيئًا. أما الشيخ محمد عبد الرحيم فقد كان بارعًا في تلحين الموشحات وصناعة وغناء “الدور” الذي بلغ درجة عالية من الكمال الفني على يد محمد عثمان وعبده الحامولي. و”الدور” هو نوع من الغناء يعتمد على لحن بسيط يغنيه المطرب ويكرره على شكل مقاطع شعرية مختلفة، يدعى كل مقطع منها دورًا. ثم تغير هذا الشكل من التلحين من تلحين بسيط إلى قالب موسيقي واضح المعالم يقف على قدم المساواة مع القوالب الموسيقية الأوروبية الكلاسيكية في تلك الفترة الزمنية. استطاع محمد عثمان أن يدخل الجوقة الغنائية ليعاونوه في غناء الدور وكان يطلق عليهم اسم “المذهبجية”، وهذا ما يطلق عليه” الهنك والرنك” في غناء الدور. وأصبح إشراك المذهبجية قاعدة كلاسيكية في تلحين الدور استمرت حتى خروج قالب الدور من الحياة الموسيقية المصرية بعد أدوار زكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب في بداية الربع الأول من القرن العشرين”.

ويضيف: “استخدم المطربون صوتهم للغناء دون الالتزام بالكلام الشعري مثل كلام “يا عين يا ليل” بتنويعاتها المختلفة، وهذا الأسلوب حمل اسم الليالي إلى جانب المواويل التي تغنى على قوالب شعرية زجلية. وكان الارتجال هو السبب الرئيس لتحول المطرب إلى ملحن وأصبح المطرب هو المحور الذي تدور حوله صناعة الموسيقى العربية في الفترة من نهاية القرن التاسع عشر ومشارف القرن العشرين”.

وقد حدثت نهضة غنائية موسيقية على يد الشاعر الموسيقي الشيخ “شهاب الدين محمد بن إسماعيل” حيث جمع مئات الموشحات القديمة في كتابه “سفينة الملك و نفيسة الفلك” فعكف الملحنون و المغنون على هذا الكتاب ينهلون منه ما استطاعوا حتى أنهم أسموه “سفينة شهاب”، ردت تلك النهضة الغناء في مصر إلى طريقة العصر العباسي الأول و كان ذلك بمثابة بداية الكلاسيكية الحديثة في الغناء والشعر معاً بعد أن تم التحرر من الغناء على أساليب الشعر العثماني.

و بدأ التركيز على فن “الدور” و الذي كان موجود في الكتب القديمة ككتاب الأغاني للاصبهاني، إلا أن الشيخ المسلوب وزميليه عثمان والحامولي أدخلوا عليه الكثير من التغير المواكب للعصر آنذاك فزاده جمالاً.. وبعد أن ترك هؤلاء الثلاثة الميدان بوفاتهم، ظهر ملحنون جدد أمثال “سيد درويش” فادخل على فن “الدور” لمساته الطريفة حيث جمع فيه بين الطرب والتعبير معاً بعد أن كان التركيز فيه فقط على اللون الطربي..

سفينة الملك ونفيسة الفلك..

يعد أقدم كتاب مصري في الموسيقى، خلال القرنين الماضيين، هو «سفينة الملك ونفيسة الفلك» الذي يعرفه الموسيقيون باسم «سفينة شهاب» نسبة إلى الشيخ” شهاب الدين محمد بن إسماعيل” المتوفي 1856، ويحتوي على مئات الموشحات، ثم أصدر محمد كامل الخلعي كتابه «الموسيقى الشرقية» وبينه وبين كتاب شهاب الدين 80 عاما لم يصدر خلالها كتاب في الغناء والموسيقى إلا كتاب «الغناء والموسيقى عند العرب» للعلامة “أحمد تيمور”.وفي الثلاثين عاماً الأخيرة صدرت كتب قليلة مثل كتاب «أضواء على الموسيقى العربية» ل”أحمد شفيق أبو عوف” وترجمة لكتاب المستشرق البريطاني “هنري فارمر” «تاريخ الموسيقى العربية» وكتاب «الأغاني والموسيقى الشرقية» ل”أحمد أبو الخضر منسي”، إضافة إلى أربعة كتب صدرت للكاتب “كمال النجمي”، بجانب كتابه عن التراث القديم في جزأين وعنوانه «يوميات المغنين والجواري».

قصائد الشيخ شهاب الدين محمد إسماعيل:

من قصيدة جامع محمد علي:

عـروسُ كـنـوزٍ قـد تحـلَّتْ بـمسجـدِ      مُكلَّلةٌ تـيجـانُهـا بـالزَّبرجَدِ؟

أم الجنةُ الـمبنِيُّ عـالـي قُصـورِها        بأَبـهج ياقـوتٍ وأبـهى زمـرُّد؟

أم الـمكْرمـاتُ الآصِفـيَّة أبدعَتْ هُيـولى أعـاجـيبٍ بصـورةِ مسجــد؟

لَهُ الفلَكُ الأعـلَى تـنزَّلَ وازدهى    بـزهـرِ الـدَّراري جـامعًا كلَّ فرقـد

ألا إن تجـديـدَ العجـيب مـن الـبنا         يؤكِّدُ تأسـيسَ اقْتدارِ الـمـجــدِّد

وهل أثرٌ يـا صـاحِ يُعـرِبُ عـن حـلًى           مؤثِّرِه دون الـبنـاءِ الـمُشـيَّد؟

فدعْ قصرَ غمدانٍ وأهـرامَ هِرْمسٍ       وإيـوانَ كـسـرى إن أردْتَ لــتهتدي

ودَعْ إرمًا ذاتَ العـمـاد ونحـوَهـا         وعـرشًا لـبـلقـيسٍ كصَرحٍ مُمـرَّد

ودعْ أمـويَّ الشـام وانزلْ بـمِصرِنـا      وبـادرْ إلى هـذا بإيـماءِ مُرشد

فلـو عـدَّدت فـي الكـوْن بَدءَ بـدائعٍ       لكـان بـه خَتْمٌ لـذاك الـتَّعـــدُّد

كأن اللـيـالـي الـوالـداتِ عجائبًا          أُصـبنَ بعقْمٍ بعـد هـذا الـتـولُّد

لئن صار فـي الدنـيا وحـيـدًا تَفرُّدًا       فلا غَرْوَ والـمُنشِي له ذو تفرُّد

ملـيكٌ جلـيلُ الشأن لـيس كـمثلِه           جلـيلٌ بعـلْيـاه اقتدى كلُّ مُقتدي

محـمدُ آثـارٍ، عـلـيُّ مآثرٍ عزيـزُ         افتخـارٍ، سـادَ كلَّ مُســــــــــــوَّد

هو الـمنهلُ العذْبُ الذي دون        وِردِهِ تزاحمتِ الأقـدامُ في كلِّ مـورِد

هـو الغـيثُ يُحيي كلَّ قُطْرٍ بجُوده   فـيخضلُّ من قطْرِ النَّدى وجهُه النَّدي

من قصيدة واصلي الدوح:

في مدح محمد بن عون

واصِلـي الـدوحَ يـا هتـوفُ ووافـي       رُبَّ وَجْدٍ بـيـن الجـوانحِ واف

حُمتِ حول الـحِمى وأنتِ بـمرأى        مـن سعـادٍ ومسمعٍ لا تخافي

كـيف شكوى الأسى وفي الجِيدِ طَوْقٌ    وخُضابُ الكفَّيـن لـيس بخاف؟

جـاوبي الإِلْفَ بالـتَّغنِّي وخلي        عـنكِ بثَّ الجـوى لجَرحَى الشَّغاف

كـم ألـوفٍ تبـاعـدتْ عـن ألوفٍ         وغدَوا فـي تَجنُّبٍ وتجـاف

حاديَ العِيسِ جُدْ بنشْرِ خُطاها        إن في نشْرِهـا لطـيَّ الفـيـافـي

واحْدُهـا وحدَهـا فحادي اشـتـيـاقي   هـاجَنـي للهُيـام دونَ اعتِساف

وطوى في الطريق شُقَّةَ بُعْدي    منذ سَعْيي إلى الـحمى وطـوافـي

وإذا ما أتـيـتَ تلك الثنايا           فأدِرْ لـي عذيبَ ذاك السُّلاف

واذكرنْ لـي العقـيــقَ أسكبْه دمعًا        حـيث ذكرى أطرافِهِ إطْرافـي

وَإِنِ السفحُ فـاتَ عـيـنـي وفـاقًا           لا رأتْ فـي رُبـاه غُصْنَ خِلاف

ومتى لاح ثـمَّ للعـيـنِ عـيـنٌ               فـي نعـيـمٍ وجنَّةٍ ألفـاف

فأنخ بي الـمطيَّ وانزلْ بقُربٍ     فـاتّصافـي بـالقُرب عـين الـتَّصـافي

واحتـرِسْ مـن سهـام طرفٍ كحـيلٍ      فُوِّقَتْ مـن خلالِ ذاك الطّراف

وتـوقَّ الطِّعـانَ مـن لُدْنِ سُمـرٍ    مـائسـاتِ القُدود والأعطـاف

من قصيدة يا مليك الحسن:

سَمهـريٌّ يـنثنـي أم غُصنُ بانْ؟         أم قـوامٌ دونَه صـبريَ بـانْ؟

صان بـالعسّالِ معسـولَ اللَّمَى           وتهـادى هـادمًا مـا أنـا بـان

يـا مـلـيكَ الحُسن رفقًا بِشَجٍ               كلـمـا حـاول كتْمَ الشَّجْوِ بان

مـرَجَ الـبحـريْن فـيضًا دمعُه             إذ رأى جفـنَيْه لا يلـتقـيــان

جاء لما جـارَ سلطانُ الهـوى             طالـبًا مـن عـادلِ القـدِّ الأمـان

رُبَّ سـاقٍ وهـو قـاسٍ قـلـبُه               عِطْفُه مـنذ أدارَ الكـاسَ لان

أهـيفٌ إن مـاس تـيـهًا ورَنـا            رُحتُ مـنه بـيـن سـيفٍ وسِنـان

كـسـر القـلـبَ ومـا كـان الـتَقَى        فـيـه مـن حـيـن هـواهُ سـاكـنـان

يـا له ثـانـيَ عِطْفٍ قـد غدا          واحدًا فـي الـحُسن فرْدًا دون ثـان

مـن رآه وهْو يسعى بالطِّلا          قـال مـا أسعـد ذياك القِران!

هُوَ بـدرٌ أشـرقتْ أنــواره            وضـيـاء الـبـدر يبـدو حـيثُ كـان

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب