خاص: إعداد – سماح عادل
“ستيفن كينج” كاتب أمريكي ورمز من رموز أدب الرعب، حائز على ميدالية مؤسسة الكتاب القومية لأعماله البارزة في الأدب الأمريكي، تم بيع أكثر من 350 مليون نسخه من كتبه حول العالم.
حياته..
“ستيفن إدوين كينج” ولد في مدينة مين Maine عام 1947، لكل من (دونالد) و (نيللي كينج). عاش بدون أب في صغره، حيث ترك الأم لتربي ستيفن واخوة الأكبر في التبني ولتبدأ رحلة انتقاله مع والدته عبر أمريكا، ليستقر في مدينة (مين) والأم تعمل طاهية في مؤسسة لذوي الاحتياجات الخاصة، و يتفرغ (ستيفن) للدراسة وللقراءة.
التحق بمدرسة (Lisbon Falls) والتحق بجامعة (مين)، وكان يكتب سلسلة مقالات أسبوعية في مجلة الكلية تحت اسم (بوصلة مين) هاجم فيها الحرب ضد فيتنام، رافضًا أن تدخل أمريكا حربًا لا حق لها فيها، تخرج من الجامعة 1970، وأصبح أستاذا في الجامعة.
تعرف علي زوجته “تابثا” في الجامعة وعمل من أجلها طوال فترة دراسته في محل للملابس، ثم باع بعض القصص القصيرة للمجلات، تزوج منها في 1971 ثم بدأ في نشر رواياته التي حققت شهرة واسعة.
الكتابة..
أول قصة قصيرة باعها (ستيفن كينج) كانت (الأرض الزجاجية The Glass Floor) وباعها لمجلة (Startling Mystery Stories) وكان ذلك في عام 1967، وأول رواية كتبها كانت (كاري Carrie) والتي تتحدث عن فتاة غريبة الأطوار تمتك قدرة تحريك الأجسام عن بعد، وكان يكتب هذه الرواية كوسيلة لقتل وقت الفراغ لديه، لكن حين عرضها على دار نشر (Doubleday) في ربيع 1973م و قامت بنشرها على الفور.
انبهر النقاد بهذه الرواية، وعرض عليه مدير تحرير الدار (بيل تومبسون) ترك مهنته في الجامعة كمدرس، والتفرغ للكتابة.
ثم مرضت أمه بالسرطان واضطر للانتقال بعائلته إلى جنوب (مين)، وظلّ يراعاها طيلة النهار، بينما يقضي الليل في غرفة صغيرة في جراج المنزل، يكتب في روايته الثانية التي أسماها (العودة الثانية) قبل أن يقرر تغيير اسمها إلى (حشد سالم Salem’s Lot) وفيها يحكي عن قرية من مصاصي الدماء يقوم بزيارتها رجل وطفله الوحيد. و حين انتهت الرواية توفيت والدته عن عمر يناهز التاسعة والخمسين، فانتقل (ستيفن كينج) بعائلته، وعاد لتفرغه التام للكتابة.
انتهي في أوائل 1975 من روايتي (الصمود The Stand) و(منطقة الموت Dead Zone)، وكانت روايته (كاري) قد نشرت لتحقق نجاحًا مذهلاً، أكدّ له وللناشر قرار تركه للجامعة وتفرغه للكتابة.
حمي الكتابة..
حمى الكتابة انتابت (ستيفن كينج)، فأخذت رواياته تتلاحق بغزارة و هي روايات من القطع الكبير ولا يقل عدد صفحات الرواية عن السبعمائة صفحة فكتب رواية (البريق The Shining) والتي تتحدث عن كاتب مجنون يقضي الشتاء مع عائلته في فندق مهجور، ثم رواية (كريستين Christine) التي تتحدث عن سيارة مسكونة، ثم بدأ في جمع قصصه القصيرة لينشرها في مجموعات قصصية من أشهرها (وردية الليل Night Shift) ثم (أربع دقائق بعد منتصف الليل Four Past Midnight).
ومع النجاح المتواصل، قرر المخرج الشهير (برايان دي بالما) تحويل رواية (كاري) إلى فيلم سينمائي، قامت ببطولته (سيسي سباسيك) و (جون ترافولتا)، فحظى الفيلم بنجاح مذهل خاصة مع أداء (سيسي سباسيك) العبقري للفتاة المضطربة ذات القدرات الخارقة، حتى أنها رشحت لجائزة الأوسكار عن دورها في هذا الفيلم.
عالم السينما..
دخل (ستيفن كينج) عالم السينما من أوسع أبوابه، فمع توالي رواياته، توالت أفلامه، فقام المخرج العبقري (ستانلي كوبريك) عام 1980م بتحويل روايته (البريق) إلى فيلم كابوسي مخيف، قام ببطولته (جاك نيكلسون) لم يعجب الفيلم ستيفن كينج فقام بإعادة إخراج الفيلم 1997م في صورة حلقات تلفزيونية قام بجمعها فيما بعد ثم قام المخرج (جون كاربنتر) الذي اشتهر بسلسلة أفلام (هالويين) بتحويل رواية (كريستين) إلى فيلم عام 1983م وحصل به على جائزة أوسكار أفضل مؤثرات بصرية.
معايشة..
في حوار معه مع «الشرق الأوسط» يتحدث “ستيفن كينغ” عن الكتابة يقول: “الكتابة عملية صعبة لكني عندما أجلس للعمل لا أريد أن أتركه. يصبح أصعب علي الخروج منه قبل انتهائه. تتملكني الرغبة في البقاء في العالم الذي دخلته لأنني أصبح قادرا على أن أرى الأمور تتوجه كما أريدها أن تفعل. أعايش اللحظات التي تمر بها الشخصيات كما لو كانت حقيقية”.
الخوف..
وعن الخوف لدي شخصيات رواياته وهل هو المبرر الذي يوجهه وممن يخاف يقول: “إذا ما كان لدي خوف، وهو ما لا أعتقده، فأنا دفنته في الشخصيات التي أقوم بتأليفها ومن خلالها إلى القراء الذين يطالعون رواياتي. الكثيرون سألوني عن طفولتي معتقدين أن علي أن أكون قد عانيت من أحداث أو لحظات جعلتني أكتب هذه القصص، لكنني في الحقيقة عشت طفولة عادية لكني كنت أحلم كثيرا. كان خيالي دائما أكبر مني.
ذهبت بالأحلام إلى الكتابة. لو كنت تعاني من الكوابيس أو من المخاوف فإنك ستذهب إلى طبيب نفسي وتنفق نحو 120 دولارا على الساعة الواحدة. بالنسبة لي كان هناك حل آخر: وضعها في الروايات وعوض أن أدفع أخذت أتقاضى.
أنام جيدا جدا حتى أكتب. لقد طردت كل الكوابيس منغمسا أكثر في العمل. وضعت كوابيسي في الحكايات. لكن حين لا أكتب فإن الأحلام تزورني في الليل وبعضها غير مريح وغير مبهج.
لدي نظرية وهي أنه أول ما تبدأ استخدام مخيلتك من الصعب إطفاؤها. تعيش العالم الذي يمكنك من توظيف تلك الخيالات والأفكار وتبقى مرتبطا بها. عقلك سيداوم العمل في اليقظة كما في الحلم وفي الوعي وغير الوعي”.
وعن كيف يختار الفكرة التي سيقوم بكتابتها من بين كل تلك الأفكار التي في رأسه يقول: “كان هناك وقت كان فيها مخي يكاد ينفجر من كثرة الأفكار التي فيه. كنت أتساءل كيف يمكن لي أن أبدأ كتابة واحدة من هذه الأفكار بينما هناك أفكار أخرى في البال. لكن المسألة هي مثل الزواج. عليك أن تكون مخلصا ومحبا للفكرة التي تختارها. في بعض الأحيان، وإلى اليوم، تعترضني فكرة جديدة وأنا متزوج من فكرة أقوم بكتابتها.. لا أستطيع أن أوقف ما أقوم به رغم ولعي بالفكرة الجديدة. أضعها في البال وأعود سريعا لاستكمال الحكاية التي بدأتها.
الحقيقة أنها الطريقة الأمثل. لا أؤمن بكتابة الفكرة في دفتر ملاحظات ثم العودة إليها لاحقا. حين أحتفظ بالفكرة في بالي فإن أحد الأمرين سيحدث: إما أنني سأنساها، وهذا بالنسبة لي أنها لم تكن فكرة جيدة وإلا لما كنت نسيتها، أو أن تبقى وهذا يؤكد جدارتها.
السينما..
ويجيب عن سؤال هل تشعر عموما بأن السينما عاملتك جيدا كمؤلف: “طبعا. ليس لدي أي شكوى حيال ذلك. هناك أفلام كان يمكن لها أن تكون أفضل وهناك الكثير مما جاء كما توسمت له أن يجيء، جيد ومثير بحد ذاته وليس لأنه مقتبس من عندي.
وعن قراره بالتوقف عن الكتابة، لماذا قرر ولماذا لم يتوقف يقول: “كانت فترة صعبة وجدت نفسي فيها كمن يعيد كتابة أفكاره. لم أشعر بأني أريد المواصلة ثم تعرضت لتلك الحادثة سنة 1999 وكدت أموت. ثم تعرضت لحادثة أخرى عندما صدم رأسي وبقي الألم طويلا. لذلك قررت حينها أن أتوقف عن العمل. لكن الأفكار لم تتوقف. الرغبة في العمل استولت علي ووجدت أنه من الصعب علي أن أتحول إلى نبتة لا تفعل شيئا. الآن ما زلت أدرك أنني لا أريد البقاء عندما أستنفد نفسي ولا يعد لدي جديد أقدمه، لكني باق في العمل طالما أن لدي جديدا أقوم به”.
القوى الخارقة..
في حوار أجراه مع “آندي جرين” بموقع “رولينج ستون” يقول “ستيفن كينج” عن انجذابه لموضوعات الرعب أو القوى الخارقة: “لقد تكونت داخلي، هذا كل شيء. فأول فيلم شاهدته كان مرعبًا هو فيلم “بامبي” وعندما تم حصار هذا الغزال الصغير في نيران الغابة شعرت بالرعب ولكنني كنت مبتهجا. هذا لا يمكن شرحه.
لا، اعتقدت أن إخافة الناس شيء ممتع جدًا. وعلمت أيضا أنه شيء مقبول اجتماعيًا حيث كان هناك العديد من أفلام الرعب، فقد ترعرعت على أفلام الرعب الكوميدية مثل .”The Crypt of Terror”
هجوم..
وعن هجوم العديد من النقاد عليه في بداياته يقول: “مع بدايتي ككاتب لروايات الرعب، قامت صحيفة “The Village Voice” بنشر كاريكاتير يصورني بوجه ممتلئ وأنا أقوم بأكل أموال. مازالت تجرحني هذه الصورة كلما تذكرتها.
كان هناك هذا الاعتقاد بأنه إذا تم بيع نسخ كثيرة من أحد الأعمال الأدبية فهذا دليل على أنه عمل سيئ. أو إذا كان هناك شيء قد وجد طريقه إلى مجموعة كبيرة من الناس، فهو إذن تافه لأن معظم الناس تافهون، والأدب مقبول للنخبة فقط. أنا لا أحب هذه الفكرة ولا أقتنع بها.
وعن هجوم الناقد الأدبي “هارولد بلوم” الشديد بعد أن حصل على جائزة مؤسسة الكتاب القومية منذ 10 أعوام يواصل: “بلووم لا يزعجني كثيرًا، لأنه واحد من النقاد الذين يستخدمون جهلهم بالثقافات الشعبية باعتبارها وساما لبراعتهم الفكرية. بلوم قادر على أن يقول إن مارك توين كاتب عظيم ولكنه لن يستطيع أن يتحدث عن خط واصل بين ناثينال هوثورن، وجيم تومسون، باعتباره كاتبا لروايات الجريمة. فهو لن يقرأ أبدا لمؤلفين مثل طومسون وكأنه يقول: “لم أقرأ له مطلقا ولكنني أعلم أنه سيئ.”
إدمان..
وعن هل الكتابة إدمان بالنسبة له يقول: “بالطبع، فأنا أحبها، وهى واحدة من الأشياء النادرة التي أقوم بها قليلًا هذه الأيام وأحصل منها على الكثير. أقوم بالكتابة كل يوم لمدة 6 أشهر تقريبًا لأحصل على مسودة عمل جديد، ثم أتوقف تمامًا لمدة 10 أو 12 يومًا لأجعل الأمور تهدأ قليلًا. ولكن خلال هذه الاستراحة أقود زوجتي إلى الجنون، أشاهد التليفزيون وأعزف على الجيتار، وعندما أذهب إلى النوم تراودني هذه الأحلام الغريبة، وهى ليست دائمًا جيدة.
الحلم الذى يراودني باستمرار هو أنني أقوم بالتمثيل بإحدى المسرحيات وأذهب إلى المسرح وتكون هذه هي ليلة الافتتاح، ولكنني لا أستطيع أن أجد ملابس ولا أتذكر دوري.
هو نوع من الشعور بعدم الأمان، والخوف من الفشل. أنا أخاف من كل شيء، من فشل إحدى القصص التي أقوم بكتابتها أو ألا أستطيع إكمال إحداها.