خاص : ترجمة – سعد عبد العزيز :
من السهل على كل متابع للصراع العربي الإسرائيلي أن يدرك بأن إسرائيل تحارب الشعب الفلسطيني على جبهتين: الأولى هي الجبهة العسكرية والسياسية, حيث تمكن جيش الاحتلال من التوسع في اغتصاب الأرض وزرع الاستيطان في كل مكان وابتلاع القدس وتهجير السكان الأصليين واكتساب الشرعية الدولية. أما الجبهة الأخرى، التي لا تقل خطورة، فهي الجبهة الثقافية التي تجيد إسرائيل أيضاً استغلالها لمحو الهوية العربية والإسلامية من خلال التضييق على الثقافة الفلسطينية ومحاربة اللغة العربية وسلب التراث وتشويه التاريخ، حتى يصبح الشعب الفلسطيني بلا هوية ويفتقر إلى ماضيه الحضاري.
وفي هذا الإطار نشر موقع “مكوميت” العبري مقالاً للكاتبة الإسرائيلية “ياعيل مروم”، تناولت فيه حالة الاضطهاد والتضييق التي تفرضها وزيرة الثقافة الإسرائيلية “ميري ريغف” على الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية بدعوى التصدي لثقافة العنف والتحريض ضد الدولة العبرية.
وزيرة الثقافة الإسرائيلية تضطهد المسرح العربي – العبري في يافا..
تؤكد الكاتبة “مروم” أن المسرح العربي العبري في يافا يتعرض، منذ عدة أسابع، إلى هجوم شديد بعدما نظم حدثين ثقافيين اعتبرتهما وزيرة الثقافة “ميري ريغيف” أنهما يمثلان خروجاً عن الخط القومي اليهودي الذي تفرضه وزارتها.
الحدث الأول كان مجرد أمسية ثقافية لدعم الشاعرة الفلسطينية “دارين طاطور”, التي قضت أكثر من عامين في السجن، وهي الآن تحت الإقامة الجبرية, وشارك في تلك الأمسية بعض رجال الفن والصحافة والثقافة. أما الحدث الثاني فكان عبارة عن تنظيم فعالية ثقافية بعنوان (دفاتر السجن)، للممثلة “عينات فايتسمان”، وشملت قراءات لنصوص كتبها مُعتقلون أمنيون فلسطينيون في السجون الإسرائيلية .
وهناك شكوى أخرى تقدمت بها وزارة الثقافة الإسرائيلية ضد المسرح، بسبب عرض مسرحية (الإعتراف)، وهي من تأليف “موتي ليرنر” وإخراج “سيناي بيتر”، وتتناول أحداث حرب 1948 والمآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. كما أن مسرحية (الطاووس من سلوان)، التي حصدت الكثير من الجوائز الفنية، وهي من تأليف “علما غنيهر” وإخراج “سيناي بيتر”، قد أثارت غضب وزيرة الثقافة الإسرائيلية.
بدء الإجراءات لمعاقبة المسرح العربي العبري..
في بداية هذا الشهر قرر المستشار القانوني لوزارة المالية، المحامي “آسي مسينغ”، تفويض وكيل أول وزارة الثقافة لتفعيل الآلية المنصوص عليها في البند (3 ب) من القانون الأساسي للموازنة لاتخاذ إجراء رسمي لتخفيض ميزانية “مسرح يافا”.
وفي أعقاب حملة التهديدات والتحريض التي تشنها الحكومة الإسرائيلية، تعرض أيضاً موقع المسرح على الإنترنت لهجوم إلكتروني، حيث تم اتلافه ومحو ما به من محتوى فني.
وتجدر الإشارة إلى أنه بحسب القانون الإسرائيلي، فإنه بإمكان وزير المالية خفض قيمة الدعم أو الميزانية ضد أي هيئة تتجاوز أحد البنود التالية: “نفي وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، والتحريض على العنصرية والعنف والإرهاب، ودعم الكفاح المسلح أو أي عمل إرهابي لدولة معادية أو منظمة إرهابية ضد دولة إسرائيل، واعتبار يوم استقلال إسرائيل كيوم حداد، أو تحقير علم دولة إسرائيل ورمزها”.
مهرجان للدفاع عن الثقافة العربية..
تقول الكاتبة الإسرائيلية: “في ظل حملة الاضطهاد والتهديدات التي تمارسها وزيرة الثقافة الإسرائيلية، (ميري ريغيف)، ضد الهيئات الثقافية العربية, وفي أعقاب قرار وزارة المالية لبدء الإجراءات اللازمة لخفض الدعم المالي للمسرح العربي – العبري في يافا, سيتم اليوم الخميس 5 تشرين أول/أكتوبر تنظيم مهرجان لدعم نشاط المسرح”.
وصباح اليوم، الخميس، سيبدأ المهرجان التضامني مع “مسرح يافا”، وسيكون ذلك داخل وخارج قاعة المسرح, وسيشمل الكثير من العروض الفنية المجانية لجميع الأفراد, وكُتب في دعوة حضور المهرجان: “حينما تهدد الحكومة حرية التعبير من خلال تخفيض الميزانية وإطلاق التهديدات, عندئذ يجب علينا أن نقول: كفى”.
وبدءاً من الساعة الـ11 صباح اليوم، ولمدة 12 ساعة، سيشمل المهرجان عروض فنية متنوعة خارج مبنى المسرح, وفي الساعة السابعة مساء سيُعقد مؤتمر ضخم، سيشارك فيه عشرات الفنانين, دعماً لـ”مسرح يافا”، وتنديداً بحملة التحريض والتضييق التي تشنها وزيرة الثقافة الإسرائيلية.