21 سبتمبر، 2024 12:45 م
Search
Close this search box.

“شمس الدين فارس”.. تفرد في الفن الجداري ومات غدرا

“شمس الدين فارس”.. تفرد في الفن الجداري ومات غدرا

خاص: إعداد- سماح عادل

“شمس الدين فارس” فنان تشكيلي عراقي، من أهم فناني وأساتذة فن الجداريات في العراق.

حياته..

ولد في 1937 في مدينة المقدادية بمحافظة ديالى، وهو أخو الفنان المسرحي العراقي “نور الدين فارس”. حصل على شهادة الدكتوراه “فلسفة علوم فن الجداريات” من كلية الفنون التطبيقية في موسكو، أقام معرضا شخصيا لتصميم الصور الجدارية في بغداد، تم اعتقاله في مطلع الثمانينيات لآرائه المعارضة للنظام في 22 أيلول 1980. من إعماله الخالدة الجدارية لواجهة سينما بابل في شارع السعدون، وقد أزيل اسمه منها ونسب لمعمل الكاشي. كما أقام جدارية أخرى للمصرف العقاري في الكرخ وفي كرادة مريم (الصالحية) وله لوحة 2×3متر تمثل التراث العربي كتب عليها في برواز الجدارية عبارة (لأغالبه إلا الله) ولم نعرف هذه اللوحة من استولى عليها.

أعماله..

• المنابع التاريخية للفن الجداري في العراق.

• دور الفن الجداري في حركة التحرير الوطني.

• سباكة المعادن في فنون وادي الرافدين.

انطفاء..

في مقالة بعنوان (وشاية تطفىء نور “شمس الدين فارس”) كتب “علاء الماجد”: “استوقفتني الجدارية التي تزين بناية سينما بابل، والتي نفذتها أنامل فنان بارز من فناني الجداريات في العراق، بل إنه كان واحدا من قليل من المتفردين في (الفن الجداري) على المستوى العربي. إنه الفنان التشكيلي الراحل الشهيد “شمس الدين فارس”.

ولقد أثارت شجوني تلك البقعة البيضاء التي استقرت في توقيعه على الجدارية، والتي حاولت أن تمحي اسم هذا الفنان الرائع، الذي غيبه النظام المباد وهو في عز نضجه الفني وإبداعه وتألقه. ولكن نظاما جاهلا مستبدا لم يكن يمكنه إدراك أن خلود الفنان الملتزم بقضايا شعبه ووطنه، محفور في ضمائر الناس، ولا يمكن أن تخفيه بقعة بيضاء تجثم على توقيعه في عمل فني بارز، كالذي يشمخ على بناية سينما بابل. كما لا يمكن شطب اسمه من جمعية التشكيليين العراقية أو نقابة الفنانين، أو تغييبه كمدرس في أكاديمية الفنون”.

ويواصل عن أعماله: “إن أربع قطع جدارية في مدينة (أدلر) بقفقاسيا، وجداريتين في (جامعة لومومبا) بموسكو، لا تستطيع أيادي النظام المتخلف الوصول إليها، كي تفعل ما فعلته بجدارية سينما بابل.

وإن رقابة صارمة  على المطبوعات لا يمكن أن تمحو مؤلفاته وتدفنها في مقبرة من مقابر النظام الكثيرة، التي أعدها للثقافة والمثقفين، فللراحل (المنابع التاريخية للفن الجداري في العراق) و (دور الفن الجداري في حركة التحرير الوطني) و (سباكة المعادن في فنون وادي الرافدين). ولم يستطع النظام المباد إخفاء ذكره وطمس ذكراه، فقد كتب عنه نزار سليم، وزميله لقمان الشيخ، كذلك جلال زنكابادي (الناقد) الذي قال عنه:

(شمس الدين فارس متفرد في اختصاصه (الفن الجداري) كفنان وباحث وأستاذ على مستوى البلدان العربية وليس العراق حصراً. ولولا تغييبه وهو في عز نضجه الثقافي وعطائه الفني لصار في مصاف الفنان الخالد جواد سليم، وكبار فناني الجداريات السوفييت والمكسيكيين)”.

ميتة غدر..

اعدم في أواسط الثمانينيات، أثر وشاية من أحد (زملائه) الذين كانوا يدرسون الفن في الاتحاد السوفيتي السابق. كان الشهيد متذمرا من الحرب العراقية- الإيرانية، وقد انتقدها وهو يتحدث باللغة الروسية، التي لم يكن يعرفها غير زميله هذا (الواشي) وكان هذا الانتقاد كافيا لإعدام “شمس الدين فارس” في ظل نظام الاستبداد والتسلط والقمع.

حفظ ذكراه..

هناك مؤسسات ثقافية وفنية معنية بالاهتمام بتراث هذا الفنان وجمعه وأبرازه، وإعادة طبع مؤلفاته، وبالأخص نقابة الفنانين العراقيين، وجمعية التشكيليين، وكلية الفنون الجميلة. والحزب الشيوعي العراقي أطلق اسمه على إحدى الخلايا في تنظيمات المثقفين تخليدا لذاكره.

آخر سطور كتبها الفنان الشهيد كانت تلك التي سطرها على غلاف كتاب لفنان روسي أهداه إلى زميله “لقمان الشيخ”:

(عزيزي لقمان. ارجوا قبول هذه الهدية البسيطة لذكرى الأيام الماضية. ارجوا أن تعود أيام أسعد منها نقضيها بالسلام الدائم في بلدنا الحبيب).

معرض استعادي..

وفقا لمقالة للكاتب “فهد الصكر” قامت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي برئاسة “حميد مجيد موسى”، وبحضور عدد من قيادة الحزب، وحشد كبير من الفنانين والإعلاميين، تنظيم المعرض الاستعادي للفنان “شمس الدين فارس”، على قاعة أكد للفنون التشكيلية.

وكانت الأعمال التي شاركت قد جمعت من قبل عائلته لتضعها أمام المتلقي والفنان، وتصبح درسا بصريا عن منجز هذا المبدع الذي عرف بريادته لفن الجداريات في المشهد التشكيلي العراقي، والجميع يدرك قيمة العمل الفني لجدارياته على واجهة سينما بابل والمصرف العقاري، في حين جسد المعرض أعماله الزيتية ضمن مدارس عدة (التكعيبية، الانطباعية، وفن البورتريه)، وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على تغييبه، إلا أن أعماله تؤشر بصمة إبداعية حية.

وقال “حميد مجيد موسى” كلمته في افتتاح المعرض: “هذا وفاء ممن قاموا على استعادة أعمال وذكرى الفنان المبدع شمس الدين فارس، وهو من الخالدين الذين يستحقون التكريم والتبجيل الدائم، ليس فقط لتضحيتهم بالنفس من أجل قضية نبيلة، إنما لأنهم سخروا طاقاتهم المبدعة لخدمة الجمال والذوق المبدع”، ومن خلال المعرض نحيي ذكرى الشهيد المبدع، ونبين تواصلنا مع ما أنجزه يراعه من إبداع وقيم فنية راقية، وكل التقدير لمن قاموا بإعداد هذه المجموعة من الأعمال المعبئة بالإبداع وهي ترسم تطلعات الفنان وتقدمه”.

وقالت السيدة “رفاه الإمامي” من عائلة الفنان: “نتيجة للظروف الأمنية التي أحاطتنا بعد إعدام الفنان شمس الدين فارس، قمنا بجمع أعماله، وإخفائها، خشية مصادرتها من قبل النظام السابق، وظلت حبيسة في مكان آمن، وجاء الوقت، ولو متأخرا، لإقامة هذا المعرض الاستعادي”.

ووصفته السيدة رفاه بأنه يمتلك روحا حميمية، وظل مخلصا لمبادئه إلى آخر لحظة من حياته، وطالبت الجهات المعنية بالحفاظ على جدارياته الموجودة في بغداد”.

وقال عنه الفنان “قاسم حمزة”:

“للفنان شمس الدين فارس دور كبير في حياتي الفنية، لاسيما إنني تأثرت به في صناعة وعمل الجداريات، إذ كانت له الريادة بإنجاز جدارية سينما بابل وجدارية المصرف العقاري، وكذلك تتلمذت على يديه في سبعينيات القرن الماضي، وكنت منافسا له بعد التخرج للفوز بإنجاز بعض الأعمال، وهو إنسان بمعنى الكلمة، وأقول له: “أستاذي الحبيب ما زلت بيننا من خلال هذه الأعمال”.

وقال عنه النحات “عبد العليم البناء”:

“إنه الصديق والأخ والرفيق منذ ما يزيد على الخمسين عاما، كنا نلتقي معا لنشد أزر جمعية الفنانين التشكيليين التي كان يترأسها الفنان حافظ الدروبي وقتذاك، شمس الدين فارس، فنان باهر أعطى للفن الجداري حقه بإخلاص واضح، وكانت جميع أعماله ذات مغزى ودلالة تكنيكية عالية المستوى”.

والتشكيلي “قاسم العزاوي” قال:

“إذا ما استرجعنا الذاكرة في المشهد التشكيلي العراقي، وما خلفته الأنظمة الدكتاتورية من قمع وتهميش وتغييب للكثير من الرموز المعرفية والثقافية، يندرج الفنان شمس الدين ضمن ضحايا هذه الأنظمة الفاشية، والذي غيب بسبب انتمائه الوطني، ويأتي هذا المعرض الاستعادي، ليؤشر بعض العرفان لمنجزه الركاز الذي تركه لنا، وعالج في هذه الأعمال المنظر الخلوي والانطباعي، والكثير من اللوحات التي تنتمي إلى التعبيرية والرمزية حتى في فن البورتريه، ليؤكد أن الفنان الملتزم باق والدكتاتورية إلى مزبلة التاريخ”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة