15 نوفمبر، 2024 1:53 ص
Search
Close this search box.

سلوك أطفال التوحد (1): خلل في التواصل الاجتماعي والمهارات اللغوية

سلوك أطفال التوحد (1): خلل في التواصل الاجتماعي والمهارات اللغوية

خاص: قراءة- سماح عادل

يعتبر مرض التوحد مرض مكتشف حديثا، وللأسف ظهر بشكل كبير بين صفوف الأطفال، لذا سنعرض دراسة بعنوان (تفسير المظاهر السلوكية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في ضوء معايير التشخيص الحديثة) للباحث “محمود عبد”، والتي وإن اختصت بمكان محدد لكن لها أهمية في الكشف عن سلوكيات الأطفال المصابون بالتوحد.
مشكلة الدراسة..
من المشكلات انبثقت الأسئلة التي قامت عليها الدراسة: “يعاني العاملون في مراكز التربية الخاصة من صعوبات بالغة في تفسير الخصائص السلوكية للأطفال اضطراب طيف التوحد، وتزداد هذه العملية صعوبة بسبب ضعف مهارات العاملين مع هؤلاء الأطفال بسبب عدم التخصص في هذا المجال ونقص الخبرة الحقيقية في مجال الاضطرابات العصبية، ونقص الأدوات التشخيصية المقننة، ولأن عملية تحديد الخصائص تساعد في عملية التشخيص الصحيح وتقديم أفضل البرامج العلاجية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أتت فكرة هذه الدراسة.
بالإضافة إلى ملاحظة الباحث من خلال عمله في مؤسسات التربية الخاصة أن هناك أطفال مصنفين بأنهم ذوي اضطراب طيف التوحد دون الاعتماد على مقاييس تصنيفية علمية، كما لوحظ أن هناك خلط بين فئات الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد ولم تنجح بعض المؤسسات في التشخيص الفارقي لتلك الفئات ومن هنا أتت مشكلة الدراسة للتحقق من الخصائص الأساسية لأطفال اضطراب طيف التوحد والتي تساعد العاملين في هذه المؤسسات للتشخيص السليم، وعليه سعت الدراسة للإجابة عن السؤال الرئيسي الآتي:
– ما خصائص الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في مراكز التربية الخاصة في جنوب الضفة الغربية، ويتفرع عن السؤال الرئيسي الأسئلة الآتية:
– هل تختلف خصائص الطفل ذو اضطراب طيف التوحد حسب متغير المنطقة وعمر الطفل؟
– هل تختلف خصائص الطفل ذو اضطراب طيف التوحد حسب متغير النوع الاجتماعي (ذكر، وأنثى) في جنوب الضفة الغربية؟
هدفت الدراسة إلى تفسير الخصائص السلوكية للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في مراكز التربية الخاصة بجنوب الضفة الغربية، وبيان علاقتها ببعض المتغيرات (النوع الاجتماعي، وعمر الطفل) من خلال تطبيق بنود مقياس CARS-s2 ومقياس CARS-HF.
خصائص الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد..
تضيف الدراسة عن خصائص الفئة موضوع البحث: ” يعد القصور في التفاعل الاجتماعي، لدى الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد من الخصائص الأساسية والجوهرية في الكشف عن التوحد، وقد تظهر مؤشرات هذا الضعف في المراحل المبكرة في العمر، وتجنب التواصل البصري مع الأم في أثناء الرضاعة، أو عدم الاستجابة للابتسامة التي تصدرها الأم أو أن هذه الاستجابة تصدر ولكن ليس في وقتها أو في مواقف لا تستدعي الابتسامة، وقد لا يبدي الطفل أي ردة فعل إذا مدت الأم يدها لحمله، أو عدم الانزعاج في أثناء تركه والصراخ والبكاء عند محاولة لمسه أو عند الاقتراب منه.
وتشمل جوانب الضعف في التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، الضعف في تكوين العلاقات الفعالة مع الآخرين والبرود العاطفي والانفعالي، وضعف الاهتمام المشترك والميل إلى اللعب الفردي.
ويؤكد كل من Bunton & Dunlap على أنه قد يفشل الطفل في التفاعل مع القائمين على رعايته ويفضل أن يقضي معظم الوقت بمفرد، ولا تبدو عليه السعادة أبدا أو الاهتمام بتكوين صداقات، وتقل استجابته للإيماءات الاجتماعية وفي جانب اللغة فإن لغته إما أن تنمو ببطء أو قد لا تنمو على الإطلاق فيبدو الطفل على أنه أصم وقد يردد الطفل الكلمات ويكررها دون أن يعرف ما تدل عليه تلك الكلمات ويستخدم الإشارات بدلا الكلمات، كما يتسم نسبة لا بأس بها من هؤلاء الأطفال بتشتت الانتباه كما أن بعضهم لديه استجابات غير عادية للمثيرات المحيطة فمنهم من لا يحب أن يلمسه أحد لأن ذلك يسبب له الألم أو يولد لديه الشعور بالانزعاج.
وقد لا يبدون أية مبادرات للعب التخيلي ولا يقلدون أفعال الآخرين. بالإضافة إلى وجود السلوك النمطي لديهم، كما تنتابهم نوبات غضب وبكاء مستمر دون وجود سبب واضح.
خصائص اجتماعية..
هناك عدد من الخصائص الاجتماعية والتواصلية لدى الطفل ذو اضطراب طيف التوحد ومنها:
الانسحاب من المواقف الاجتماعية والانفعالية، صعوبة في إظهار اهتمام بسيط بوجود الآخرين فقد لا ينظر الطفل أبدا وجه أحد بخاصة في السنوات الأولى من عمره، فقد يشك الوالدان عند التحدث إلى الطفل أو إثارة انتباهه بأن لديه مشكلة في السمع حيث لا يتجاوب الطفل مع الصوت أو الكلام
بصورة مناسبة، كذلك صعوبة في إظهار ابتسامة اجتماعية للآخرين والأشخاص المحيطين به وقصور في القدرة على تفسير مشاعر الآخرين وخصوصا التواصل غير اللفظي، بالإضافة إلى قصور في التخيل والتقليد ومشاركة الآخرين، فالطفل يفقد هنا القدرة على اللعب التخيلي والاجتماعي حتى ولو كان مستوى النمو المعرفي واللغوي لديه مرتفعا، مما يؤدي إلى وجود نمط محدود في لعبه.
التفاعل الاجتماعي..
قسمت الدراسات والأبحاث الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد من حيث تفاعلهم الاجتماعي إلى ثلاثة فئات
الفئة الأولي: هؤلاء الأطفال لا يظهرون أي اهتمام أو تعلق اجتماعي ولا يطلبون أي مساعدة من الآخرين لتلبية حاجاتهم، فهم يهيجون ويغضبون عندما يكونون قرب الآخرين أو أنهم يرفضون الاحتكاك الجسدي أو الاجتماعي معهم.
الفئة الثانية: هؤلاء لا يبادرون بالتفاعل الاجتماعي ولكنهم يوافقون على مبادرات الآخرين للتفاعل معهم.
الفئة الثالثة: هؤلاء يتفاعلون اجتماعيا ولكن بطرائق غير مناسبة وغير عادية مما يجعلهم محل رفض وعدم تقبل من الآخرين.
الخصائص اللغوية والتواصلية..
وعن اللغة والتواصل تكمل الدراسة: “يعد التواصل من المشكلات الرئيسية التي يتسم بها الأطفال ذوي اضطرابات طيف التوحد حيث يعاني جميع هؤلاء الأطفال، صعوبات في اللغة والتواصل على الرغم من وجود فروق واختلافات في شدة هذه الصعوبات وطبيعتها. ويمكن تقسيم الخصائص التواصلية لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد إلى ثلاثة مجالات:
– السلوكيات غير اللفظية:
وتشمل الضعف في التواصل البصري مع الآخرين، والقصور في استخدام تعبيرات الوجه المناسبة للحالة الانفعالية وكذلك صعوبة في فهم التعبيرات الانفعالية للآخرين، كما يعاني الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد قصورا الإيماءات والحركات المرافقة في الكلام وفي استخدام الإشارة، إضافة إلى ضعف واضح في مهارة التقليد.
– اللغة التعبيرية:
يستخدم بعض الأطفال صوامت قليلةً، وتراكيب ومقاطع صوتية قليلة كما يظهر بعضهم تأخراً في تطوير اللغة المنطوقة، ويظهرون الصمم والبكم، ويظهر بعضهم لغة نمطية ومتكررة يقوم فيها الطفل بترديد أصوات أو كلمات مفردة وجمل لمواقف أو أحداث بسيطة وهذه اللغة المتكررة تسمى “المصاداة الصوتية” التي قد تكون فورية تتمثل في الإعادة الدقيقة للكلمات والعبارات بعد ثواني قليلة من سماعها، ولكن أو تكون المصاداة متأخرة، لكن العبارات المعادة لا تقال كما سمعت بالضبط، أو تكون منقوصة.
ويمكن إجمال صعوبات التواصل اللفظي لدى الأطفال التوحديين في ثلاث مجموعات:
– المجموعة الأولى: وهم الأطفال الذين لا يتكلمون أو الذين يعانون تأخرا في اللغة المنطوقة، ويظهرون الصمم والبكم لبعض الكلمات وتشكل نسبتهم نحو 50 %.
– المجموعة الثانية: وهم الذين يظهرون لغة نمطية ومتكررة غير وظيفية وتبلغ نسبتهم 25% من الأطفال التوحديين.
– المجموعة الثالثة: وتشمل الأطفال الذين يطورون مهارات اللغة الطبيعية، مع ظهور صعوبات مثل: الصعوبة في كيفية البدء في الحديث أو الاستمرارية، أو كيفية التوقف والمحافظة على إنهاء المحادثة وتبلغ نسبتهم 25%.
– اللغة الاستقبالية:
تعد اللغة الاستقبالية أفضل من اللغة التعبيرية لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، ولكن على الرغم من ذلك، يعاني معظمهم مشكلات في اللغة الاستقبالية وهي تشمل صعوبات في فهم لغة الآخرين، وعدم فهم الأسئلة، أو متابعة التعليمات اللفظية الطويلة أو حتى البسيطة في الكثير من الأحيان أو أنهم يفهمون اللغة في سياق خاص، أو يفهمون اللغة بحرفيتها.
ويمكن إجمال أوجه القصور اللغوية والتوصيلية بما يلي:
عدم القدرة علي استخدام اللغة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين. ضعف القدرة على استخدام كلمات جديدة والاستمرار في إعادة نفس الكلمات وترديدها حرفيا دون إدراك لمعناها وهو ما يعرف بالمصاداة ولا تكون عادة في مكانها المناسب، واستخدام الضمائر بشكل غير مناسب وقد يتحدثون بجمل أقصر وغير مترابطة.
الاستخدام غير السوي للغة، إذ يتكلم الطفل ذو اضطراب طيف التوحد بنغمة واحدة بغض النظر عن الموضوع. واستخدام سلوكيات تواصلية غير لفظيةً منتظمة تمثل أفعالا كسلوك رفرفة اليدين كوسيلة للتواصل الجسدي أو مسك اليد للوصول إلى الطعام الذي يريد.
صعوبة في فهم وإدراك المثيرات التمييزية غير اللغوية مثل (تعابير الوجه، حركة اليدين) ويسير تطور اللغة التعبيرية بمعدل بطئ وبنسبة ضئيلة حيث أن%50 منهم لم يطوروا أصلا اللغة التعبيرية الوظيفية، وفي حال ظهور اللغة لديهم فإنه يتم استخدامها للطلب أو للتعبير عن بعض الرغبات وليس لأهداف التفاعل الاجتماعي.
إن اضطراب طيف التوحد يتضمن عادة عجزا في التواصل الاجتماعي ونقص في المهارات اللغوية بالإضافة إلى انعدام قدرتهم على فهم وتفسير العواطف والمعاني التي يعبر عنها الآخرون من خلال حركات الأعين وملامح الوجوه، كما أن الأطفال الصغار لا يبتسمون في المواقف الاجتماعية المختلفة.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة