27 ديسمبر، 2024 10:06 م

شفيق المهدي.. ساهم في إعادة بناء معالم الثقافة في العراق 

شفيق المهدي.. ساهم في إعادة بناء معالم الثقافة في العراق 

خاص: إعداد- سماح عادل

“شفيق المهدي” كاتب ومخرج مسرحي عراقي، كان مديرا عاما في وزارة الثقافة العراقية منذ عام 2003

حياته..

ولد “شفيق المهدي” في محافظة الديوانية عام 1956. وحصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفن من جامعة بغداد عام 1996، والده كاتب عدل عمل في محافظات عديدة أهمها مدن الوسط.

عمل “شفيق المهدي” مديرا عاما ل “دار ثقافة الطفل” عام 2003, ثم اختير مديراً عاما لسينما ومسرح العراق عام 2008 . ثم دخل دار ثقافة النشر الكردية التابعة لوزارة الثقافة مديرا عاما لها بعد إقصائه من إدارة دائرة السينما والمسرح.

في عام 2013 عندما كانت بغداد عاصمة للثقافة العربية قُدم “شفيق المهدي” إلى محاكمة قضائية في العراق ترافق معها أمر وزارة الثقافة بسحب يده الوظيفية وتوجيه عقوبة الإنذار مع صدور بيان رسمي ضده، لوقوفه مع عرض مسرحي ألماني قُدم على خشبة المسرح الوطني العراقي وفيه نداء واضح للحرية، وعلى أثرها امتدت الاحتجاجات والاعتصامات الثقافية تضامنا مع “شفيق المهدي” في بغداد والعديد من المحافظات، وأبرزها الاحتجاج الذي ظهر في شارع المتنبي في بغداد على امتداد أسابيع، إضافة إلى احتجاجات لمثقفين عرب في عدد من الدول العربية. وعمل مديرا عاما لدائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة بعد أن نادى كبار تشكيليو العراق بوجوب إشغاله لهذا المنصب

المسرح..

وقد عمل “شفيق المهدي” كأستاذ جامعي منذ عام 1982، و فاز باستفتاء أقامته مؤسسة النور السويدية العراقية كأفضل شخصية ثقافية لعام 2009، و له مؤلفات عديدة أبرزها (أزمنة المسرح) و (الشفرة والصورة في مسرح الطفل) و(الموجز في تاريخ المسرح العراقي) و(الموجز في تاريخ المسرح الفرنسي الحديث: دراسة في جون بول سارتر) إضافة إلى عشرات البحوث في تخصصه المهني.

كما قدم “شفيق المهدي” عروضا بارزة في المسرح العراقي وأهمها مسرحيتا (مكبث) و (العاصفة) ل”شكسبير” و(مشعلوا الحرائق) ل”ماكس فريش” والتي أحدثت اتجاها تجريبيا في المسرح العراقي المعاصر، ومسرحية (المعطف) عن رواية ل”غوغول” بنفس الاسم وهو أطول عرض صامت في تاريخ المسرح العراقي، وأخرج مسرحية (لعبة حلم) للكاتب السويدي (اوغوست سترينبيرج) إضافة إلى الكثير من العروض الأخرى. وهو حاصل على جائزة أفضل مخرج مسرحي في العراق عام 1989.

بناء ما هدم..

في حوار معه أجرته “إنعام عطيوي” يقول “شفيق المهدي” عن افتتاح وإعادة تأهيل المراكز الثقافية المدمرة: “شرف لي أن أعمل بجد وقلت في أحد الأيام (أنا رجل ارتدي البسطال مثل الجندي بساحة العرضات) وكل المشاريع التي قمت بانجازها وافتتاحها أتابعها بشكل شخصي مهما كانت تفاصيلها صغيرة”.

وعن انجاز مشاريع بالغة الأهمية في ظروف صعبة وتحتاج إلى تمويل كبير وكيفية اجتياز هذه التحديات الكبيرة يواصل: “يجب على المدير العام أن تكون له علاقات عميقة بل شبكة من العلاقات وواثق منها إذ عملت بشعار (وطني أولا) لهذا عملت بعلاقاتي الشخصية من أجل تحقيق ما كنت أصبو إليه من منجزات، كانت 2003 سنة صعبة جدا، ولم يكن هناك شيء سهل فكل شيء كان مدمر حين استلمت دار ثقافة الأطفال، واعتبر حياة الطفل من الأمور بالغة الأهمية وصببت جهدا ً هائلاً لإحياء وإعادة ترميم هذه الدار، إذ اعتمدت على علاقاتي الشخصية في إعادة تأهيلها، فقد كانت محروقة تماماً كل شيء فيها مدمر، فعمدت إلى إعادة تأسيسها بالتعاون مع منظمة (a.r.d) بعد أن عجزت من الحصول على تمويل من الدولة. وثاني انجاز أعدت ترميم المسرح الوطني من ميزانية دائرة السينما والمسرح وليس من قبل الوزارة، كان أمرا ً مذهلا  ورائعا جدا وتم تصميمها من قبل الأخ العزيز “جبار جودي”. وكذلك افتتحت متحف التراث الشعبي العراقي في مديرية التراث الذي أحرق وتعرض للنهب عام 2003 إذ تم افتتاحه وتأهيله، ورابع انجاز أعدت ضمير بغداد ووجدانها وهي قاعة كولبنكيان التي أغلقت منذ عام 1991 إذ افتتحتها في 21-5-2015 وأجدها مهمة جدا للوزارة، وأنا اعتبر من أجمل أيام حياتي هو إعادة افتتاح قاعة كولبنكيان، وأهم انجازاتي هي افتتاح دار ثقافة الأطفال، وفخر حياتي إعادة ترميم المسرح الوطني، ولا أنسى جامعة بغداد حين رممت كلية الفنون الجميلة بجهود وتعاون محبي الفن والثقافة العراقية.. أكون سعيد عندما أُقدم ما هو مفيد لبلدي وشرف كبير أن أعيد افتتاح ما يقارب 23 معرض تشكيلي خلال خمسة أشهر رغم معاناة الوزارة من التقشف إلا إنه مع العمل بالإمكانيات المتاحة استطعنا تحقيق نجاح ثقافي وفني”.

ويضيف: “كان لي الشرف على مناقشة وإلاشراف على 150 أطروحة ماجستير ودكتوراه وأشعر بسعادة تامة إن أحد طلابي يرشح إلى عمادة معهد التراث الشعبي وفخر كبير لي أن كل عمادات كلية الفنون الجميلة في العراق ومعاهدها هم طلابي وكنت قد درستهم في البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، وتم انتخابي عميدا  لكلية الفنون الجميلة عام 2003 وحصلت على 86 صوت من مجموع 91 صوت، لكن رفضتها أمام المؤتمر لأن بوقتها كنت أجد نفسي أصلح إلى أن أكون معاون عميد من أجل المساعدة في إصلاح الكلية بسبب تعرضها للدمار، وخلال ستة أشهر أكملنا البناء بأكمله وفي نهاية 2003 انتقلت إلى وزارة الثقافة بناء على طلب أستاذي الفاضل مفيد الجزائري وعينت مديرا عاما  في دائرة ثقافة الأطفال ومن بعدها دائرة السينما والمسرح التي شهدت عصرا ذهبيا  بحق، ثم دار الثقافة والنشر الكردية ومن بعدها دائرة الفنون التشكيلية. ولي الحق في أن أذكر منجزين مهمين هما إعادة تأهيل وترميم سينما “الفانوس السحري” للأطفال في المنصور وبافتتاح رائع ل”باليه المدينة المسحورة ” في الوقت الصعب جدا عام 2007، وإتمام مبنى “المسرح التجريبي” قرب المسرح الوطني.. الذي افتتح بعدي بأيام تحت عنوان آخر عكس مهماته سمي “مسرح الرافدين” !!!”.

قائمة المزورين..

وفي حوار آخر معه أجراه “أحمد جبار غرب” يقول “شفيق المهدي” عن السينما: “نعم الآن نستطيع إن نتقدم بأجوبة عن أسئلة تخص السينما.. أريد إن أقول إن دائرة السينما والمسرح مؤسسة (ضخمة) بأهدافها وواجباتها وممتلكاتها. هذه الممتلكات ضاعت إن كان هذا في بغداد أو خارجها.. أقصد المحافظات.. عام 2009 تميز سلبيا بضعف الميزانية التشغيلية.. بل وتعثرها أحيانا مما خلق موقفا محرجا.. نحن نعرف إن السينما صناعة.. والصناعة تحتاج إلى أموال.. هذا العام 2010 سيكون أفضل من الناحية المادية إذا ما تم انجاز الوعود الخاصة بتطوير العمل الفني والثقافي. استطاعت هذه الدائرة إن تحقق نجاحات مهمة جدا في تاريخ المسرح العراقي.. وهي واضحة وبينة وبجهود استطيع إن اسميها (خارقة) وبصبر ومتاعب جمة تقدمت السينما خطوة واحدة مع انجازات في أفلام وثائقية وروائية قصيرة.. غير إننا توجنا عملنا في الإنتاج المشترك في فيلم (كرنتينة) وهو فيلم روائي طويل ومنذ إنتاج أول فيلم عراقي وحتى الآن لاحق لنا القول ب (سينما عراقية) ولكننا نقول ب (الفيلم العراقي) فقد واجهت السينما معوقات وتدخلات أدت إلى توقفها.. دائرة السينما والمسرح كلها مشاكل ابتداء من تمويلها وانتهاء بالاستغلال البشع لأموالها والتعيينات الاعتباطية وأملاكها المصادرة حتى الآن .. كل هذا في كفة وغياب الرؤية وسوء التخطيط وضياع  المنهج أساء إلى هذه الدائرة التي كانت تعد (إمبراطورية وزارة الثقافة) وحينما تم نقلي إلى هذه الدائرة في مثل هذا اليوم طلبت من السيد الوزير السابق فترة سنتين لكي أصحح بعض المسارات الملتبسة والخاطئة والمزورة.. ولمدة عامين واجهت من الصعوبات والشتائم والاتهامات ما لا يخطر لي على بال في يوم من الأيام.. يكفي أنني أعلنت رسميا عن (قائمة المزورين) في درجاتهم الوظيفية والعلمية حتى قامت القيامة.. ثم أعلنت عن  التلاعب المالي الخطير.. وتم تنفيذ خطة محكمة في الصحف والانترنيت والشاشات حاولت تدميري عن طريق الشتائم والاتهامات.. لكن لم يستطيعوا ذلك لأن لي أهداف أعرفها ولي صبر وجلد.. اليوم بعد سنتين بالتمام والكمال الوضع أفضل بكثير جدا.. اليوم يوجد (مجلس إدارة) هو الذي يعمل ويناقش كل خطوة مع رؤساء أقسام أبطال.. وانظم إلى فريق العمل د.عواطف نعيم التي ستمكنني في المستقبل من التقدم بالجهود والتفاهم والتخطيط.. دون إن يكون للدوافع الشخصية أية قوة”.

وفاته..

توفي اليوم 2 أكتوبر 2018 “شفيق المهدي” عن عمر يناهز 62 عاما.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة