16 نوفمبر، 2024 10:46 م
Search
Close this search box.

سونيا بيروتي.. صاحبة قلم جريء، حر، لاذع، عميق ومجتهد

سونيا بيروتي.. صاحبة قلم جريء، حر، لاذع، عميق ومجتهد

خاص: إعداد- سماح عادل

“صونيا بيروتي” أو “صونيا سليم عون” صحافية وكاتبة وقاصة لبنانيّة، عملت في عددٍ من الصحف والجرائد المحليّة في لبنان، كما أصدرت عددًا من الكتب والروايات أبرزها كتاب «مطاحن الطائفيّة» الذي تحدثت فيهِ عن الطائفية في لبنان، فضلًا عن رواية «حبال الهوا» التي تطرقت فيه لوضع النساء عامّة والنساء اللبنانيات خاصّة من خلال قصص ل 24 سيّدة.

حياتها..

في شارع أديب إسحاق في محلة الأشرفية، ولدت “صونيا عون” العام 1934. والدها السيد سليم عون (كان موظفاً في وزارة الخارجية) ووالدتها السيدة ماري رزق (عازفة بيانو) لها شقيقتان (كلير ودنيز)، وشقيق (جوزف وهو متوفٍ). وعاشت السنوات الأولى من طفولتها. تزوجت مرتين الأولى من “بشارة بيروتي” الذي سافر بعد فترة قصيرة إلى ألمانيا لمتابعة تحصيله العلمي ثمّ انفصل الاثنان بعد خمس سنوات بسبب هذا البُعد. وتزوجت فيما بعد “إحسان شاتيلا”. تنتمي لعائلة مثقفة، ومنها اكتسبت حبّ قراءة الكتب وهو ما ساعدها كثيرا في الكتابة فبدأت من الشعر ثمّ جرَّبت القصص.

الصحافة..

بدأت مسارها المهني في مجال الصحافة في صحيفة «دار الصياد» التي كتبت فيها عشرات المقالات والتحليلات والمتابعات الإخباريّة. انتقلت بعدها في فترة الستينات للعمل في تلفزيون لبنان حيث بدأت في إجراء أحاديث ثقافية واجتماعية كما قدَّمت مجلة تلفزيونية تدورُ حول المعارض والأمسيات الشعرية وصولًا إلى مشكلات انقطاع المياه والمدارس.

وحين صدرت مجلة “الحسناء” كُلّفت بإدارة تحريرها، متبنية أفكار عن تحرر المرأة . تحوَّلت هذه الأفكار مع الوقت إلى الحديث عن الأزياء والطبخ لإرضاء المعلن والإعلانات والممول كما ذكرت “سونيا” لاحقًا، وأكَّدت أنه كلما تكلمت في الجريدة عن حقوق المرأة تظهر كأنها تخالف القوانين السياسية والشريعة وهو ما اضطرّها للانسحاب من الصحيفة والعودة في فترة السبعينات إلى دار الصياد فعملت في مجلة «الصياد» وجريدة الأنوار.

حبال الهوا..

بدأت في أول الثمانينات الكتابة في مجلة «فيروز». صدر لها عددٌ من الكتب أبرزها كتاب «مطاحن الطائفيّة» وهو بمثابة شهادة جمعت فيه الكاتبة اللبنانيّة تجاربها الحياتية خلال الحرب الأهلية اللبنانيّة حيث الطائفية هي سبب كل علة وهي التي تُهدد بحروب آتية كما روت في كتابها. وصدر للصحافيّة اللبنانيّة كتابٌ آخرٌ بعنوان «حبال الهوا» عن مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع في 248 صفحة. ضمَّ الكتاب قصص أربع وعشرين سيّدة كأنها قصة واحدة لامرأة واحدة هي كل النساء. يحكي عن نساء يهربن إلى الجمال إلى الصبا إلى الحلم إلى الضعف إلى الأمومة، إلى العلم، إلى العمل، إلى الحب، ويكتشفن في لحظة من عمرهنّ أنهن يهربن إلى وهم.

بعضهن تسلّح بقوة الإرادة بالمركز الاجتماعي بالعلم بالمال بالمهنة. وتصوّرن أنهن ينسجن خيوط قدر جديد ويخترقن أسوار أوضاعهن النسائية. ويكتشفن في لحظة ما من عمرهن أنهن يغزلن، حبال الهواء. لم تتعمّد سونيا إظهار الوضع النسائي على أنه مأساة ولا تُبالغ في حبك الحدث الدرامي، كما رأى بعض النقاد، بل هي تفتحُ في حياة المرأة أبواباً مغلقة على أجواء حميمة، بلمسات هادئة تكشف بعض الستائر عن بعض الواقع النسائي.

ترى “صونيا” أنَّه على الصحافي أن يقرأ كل شيء، ويستعلم عن كل شيء، ولا يشعر بالتعب أبدًا، بل أن يتميَّز بالفضول والقدرة على التعلم والتجدد، وأن يترقى بالأفكار الطليعية حتى ينجح. وترى أنَّ أهمَّ شيءٍ في الصحافة المكتوبة هو أن يُصبح الكاتب مألوفًا لدى القارئ وأن يلتقيه في كل عدد، أي أن يكون هناك رابط فكري بين الكاتب والقارئ.

أعمالها..

من أهم الكتب الصادرة لها:

مواعيد مع البارحة – (شهادة مهنية)، مؤسسة نوفل 1987.

حبال الهوا- (مجموعة قصص)، مؤسسة بحسون 1991.

مدار اللحظة – (مجموعة قصص)، دار النهار 1995.

مطاحن الطائفيّة: شهادة حبة القمح – الدار العربية للعلوم ناشرون 2009.

في مقالة بعنوان (صونيا بيروتي: جرأة الإطلالة والقلم) كتب: “صوت مميز، نهج خاص وجرأة غير معهودة. إمرأة خرقت التقاليد، ومدت الجسور بين الشرق والغرب. تلك بعض من ملامح صونيا بيروتي احدى الاعلاميات الرائدات في لبنان، الاعلاميات اللواتي شققن الطريق بجرأة وتحدٍ تتوجهما الموهبة المعززة بالجهد والاخلاص. اعلامية رائدة بحق، من منا لا يذكر «فنجان قهوتها» على أثير اذاعة لبنان، وهل تغيب صورتها من أذهان ملايين المشاهدين المسحورين بإطلالتها الفريدة وذكائها اللامع؟

صاحبة قلم جريء، حر، لاذع، عميق ومجتهد، أضاءت على قضايا المرأة خصوصاً والمجتمع عموماً، حررت المقالات والتحقيقات في الصحف والمجلات على امتداد عقود تبوأت خلالها العديد من مراكز المسؤولية الاعلامية، وجسدت نضوج تجربتها واختمارها في ثلاثة كتب. صونيا بيروتي المرأة التي خاضت سباقاً مع عصرها، ربحت رهانها اعلامية فذة وامرأة مناضلة لا تهدأ ولا تستكين”.

وأضافت المقالة: “بفضولية وجدية وذكاء وصمت وإصغاء ونشاط دائم طبعت صونيا بيروتي مسيرتها المهنية الحافلة والتي بدأت منذ نحو 54 عاماً. وكانت فريدة في أدائها وإخلاصها لعملها، وفي تواضعها الذي جعلها لا تتردد في أداء أي عمل يطلب منها. على امتداد نحو عشرين عاماً، كانت في الوقت نفسه تعمل في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، وهذا الأمر قل نظيره في مهنة المتاعب.

اكتشفت موهبتها في التمثيل خلال عملها في الاذاعة والتلفزيون. وأدت إضافة الى «فنجان قهوة» دوراً تمثيلياً في إحدى مسرحيات أنطوان ولطيفة ملتقى التي كانت تعرض على شاشة تلفزيون لبنان في حينه”.

من زمن آخر..

وفي مقالة أخرى بعنوان: “صونيا بيروتي إعلامية من زمن آخر” كتب “نزار نمر”: “انطفأت صونيا بيروتي عن عمر ناهز الـ88 سنة، بعد مسيرة خصبة في الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب وحتى التمثيل والكتابة، اشتهرت خلالها في برنامجها الإذاعي «فنجان قهوة» على «إذاعة لبنان» كما في تقديمها برنامج «استديو الفنّ». الراحلة التي كسرت القواعد التنميطية السائدة في زمانها خصوصاً من حيث جنسها وصوتها وذكائها، وأثارت الجدل بطلّتها وملابسها وشعرها، كانت تنتقد تدنّي مستوى الإعلام والصحافة اليوم، رافضةً كلّ أشكال العنف، ونابذةً الطائفية، ومناصرةً المرأة في نضالها من أجل المساواة بما فيها حقّ إعطاء الجنسية لأبنائها”.

الأبيض والأسود..

وفي مقالة ثالثة بعنوان (صونيا بيروتي… إعلامية مشرقة في زمن “الأبيض والأسود”) كتب “زياد سامي عيتاني”: ” كانت رفيقة المستمع كل صباح عبر أثير “إذاعة لبنان”، من خلال برنامجها “فنجان قهوة”، على مدى خمس سنوات. إلا أن صورتها التي لا تزال عالقة في أذهان الناس، هي إطلالتها الفريدة عبر تقديمها برنامج “ستوديو الفن”، حيث تميزت بصوتها وحضورها وذكائها اللامع. صونيا بيروتي، المرأة التي خاضت سباقاً مع عصرها، ربحت رهانها إعلامية فذة وامرأة مناضلة لا تهدأ ولا تستكين”.

ويضيف: “عملها في التلفزيون كان وليد الصدفة. جاء زميل لها من “تلفزيون لبنان” في أحد الأيام ليقول بأنه يحتاج إلى أحد يساعده في تقديم برنامج عن الهواة (شعر، غناء، عزف…). كانت التجربة غريبة، فقد ذهبت إلى مبنى التلفزيون وبدأت بتقديم الهواة معتقدة أنه بث تجريبي لصوتها ولأدائها، لكن الواقع أن كل شيء كان يبث مباشرة على الهواء. بدأت مسيرتها في عالم التلفزيون في العام 1960 واستمرت لغاية العام 1973. تخلل هذه الفترة برنامج “المجلة المتلفزة” الذي استمر نحو 9 سنوات (1960 – 1969)، وعرض مشكلات اجتماعية وثقافية وسياسية متعددة، وكان له جمهوره الخاص. مع تجربة برنامج “ستوديو الفن” الفريدة، اتسعت رقعة الجمهور. إطلالتها أثارت الجدل، شعرها، ملابسها، صوتها، غير أن الجمهور سحرته تلك الاعلامية المميزة بشكلها وصوتها وذكائها وسرعة بديهتها. مع رحيل صونيا بيروتي، يفقد الاعلام اللبناني، واحدة من الاعلاميات اللواتي اقترن اسمهن بزمن الاعلام الراقي والسامي، زمن الأسود والأبيض، الذي كان أكثر إشراقاً من زمن الألوان الباهتة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة