29 نوفمبر، 2024 7:49 ص
Search
Close this search box.

ساحة التحرير.. سيزر الوردي: الفاعليات الثقافية تؤكد على سلمية التظاهرات

ساحة التحرير.. سيزر الوردي: الفاعليات الثقافية تؤكد على سلمية التظاهرات

 

خاص: حاورته – سماح عادل

رغم المجازر التي يشهدها الثوار في منطقتي الناصرية والنجف، ورغم تزايد أعداد الشهداء في صفوف الشباب، ورد المستقبل، إلا أن ثورة العراق مستمرة وصامدة، وتؤكد سلميتها وتحضرها وسعيها إلى أهداف سامية. لن يستطيعوا اقتلاع كل الورود من أرض العراق الخصبة ، حين يحصدون ورودوا ستنموا غيرها وتتزايد، شباب العراق مازال صامدا.

تواصلت (كتابات) مع “سيزر الوردي” من مواليد العراق ومن أحد متظاهري ساحة التحرير. إلى الحوار:

(كتابات) هل اشتركت في تظاهرات سابقة؟

  • شخصيا اشتركت في تظاهرات سابقة لكن بحضور أقل، لكن المشاركة الحقيقية والكاملة لي كانت منذ أول اكتوبر الماضي، وقد تظاهرت بساحة التحرير وجهزت رسم يعبر عن الحرية.

(كتابات) كيف كان إحساسك في الأيام الأولى للثورة؟

  • من 25 أكتوبر إلى نهاية أكتوبر لمدة أسبوع تقريبا، أول أسبوع بالنسبة لي كان حلما، كنت أقول لأصدقائي أيقظوني من هذا الحلم ربما أنا أحلم فقط، لكن بعد مرور أسبوع أيقنت أن ما نعيشه من تظاهرات هي واقع، وكنت أحلم منذ فترة طويلة أن تحدث ثورة اجتماعية، ثورة ثقافية، ثورة فنية، ثورة ضد الفساد.

(كتابات) هل جيل الشباب الذي هو قوام الثورة يختلف عن الأجيال التي تسبقه.. وما هي الاختلافات؟

  • الجيل الشاب الذي يقوم حاليا بالثورة لا أعرف كيف أصفه، نحن كجيل أخذنا فترة طويلة من حياتنا تعلمنا فيها ألا نخاف من أي شيء، وهذه الثورة هي نتيجة التربية على عدم الخوف من أي شيء، وأكيد هذه التربية بعيدة عن الحكومة وبعيدة عن الأحزاب الحاكمة كلها. نحن كجيل أقولها بكل فخر نختلف عن باقي الأجيال، نتيجة هذه التربية على عدم الخوف، نختلف عن أي جيل سابق عنا، مع كل التقدير للأجيال التي سبقتنا والتي قامت بدورها في العراق.

أظن أننا تعلمنا نتيجة الأحداث التي مرت بنا منذ 2003 إلى 2007 الحرب الطائفية، إلى 2014 حرب داعش، كل هذه الأحداث أثرت فينا التفجيرات المستمرة، والاغتيالات والحرب الاقتصادية مرت بنا وجعلتنا نكون صلبين أكثر، لا نخاف من شيء، لأننا تقريبا ما بقي شيء لم نجربه، جربنا كل الأحداث بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة سابقا، الأحزاب هي التي جعلتنا نعيش ذلك والحكومات جعلتنا نعيش هذه الظروف فالنسبة لنا عندما نواجه قوى أمنية وعنف لا نشعر أنه شيء غير طبيعي، التفجيرات بالنسبة لنا صارت أمرا عاديا.

(كتابات) في البداية كان هناك لوم من البعض لعدم مشاركة المرأة في الثورة ثم ومن يوم ٢٥ وجدنا تواجد كثيف للنساء من كل الأعمار وأعمال جليلة قامت بها النساء من طبخ لإسعاف لتوفير أدوات طبية وأدوات للإعاشة.. حدثنا عن ذلك؟

  • في بغداد في المناطق لا يوجد اختلاط بين الذكور والإناث، لا توجد مثل هذه التعاملات، لكن تقريبا خلال أول أسبوع أو أسبوعين من بداية أحداث 25 أكتوبر أصبح التعامل طبيعيا، نزلت الفتيات للشارع، نظفن الشارع وطبخن وقمن بإسعافات للمصابين، فالمتظاهر عندما رأي النساء تقوم بهذه الأدوار، زاد احترامه أكثر للمرأة  ودور المرأة. ورأى كيف تتصرف في المواقف الصعبة.

تقريبا كرجال موجودين في الساحة أصبحنا نرى أن دور المرأة محوري وأساسي بكل تأكيد في أي الثورة، دور المرأة محوري وأساسي في أي مجتمع بشكل عام، والصراحة لم أكن أتوقع أن يحدث تغيير في التعامل مع المرأة، كثير من الناس فرحين بهذا التغيير، ومنذ بداية الثورة  وبعد هذه التغييرات أصبحت الثورة ثورة مجتمعية، ثورة تغير بنا أمورا كثيرة، وثقافات نرى أنها سلبية بالمجتمع.

لأننا بالمدارس ولفترة طويلة علمونا أن مدارس البنات بعيدة عن مدارس الأولاد، ثم فجأة يجدون أنفسهم ذكورا وأناثا معا في الجامعة،  لكن مع الثورة مرة واحدة وجد الجيل الشاب نفسه سويا، يشتغلون معا على حلم واحد وأحلام وطموحات مشتركة أن نجد بلد يصون كرامتنا، أن نعبر عن رأينا بكل ثقة وأمان. ونحن فرحين بالتغير المجتمعي الذي يحدث بين الذكور والإناث، والاهم ظهور دور المرأة في الثورة الذي هو دور محوري وأساسي.

(كتابات) هل إحساسك بالوطن اختلف بعد تلك التظاهرات ومشاركتك فيها؟

  • اختلف هذا الشعور لدي، كان لدي روحا وطنية في السابق لكنها كانت مختفية لأن الأجواء العامة كانت لا تساعد على إظهار روح وطنية عالية، كانت كل الأقاويل تدور حول لماذا نحب هذه البلد؟، هذا البلد مدمر، بلد يستهلك حياتك، أنك ستكون فاشلا في هذا البلد، لكن الآن أصبحت الروح أني افتخر بأني بغدادي وأني عراقي، أنا أحب هذا البلد لأن كلنا كشباب تأكدنا أن هذا البلد نحن نحب جميعا أن نكون فيه.

اختلف إحساسي من ناحية الشعور بالوطنية والشعور بالولاء تجاه هذا البلد وتجاه هذه الأرض، تقريبا لا أقدر أن أصف هذا الإحساس،  لكن نحن كشباب معظمنا صارت لديه الروح الوطنية العالية، لأننا كنا مفتقدين الاتفاق على أهداف واحدة لكن توحدنا كشباب ذكور وإناث على هدف واحد روحيا.

(كتابات) ظهرت تعاملات إنسانية راقية في ساحات التظاهر.. هل الثورة خلقت وعيا إنسانيا جديدا بين المشاركين في رأيك؟

  • التعاملات الإنسانية الراقية موجودة منذ زمن وبساحات التظاهرات بشكل عام في بغداد والعراق كانت موجودة، لكن لم تكن ظاهرة بشكل واضح ولم تغط بشكل كبير، فهذه الروح من التعاون الإنساني موجودة ومن 2010 العمل التطوعي الإنساني كان متواجدا، لكن في ساحة التحرير وساحات التظاهر بنيت وخلقت هذه التعاملات بشكل واعي، وأظهر الناس هذه التعاملات الإنسانية أكثر.

ساحة التحرير وساحات التظاهرات كلها محت من داخلنا الخجل من مساعدة الآخرين، والخجل من إظهار إنسانيتنا أو التعبير عن رأينا، كل هذه الأشياء محتها ساحات التظاهر، غيرتها فينا،  وبالتالي هذه الروح الإنسانية ظهرت أكثر، وظهر حبا الخير للآخرين في خلال ذلك الوقت من شهر وأكثر.

(كتابات) شدد المتظاهرون على عدم استخدام أوصاف طائفية.. هل هذه هي بداية التخلص من الطائفية التي زرعها الاحتلال الأمريكي؟

  • بالنسبة للطائفية أقولها بكل صراحة معظم جيلي وأصدقائي في كل مكان، في الجامعة والعمل وبكذا منطقة، لم تكن توجد لدينا أية روح طائفية منذ زمن، من وقت أن صغار بسبب تربية أهالينا، لكن “الطائفية” ممكن تكون ربما مترسخة فينا، لذا كان لابد من التخلص منها حتى لا تنتقل إلى الأجيال القادمة، يمكن العالم فاهم أن الطائفية مرتبطة بالجيل الذي قبلنا، أتصور ذلك، أنا شخصيا راحت من عندي روح الطائفية منذ زمن نتيجة العمل التطوعي ونتيجة العمل المجتمعي.

في نفس الوقت ساحة التحرير وساحات التظاهر جعلتنا نعمل على هدف أسمى وهو الوطن، العراق، وبالتالي محت محوا تاما وكاملا أي شيء له علاقة بالطائفية أو العنصرية أو الطبقية، جعلتنا نعيد التفكير في أية فكرة عنصرية أو طائفية كان من الممكن أن نفكر فيها سابقا. نتمنى أن يستمر ذلك حتى بعد الثورة، وإنشاء الله تنجح الثورة، والأجيال التي بعدنا تنسى كلمة طائفية.

(كتابات) ما هي توقعاتك بشأن الثورة وما هي أحلامك التي تتمنى تحقيقها؟

  • توقعاتي تجاه الثورة أتوقع أن الثورة منذ أن بدأت ستستمر، ولفترة طويلة حتى يتغير النظام المجتمعي ويختلف اختلافا جذريا، الثورة ستستمر حتى وإن انتهت، والأهم إننا كشباب تأكدنا أننا نستطيع أن نصنع الثورة وبالطريقة التي تعجبنا.

كانت التوقعات خلال أول أسبوع أن تنتهي الثورة خلال ثاني أسبوع أو ثلاث أسبوع، وبالتالي كسرنا هذا التوقع واستمرت الثورة، أنا شخصيا ما عندي مشكلة أن تستمر الثورة سنة سنتين إلى أن نحقق كل مطالبنا، إلى أن نعيد حق الشهداء الذين ماتوا، والأهم أن يحدث تغيير مجتمعي والتغيير ضد الفساد بشكل كبير.

أحلامي التي أتمناها أن تصل بلدنا لمرحلة بحيث لا نهاجر منها، لأن جزء مننا كان يريد أن يهاجر منها، بحثا عن معيشة كريمة يحترم فيها الإنسان. حلمي أن تحقق الثورة أهدافها السياسية والمجتمعية، وتغير أشياء سلبية من الداخل، ويشعر بها كل الأجيال، وأحلم أن أبقى بهذا البلد وأعيش فيه طول حياتي بكل كرامة واحترام.

و جزء من الأحلام البسيطة أريد أن أرفه عن نفسي، بدلا من  أن أذهب إلى البلدان الغربية والسياحية، من ضمن الطموحات أتمنى أن توجد وسائل ترفيهية وبسيطة وكان من الممكن أن تنجزها الدولة منذ زمن.

(كتابات) حدثنا عن أجواء ساحة التحرير ومايقوم به الثوار من أفعال.. رسم، تلوين، سينما، إصدار صحف….؟

  • ساحة التحرير بعد استقرار الأوضاع أكثر، وبعد توقف الضرب بالغازات المسيلة للدموع نهائيا، خلال ثلاث أربع أسابيع، أصبحنا متأكدين أن التظاهرات ستظل لفترة طويلة، فأسسنا لسلمية التظاهرات، بدأنا ننظم فاعليات، ونظمنا المارثون بهدف توصيل رسالة السلمية التي تتصف بها التظاهرات، ومن ضمن الفاعليات اليومية “سينما التحرير” نعرض بها أفلاما عراقية لشباب عراقيين، تقريبا مهمشين لفترة طويلة من التغطية الإعلامية، من أن يفكر أحد في أن يعرض أفلامهم أو يستثمر طاقاتهم.

من ضمن الفاعليات أيضا الرسم في كل شوارع التحرير وساحة التحرير، فكانت الفرصة الذهبية للتأسيس لفن الشارع في بغداد، المحرومين من تنفيذه لفترة طويلة، بسبب الأحزاب الحاكمة وسلطة الدولة.

فقرة الرسم هي وسيلة نعبر بها عن سلمية التظاهرات، عن أحلامنا، عن طموحاتنا، نرسم أحلامنا لبغداد بعد سنوات، بالإضافة إلى أن الشباب بدأوا في تنظيم “بارزار للتحرير” وفاعليات كثيرة قادمة، من ضمنها إحياء شارع الرشيد إحياء ثقافيا، وأن تكون به فاعليات ثقافية، وننظم ملعب الشاطئ لكرة اليد أو الكرة الطائرة، وسوف يكون على دجلة.

بالنسبة للصحف التي صدرت بالتحرير فهي إصدارها محلي لمنطقة التحرير، مثل “التكتك” و”25 أكتوبر” وغيرها، وعدنا نقرأ الصحف بسببها، وكلها جميلة وتنقل الأخبار، وتنقل رأي الشارع، والأمر ليس مجرد صحيفة أو إذاعة الأمور ممكن أن تتطور أكثر.

(كتابات) ما حكاية التخييم بالسيارة؟

  • بالنسبة لفكرة التخييم في السيارة هي فكرة جاءتني بشكل تلقائي، أنا من الأشخاص الذين يحبون التنقل بسيارتهم، اليوم الصبح بشكل تلقائي أحضرت خيمة وقلت لما لا أضعها على السيارة وأقوم بعمل اعتصام بطريقة جديدة، هي فكرة ممكن أن تجذب أنظار أكثر، خاصة بالنسبة للذين مازلوا مترددين بشأن المشاركة في التظاهرات والاعتصامات، ممكن أن نبحث عن طرق جديدة ليعبروا بها عن رأيهم.

طريقة التخييم في السيارة حبيت ادعوا بها الشباب العراقيين الذين يحبون التخييم داخل العراق، حبيت أدعوهم أن يخيموا بالتحرير ويزيدون زخم التظاهرات وزخم الأعداد، التخييم بالنهاية طريقة سلمية ومدنية ومتحضرة ممكن استخدامها في التعبير عن رأينا، وممكن أن يعكس أننا نقضي بالتحرير أوقاتا رائعة، مع كامل حزننا من أجل الشباب الذين ماتوا في الإطلاقات النارية الحية والإطلاقات المسيلة للدموع، وكامل غضبنا تجاه القوات الحكومية وقوات الأحزاب الحاكمة التي تقتل وتستهدف المتظاهرين سلميا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة