27 نوفمبر، 2024 10:49 ص
Search
Close this search box.

سلمان الشهد.. فنان يبحث في داخل النص وليس في سطحه

سلمان الشهد.. فنان يبحث في داخل النص وليس في سطحه

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“سلمان الشهد” فنان تشكيلي عراقي، يعتبر من أحد أشهر ثلاثة فنانين تشكيلين في العراق خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، والآخرين الفنان “فيصل لعيبي صاحي”، والفنان “صلاح جياد”.

ولد ونشأ في محافظة البصرة جنوبي العراق، قدم عدة رسومات في صحف محلية وعربية، وخاصة الصحف المصرية، كما صمم أغلفة عددا من المجلات. وفي شهر أغسطس/آب عام 2019، أقام معرضا شخصيا له في محافظة البصرة في قاعة جمعية الفنانين التشكيليين، عرض فيه أكثر من 50 عملا تخطيطيا.

مثلث البصرة..

في مقالة عنه يقول الكاتب “صفاء ذياب”: “رحل الفنان التشكيلي سلمان الشهد، الفنان الذي كان يمثّل مثلث البصرة التشكيلي بمشاركة الفنانين فيصل لعيبي وصلاح جياد، الشهد الذي قدّم أعمالاً تشكيلية على مدى أكثر من خمسين عاماً، فضلاً عن تصميمه للمجلات وأغلفة الكتب، رحل بعد صراع طويل مع المرض، وكان آخر لقاء له مع الجمهور العام الماضي حينما أقام معرضه الفني الأخير على قاعة جمعية التشكيليين العراقيين في البصرة، وعرض فيه حينها أكثر من خمسين عملاً فنياً خلاصة تجربته خلال السنوات الماضية”.

ويواصل: “وكان لجريدة الصباح أن حضرت معرضه الأخير في مدينته، وأجرت معه حواراً موسعاً حول تجربته ومعرضه، أكد فيه أن على الفنان أن يغور في عمق الذات قبل تنفيذ أي عمل. وقد جاء معرضه الأخير بعد انقطاع لسنوات طويلة، ليقدّمه بأكثر من 50 عملاً تخطيطياً، اقترب فيها من السريالية، والمزج بين الواقعية والغرائبية. ومن هنا، جاءت أعمال معرضه هذا لتختصر تاريخه الفني الذي أسهم فيه بطروحات جديدة في مجال التخطيطات، والعمل الغرافيكي والتصميمات التي كانت مختلفة عن الفنانين الآخرين، مع التجديد في ما يلائم التطوّر الفني الذي مرَّ به”.

ويوضح: ” أشار الشهد إلى أن هذا المعرض جاء امتداداً لتجارب منذ منتصف الثمانينيات وحتى الآن، بدأ بالتجريب، واستخدم أساليب مختلفة، لكنه كان مع هذا التجريب مغرماً بالواقعية السريالية التي تعتمد الحلم والفكرة النابعة من داخل الذات”.

التخطيط والتمرين..

يقول “سلمان الشهد” في حديثه لصحيفة الصباح: “نضجت في مطلع التسعينيات، وأقمت معرضاً وبعد ذلك انكفأت زمناً طويلاً من دون أن أعرض أي عمل، لكني كنت أواصل التخطيط والتمرين. لهذا الانكفاء كانت أسباب عدة، منها أنك غير قادر على البوح في زمن التسلّط، ثانياً كنت تعتقد أنه لا وجود لمتلقٍ سواك، لهذا كنت أجرب مع نفسي. إن كل شيء بعد تغيير النظام السابق قد تغيّر، فأصبح هناك متسع من الحرية والتأمّل، فعدت للعمل من جديد، لكن بصمت، لأتوصل إلى هذا الشكل. أما المضامين فتبقى خاصة لدى الفنان، وما يؤوله المتلقي فهو صحيح أيضاً”.

وقال عن التغييرات التي حدثت لفنه:”حررت النص والشكل معاً، البعض من المقربين كان يرى أن هذه الأعمال ليست سهلة على المتلقي، وكأنني أصدر ترجمة لكتاب من دون حواشٍ أو تفسيرات، وبما أنني كنت أمتلك قدرة تشخيصية وبوصف الواقع، ولدي معرفة كاملة بالتعبيرية والسريالية، بدأت أعمل على هذه الأعمال، فأقمت معرضاً في العام 2005 في اتحاد أدباء البصرة، وقد اخترت هذا المكان لوجود متلقٍ نوعي، قدّمت فيها نصوص أبي القاسم الشابي، وخصوصاً قصيدته أنشودة الحياة، ومن ثمّ أعدت إنتاج قصائد الجواهري بأعمال كثيرة جداً”.

في عمق النص..

وأكد “الشهد” أنه مغرم برسم الكتل المتناثرة ومن ثم يقوم بمزجها وتآلفها، وفي الوقت نفسه هناك فنانون لديهم الفكرة أقوى من التنفيذ والسطح الفني، لهذا “حاولت أن أبتعد قليلاً عن هذا، وأنفّذ السطح والفكرة معاً”. ومن وجهة نظره، فإنه ينبغي على الفنان أن يبحث في داخل النص وليس في سطحه، هذا البحث الذي هو أقرب إلى المخيلة يمنحك نوعاً من الراحة والإحساس بالحياة في عمق الفن.

أسفه على ما ضاع..

وحكي أنه خلال إقامته في أميركا، أقام ثلاثة معارض داخل الكونغرس الأميركي، بالأفكار هذه، كانت في أغلبها هجوم مباشر على الديكتاتورية الأميركية. وخلال إقامته في براغ بالقرب من الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، رسم أكثر من 60 عملاً له بين قصائده وبورترهاته، فأخذ الجواهري منها أكثر من 30 عملاً، أغلبها تنفيذ لقصائده.

وعبر”سلمان الشهد” بعد رحلته الطويلة من الفن والرسم والتخطيطات، التي نفّذ بعضها قبل أكثر من خمسين عاماً، عن أسفه بسبب ضياع عدداً كبيراً من الأعمال في سفر، يقول: “أضعت في إحدى سفراتي أعمالاً كثيرة، منها أكثر من 50 عملاً زيتياً متفاوت الأحجام، وتخطيطيات بالفحم ولوحات بالألوان المائية، بعد أن فقدت حقيبتي ومعها كل هذه الأعمال”.

لكنه أصر على إنتاج أعمال أخرى، حتى إصابته بالجلطة التي جعلت من يديه غير قادرتين على مسك القلم أو الفرشاة.

وفاته..

توفي ” سلمان الشهد”، الاثنين، 2 نوفمبر 2020.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة