13 أبريل، 2024 6:09 ص
Search
Close this search box.

سلمان داود محمد.. أبدع في قصيدة النثر وأصبح لشعره مكانة مميزة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“سلمان داود محمد” شاعر عراقي، صاحب تجربة شعرية مميزة، من مواليد بغداد، صدرت أولى مجاميعه الشعرية عام 1995 وكانت بعنوان ”غيوم أرضية”، ثم أصدر مجموعته ”علامتي الفارقة ” في 1996، ثم صدرت مجموعته الثالثة ”ازدهارات المفعول به” في 2007، وأصدر عنه الناقد “ياسين النصير” كتابا نقديا بعنوان “مملكة الضلال.. دراسة في تجربة الشاعر سلمان داود محمد”.

المشهد الثقافي العراقي..

في حوار معه أجراه الكاتب “عبد الأمير المجر” يقول “سلمان داود محمد” عن المشهد الثقافي العراقي بين عهدين: ” تجدر الإشارة أولا إلى أن ما سيرد من  أقوال على لساني في هذا النقاش لا يتبوأ بالضرورة مكانة الناطق الرسمي أو المخول الإعلامي باسم أصحاب الشأن الثقافي أو غيره، إنما هي تفوهات صدر موجوع يريد الوقاية من أعراض  التدرن “الرؤيوي” الذي فرض بخشونة الترهيب ونعومة الترغيب وعلى مدى “عهدين” على رؤوس المتضررين” كما أن مفردة “عهدين” الجاحظة من سؤالك أراها تمتدـ زمنيا وعملياً ـ من أول دبيب للإنسان على الأرض وحتى الساعة، لذلك أرى أن العهدين المشار إليهما هنا هما في حقيقة الأمر “عهد واحد”.

حيث شاءت التحولات “الفيزيقية” أو “الميتافيزيقية” ربما أن ينشطر على نفسه إلى اثنين وذلك في التاسع من نيسان/ 2003، لقد أنجب الماضي طغاة من الطراز “الصغير” و”المتوسط” حتى تبلورت هذه الطغيانات بحكم العادة وانشغال الرعية بالاختلاف على “غرة شوال” إلى “دراكولا” واحد لا شريك له ومن طراز  (لارج×××) الذي تم “تفكيكه” في التاريخ الوارد في أعلاه، ثم أتى الحاضر الملقح بنطفة “التغيير” لينجب هو الآخر “دراكولات جدد” توزعت على الخليقة العراقية وبالتساوي لتنعم عليها بأكاليل الأسى وبيادر الخسران وفقاً لشرعة حقوق الناس “الفلكلورية” والاستحقاقات “الديمقراطية” الفائحة من مطابخ “الدستور”.

الذي ولد وترعرع في كنف المصالح الفئوية واعوجاج النظرة والأحلام التي يراد لها أن تكون من البنفسج “الحزبوي” لذلك انعكست هذه الوقائع بألوانها الشاحبة على “قيافة” الثقافة العراقية، وكلمة “قيافة” هنا تحدد مقدار السوء العام الذي نال من الشكل العمومي لهذه الثقافة ولكن ظلت الروح التي تتوارى خلف هذه الأسمال محتفظة بسطوعها ونظافتها ومثابرتها على الابتكار وحماية الجذر التأسيسي لها اتصالا مع فكرة مفادها: إن لكل ثقافة رفيعها ورقيعها، والفارق بين الاثنين “نقطة” كما ترى…

وهذا يؤكد بالوقائع الدامغة أن الثقافة العراقية البتول قد أصابها الأذى الكثير من ضآلة الدخلاء ووساخة الأدعياء ودناءة المتاجرين على حساب عفافاتها وديمومتها التي بلا حدود، وليس أخيرا على خصوبتها المعرفية التي كانت ولم تزل وإلى يوم يبعثون الدرس الأبلغ في جمع شمل الجمال والعدالة والأبدية في ملكوت واحد اسمه “العراق” الذي تدربت على حروفه النورانية أبجديات العلم وازدهرت على الرغم من تعاقب العهود المأفونة وسلاطينها عليه، فربما لا تستطيع الثقافة العراقية الطاهرة الآن أن تعيد ذريتها المبدعة إلى رحمها من جديد، بدعوى الحفاظ عليها من السوء المتفاقم حاضراً، ولكنها تستطيع وبإتقان كيف أن تضع مثقفي “ضرب السر” في الأماكن المخصصة لجمع النفايات”.

ازدهارات المفعـول به..

في مقالة بعنوان (احترام الفن المعـزّي في (ازدهارات المفعـول به) للشاعر العراقي سلمان داود محمد) كتب الكاتب “شوقي كريم حسن” : “منذ (غيوم أرضية)، التي صدرت في العام 1995 والشاعر سلمان داود محمد، يثير جدلاً معرفياً حاداً، فلقد ظل برغم تراجع الكثير من أبناء جيله عن مشاريعهم الإبداعية في قصيدة النثر، متمسكاً بتلك القصيدة، معلناً ولاءه المطلق لها، وقد دفعه هذا الولاء “وهو ولاء عرفاني يستند إلى تفحص دقيق إلى تاريخانية القصيدة ومحاطتها التي تمتد عميقاً، ورموزها الإبداعية المؤثرة” إلى أن يكتشف مناطق اشتغال لم تكن مألوفة من قبل داخل قصيدة النثر، والتي كانت تهتم بالمظهرية اللغوية، وتأخذ من الدلالات الرمزية أبعاداً ميتافيزيقية.

فقدم في (غيوم أرضية) مجموعته الشعرية الأولى، كشوفات عميقة ليوميات نفسية للحرب وملوثاتها الاستبدادية، وبهذه الكشوفات ومن خلالها، أفصح الشاعر عن ماهيات شعرية جديدة لقصيدة النثر، ولأنه يتوافر على عقلية شعرية تستنطق جوهر المكونات الوجدانية، عمد إلى أن يقدم “ازدهارات المفعول به” يشير إلى أوسع الفضاءات القرائية لواقع مغلوق على تاريخية سرية، متجاوزاً دوائر السؤال الذي اهتم الشعر بها قبلاً ليتوغل في دائرة الإجابات الداخلية الدفينة، ويقترح الشاعر مدخلاً نفسياً، كان قد استله من واحدة من قصائد الديوان، ليكون وصية، ما تلبث أن تشكل سياجاً فكرياً بين الشعر والمتلقي، ومثل هذا السياج يعمل على صناعة المدركات وتحفيز المكشوف الداخلي لدى المتلقي (( خشية أن تشقى اكره نفسك جيداً واقترح الله ))”.

ويواصل: “وبين خشية الشاعر والاقتراح ثمة أكثر من متناقض، فالكراهية تدفع إلى تشوهات نفسية يقول عنها (فرويد) إنها تصيب المظهر الداخلي بالتغيير وتوقف أحلام اللاشعور، وبتعطيل المظهر الداخلي إذ ينزح اللاشعور إلى الخارج فيرتمي في أحلام اليقظة، وهنا سوف تستحيل “الرؤية” إلى “رؤيا” فيما يوصل الاقتراح معرفياً إلى إطلاق يشي بإتحاد بين الرؤية والرؤيا، وذلك وبحسب ما يشير إليه (فرويد) إن “الإنسان والله طرفان يكمل وجود أحدهما وجود الطرف الآخر، ولا يتم هذا الاكتمال إلا من خلال معرفية علمية يتداخل فيها ما هو حسي بما هو عقلي”. ويدفع قبول الإقتراح من قبل المتلقي الى تفحص دقيق لما سوف تشتغل عليه القصدية والإجابات، ويتوافر هذا القبول على شرطين أساسيين أولهما الإيمان بكراهية النفس، وهي نوع من أنواع التهشيم الفعلي للذاتية الإرثية، والثاني، تحفيز فكرة الإنقياد داخل ميدان خال من “الكيف ولماذا” فلقد نفذ قبل الإقتراح وصار للمعاني داخل النص الشعري فهماً آخر، غير ذلك الفهم المادي والذي يؤمن بأن ثمة وجه واحد للأشياء، وقد دفع المتلقي ضريبة هذا الفهم لولوجه الوجه الآخر “الروحي” وتفحص خواصه الكاشفة عن مشهدية أدركها النص وجسدها لتكون الموازن بين الحالة النفسية اللاشعورية، والخشوع الفاعل”.

نثرنة الصنم..

ويواصل الغوص في نصوص”سلمان داود محمد: “وعلى مثل هذه القصدية تشتغل قصيدة (نثرنة الصنم) والتي تسوق من خلال إشارتها الابتدائية، لواقع لا يعطي سوى معاني محددة فثمة توغل داخل روحية “الزمكانية” التي رتبت وجودها دون أن تمنح الشاعر قدرة وفرصة على ترتيبها، فهو أي الشاعر يسقط حسه النقدي، لكنه لا يستطيع الاستيلاء كاملاً على منافذ وخبايا الحيرة والتردد، وبهذا يكون الواقع هو القوة الدافعة والخالقة لشفرات تساؤلاتها والتي تلزم المتلقي على أن يتجه ناحية ما يسميه “هويج” جوهر المعادلة الواحدة، وهو جوهر يمكن للمتلقي بأن يتلمس وجوده دون الحاجة إلى إعادة قراءة النص، والارتماء بين يديه كسر من أسرار الشعرية التي لسوف تأخذه إلى حضن الجمال، و”النعم” التي يفتح النص فيها مغاليقه المعرفية تدفع بالمتلقي إلى هدوء نفسي، ما يلبث حتى أن يقلب العواطف، ويعيد تشكيل المشاعر الانفعالية إزاء النص= الوقع ولا ينسى الشاعر أن يوصي متلقيه: “ كل هذا في علكة الأمل ـ فانفرد بها، وعش بلا آخرين …” ووصية كهذه تعطي لمتلقيها انفعالية مغايرة، لأنها تجعله يغرق في دوامة من الأسئلة ـ “علكة الأمل ـ صورة جمعية”.

إنفراد انفعال فردي يوحي بالاستسلام المقدر= عش بلا آخرين، تناقض ناسف يدفع بالنفس الى تأرجح داخلي ما يلبث أن يؤدي إلى نوع من أنواع الانقسام الشخصي، وهو انقسام مرضي غير فاعل، وتقوم قصيدة (أنت بكسر العين ) في مكونات نفسية تؤهل النص إلى أن يكون وثيقة تبلور الأسئلة، وتعطي متلقيه الحق في أن يبحث ما يمكن أن نسميه التطهير العقلي، فثمة تدفق غزير لصور تبدو ضجرة، تؤلم القلب، تبدأ من خط شروع يشكل هاجساً تعويضياً، لكنه هاجس مؤلم يحيلنا بهدوء إلى صرخة فاوست “الأمهات.. يالها من كلمة ترن في السمع رنيناً عجيباً” فهذا الرنين يبدأ من الساحة الهاشمية” والتي تنام وهي ملأى بالضحايا.

وبمدة إرتدادية يصرخ سلمان داود محمد”: ( فيا واهب الإناث غياب الفلدات .. ص 109) وخطاب كارثي كهذا يمتهن مساحة الشعور حتى يدفع بالشاعر نفسه إلى أن يختار رغباته والإعلان عنها، وعند هذا الإعلان يحدد عودته فلقد أخذ كل شيء، ولم يبق لذاك الذي هشم الواقع وجعله مغايراً لا يتفق ورغبات الشاعر سوى الفراغ واللاشيء. وبهذا يستطيع “الناص” سلمان داود محمد” أن يعوض عوزه الحياتي، ويطلق رغباته الإنسانية.. رغبات المتلقي، لأنه موقن أن متلقيه قد عاش ذات الظروف وهي التي أبطلت حاجاته الحيوية لهذا نجده بعد نهاية القراءة يقول “إننا نختار الفن لأنه يعزينا” وهذا ما فعله “الناص” سلمان داود محمد”.

وفاته..

توفى “سلمان داود محمد” بعد صراع طويل مع المرض يوم30 أغسطس 2021.

قصيدة ل “سلمان داود محمد”..

ولدٌ تائهٌ في جيبهِ أغنية..

حريقٌ

يمدُّ

لسانهُ

ساخراً

من

رجالِ

الإطفاء ..

..

..

هكذا الحب

***

هل تتذكرين روحي..

حين لملمتْ الزقزقات ريشة ريشة

حتى لا تصاب بالوحشة أقفاصك …

..

هل تتذكرين روحي ..

عندما قلتُ لإله البحر :

– أنا الغريق الذي عكّر صفو مياهكَ…

كي لا يتهم زوارقكِ الراحلة خلسة.. بالبهتان…

هل تتذكرين روحي ..

وهي تسابقُ دندنة القلب

في مباراة: (من يدقُ من أجلكِ أكثر..)

حتى فازت الروح على نفسها .. بلا جائزة ..

..

هل تتذكرين روحي ..

عندما صحتُ في حفلة تقسيم الإرث :

_ أنا إبن اللقالق ،،

النازل مثل طفل زنجي

من مدخنة بيتكِ المنيف كجرح ،،

فقط من أجل التشابه .. لا غير

مع العسل الأسود الذائب في مرارة وقتك…

أشكُ بأنكِ ستذكرين

فهذا الرماد الفذ

هو كل ما تبقى

من اشتعال ذاكرتي

في ظلمة نسيانك،،،

فكيف إذن:

لا تكون وحوش الأسى (أمهاتي)

وهذا الموت

أب…

***

ما أن أعدد سنواتي على أصابعكِ

قبلة ..

قبلة ..

حتى تنطق الشفاه بالفراشات ،،

والشمس مرآتك

..

..

هكذا أحبكِ وأشتعلُ ،،

كي

لا

يتهمني

الآخرون

بـ …

.

.

الظلام …

***

يا ما قلتُ لكِ:

أن الانتظار على أرصفة الموانئ يؤذيني..

يحشًدُ غوغاء أحزاني عليً ..

فأضطرُ إلى الانفلاق

مثل قنبلة مسيًلة للدموع

كي تتفرًق الآلام عندئذِ بنجاح دامع

تاركة رأيتها.. وحيدة

رأيتها التي على هيئة

سعفة منزوعة من نخلتها…

إيييييييييييييييييييييه…

كم سيتهافتُ على أناقة جثّتها اليابسة

جوع المواقد..

وكم

سيكون

اسمها

كالمعتاد:

أنا ….

***

كما هي الريح

أطرد’ الوحشة عن مصطبة لشخصين.. فارغة

وأنعي ضجيج المارّة مثل حظر للتجوال

وكما القميص المشنوق بحبل الغسيل

…أتقاطرُ بكل نداي على سطح أيامكِ

وأشتمُ الغيوم.. تلك الواقفة (!!) في طابور الوضوء

ثم أكره:

الموسيقى

والسدنة

والقانون

والزي الجامعي

ورواد الفضاء ..

ولا أحب حياتي ..

..

يحدثُ هذا في الذكرى المئوية لذبولي

وسط حفل من ميليشيات ودفوف

وهم يباركون تشييع قناديلي

في

(درابين)

غيابكِ …

***

قال : أحبكِ ..

قالت : هذا ورد …

ثم قال : أحبكِ ..

وأيضاً قالتْ : هذا ورد …

وظل يقول : أحبكِ .. أحبكِ .. أحبكِ ..

أحبكِ .. أحبكِ .. أحبكِ .. أحبكِ .. أحبكِ ..

حتى مات ……………..

فوضعتْ هي

كل الورد

على

جثتهِ

و

غابتْ …

***

# ربّات البيوت ..

# الباعة المتجولون ..

# وزارة الحب ..

# الصعاليك ..

# صبايا التعليم الجامعي ..

# اللصوص..

# نزلاء فنادق الدرجة (بلا..)..

# الأغاني ..

# شرطي المرور ..

# ضحايا النشيد الوطني ..

# سائق القطار ..

# ابن لادن ..

# مذيعات الأنواء الجويًة ..

# كلكامش ..

# الفقهاء ..

# المصحح اللغوي لبيانات الرئيس ..

# السكارى ….. وأمي ..

كلهم ..

كلهم صاحوا بوجهي:

((لا تفعلها يا مجنون، وإلا ستموت..))..

..

لكنًي .. ويا للـ .. ( مجد )

فعلتها

و ..

.

.

أحببتكِ …

***

اطمئني ..

لن أكون من بعدكِ وحدي

فالمتاهة بيت

والخطى

عائلة …

 

***

هجرانكِ الراسخ في ذبول الحافلات

يشبهُ مسمار لم تمسسهُ المطارق’ بعد ..،،

ها هو ذا يوقًعُ بسنًهِ اللامع الوحيد

على جسد انتظاري صكوك الدموع ….

هجرانكِ

الجارح

يحرثني

بإخلاص …

فألقيتُ التحيًة على بقايا رماد احتراقاتي معك،

ثم

افترشتُ

دمي

على

قارعة

الغروب

و

متُ …..

***

أحببتكِ ومضيتُ

مثل غيمة هاربة من المدرسة

نثرتُ أزرار قميصي على حقولكِ

وخذلتُ (درس العلوم) ،،،

فما عادتْ أمطاري في زجاجة

ولا الشارع المؤدي إليكِ

ميدان حرب

أو سوق لبيع الطيور،،

بل

روحي عليكِ تهطلُ

ويدي

..

..

مظلّة …

***

قال المعلم : ارسمْ قلب الإنسان..

فطبعتُ على راحة يدكِ ’قبلة

وأقفلت’ عليها نعومة أصابعكِ…

..

..

المعلم الآن في ردهة الإنعاش

وأنا

متهم

بالتزوير …

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب