خط الزّناتي وبهجة الرواية
يواصل شعيب حليفي التأسيس لذاكرة روائية مغايرة، تحتفي بالبهجة التي تعْبُر حياة الكائنات مثل سحاب هارب، فبعد روايات ‘زمن الشاوية’ و’مجازفات البيزنطي’ و’لا تنس ما تقول’ وغيرها من الإبداعات، تأتي رواية ”خط الزناتي” لتشكل نقلة في السرد والتخييل والرؤية. رواية من عشرة فصول تحكي عن يوم واحد من حياة موسى الزناتي وباقي الشخصيات التي يُنبه المؤلف في إشارة عابرة (ص:5) إلى أن ”الأحداث بكل تفاصيلها.. حقائق وقعت بالفعل. ويشهد .. أنه نقل كل ما جرى بأقصى ما يمكن من الأمانة والمسؤولية، وحينما أطْلعَ كائنات هذه الرواية على ما كتبه.. أذهلهم لمعانُ التطابق، فقرروا الخروج من الواقع، بشكل جماعي، والهروب إلى الرواية لمواصلة العيش فيها”.
تنهض الرواية على ذاكرة مركزية بوصفها إرثا جريحا تحكي عن حياة يوم واحد، من أيام الحصاد، نهارا وليلا، يحضرهما موسى الزناتي الذي أقنع نفسه أنه سليل الشيخ الزناتي(من مغرب القرن الثالث عشر الميلادي) صاحب كتاب الرمل والخط الزناتي، فخاض مغامرة ملامسة الغيوب مع كائنات مُفارقة وإشكالية، فقدَت حاضرها المعلوم أو كادت، وتتطلع للقبض على المجهول !!.
تسرد الرواية، في فصول النهار، الحياة تحت الشمس وما يجري، بعيدا عن عالم المدن، من تفاصيل لا تُقصي تفاعل الشخصيات مع الحيوانات والطيور والحشرات والطبيعة. أما الجزء الثاني، والذي تجري فصوله بالليل، فيروي لوحة من البهجة المنسية في حياة موسى الزناتي وباقي أصدقائه احتفالا بنهاية موسم الحصاد. وانطلاقا من ذاكرة وفضاء اليوم الواحد تولد عوالم متعددة من الخيال الجذري نهرا تسبح فيه كافة كائنات الرواية ومنه ترتوي.