7 أبريل، 2024 2:17 ص
Search
Close this search box.

“زكية خليفة” .. من رائدات المسرح العراقي وإحدى رموز “ثورة تموز”

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – سماح عادل :

بمناسبة حلول الذكرى 59 لثورة 14 تموز/يوليو 1958, سنتناول اليوم شخصية نسائية تعد من رموز هذه الثورة.

هي “زكية خليفة محمد الزيدي”، ناشطة نسوية عراقية وممثلة مسرح.. ولدت في قرية من قرى لواء العمارة، محافظة ميسان في ثلاثينيات القرن العشرين.. تعتبر واحدة من رائدات المسرح العراقي وبشكل خاص “المسرح الريفي”، عرفت من خلال تقديمها للبرامج الخاصة بالتوعية خصوصاً للفلاحين، وقد عرفت بينهم باسم “شنينة” وهو الاسم الذي كانت تقدم برامجها لهم به، شاركت في عدد من أهم الأعمال المسرحية العراقية، كما شاركت في الأعمال الدرامية.

حياتها..

منذ طفولتها شاركت في النضال السياسي حيث دربها أخوها على ممارسة الحراك والنشاط العام, وأثبتت كفاءة كبيرة في ذلك، فقد نشأت في قرية صغيرة تفتقر إلى كافة أشكال التعليم وخصوصاً بالنسبة للفتيات، تمّ اعتقالها وهي في سن الخامسة عشرة، أيام الملكية، وحكم عليها بالسجن لمدة عشر سنوات، حيث اعتقلت وهي في محطة القطار ببغداد، وكانت تحمل أدبيات الحزب الذي تنتمي إليه وبريده، تم القبض عليها من قبل أجهزة التحقيقات الجنائية, وقد قضت معظم فترة الحكم في السجن قبل إطلاق سراحها بعد ثورة تموز (يوليو) 1958، وكان في ذلك الوقت الذي اعتقلت خلاله لم يكن القضاء مستقلاً، فقد كان القضاء الذي كان مسئولاً عن المحاكمات السياسية خاضعاً للتحقيقات الجنائية وليس لوزارة العدل.

في السجن..

استطاعت “زكية خليفة” أن تكمل تعليمها وهي في السجن, وبعد خروجها من خلال العفو عنها  بعد ثورة 14 تموز 1958، استأنفت نشاطها السياسي في “الحزب الشيوعي العراقي” و”رابطة المرأة العراقية”, وكان هدفها في ذلك الوقت رفع وعي النساء وتعبئتهن للدفاع عن الثورة ومكتسباتها.

المسرح..

مارست “زكية خليفة” الفن المسرحي بعد ثورة تموز, كوسيلة للتوعية وتعبئة الجماهير، وقد أصبحت كادراً متقدماً في الحزب لمنطقة بغداد، وعملت في “وزارة الإصلاح الزراعي”، التي  اتجهت في ذلك الوقت إلى توزيع الأراضي التي يملكها الإقطاعيون على الفلاحين الفقراء.. وقد كانت “زكية خليفة” من أحد الذين يعملون على تنفيذ هذه المهمة، فقد ذهبت إلى الأرياف في حملات توعية وتثقيف بقانون الإصلاح الزراعي بين الفلاحين، وشاركت في حملات تحريضية إعلامية ضد النظام الإقطاعي ومساوئه، وحماية النظام الجمهوري ومن اجل محاربة التخلف والجهل والأمية، وقد قامت بعمل توعية مباشرة بالقوانين الجديدة بأعمال فنية من خلال فرق مسرحية كانت تابعة للجمعيات الفلاحية متجولة بين القرى, واكبر مثل على ذلك تمثيلية: “غيده وحمد” الإذاعية الشهيرة تأليف “زاهد محمد”، وتمثيل “زكيه خليفه”، وغناء “وحيده خليل”، وقد انحفرت في ذاكرة جيل الستينيات كأفضل عمل إذاعي قدم في ذلك الوقت. وعندما حدث انقلاب شباط (فبراير) 1963 كانت “زكية خليفة” في بلغاريا، وقد ظلت هناك ولم تعد إلى العراق إلا بعد عام 1968.. التحقت بعد عودتها إلى “فرقة المسرح الفني الحديث”، وعملت في الوقت نفسه في “المسرح الفلاحي” المتنقل، حتى عام 1997, حيث انعزلت بعدها.. أهم أعمالها في المسرح (النخلة والجيران) و(البستوكه) ومسرحيات أخرى, كما أبدعت في قراءة الشعر الشعبي.

حياة حافلة..

كانت “زكية خليفة” متعددة الأنشطة.. تناضل سياسياً في الحزب، وتقوم بعمل نشاط نسوي في رابطة المرأة العراقية وأصبحت في موقع قيادي بها، وأيضاً تمثل مسرحيات هادفة وموجهة، وتشارك في الأعمال الإذاعية، وتقوم بعمل توعية للجماهير خاصة الفلاحين.. في حوار أجرته معها “بلقيس الربيعي”, تقول “زكية خليفة” عن حياتها: “بعد خروجي من السجن بعد ثورة 14 تموز (يوليو) المباركة عام 1958، بدأت أزاول نشاطي السياسي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي ورابطة المرأة العراقية بكل طاقتي من أجل رفع وعي النساء وتعبئتهن للدفاع عن الثورة ومكتسباتها، بدأت مع الراحلة الدكتورة “نزيهة الدليمي” بعقد الندوات التي كانت تبث من التليفزيون بشكل مباشر، وشاركت فيها العديد من النساء المثقفات والعاملات وربات البيوت، ونالت إعجاب العديد من المشاهدين والمخرجين ومنهم الأستاذ “يوسف العاني”، الذي كان يشغل منصب مدير الإذاعة والتليفزيون، طلب مني الأستاذ “يوسف العاني” العمل في فرقة المسرح الحديث، لكني رفضت لانشغالي بالعمل السياسي، لكنه أصرّ على موقفه وقدم رسالة إلى الحزب يطلب فيها الموافقة على انضمامي إلى الفرقة، وبعد موافقة الحزب باشرت العمل في الفرقة رغم إني لا امتلك خبرة كبيرة في التمثيل سوى حبي لشعبي ووطني، واتخذت من خبرة الفنانين الذين سبقوني في مجال المسرح مدرسة لأتعلم منها. تعلمت وعملت بتفان من اجل مسرح يخدم مصالح الشعب ويسهم في رفع وعي المرأة العراقية”.

وتواصل: “وإضافة لعملي في فرقة المسرح الحديث، كنت أقوم بتقديم برامج إذاعية يومية مع الراحل “شمران الياسري” (أبو كاطع) على سبيل المثال برنامج الإصلاح الزراعي الذي كنا نتحدث فيه لأخواتنا الفلاحات وكذا برنامج خاص مع “علي تايه” وكان اسمي في البرنامج “شنينة”، أتحدث فيه لأخواتنا في الريف، كما كنت أقوم بتقديم برنامج للشعر الشعبي مع الدكتور “زاهد محمد”.

وعن قيامها بعمل عرض للنساء: “ونظراً لأهمية المسرح ودوره الفعال في توعية الجماهير، طلبت من أعضاء الفرقة أن نقدم عرضاً خاصاً للنساء في الساعة الخامسة لأن معظم النساء تخشى الخروج في وقت متأخر، وتعهدت أنا ببيع التذاكر ونجحت التجربة، أي كنا نقدم عرضين، الأول في الساعة الخامسة للنساء والآخر الرئيسي في الساعة السابع مساء”.

وعن التوعية بالثورة تقول: “كنت أقدم العديد من البرامج التي تتحدث عن القوانين التي جاءت بها ثورة 14 تموز، منها قانون الإصلاح الزراعي الذي يعزز مكانة الفلاح وقانون الأحوال الشخصية الذي يمنح المرأة حقها بالمساواة مع أخيها الرجل، وقانون التعليم الإلزامي وغيرها من القوانين، كنت أقدمها بلهجة ريفية وبأسلوب تستطيع المرأة فهمه، وبعدها بدأت العمل في المسرح الريفي الجوال، كانت أهم أعمالي في فرقة المسرح الحديث مشاركتي مع الفنانة القديرة “ناهدة الرماح” والراحلة “زينب” في مسرحية “النخلة والجيران” للروائي الكبير “غائب طعمة فرمان”، وكان لهذه المسرحية تأثيراً كبيراً على المسرح العراقي، لأنها عكست ما تعانيه المرأة العراقية من ظلم واضطهاد، كنت أقوم بدور زوجة فراش المدير، كما شاركت في مسرحية “البستوكة” و”الخان”، وشاركت في مسرحية “البيت الجديد” لفرقة مسرح اليوم ومسرحية “رصيف الغضب” التي تتحدث عن المذبحة التي تعرض لها العمال في البصرة على أيدي قوات الانكليز، وكانت المسرحية لحساب نقابات العمال، كما شاركت بمسرحية “بغداد الأزل” والتي عرضت في الجزائر”.

مهن أخرى تعلمتها..

في حوار آخر لها تحكي “زكية خليفة” عن تعلمها مهنة التمريض تقول: “أثناء العدوان الثلاثي على مصر, عام 1956, تظاهرت أكثر من مئة شابة من مختلف الاتجاهات أمام السفارة المصرية في بغداد، وكان بينهن طالبات من كلية الطب وكان شعارنا (سلحونا سلحونا للحكومة ودونا), إلا أن السفير المصري قال: “يا أخوات إن مصر مجروحة وهي بحاجة إلى من يضمد جراحها وليست بحاجة إلى مقاتلات وياريت عندكم خبرة في الإسعافات والتمريض”، فذهبنا مباشرة إلى الهلال الأحمر، وتم فتح دورة تمريض وكنت أنا الأولى على الدورة، ومنحت شهادة تمريض وصار بإمكاني العمل في المستشفيات كممرضة، ولكوني كنت تحت مراقبة الشرطة آنذاك لم أتمكن العمل في أي مستشفى، وأخيراً وجدت عملاً في مستشفى الأمراض العقلية التي كان مديرها الدكتور “جاك عبود”، وكانت سنوات عملي هناك من أجمل السنوات”.

وفاتها..

رحلت الفنانة المسرحية والناشطة النسوية “زكية خليفة السعدي” في أحد مستشفيات السويد “كريستيانستاد”, في  الثامن عشر من شباط/فبراير عام 2010.

حوار مع زكية خليفة

https://www.youtube.com/watch?v=lVDc9ARp7j8

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب