7 مارس، 2024 3:19 م
Search
Close this search box.

زكي طليمات.. رائد المسرح المصري الذي خرج أجيالا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“زكي طليمات” ممثل ومؤلف ومخرج وأحد رواد المسرح المصري. أسس المسرح المدرسي في عام 1937، وشغل منصب أول مدير للمعهد العالي للتمثيل في عام 1944. أخرج 12 عمل مسرحي، وعمل على ترجمة عدد من الأعمال المسرحية العالمية. حاز على جائزة التفوق المسرحي، ومنحه المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية في الفنون في عام 1961 وعام 1975.

حياته..

ولد “زكي طليمات” ولد في 29 أبريل من عام 1894، بحي عابدين في القاهرة، والده من أصول سورية حيث كان جده من أسرة معروفة بالوجاهة في حمص بسوريا، كان قد سافر إلى القاهرة بقصد التجارة وأقام بها وأم مصرية من أصول شركسية.

حصل على البكالوريا من الخديوية الثانوية، والتحق بمعهد التربية. انضم إلى فرقة “عبد الرحمن رشدي” المسرحية عام 1917، ثم انتقل لفرقة “جورج أبيض”، لكن سرعان ما تركها بسبب انتقاده لصاحب الفرقة في أحد مقالاته الصحفية النقدية. عمل بوظيفة حكومية ككاتب بمصلحة وقاية الحيوانات في حديقة حيوانات الجيزة، فكان يقضي أغلب اليوم يراقب تصرفات وحركات القرود وتفاعلها مع الزائرين.  وفي باريس درس “زكي طليمات” الإخراج المسرحي وفن الإلقاء والتمثيل، وعاد في عام 1928 يحمل حلمًا بتطوير المسرح، وبالفعل أنشأ أول معهد لتعليم التمثيل في عام 1930، بمقر سراي موصيري بشارع عماد الدين بالقاهرة، وكان يدرس مواد الإلقاء والتمثيل، لكن الحلم لم يكتمل إذ أغلق المعهد في العام التالي بأمر من الملك فؤاد، خوفا من إنتاج مسرحيات تدعو وتحث على الانقلاب على الملك.

لم يفقد “زكي طليمات” الأمل وأسس جمعية لدعم الحركة المسرحية أطلق عليها اسم “جمعية الحمير”، متحديا بهذا الاسم القصر الملكي والاحتلال، وضمت في عضويتها فنانين وكتابا وصحفيين، منهم: “طه حسين، عباس محمود العقاد، توفيق الحكيم، وأحمد رجب”، لكن الجمعية تحولت بعد إنجاز مهمتها إلى جمعية خيرية لجمع التبرعات للفقراء.

وقدم أكثر من 350 عرضا مسرحيا، من بينها: “أهل الكهف، تاجر البندقية، وغادة الكاميليا”، بجانب مشاركته في حوالي 12 فيلما سينمائيا، عمل “زكي طليمات” مراقبًا للمسرح المدرسي من 1937 إلى 1952 ثم مديرًا للمسرح القومي من 1942 إلى 1952، ثم مؤسسًا وعميدًا لمعهد التمثيل، وأيضًا عمل مديرًا عامًا للمسرح المصري الحديث، ومشرفًا فنيًا على فرقة البلدية في تونس من 1954 إلى 1957 ثم مشرفًا فنيًا على المسرح العربي في الكويت.

المسرح..

يشكل “زكي طليمات” أحد أعمدة المسرح العربي، والعمود الأساسي في تعليم الفن المسرحي، وأول مبعوث ترسله مصر لدراسة فن التمثيل والإخراج المسرحي في أوروبا عام ١٩٥٠، استغرقت ٥ سنوات، وأنشأ أول معهد للتمثيل في العالم العربي ١٩٣٠، يجمع الموهبة أولا ثم التعليم، ومعهد الكويت، وراعى أجيال عديدة من الفنانين، بالإضافة إلى ثلاثة كتب عن الفن المسرحي، وتاريخ في المسرح يمتد إلى ٥٠ عاما، بدأنا تاريخ المسرح المصري في ١٨٧٠، ويؤرخ بالنص المسرحي وليس العمل بالتمثيل، انخرط في سلك فرقة جورج أبيض أثناء فترة دراسته بالمعهد حبا في التمثيل. احترف التمثيل منذ عام ١٩١٩ حتى ١٩٢٢، وشاركه التمثيل مجموعة من الفنانين، هم: “يوسف وهبي، سليمان نجيب، محمد عبد القدوس، عبد الرحمن رشدي المحامي، وغيرهم، كل هؤلاء ظلوا الرعيل الأول في الواقع الذي ترك مدرسته العالية أو عمله الوظيفي بالقطاع العام، انخرطا في سلك التمثيل، وهذا ما لفت الدولة إلى أن تنظر نظرة احترام لهذا الفن، ومن يضع قدميه في المسرح من الصعب أن يعود له مرة أخرى، وكان أول اهتمام الدولة بالتمثيل في ١٩٢٣.

قام بتنفيذ مشروع المسرح المدرسي في ١٩٣٧، في ٥ سنوات، والذي أعطى نتيجة إيجابية لدرجة أن جمهور المسارح تضاعف، فالجمهور هو كلمة السر لنجاح أي عمل مسرحي، حيث تلقى دعوة من الدكتور كمال ناجى مدير وزارة التربية والتعليم بمناسبة عقد دورة تدريبية لمن يتولوا إدارة المسرح المدرسي، مشيدا بدوره تجاه المسرح المدرسي نظرا لفوائده التعليمية والتثقيفية والتأديبية والاجتماعية إلى آخره التي تساعد على خلق جيل واعٍ ومثقف.

كتب مقدمات فنية لعدة مؤلفات ومسرحيات، ويمتاز إخراجه للمسرحيات بالدراسة العميقة والتناسق بين الملابس والمناظر والحركة المسرحية وتوزيع الإضاءة.

ترجم “زكي طليمات” العديد من الأعمال المسرحية منها “الجلف” لتشيكوف، و”الوطن” لسارود، و”المعركة” لفروندي، بفضل إنتاجه الغزير من الأعمال المسرحية جعلته يتوج بجوائز عديدة، كما تم وضع اسمه على أحد قاعات مسرح الطليعة تخليدا لاسمه وما قدمه خلال مسيرته المسرحية وحبه وشغفه بفن المسرح، والذي عاش من أجل تأسيس نهضة مسرحية قدمت جيلا من عمالقة التمثيل والتأليف والإخراج المسرحي.

صارع من أجل عودة معهد التمثيل مرة أخرى في الفترة من ١٩٣١ حتى ١٩٤٢، واستحدث قسم النقد والبحوث الفنية بجانب التمثيل والإخراج، ليخرج من يخدمون المسرح بأقلامهم، وتسخيرها في خدمة المسرح، وأسس المسرح القومي في ١٩٣٥ لمحاربة الرأسمالية.

كون فرقة للتمثيل المسرحي الحديث، وضم إليها نخبة من أفضل فناني المسرح في مصر، وقدم مجموعة من الأعمال المسرحية الناجحة من بينها «أهل الكهف» للمؤلف توفيق الحكيم في ١٩٣٥، و«ابن جلا»، و«صقر قريش» في ١٩٦٢، و«مضحك الخليفة أبو دلامة»، و«المنقذة»، و«عمارة المعلم كندوز»، و«فاتها القطار»، و«استارثونى وأنا حي» في ١٩٦٣، و«الكنز»، و«آدم وحواء» في ١٩٦٤، وغيرها، إضافة إلى اشتراكه في أفلام كبيرة من بينها الفيلم التاريخي «الناصر صلاح الدين» من إخراج يوسف شاهين في ١٩٦٣، وفيلم «يوم من عمري» في ١٩٦١، وقدم خلاله شخصية المليونير والد «زبيدة ثروت» مع عبد الحليم حافظ، وكان من الأدوار الذي يعرفه جمهور السينما من خلاله.

الوظائف التي شغلها..

مراقب المسرح المدرسي (1937-1952).

المدير الفني للمسرح القومي (1942-1952).

العميد المؤسس لمعهد فن التمثيل العربي (1944-1952).

مدير عام المسرح المصري الحديث (1950-1952).

المشرف الفني العام لفرقة البلدية بتونس (1954-1957).

المشرف الفني العام لفرقة المسرح العربي بالكويت (1961-1963).

اشترك في مؤتمر المسارح الدولية بباريس 1931، 1937.وأسندت إليه بعض الأدوار التمثيلية، كما ساعد في الإخراج في المجال السينمائي. وكتب في جرائد ومجلات عديدة مثل: (الهلال، المقتطف، الفكر العربي، الرسالة، العربي).

بفضل أعماله المسرحية والإدارية نال العديد من الجوائز من بينها: نيشان الافتخار من درجة كوماندور من الحكومة التونسية في ١٩٥٠، وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في ١٩٦١، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، في ١٩٧٥.

يوسف وهبي..

في مجلة “روز اليوسف” عام 1959 كتب “يوسف وهبي”  مقالا موجها إلى “زكي طليمات”. وقال “وهبي” في مقاله: “كان زكي طليمات في بعثة دراسية بباريس، وكان متزوجا من السيدة روز اليوسف..التي كانت تكرهني بل إنها أوقعت بيني وبين زميل كفاحي وعمري زكي طليمات، وأنا أقول بكل صراحة أننى كنت من المعجبين بأخي زكي طليمات، أو كنت منذ افتتاح مسرح رمسيس اعتبره خير عون لي، رغم أن السيدة روز اليوسف تمكنت من أن توغر صدره ضدي وتوقع بيني وبينه بعد أن كان زميل الكفاح وصديق الصبا وزميلي بجمعية أنصار التمثيل. عندما عاد طليمات إلى مصر بعد انتهاء بعثته لدراسة المسرح أقنع وزارة المعارف أن تنشئ معهدا للتمثيل، وهي فكرة صائبة جديرة بالتقدير، وكان المسرح في أشد الحاجة إلى دم جديد وشباب يحمل الشعلة بعدنا، وإعطاء الفرصة لذوي المواهب وصقلهم، وإعداد طبقة مثقفة لاعتلاء خشبة المسرح العتيد، وقد بلغنى ـــ وأنا استبعد ذلك ـ أن أخي طليمات كان خلال الدروس بالمعهد يسعى إلى تجريحي والنيل مني، والسخرية من مدرستي المسرحية واتهامي بالانحراف عن الفن الأصيل”.

وأضاف “وهبي”: “من الأسف الشديد أن بعضهم قد تأثر بما لقنه له أستاذهم مما تسبب في وقوع الوقيعة بيني وبين من كنت اعتبرهم أولادي، وإن صح هذا فقد يكون الدافع له هو اختلاف في الرأي وفي نوع المسرحيات التي يجب أن تعرض على المسرح.. وهو اختلاف في الرأي قد يسبب الخصومة المؤقتة. فقد عاد بيننا الصفاء والوئام بعد حرب طويلة، وانتصر حب الفن فصفا قلبانا وزالت الشوائب وانهزمت الصغائر وتضافرت جهود الشباب مع الرواد، وأصبح المسرح المصري أسرة واحدة مهما تضاربت الاتجاهات. أخيرا أقول لأخي زكي طليمات أن كنت أخطأت فسامحني، وعموما “صافى يالبن يابو الزيك”.

عشق المسرح..

هناك مقال نادر من أرشيف “زكي طليمات” يتحدث عن علاقته وتجربته الروحانية مع الله وعشقه للمسرح، ونشر المقال في جريدة “الهلال” في 1 مارس عام 1974.في بداية المقال يقول “طليمات”: “مادمنا نستنشق ريح الحياة فأنه مقضي علينا أن نجرب ولا منجاة لنا من هذا إلا أن تنقطع أنفسنا فكأن التجربة هي من انعكاس الحياة التي تدب فينا وهي في الوقت نفسه تثير في النفس انفعالات قوية من التفكير والتأمل بحيث تتشكل من هذه التجارب نظرة الإنسان إلى نفسه ومحيطه. لا أعرف لماذا كانت الصلاة تستهويني بوقفاتها الخاشعة وسجداتها المتوسّلة فكنت أباشرها في متعة وجد، وكان يهويني سماع القرآن الكريم ينطلق بترتيله الصوت الرحيم وكذلك أجد في حلقات الذكر استجابة لرغبة مبهمة تدور في أعماقي لا أعرف لها من مدلول إلا أنها كانت تبعث في نفسي نشوة”.

وعن زيارته ورحلة دراسته لباريس يذكر “طليمات”، “في باريس حيث أوفدتني الدولة مبعوثا لدراسة فنون المسرح على نفقتها بعد أن احترفت مهنة الممثل مدة عامين في باريس، جمعت بين دراساتي فنون المسرح وبين تحصيل علوم أخرى تعتبر من مقومات الممثل الحق وتأتي في مقدمتها الفلسفة وعلم النفس”.

وقضى زكي طليمات في فرنسا 5 سنوات وبعد عودته إلى مصر عام 1929 بدأ في النهضة بالمسرح المصري والتي رأها بأنها مهمة لما يجب أن يكون عليه المسرح المصري ولخص مهمته في أمرين قائلا: “تحرير القاعدة الكبرى فيه من الجهل والجهالة، ثم عتق العاملين فيه من رق الزعامة وقيود التحكم”، ووصف رحلته للنهوض بالمسرح المصري وبداياته بأنها كانت بين نجاح وخيبة وصعود وهبوط وبأنه كثيرا ما كان يفشل فيما أحسن التخطيط له وينجح فيما كان يراه أمر فاشل.

الزواج..

تزوج من “فاطمة اليوسف” الفنانة المسرحية، ورائدة الصحافة التي أسست مجلة “روز اليوسف”، لكنه انفصل عنها بعد 20 عاما بسبب انشغالها بالعمل.

وفاته..

توفي “زكي طليمات”  في 22 ديسمبر 1982.

 

https://www.youtube.com/watch?v=VNsBsRMQkZ4

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب