خاص: إعداد- سماح عادل
“زينات صدقي” ممثلة مصرية كوميدية شهيرة، اشتهرت بأدوار الفتاة العانس.
حياتها..
ولدت “زينات صدقي” في حي الجمرك في مدينة الإسكندرية، درست في “معهد أنصار التمثيل والخيالة” الذي تأسس من قبل الفنان “زكي طليمات” في الإسكندرية لكن والدها منعها من إكمال دراستها وقام بتزويجها ولم يستمر الزواج لأكثر من عام، بدأت حياتها الفنية كمغنية في بعض الفرق الفنية، شاهدها الفنان “نجيب الريحاني” وعرض عليها دورا في مسرحية له، وأطلق عليها اسم “زينات” حيث تسمت باسم صديقتها المقربة «خيرية صدقي» حين أخذت منها اسم صدقي، وكانت أدوارها ما بين المرأة سليطة اللسان أو الخادمة أو المرأة بنت البلد في عدد الأفلام المصرية.
عملت مع معظم الممثلين الكبار في تلك الفترة منهم “يوسف وهبي” و”إسماعيل ياسين” و”شادية” و”عبد الحليم حافظ” و”أنور وجدي”، بل أن الأفلام التي شاركت في بطولتها تجاوزت 400 فيلم.
بعد أن اكتسحت مجال الكوميديا النسائية، مع عدد قليل من «نجمات السينما المصرية» مثل “ماري منيب” و”وداد حمدي” في فترة ستينيات القرن العشرين، بدأ نجمها في الأفول وأدار لها زملاؤها ظهورهم، فاضطرت أن تبيع أثاث بيتها، وكرمها أنور السادات في عيد الفن عام 1976.
انقطاع طويل..
تحكي حفيدتها “عزة مصطفى” أن جدتها “زينات صدقي” كان بيتها لا يخلو من عمالقة الفن، حيث تجمعهم أسبوعيا لتناول “شربة زينات”. كان يحضر إلى منزلها كل أعضاء فرقة الريحاني وكبار النجوم، “عبد السلام النابلسي”، و”فريد الأطرش”، و”عادل خيري”، و”إسماعيل ياسين” وغيرهم. وكانت “شربة زينات” عبارة عن شربة زيت خروع لتنظيف المعدة كانوا يتناولوها قبل يوم من وجبة كوارع تعدها شقيقتها “فاطمة” ومعها عصير برتقال وشوربة فول نابت، وبمجرد أن يتناولوا الشربة تطلق زينات زغروطتها الشهيرة وتقول: «ياللا كل واحد على بيته قبل الشربة ماتشتغل وبكرة ناكل الكوارع».
وتحكي أنها مرة رأت “زينات صدقي” تبكي، وأنها قالت لأمها: «أنا ماكنتش عاوزة أرجع أمثل تاني انتي وخالتك فاطمة اللي ضغطوا عليا، دي مش مكانتي أنا كده باضيع تاريخي وباهزأ نفسي». كانت “زينات صدقي” قد غابت عن الأضواء لسنوات وصلت إلى 23 عاما، وخلال هذه الفترة كانت تعرض عليها أدوار تراها غير مناسبة لتاريخها ومكانتها فكانت ترفضها.
تقول الحفيدة أن والدتها كانت تضغط على جدتها لقبول ما يعرض عليها من أدوار خوفا من أن ينساها الجمهور، فكانت الجدة ترد دائما «الجمهور عمره ما هينسانى»، وكانت ترشح صديقتيها “وداد حمدي” و”نبيلة السيد” لهذه الأدوار، ولكنها رضخت لرغبة شقيقتها وابنة شقيقتها ووافقت على قبول المشاركة في آخر فيلمين في حياتها وهما «السراب، وبنت اسمها محمود» عام 1975، وحزنت بعد هذين الفيلمين، فلم يتم التعامل معها بما يناسب تاريخها وقررت ألا تقبل أي أدوار أخرى، ورفضت المشاركة في مسلسل «القاهرة والناس»، وأصيبت باكتئاب.
حب حياتها..
وعن زواجها تقول الحفيدة: “في الصفوف الأولى اعتاد أن يجلس ليراها وأن يرسل لها يوميا وردا، كان أحد الضباط ووالده عمدة بالصعيد، وتحدث مع الريحاني عن إعجابه بزينات صدقي، ولكن الريحاني قال له «زينات زى القطر ومش بتاعة طرق ملتوية.. تحدث معها وأبدى إعجابه بها قائلا: ياريت تعزميني على فنجان قهوة في البيت، فعنفته مؤكدة أنها لا تستقبل رجالا في بيتها، فقال لها أقصد اعزميني في اليوم اللي بتعزمي فيه الفرقة»، وبالفعل ذهب مع أفراد الفرقة في اليوم المخصص لتناول شربة زينات، وبعدها طلبها للزواج”.
ترفض الحفيدة الإفصاح عن اسم اللواء الذي تزوجته جدتها، مؤكدة أنه أصبح مسئولا مهما وكون أسرة وله أبناء، وأنه تزوج جدتها زواجا رسميا ومعلنا: «المسرح والفرقة كلها كانوا عارفين وعملت حفلة في بيتها حضرها أقاربها وأخواتها وعزمت عمها وقالتله هات ولادك وحضر وقال لها رفعتى راسنا يا زينات.. أخوات زوجها ووالدته عرفوا بزواجه بعد 9 سنوات بعدما عرضت عليه والدته الزواج، لكن والده لم يكن يعلم. وقد حملت من زوجها اللواء ولكنها أجهضت نفسها وقالت لزوجها «مش هيكون لي ابن منك إلا بعد علم والدك».
ظلت “زينات صدقي” متزوجة من الضابط لمدة 14 عاما: «كان حب عمرها وكان يعشقها ووالدتي كانت تناديه «بابا»، ولكن في أحد الأيام وبعد زواج شقيقتها فاطمة طلب من جدتي أن تترك الفن وترسل والدتها إلى شقيقتها فاطمة أو إلى دار مسنين وقال لها إنه سيتحمل نفقاتها، على أن تظل والدتي نادرة معهما. قالت له ماسمعتش سمعنى تانى، ثم ضربته بالتليفون على رأسه، فقال لها «انتي طالق». تؤكد “عزة مصطفى” أن “زينات صدقى” حزنت حزنا شديدا بعد الطلاق لأنها كانت تحب زوجها، ولكنها أصرت على عدم العودة إليه رغم محاولاته.
عاشت “زينات صدقي” مع نادرة ابنة شقيقتها “سنية” التي تبنتها منذ مولدها، وكانت نادرة بنتا على 13 ولدا، فعرضت “زينات صدقي” على أختها أن تأخذها لتربيها معها وتتخذها ابنة لها لأنها لم تنجب، وتولت تربيتها وتعليمها حتى تزوجت وأنجبت توأمها «طارق وعزة» اللذين اعتبرتهما “زينات صدقي” حفيديها وتولت رعايتهما وتربيتهما، وكانا أقرب الناس إليها.
ونفت الحفيدة ما تتداوله وسائل الإعلام من أن جدتها باعت أثاث منزلها ولم تكن تجد قوت يومها وأنها دفنت في مقابر الصدقة، ولم تجد فستانا لتحضر به احتفال عيد الفن: «لم تبع عفش بيتها وماكنتش بتشحت ولا سابت بيتها زى ما قالوا عنها، أنا عايشة في نفس البيت اللي كانت عايشة فيه جدتي في وسط البلد».. عندما حجزت عليها الضرائب باعت مصاغها والفازات والسجاد العجمي الغالي وما بعتش العفش ولا نامت على الأرض، وماما كانت ماكيرة مشهورة وكملت لتسديد قيمة الضرائب التي وصلت إلى 20 ألف جنيه في نهاية الستينيات، وعاشت جدتي مستورة وظلت خادمتها معنا حتى وفاتها وبقى عفشها حتى تهالك وظل بيتها مفتوحا حتى آخر أيام حياتها».
التمثيل..
وعن عائلة جدتها تقول: «أسرة جدتي من أصول مغربية، كان والدها شيخا من كبار تجار الإسكندرية، تزوج والدتها وكانت أرملة معها بنتان دولت وسنية، وأنجب منها زينب وفاطمة، وزينب هي جدتي زينات صدقي واسمها زينب محمد سعد، وولدت في 4 مايو 1913. توفى والدها وعمرها 13 عاما، فتزوجت ابن عمها وكان طبيبا يكبرها بـ17 عاما وعاملها معاملة سيئة وكان يضربها فوقع الطلاق بينهما. ظهرت ميولها الفنية، وشجعتها صديقتها خيرية صدقي، بينما عارضت والدتها في البداية عملها بالفن، وبعد طلاقها قررت زينات أن تنزل مع صديقتها إلى القاهرة، وكانت شقيقتها دولت تزوجت من طبيب مشهور في السودان، كما تزوجت شقيقتها سنية، فيما بقيت الصغرى فاطمة مع والدتها في الإسكندرية. بدأت كومبارس في فرقة الريحاني بديعة مصابني زوجة الريحاني شاهدت جدتي وهند رستم في المجاميع، فقالت له عاوزة البنتين دول. غنت جدتي مع المجاميع لمدة 14 يوما وكان صوتها جهوريا، فقالت لها بديعة هعلمك الرقص، ولكن جدتي أكدت أنها تحب التمثيل ولا تريد أن ترقص، ثم استأذنت بحجة أنها ستستقبل والدتها من المحطة وذهبت للريحاني. قابلت جدتي الريحاني وقالت له أنا تركت أهلي علشان أمثل ومش عاوزة أشتغل مع مدام بديعة، جربني واديني فرصة، فأعطاها الريحاني دور خادمة في إحدى مسرحياته وقال لها: لو نجحتي هتكملي، مانجحتيش هتمشي”.
وعن منزلها تواصل: “أخبرت جدتي نجيب الريحاني أنها تريد شقة لتحضر والدتها وشقيقتها من الإسكندرية للإقامة معها، فاختار لها الشقة التي أقامت فيها طوال حياتها وعاشت فيها ابنة شقيقتها وأحفادها، وقال لها إن عددا كبيرا من الفنانين يسكنون في هذه العمارة. الريحاني قابل اللواء مدكور صاحب العمارة واتفق معاه على تأجير الشقة لجدتي وكان يسكن في العمارة نجمة إبراهيم، ثريا حلمي، إسماعيل ياسين، وعدد من الفنانين الأرمن واليهود، وكانت الشقة المقابلة لها عبارة عن بنسيون سكن فيه فريد الأطرش، وعبد السلام النابلسي”..
وفاتها..
وتوفيت “زينات صدقي” في 2 مارس 1978 في القاهرة.
https://www.youtube.com/watch?v=YiXAZ-Hpds0
https://www.youtube.com/watch?v=cGj0thEvO_M