7 أبريل، 2024 4:59 ص
Search
Close this search box.

سليمان نجيب.. عمل في السلك الدبلوماسي وكان مثقفا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“سليمان نجيب” ممثل مصري، ولد في 21 يونيو 1892 في أسرة أنجبت العديد من الشخصيات المعروفة، فهو ابن الأديب “مصطفى نجيب” الذي عني بتربيته وتثقيفه، فنشأ وفي روحه نزعة فطرية نحو الفن والتمثيل، وخاله هو “أحمد زيور” باشا من رؤساء وزراء مصر .

بدأ “سليمان نجيب” حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة “الكشكول” الأدبية تحت عنوان “مذكرات عربجي” منتقدا متسلقي ثورة 1919، تخرج من كلية الحقوق وعمل موظفاً، وعمل في سكرتارية وزارة الأوقاف، ثم نقل إلى السلك الدبلوماسي وعمل قنصلا لمصر في السفارة المصرية باستانبول، إلا أنه عاد إلى مصر والتحق بوزارة العدل وعين سكرتيراً فيها، وكان مزمعاً إخراج مذكراته عما يعلم عن الوزارة الذين تقلبوا في عهده بوزارتي الأوقاف والعدل.

شغل أيضا رئيس لدار الأوبرا المصرية في القاهرة (دار الأوبرا الملكية)، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب، وقد أدارها بكل حزم ووجه أعمالها نحو الغاية المثلى. حصل على لقب “بك” من الملك فاروق لم يفكر يوماً في الزواج، وقد فضّل أن يعيش برفاهية وأن يفعل ما يريد دون أن يسبب لشريكة حياته أي نكد، لأنه يعتقد أن كل النساء مخالفات ومناكفات، كما وأن فقره إلى المادة في بداية حياته كانت من العوامل على نفوره من الزواج كيلا ينجب أولاداً يعيشون في الفقر والفاقة.

ألتحق “سليمان نجيب” بالمدارس الأجنبية بالقاهرة لكنه أحب التمثيل فانضم إلى “جمعية أنصار التمثيل” عقب تخرجه في كلية الحقوق ثم ترك المحاماة وانضم إلى فرقة “عبد الرحمن رشدي” وفرقة “الشيخ سلامة حجازي”. شعرت أسرة “سليمان نجيب” بالصدمة ودفعت ابنها إلى العمل بالسلك الدبلوماسي وترك التمثيل لذلك لم يعد للتمثيل إلا بعد وفاة أمه احتراما لها.

عمل “سليمان نجيب” في المسرح وفي السينما وتألق نجمه وكان بطلا في كل الأدوار التي مثلها، ورغم أن مرتبه كان كبيراً وأرباحه كثيرة إلا إنه لم يدخر شيئاً.

كان جريئاً صادقاً وفياً أديباً فصيح اللسان، عالي التهذيب، وكان صديقا للزعيم “مصطفى كامل”. من أشهر أدواره كان في فيلم “غزل البنات” عام 1949 وكان دوره سعادة الباشا “مراد” وقد أدى هذه الشخصية بكل ارستقراطيتها مع خليط من طيبة القلب وخفة الدم الفطرية لديه فلم يكن متشدقا ولا مبالغا في الأداء مما يطيح بعذوبة الشخصية فاستحق بذلك النجومية الفذة.

عمل “سليمان نجيب” في السينما منذ أوائل الثلاثينات وحتى منتصف الخمسينات ومثل 40 مسرحية، وللسينما 54 فيلماً. كان متعدد المواهب، إذ شارك إلى جانب التمثيل، في كتابة 8 أفلام منها: (البيت الكبير والوردة البيضاء وقبلة في لبنان، ولست ملاكا، وأخيرا اتجوزت)، وأخرج فيلماً واحداً اسمه “جمال مدكور” عام 1942، كما أنتج الفيلم القصير الجميل “استديو مصر”.

تدهور المسرح..

في مجلة الإذاعة عام 1955 كتب “سليمان نجيب” آخر كلماته في مقال رحل بعد نشره بأيام قال فيه: “ظهر المسرح في مصر بعد بناء دار الأوبرا، ثم قيام فرقة الشيخ سلامة حجازى وما تبع ذلك من ظهور جورج أبيض ومسرحه وقيام جمعية أنصار التمثيل التي انبثقت عنها فرقة عبد الرحمن رشدي ثم تأسيس شركة ترقية التمثيل العربي على يد رجل الاقتصاد طلعت حرب.. وما عاصر ذلك من ظهور الفرق الاستعراضية على يدي عزيز عيد ونجيب الريحاني وعلى الكسار، وقيام مسرح رمسيس على يد الفنان يوسف وهبي. وأخيرا ما نشعر به الآن من نقص وانكماش في كثير من المسارح بل تحولها إلى دور سينما. أن المسرح أصبح هابطا بدلا من أن يسير صاعدا، وما على الآن وأنا على فراش المرض إلا أن أبين العوامل التي أدت إلى هذا الهبوط. أولا: أرفض الرأي الذي يقول بطغيان السينما وانتشارها على المسرح، ودليلي على ذلك أن المسرح ظل على مكانته في بلاد السينما، فهو في أمريكا وفرنسا وبريطانيا بل في روسيا لا يزال له مكانته، ولأنه في تلك البلاد يسير مع الناس ومع الزمان، ولأنه مرآة الناس ومرآة الزمان يمشى معها خطوة خطوة. أما عندنا فالنظر إلى المسرح وماذا حدث له؟. ثانيا: يفسر البعض التراجع إلى انعدام الفطرة التمثيلية في المجتمع، وأقول أن الفطرة التمثيلية قائمة في النفس البشرية على اختلاف المكان والزمان والبيئة لأنها تعود إلى غريزة التقليد. نصل في النهاية إلى أن العقدة في الرواية أو الكاتب الروائي أي في النص المكتوب، ولا ينكر أحد أن عندنا منهم مجيدين لكنهم ليسوا متفرغين لهذا الفن. وكان جديرا أن الحكومة تنشئ فرقة للكتاب والمؤلفين قبل أن تنشئ فرقة للتمثيل لأن النص أولا هو الأساس، ولعل الحكومة إذا تركت التمثيل حرا بشرط وجود مسارح لقامت لدينا فرق كثيرة كما كانت عندنا في الماضي ولازدهر المسرح”.

تحية كاريوكا..

وقد ساعد “سليمان نجيب” “تحية كاريوكا” فقد وضعها على طريق الرقص الشرقي، وساعدها أيضًا على إكمال مسيرتها الفنية واقتحام السينما ليست كراقصة وإنما كفنانة شاملة أثبتت جدارتها التمثيلية بقدر موهبتها في الرقص. “نجيب” أقنع “كاريوكا” بضرورة تعلم اللغات الأجنبية ومبادئ البروتوكول الأرستقراطية، وبالفعل تمكنت من الإنجليزية والفرنسية وأجادت فن الموسيقى والباليه وكل ما يلزم الفن من أدوات، لكن كان ينقصها في ذات الوقت شيئًا هامًا هو الثقافة العامة ليس في عالم السينما والرقص والمسرح بل في السياسة التي تفرض نفسها على الفنان كما تفرضها على غيره، وأيضًا ثقافة الأدب والرواية. الفنان المثقف شجّع “تحية” على إنشاء مكتبة ضخمة في بيتها، ليس للديكور أو استكمالًا للواجهة الاجتماعية بل لتملأها بالكتب والروايات والاتجاهات المختلفة من الثقافة العامة والأدبية، ورشّح لها عدة روايات من الأدب العالمي لشكسبير وموليير وديستوفسكي، ومن الأدب العربي لتوفيق الحكيم وطه حسين ومحمد تيمور وغيرهم.

وفي عام 1946 جمعتهما تجربة فنية أكثر من رائعة هو فيلم «لعبة الست»، الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ كاريوكا الفني؛ فهو أول فيلم تظهر فيه كممثلة وليس كراقصة فقط، وحينما عرضه عليها أستاذها “سليمان نجيب”، رفضت عدة مرات وظل هو يرفع لها الأجر حتى وصل إلى 2500 جنيه، ولكنها أخيرًا صارحته أنها لا تسعى خلف المال ولكنها «مرعوبة» من الوقوف أمام العملاق “نجيب الريحاني”. وبعد محاولات عدة وافقت “تحية” على البطولة، وفي أول يوم تصوير عجزت عن النطق بكلمة واحدة، ولكن “الريحاني” طمأنها بأسلوبه المميز وأصبحا صديقين مقربين، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا وبرعت في دور لعبة الفتاة الشريرة الطامعة.

وفاته..

في أثناء تمثيله في فيلم “غزل البنات” توفي “سليمان نجيب”  في 18 يناير 1955.

https://www.youtube.com/watch?v=mv8Jp-8oHqk

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب