7 أبريل، 2024 10:02 ص
Search
Close this search box.

سحر طه.. غنت حنينا إلى العراق وكتبت عن الاحتلال 

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“سحر طه” مغنية، وصحفية، وعازفة عود عراقية، ولدت في بغداد 1957، والدها كان شاعراً وملماً بالأدب العربي، حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال من بغداد في عام 1984، ثم حصلت على شهادة في العود والغناء من المعهد الوطني للبنان في عام 1989، كما تحمل شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة في بغداد، وصدر في ولاية ميشيغان طابع بريدي محلي يحمل صورتها.

حياتها..

بالإضافة إلى عملها في مجال الموسيقى والغناء، عملت “سحر طه” كاتبة لعدد من الصحف العربية واللبنانية، كما كتبت لصحيفة “المستقبل” في بيروت منذ عام 1999.  وقدمت “سحر طه” أيضا برامج موسيقية عديدة في برامج الإعلام العربية،  كما عملت في تليفزيون المستقبل ومحطات (شبكة راديو وتلفزيون العرب) في منتصف التسعينيات. واستمرت في تقديمها للبرامج الموسيقية، كما أنها عملت في لجان تحكيم في المهرجانات والبرامج الموسيقية في كل من مصر ولبنان في عام 1995 و2001 و2002.

ومنذ عام 1997 كانت “سحر طه” عضوا في نقابة الفنانين، وعضو شرف في مؤسسة “منير بشير” للعود، والمؤسسة الدولية للفنون الموسيقية. ومنذ عام 1986 قامت بالعزف في العديد من الحفلات الموسيقية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، وشاركت في تقديم البرنامج اللبناني”بنات حواء” في هيئة إذاعة لندن.

اشتهرت “سحر طه” بالعزف على العود و أسست في عام 2004 فرقة “عشتروت” للغناء التراثي، كما أسست قبل ذلك العديد من الملتقيات الفنية والثقافية.

تزوجت اللبناني “سعيد طه” وأنجبت منه “محي الدين” و”هادي” وحصلت على الجنسية اللبنانية.

الأغنية العراقية..

في حوار معها أجراه “حسن الفرطوسي” تقول “سحر طه” عن حاضر ومستقبل الأغنية العراقية: ” الأغنية العراقية الآن محاصرة من أكثر من جهة، فهناك تطور تكنولوجي بوسائل الاتصالات ووسائل الأرشفة الالكترونية ونحن عاجزون عن مواكبة هذه الموجة التطورية واللحاق بحركة زمن العولمة السريع، كما أن هناك حصارا آخر من قبل القوى والتيارات التي تقف ضد التغيير والمعارضين لعملية التحول والانفتاح وقد تمكنوا من فرض هيمنتهم التامة لمنع الغناء والموسيقى في مناطق كثيرة من العراق، ووصل الأمر إلى درجة القتل والتصفية الجسدية، وهذا الحصار لا يقتصر على الفن فقط، بل يشمل التعليم والثقافة العامة والرياضة وجميع البنى التي تؤسس الهيكلية المعرفية والأخلاقية في المجتمع… في أحيان كثيرة ينتابني شعور باليأس من مستقبل الفن في العراق، وأحياناً نجد التفاؤل هو سبيلنا الوحيد لكي نحافظ على توازننا وتواصلنا الفني”.

مقامات بغدادية..

وعن عملها كمحررة صحافية وهل كتبت عن ما حدث في العراق؟ تقول: “قبيل الحرب عدت إلى العراق، بدافع أن أعيش مع أهلي محنة حرب لم يتكّهن أي منّا في الشكل الذي ستكون عليه، لكن اليقين الوحيد الذي كان يراودنا هو أنها حرب ستلتهم اليابس والأخضر، لذلك قررت أن أعيش تلك اللحظات الحميمية مع أهلي وشعبي وأربط مصيري بمصيرهم كيفما كانت النتائج، ونتيجة لتلك الزيارة قمت بتأليف كتاب بعنوان (مقامات بغدادية… من يوميات الاحتلال الأميركي للعراق) يتضمن مشاهداتي لحال العراق أثناء القصف الجوي والدمار الذي لحق العراق ولحظات الانهيار الكارثي الذي عاشته بغداد وتداعيات الحرب، وقد ضمّنتها بذكريات الطفولة وأشجان الماضي”.

وعن لبنان تضيف “سحر طه”: “تعلمت عزف العود في لبنان، ونمت موهبتي الغنائية في لبنان، وزوجي سعيد طه كان له دوراً كبيراً في صقل موهبتي، كذلك وقوفه معي في صراعي مع المرض وفي صراعنا سوية مع الخراب الذي حل في العراق وفي لبنان دور كبير منحني القدرة على التماسك أمام انهيار الأشياء أمامي كأنها زلزال يجتاح الحياة بشكل مباغت. فلبنان منحني أشياء كثيرة وأنا أحبه، كما أن العراق سلبني أشياء كثيرة وأنا أحبه أيضاً، إنها أوطان لا تخضع لمعادلات الربح والخسارة، لما لها من قيمة روحية وعاطفية في تكويننا الوجداني والإنساني… إنها فعلاً علاقة بين الإنسان والوطن خارج الحسابات الرياضية، فقد يكون وطني لبنان الذي أمضيت فيه أكثر من ثمانية وعشرين عاماً قد عوضني عن خساراتي في العراق… ومن جملة التعويض عن الخسارات المعنوية التي تعرضنا لها جميعاً”.

مزيج ساحر..

وفي حوار آخر أجراه معها “عبد الرحمن جاسم” تقول “سحر طه” عن تعدد مواهبها حيث أنها تغني، وتلحن، وتكتب وترسم أيضا: “للحقيقة أنا أرى نفسي مزيجاً من كل هذا، فتركيزي على الكتابة الموسيقية وبموازاتها العمل الموسيقي هما أمران يكملان بعضهما البعض، لأن النظري والعملي يدعمان الإنسان والفنان ويكملانه؛ فأنا لدي عشقٌ للكتابة وللغناء والتلحين بنفس المستوى. فأحس في بعض الأوقات بأنني غير قادرة على الكتابة، كما أحس في بعض الأوقات بأن الموسيقى لا تكفي. الكلمة والنغمة وجهان لعملةٍ واحدة. وفي العالم الكلمة تصدر عن النغمة، والعكس، وبنفس الوقت والعشق، أما الرسم فهو هوايةٌ فحسب ولا أكثر من ذلك”.

وعن ميلها إلى البساطة في المظهر تقول: ” إن هذا هو شيء مقصود ومدروس ولا يختلف عن طبيعتي أبداً. فمظهري يجب أن يكون مناسب لنوع الغناء الذي أؤديه. فالخلل فيه انفصام وتصنع وأنا ضد هذا الشيء. فأنا قد ربيت لأكون واقعية، ونشأت في جو معين جعلني هكذا، ثم إنني أحب الكلاسيكية، أحب تراثي، أحب هويتي، وفي المسرح كما في حياتي العادية، لا أخرج عن هويتي، وأحب أن أكون على المسرح مرتاحة كما في بيتي، كي أكون صادقة مع جمهوري ومعطاءة، ولا أغير تسريحة شعري بل أتركه مسترسلاً لأن هذه هي حقيقتي، وهكذا أرتاح. أما بالنسبة لللباس الذي أختاره فهو اللباس الصوفي والعباءة مصنوعة من صوف الغنم، أنا أحضر القماش وأعطيه لخياط كي يخيطها بشكلٍ بسيط، دونما أي تعقيد أو تركيب، فجمالها بساطتها”.

نظرة العراقي للحرب..

وعن كتابها مقامات بغدادية توضح “سحر طه”: ” لقد كان قصدي من المقام، أن أشبه الحال العراقي اليوم، لحالة المقامات العربية. المقامات العربية موسيقياً، كسلالم موسيقية، ولماذا هذا التشبيه؟ لأن المقامات العربية معروفة، فسلالمها مختلفة ومتنوعة بشكلٍ كبير، ولكل سلمٍ خصوصيته، وعناصره المختلفة، منها سلالم للفرح، وسلالم تأملية، سلالم حزينة، سلالم فيها التناقضات والتداخلات؛ وفيها كل الصفات التي يحملها الوضع العراقي الآن؛ هناك حوارات عنيفة، هناك تداخل بالأفكار، هناك عنف، هدوء ورومانسية. أما لماذا مقامات بغدادية بالتحديد، ففي بغداد هناك نوع من أنواع الغناء يسمى بالمقام البغدادي، وهذا المقام هو أنبل وأرقى وأصعب أنواع الغناء العربي، بشكل عام، والعراقي بشكلٍ خاص.. أما لماذا وضعت هذه المقالات في كتابٍ لربما هي كل هذه الأسباب مجتمعة، ولكنني أضيف عليها، فالأشياء الوجدانية التي يكتبها الشخص كمشاهدٍ من الخارج، ومشاهد معني مئة بالمئة بما يحدث في بلاده، وهي فكرةٌ مهمة للأجيال القادمة، كي يعرفوا كيف هي نظرة العراقي الذي يشاهد الحرب على بلاده، قتل الأطفال والكبار. كذلك هناك بعض التفاصيل التي وضعتها في الكتاب، كيف كانوا يحفرون الآبار في الحدائق، كيف كانوا يجهزون “مونة” التمر ويصنعون بعض الأطعمة التراثية، كل هذه التفاصيل لن يوردها مؤرخ. فالمؤرخين يوردون الأحداث الكبار والجلل ولا يهتمون بتفاصيل المجتمع البسيطة، فتلك لا أحد يعرفها، فمثلاً المرأة الحامل التي كانت تفضل أن تنجب قيصرياً (أي بشق البطن جراحياً) لأنها كانت تخاف عدم الوصول إلى المستشفى تحت القصف إبان الهجوم على العراق. تلك أمور لا بد أن يشار إليها وأن يكتب عليها، فهو تصور هذه المرحلة بدقة وحقيقة. ثانياً أنا كنت بحاجة للأشياء التي كتبتها وهو موقف مني تجاه ما يحصل في العراق، إنها كتصريح ضد الاحتلال. وكان من الضروري أن تصدر في كتاب، والكلمة أحياناً أفعل من الموسيقى، كوني أغني حنيناً للعراق، لكن الكلمة والموقف الصريح تجاه الاحتلال هو مقصدي الأساسي”.

وفاتها..

أصيبت “سحر طه” بالسرطان مرتين، الأولى في العام 2003 والثانية 2006، لكنها شفيت منه، ثم عاودها المرض 2011 وذهبت إلى العلاج في أمريكا  حيث وافتها المنية  يوم 17 أغسطس 2018 في مستشفى “هنري فورد” ب”ميشيغن” عن عمر الـ 61 عاماً ودفنت ببيروت.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب