17 نوفمبر، 2024 11:38 م
Search
Close this search box.

“سعد الدين حسن”.. الكتابة بالنسبة له لعب طفولي وبوح

“سعد الدين حسن”.. الكتابة بالنسبة له لعب طفولي وبوح

خاص: إعداد- سماح عادل

“سعد الدين حسن” كاتب وقاص مصر.

التعريف به..

ولد في الصعيد، وانتقل للحياة بطنطا وهو صغير. بدأ الكتابة بمجموعة (احترس القاهرة) التي كانت علامة مميزة، ثم مجموعة (أول الجنة أول الجحيم)، ثم رواية (سيرة عزبة الجسر)، ثم مجموعة (عطر هارب).

احترس القاهرة..

في حوار معه يقول “سعد الدين حسن” عن صدور مجموعته القصصية (احترس القاهرة) وارتباطه بقامات أدبية. وعلاقاته بهم، ومدى تأثيرهم فيه، على المستوي الشخصي والإبداعي: “أول شخصية أدبية مهمة ارتبطت بها ارتباطًا عميقًا، كان الراحل العظيم، أخي وصديقي الشاعر المتفرد أمل دنقل، ومن خلاله عرفت باقي الشخصيات العظيمة من النخبة الإبداعية، يوسف إدريس الذي علمني بعض أسرار القصة القصيرة، ونجيب محفوظ الذي وجهني للإنسان، أقصد إنسانية الإنسان، والواقع وتناقضاته، وصلاح عبد الصبور الذي خصص لي هو والدكتور عز الدين إسماعيل باقة شهرية من إصدارات هيئة الكتاب، وساعداني في العمل بمجلة فصول، التي كان لها الفضل بتعريفي كناقد، وأنا لا أنسى فضل الفضلاء على شخصي الضعيف، رحمهم الله”.

وعن إخلاصه للقصة القصيرة، وقلة كتابته للرواية: “لا أدري، ولا أعرف كيف أجيب عن سؤالك! والله، أنا لم أفكر مطلقًا في كوني كاتبًا للقصة القصيرة. أزعم مجرد الزعم أنها كتابة. أنا أكتب روحي بإخلاص، بمنطق اللعب، سمها ما شئت: قصة قصيرة، رواية، كتابة. أما بالنسبة للرواية، قلت سابقًا إنني أكتب بمنطق اللعب الوجودي، الطفولي. في النهاية، لا يعنيني أن أكون مقلًا، أو مكثرًا، يعنيني شيء واحد فقط هو: اللعب بإخلاص، ولو مرة واحدة في العمر”.

زمن الرواية..

وعن تصدر الرواية المشهد الإبداعي الآن، وهل نحن  في زمن الرواية يقول “سعد الدين حسن”: “لماذا تصر على تصنيف الكتابة الإبداعية؟ مع ذلك، نعم نحن في زمن الرواية فعلًا، والسبب في رأيي، أن هناك موجة أو أمواجًا من البوح، الكاتب المبدع يريد أن يبوح، يقول قولًا هو القول البديع، وربما يكون الروائي الآن يحتل مقام الحكّاء الشعبي، ربما!

القاهرة..

وعن عشقه للقاهرة. وتفسير قبوله، ورفضه في ذات الوقت لها: “العجيب في الأمر أن (احترس القاهرة) كانت نبوءة لما حدث لي في القاهرة أكثر من مرة، فقد تعرضت للسرقة في وضح النهار تحديدًا في شارع عماد الدين بعد أن هددني بعض بلطجية الأزبكية بالسلاح الأبيض. ومرة أخرى، وفي أحد شوارع المطرية، والدنيا ممطرة، وليلًا، هددني البلطجية، وما أزال معرضًا للتهديد، وربنا يستر!.

القاهرة جزء مني، شوارعها، مبانيها القديمة، ناسها البسطاء، النيل العظيم الذي أتمنى حين أموت أن يحرقوا جسدي، ويذروا رماده في النيل، لكن هذا لن يحدث مع بالغ أسفي، وأنا أعلم لماذا لن يحدث. إنني أشم رائحة القاهرة كما لو كانت امرأة خارقة الجمال، ومع ذلك لا يمكنني بأي حال من الأحوال الإقامة فيها أكثر من يومين، وإلا اختنقت. أنا لا أكره القاهرة، ولا أعرف الكراهية، لكنني أغضب غضبا شديدًا من تناقضاتها، وتطورها إلى أسفل، إن جاز التعبير”.

الولع بالشعر..

ويقول عن الولع بالشعر في كتاباته السردية: “أنت لا تعلم مدى ضيقي من كثرة ذكر (احترس القاهرة). كثيرون يكتبون، ويتحدثون معي حتى الآن عن هذه المجموعة التي أصبحتُ كارهًا لها، لهذا السبب، وكأنني لم أكتب غيرها، مع أنني كتبت أفضل منها كثيرا، وتطيح بها بعيدا، هي رواية (سيرة عزبة الجسر)، ولأننا تحدثنا عن مصريتي الخالصة حسب تعبيرك قبل هذا الحوار، فستجد في (سيرة عزبة الجسر) ما يسمى بوحدة الوجود الفرعونية، فلن تجد حال قراءة العمل ثمة انفصال بين عالم الطير والناس والحيوان.

أما بالنسبة لموضوع الشعر، فالشعر كما فهمت من أرسطو: أمعن في الفلسفة من التاريخ، أي أنني أفكر بالشعر وصولًا إلى الفلسفة. وبالطبع ليست الفلسفة المتعالية، ولكنني أقصد الفلسفة الاجتماعية. فقط أرجو ممن يقرأني أن يغوص قليلًا في جُملي الشعرية ليكتشف ذلك ببساطة”.

ويجيب عن سؤال “أنت مثل رواية لم تكتمل، فيها الكثير من الألم، والقليل جدًا من الفرح، وتختفي فجأة، وتظهر فجأة. ما السر في هذا؟”: “اختفائي بالتأكيد، لم يكن عن قصد، أو تجاهل. اختفائي يعود إلى حبي للعزلة والانطواء. في أحيان كثيرة، تأخذ هذه العزلة عندي شكلا مرضيا، ثم إنني أصاب بالفزع من الاهتمام المبالغ فيه بشخصي المنطوي، كما أنني لا أحب الشهرة، تلك الشهرة البغيضة التي تطاردني، فأختفي من جديد حتى ينساني الآخرون، وحتى هذا لا يحدث، ولا أدري ماذا أفعل بهذا الخصوص؟.

أما ألمي وفرحي فنتيجة لافتقادي للعدل بمفهومه الشامل. لهذا السبب ألمي كبير، وفرحي قليل، والمتبقي لي الآن من الفرح: الكتابة. هذه هي فرحتي الباقية، أما ألمي فسينتهي بموتي، وأنا أعتبره (ألما إيجابيا) لأنني أستغله في الكتابة. فرحي الجميل.

تخليد الاسم..

دعا الفنان والناقد التشكيلي، “صلاح بيصار”، وزارة الثقافة، وتحديدا هيئة قصور الثقافة، إلى إطلاق اسم الكاتب القاص “سعد الدين حسن”، على دورة مؤتمر أدباء الأقاليم المقبلة.

ونعاه “بيصار”، عبر حسابه الشخصي، ب “فيسبوك” قائلا: “وداعا سعد الدين حسن، المثقف الموسوعي والناقد والقصاص، أحد الرموز الكبار من أدباء الأقاليم، مطلوب من الهيئة العامة لقصور الثقافة الاحتفاء به وعالمه، وأن تكون دورة مؤتمر الأقاليم المقبلة باسمه وجمع أعماله وطبعها في منشورات الهيئة. وهذا يعد بالطبع في عين الاهتمام بأدب الأقاليم”.

وتابع “بيصار”: “ودع الحياة اليوم الصديق العزيز سعد الدين حسن، من ينتمي إلى جيل السبعينيات وننتمي إليه، كان مثقفا كبيرا عرفته في نهاية السبعينيات، حين كتب عن معرضي الأول كتابة المثقف التشكيلي “أنشودة البساطة” بصحيفة المساء.”أقيم بأتيليه القاهرة”. وحين انتقل المعرض بعدها بشهور بقصر ثقافة أسيوط. جعل عنوانه “أنشودة البساطة بأسيوط”. من فرط تحيزه لأقاليم مصر خارج القاهرة.

وأشار “بيصار” إلى أن “سعد الدين حسن”: “كان الكاتب والأديب سعد من أبناء الغربية، وكان حريصا أن يظل بها، حريصا على متابعة الحركة الأدبية والفنية بالقاهرة. بانتظام ما كان يكلفه الكثير من الجهد الجسماني والمادي.

ترك سعد الدين حسن ثروة نقدية مع مجموعته “احترس القاهرة”، القاهرة هذا الغول الذي يبدو فيها أبناء الأقاليم في بحر من الغربة وربما الاغتراب. جعل منها مناسبة للتجريب في اللغة والتعبير. هذا ما كانت عليه أيام لقائنا الأول بها. وربما من بين ما جعله يصر على أن يظل بقريته بالغربية حتى يكون ضيفا عزيزا، وحتى يبدع في صفاء. تحت الظلال الخضراء، كما كان يحكي ما عشناه معا في الطفولة والصبا”.

“الجمال النائم” قصة قصيرة..

“سعد الدين حسن”

عانقت أوراق شجيرات العنب الجبلي ريح الصبَّا وظلت ترف رفيفاً، ها هي ذي الأوراق تصلي والعناقيد تدلت ناضجة، تدلت وتدلت، فيما البنات بالمقصات يصهلن:”العنب عنبي والجنب جنبي، وأنت يا شلبي يا بتاع العنب”.

ها هو ذا حسان حارس كرم العنب بقامته الضخمة الفارغة، والمعروف في القرية بـ” قتال القتلا” يقرفص على الأرض أمام شجيرة يتأمل يمامة نائمة على بيضها بين العناقيد، يظل لحظات مقرفصا مبهورا، “وأنت يا حسان يا بتاع العنب” يقوم حسان ويختفي هنيهات ثم يعود وبيده زبدية مملؤة بالماء يضعها على حافة العش حتى إذا استيقظت اليمامة شربت وجادت بالهديل. برهة واختفى حسان ثم عاد وبيده غصن طويل مربوط، برأسه شريط أحمر يرفرف وثبته على رأس شجيرة العنب تحذيرا لمن لم يره فلا يقترب من شجيرة اليمامة.

جمع البنات وبصوته الجهوري الذي يرتجف منه السامع حذرهن من الاقتراب من شجيرته ذات الشريط الأحمر، ثم كشح البنات وقعد تحت الشجيرة ساكتاً تماماً وعيناه متوولتان باليمامة النائمة في انتظار هديليها السماوي.

من مجموعة “عطر هارب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة