19 ديسمبر، 2024 1:16 ص

“سيد حجاب” .. يلاعب الكلمات لتخرج موسيقاها الداخلية

“سيد حجاب” .. يلاعب الكلمات لتخرج موسيقاها الداخلية

كتبت – سماح عادل :

حلت ذكرى الأربعين لوفاة الشاعر المصري “سيد حجاب”، عن عمر 77 عاماً.. حين نسمع اسم سيد حجاب يتردد في أذهاننا مقطوعات مأثورة من أشعاره ارتبطت في وجداننا.. كلمات شكلت طريقتنا في الإحساس بالعالم.. لاعب فيها الكلمات بحرفية لتصدح موسيقى بالإضافة إلى عمق معانيها.. في تتر “مسلسل اربيسك” يقول: “الغش طرطش رش على الوش بويه/ ما دريتش مين بلياتشو أو مين رزين/ شاب الزمان وشقيق مش شكل أبويا/ شاهت وشوشنا وتوهنا بين شين وزين/ ولسه ياما وياما هانشوف كمان”.

أخذه الشعر من “التعدين”

هو شاعر عامية، ولد 23 أيلول/سبتمبر 1940 وتوفى 25 كانون ثان/يناير 2017، إلتحق بقسم العمارة  في كلية هندسة جامعة الإسكندرية عام 1956، ثم انتقل إلى جامعة القاهرة لدراسة هندسة التعدين عام 1958، وشغله الشعر عن إتمام دراسته.

مباريات الشعر مع الصيادين

كان والده أول رافد له في عالم الشعر، فقد كان يشترك في مباراة الشعر مع الصيادين، وهي عبارة عن جلسات يلتف فيها الصيادون حول النار في برد الشتاء، ويلقون الشعر، وكان سيد حجاب يحضر هذه الجلسات ويستمع لكل ما يقال، وحاول في طفولته تقليدهم، وكان يخفى عن والده حتى تجرأ في يوم وأطلعه على أول قصيدة كتبها عن شهيد باسم “نبيل منصور”، فشجعه والده. كان سيد حجاب منذ صباه يحفظ الكثير من تراث الشعر العربي، ولقد لفت ذلك نظر والده ذي التعليم الأزهري، وشعر بأن ابنه يمتلك موهبة شعرية فقام بتعليمه أوزان الشعر العربي، وكان رافده الثاني أستاذه “شحاته سليم نصر” مدرس الرسم، والمشرف على النشاط الرياضي، والذي علمه الكثير خاصة التعبير عن الناس في قريته.

نشأ حجاب في مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية، وهي عبارة عن مدينة صيادين صغيرة على ضفاف بحيرة المنزلة وكان لذلك عميق الأثر في شعره.. تعرف في القاهرة على أستاذه الثالث “صلاح جاهين” الذي أعجب بموهبته الشعرية وتوقع أن يصبح شاعراً مؤثراً في الحركة الشعرية في مصر.. قال حجاب عن لقائه بصلاح جاهين في أحد حواراته للإذاعة المصرية: “عم صلاح جاهين الله يرحمه عمل دار نشر عشان تلاميذه وكان أول ديوان ليا هو “صياد وِجِنيه” وكنت بعمل إلى جانبه أقرأ البريد بتاعه ونطلع الشعراء اللي يستاهلوا ينشروا، وجالي مرة جواب من عبد الرحمن الأبنودي وكان يعمل بمحكمة قنا”. ويذكر أن صداقة طويلة جمعت بين الشاعرين سيد حجاب و”عبد الرحمن الابنودي”.

شعر وسياسة

اهتم حجاب في شبابه بالعمل السياسي فألتحق بـ”أشبال الدعاة” مع الإخوان المسلمين ثم انضم إلى “حزب مصر الفتاة”، واعتقل خمسة أشهر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

انتقل بعد ذلك حجاب إلى الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية “بعد التحية والسلام” و”عمار يا مصر” و”أوركسترا”، وقد كان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب، كل منهما يقدمه 15 يوماً وبعد فترة انفصلا وبدأ كل منهما يقدم برنامجاً منفصلاً، وقدمه جاهين للفنان المسرحي “كرم مطاوع” ليكتب له مسرحية “حدث في أكتوبر”، وحرص في بداياته على المشاركة في الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية في محاولة للوصول للجمهور.

كما كتب سيد حجاب الأغاني، غنى له “عبد المنعم مدبولي وعفاف راضي وصفاء أبو السعود”، كما كتب أغاني شهيرة للأطفال، بعدها لحن له الملحن المتميز “بليغ حمدي” أغنيات لـ”علي الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى”، وكتب للمطرب “محمد منير” في بداياته، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير، بجانب العديد من تترات المسلسلات الشهيرة.

اعمال احتلت وجدان المشاهدين

 سيد حجاب واحد من أهم الشعراء العرب المغنى لهم في الأعمال الدرامية.. حيث عُرف بأشعاره العامية واشتهر بلقب “سيد شعراء العامية” في الوطن العربي، ومن أهم الأعمال المصرية الناجحة التي حظيت ببصمته “ليالي الحلمية” و”أرابيسك” و”العائلة” و”بوابة الحلواني”.

شارك حجاب في إصدار مجلة “جاليرى 68” ونشر بها بعض الدراسات والأشعار، كما كتب للأطفال في مجلتي “سمير” و”ميكي” في الفترة من 1964 إلى 1967، كما حصل على جائزة “كفافيس” الدولية عن مجمل أعماله عام 2005، كما كرمه “معرض تونس الدولي للكتاب” في دورته السادسة والعشرين باعتباره أحد رموز الشعر الشعبي في العالم العربي.

ألف قصيدة بعنوان “من الميدان إلى المجلس الأعلى” بعد ثورة 25 كانون ثان/يناير 2011، قال فيها “يا المجلس الأعلى احنا شعبك الأعلى/ ولا أعلى منا سوى سبحانه جلّ علاه/ ودى معاتبة بْمحبة لاغضبة ولا زعلة/ وطاعة الشعب واجبة بعد طاعة الله/ يا المجلس الأعلى .. واحنا الأعلى والأوْلى/ وانت وكيلنا وبتدير باسمنا الدولة/ والشعب راجع وطالع ع الميدان دَيْدَبــــان/ جاىْ يحمى ثورتنا من أعوان نظام الجبان/ ح نقيم ميزان العدل لجـل الجميع/ وصاحب الحق ياخده واللى أجرم يدان/ طالعين نطالب بحق الثورة والشهداء/ من اللى قتلوا شبابنا وكانو أس الداء/ ليه التراخى ف محاكمة خاين الأمـة/ دى ضغوط؟! ومن بره ولا جوة ؟! مين هُمة ؟!/ لابد م الثورة لا مهادنة ولا استسلام/ ولا مصالحة مع الداخلية والإعلام/ غير لما يتطهروا من كافة الفاسدين/ والأمن يرجع ويصنع شعبنا الأحلام/ وليه ما فيش حد أدنى وأعلى لأجورنا/ خدوا م اللي فوق للي تحت.. الجوع ح يُقبرنا”.

يوم وفاته في ذكرى الثورة امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بأشعاره التي شكلت وجدان ليس فقط معاصريه من الجمهور ولكن الشباب الذي انحفرت أشعاره وأغانيه في وعيه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة