15 نوفمبر، 2024 11:28 ص
Search
Close this search box.

“زكريا محمد”.. حوى شعره تيمتي اليأس والأمل وحب عميق لفلسطين

“زكريا محمد”.. حوى شعره تيمتي اليأس والأمل وحب عميق لفلسطين

خاص: إعداد- سماح عادل

“زكريا محمد” شاعر وكاتب وباحث فلسطيني.

حياته..

هو “داود محمد عيد” واسمه الحركي “زكريا محمد”، ولد في الزاوية غرب سلفيت عام 1950 إبان فترة الإدارة الأردنية للضفة الغربية. درس الأدب العربي في جامعة بغداد. انتقل للعيش في بيروت بعد تخرجه في 1975 وعمل في الصحافة.

منذ الثمانينيات عمل في صحف إعلامية وثقافية فلسطينية مختلفة في بيروت وعمان ودمشق، أهمها مجلات «الحرية»، و «الفكر الديمقراطي». عاد إلى فلسطين في 1994 وتولى منصب نائب رئيس تحرير مجلة «الكرمل» التي ترأسها “محمود درويش”. أقام في رام الله وعمل صحفيا ومحررا ومدربا على الكتابة الإبداعية.

الكتابة..

له عدة كتب في الشعر والرواية والميثولوجيا وأدب الأطفال. كان عضو مؤسس وعضو مجلس الأمناء للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات (مركز مسارات). أعماله الشعرية ترجمت الى اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية.

أعماله..

في الميثولوجيا والأديان القديمة

  1. ديانة مكّة في الجاهليّة: كتابُ الميسر والقداح، دار الناشر، رام الله، 2014.
  2. ديانة مكّة في الجاهليّة: الحمس والطلس والحلّة، دار الأهلية، عمّان
  3. مضرّط الحجارة: كتابُ اللقب والأسطورة.
  4. ذاتُ النحيين: الأمثال الجاهليّة بين الطقس والأسطورة.
  5. نقوشٌ عربيّة قبل الإسلام.
  6. اللغز والمفتاح: رُقم دير علا ونقوس سيناء المبكّرة.
  7. نخلة طيء – كشف سر الفلسطينيين القدماء، 2003.
  8. عبادة إيزيس وأوزيريس في مكة الجاهلية، 2009.

أدب أطفال..

  1. أول زهرة في الأرض، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، رام الله.
  2. مغني المطر، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، رام الله.

روايات..

  1. العين المعتمة، اتحاد الكتاب الفلسطينيين، القدس، 1997.
  2. عصا الراعي، مؤسسة الأسوار، عكا، 2003، دار فضاءات.

شعر..

  1. قصائد أخيرة، 1980.
  2. أشغال يدوية، 1990.
  3. الجواد يجتاز أسكدار، 1994.
  4. ضربة شمس، 2003.
  5. حجر البهت، 2008.
  6. كشتبان، دار الناشر، رام الله، 2014.
  7. علندي، دار الناشر، رام الله، 2016.
  8. زرواند، دار الناشر، رام الله، 2021.

فيضان الاستياء..

في حوار معه لصحيفة “القدس العربي” يجيب “زكريا محمد” عن سؤال أين أنت وكيف تتعامل مع فيضان الاستياء، الفيضان الذي لا يجد الآن قناة يفرغ فيها: “لقد تركت الصحافة الثقافية لكي أخفف استياء بعض الناس مني. كنت أرغب أن أكفيهم شري. أما كيف أصرف فيضان الغضب على ما هو سيئ أو ذليل ومنافق، فلا تخش علي. فثم حروب للعدل كثيرة يمكن للمرء أن يخوضها. لقد خضت خلال الأعوام الماضية حربا في التاريخ. كأنني أهتم بالماضي أكثر مما أهتم بالحاضر. أو كأنني يئست من إمكان إصلاح الحاضر”.

الشعر والرواية..

ويقول عن اتجاهه لكتابة الرواية بعد كتابة الشعر: “روايتي الأولي (العين المعتمة) كانت تجربة أولي لي في كتابة نص طويل. أنا كاتب مختصر، حتى أن اختصاري دوما يوشك أن يتحول إلى صمت. وقد رأيت مرة ما أن أجرب طاقتي في كتابة نص طويل. وكانت نتيجة ذلك (العين المعتمة). يمكنك أن تسميها (العين الممتعة) إذا أردت. فقد كنت أستمتع وأنا أكتب نصا طويلا. لم تكن كلها متعة طبعا. كانت بين العتمة والمتعة. وإذا رغبت فإنني أقول لك إنني أنظر إليها أحيانا كمجموعة شعرية. إذا أردت أن تري طاقتي اللغوية فانظر إليها في بعض مقاطع هذه الرواية وليس في مجموعاتي الشعرية.

في مجموعاتي الشعرية أكون منشغلا باللغة وبأشياء أخري. وأحيانا أكون منشغلا باللغة بشكل مضاد. أي أنني أحاول أن أذل اللغة لعلني أصل إلى الشعر. لست متأكدا من أن البراعة اللغوية والشعر على وفاق دوما. بل أحس أحيانا أن اللغة تلعب ضد الشعر. لذا ألعب ضد اللغة أحيانا، وبوعي كاف. أقصد أنني أكون بسيطا في لغتي عامدا متعمدا، على كره من لغتي. أما لماذا خنت الشعر؟ فسؤال من أكثر الأسئلة صعوبة في الإجابة بالنسبة لي. لقد أمضيت شطرا كبيرا من عمري وأنا أري أن الشعر سيدي الأول والأخير. كنت أقول: لا يمكن لي أن أخدم سيدين معا وفي لحظة واحدة.

لكنني عندما جاوزت الأربعين، أي عندما وصلت عمر النبوة، أحسست بأنني حر. وأنني قادر علي فعل أشياء كثيرة. وأنني راغب في فعلها. لقد فقدت الحياء تماما. كنت قادرا على أن أرسم وأنحت وأكتب رواية وأكتب قصص أطفال، إضافة الي الشعر. هل كنت أخون الشعر بهذا؟ أم أنني كنت أفتح منافذ أخري لمياهه المحشورة؟ لا أدري. هل كنت أخدم سادة آخرين يكرههم الشعر، أم أنه هو من كان يرسلني لخدمتهم راغبا راضيا؟ لا أدري. لكنني أحس حين أري بعض الأحجار التي عملتها أنها تشبه قصائدي. يبدو أنني كنت أصنع للشعر تماثيل لكي يتمرأي فيها. لكن لكي أكون صريحا معك فأنا لست واثقا. ربما يكون كل ما فعلته هربا من سطوة الشعر، ونكوصا أمام صعوبته. الشعر أصعب الفنون جميعا”.

طعم الحياة..

وعن تعرضه لتجربة مرض خطيرة يقول: “أقول لك أنك لن تحس ربما بطعم الحياة الحقيقي إلا إذا مسك الموت. إلا إذا مس ثعلب الموت بأنفه الرطب خاصرتك. وقد مس خاصرتي وشعرت برطوبة خطمه على لحمي. لكن هذا منحني إحساسا أشد بالحياة.

ومنحني التفاؤل. أقول في نفسي: يجب أن أكون ممتنا، فقد أعطاني الله فرصة أخري، سنوات قليلة أخري لكي أكون هنا. وأنا ممتن فعلا. لكنني أحس أن الله منحني هذا الوقت الزائد لكي أقوم بشيء ما، لكي أنجز مهمة ما. وأنا أحاول أن أنجز هذه المهمة. كنت أظن أنني لن أبلغ الثلاثين. كنت أعتقد أنني سأموت قبلها. ثم قلت لن أبلغ الأربعين. وها أنا حي بشعر أشيب كما تري. كان شبح الموت يطوف في عقلي دائما. الآن، وبعد تجربة المرض، أري أن الحياة هي ما يشغلني. الحياة والعمل المثمر، الحياة والحرب ضد الظلم. أقوم كل صباح وأقول: أنا حي. الحياة جيدة. شكرا لله”.

وعن موقفه من تجارب الشعراء الشبان يقول: “أولا، أنا لست أستاذا لكي أوزع شهادات حسن السلوك الأدبية على أحد. وإن أعجبت أو لم أعجب فهذا أمر قليل الشأن. لقد أبعدت نفسي دوما عن الرغبة في الحصول على تلاميذ. أنا تلميذ ولست أستاذا. ولن يضير أحدا إن كنت أحب ما يكتب أم لا. رأيي هو ذوقي. وذوقي ليس مقياسا لأحد سواي. أنا على قدم المساواة مع زملائي الشعراء جميعا. وثم من يعتقدون بينهم أن شعري ليس شعرا.

وحتى هناك أناس من أصدقائي يرون ذلك. لا أحب أن أدافع عن نفسي هنا أيضا. لكنك مخطئ جدا بخصوص عدم حماسي لمن تدعوهم بالأدباء الشباب. أصلا أنا لا أحب فكرة أنهم شباب وأنني غير ذلك. أقصد أنني لا أملك أن أحكم عليهم. لست في موقع من يحكم على أحد. وإن حكمت فحكمي لنفسي لا غير. وفي النهاية، النهاية القصوي، يحب المرء شبيهه. أي أنني أحب أبا العلاء المعري لأنني أشبهه، أو أحاول أن أشبهه. عليه، ففي الغالب أن من يتحمس للمتنبي سيجد أن شعري ليس جيدا”.

أفق وجودي..

في مقالة بعنوان (زكريا محمد خرج بالقصيدة الفلسطينية إلى أفق وجودي) كتب “فخري صالح”: “الشاعر الفلسطيني زكريا محمد الذي رحل قبل أيام بعيداً من المواقف السياسية والخيارات الأيديولوجية والاشتباك مع الراهن والمعارضة الشجاعة للنخبة السياسية الحاكمة في السلطة الفلسطينية، فإن ما سيبقى من الشاعر والروائي والكاتب الفلسطيني زكريا محمد هو شعره، وعمله البحثي على موضوعات تتراوح بين حياة العرب ودياناتهم وأمثالهم وطقوسهم قبل الإسلام ومسائل تتصل بالآثار الفلسطينية ونسب الفلسطينيين وأصلهم في التاريخ. وقد ارتكز بصورة أساسية على التحليل اللغوي، وتأويل العلاقات بين الألفاظ في لغات الشرق القديمة، ومستنداً في ذلك إلى قراءاته وتأملاته، لا إلى البحث الأثري، أو الأنثروبولوجي، لأنه لم يتخصص في هذين المجالين المعرفيين، بل درس الأدب العربي في جامعة بغداد، قبل أن يرتحل إلى بيروت خلال وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان في سبعينيات القرن الماضي”.

ويضيف عن كتابته للشعر: “وما يتبقى لي لكي أتحدث عنه هو شعر زكريا، الذي ينحو منحى مختلفاً عن الشعر الفلسطيني، ويبدو مسكوناً، منذ البدايات، بموضوعات، ومحتشداً بتيمات وصور واستعارات ومجازات وهواجس، لا نعثر عليها كثيراً في الشعر الفلسطيني، حتى في شعر جيل السبعينيات الذي ينتمي إليه زكريا، مع أنه لم يصدر مجموعته الشعرية الأولى “قصائد أخيرة” إلا عام 1982. ولأن هذه المجموعة لم توزع، ولم تصل إلا إلى أيادٍ قليلة، ولم يطلع عليها إلا بعض أصدقاء الشاعر، لكونها طبعت قبل الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982 بقليل، فقد ألحقها الشاعر بمجموعته التالية “أشغال يدوية” التي ظهرت عن منشورات رياض الريس عام 1990

وفي الفاصل الزمني بين نشر المجموعتين دلالة واضحة في الإقلال والكثافة والإيجاز في التعبير والرغبة في البحث عن مسارب جديدة ومختلفة للقصيدة الفلسطينية، المثقلة بالبطولي والصوت العالي وغياب الطبيعة وعناصرها والميتافيزيقي وموضوعات الموت، كتيمة من تيمات الوجود الخالص، والعدم بوصفه رعب الكائن ويأسه المقيم. من هنا يبدو شعر زكريا محمد مختلفاً، وكأنه كتب على حدة، على هامش الشعر الفلسطيني الكثير، الغزير، الذي أنجزه شعراء فلسطينيون على أرض فلسطين وفي المنافي. لا يرد اسم فلسطين سوى في مواضع قليلة من قصائد زكريا، لكنها حاضرة من خلال طبيعتها ونباتاتها وحيواناتها وأشجارها ونخلها. إنها غائرة في الأعماق من من صخر وتراب وواد وجبل وصحراء وزهور ونباتات وحيوانات وحشرات. كأن الشاعر، بنأيه عن القول المباشر، وتحرير قصيدته من الموضوع الفلسطيني، الشديد السطوع في قصائد مجايليه، كما في قصائد الجيل الذي سبق جيله، يفتح باباً للشعراء الفلسطينيين الجدد الذين أتوا بعده، خصوصاً بعد عودته إلى فلسطين في تسعينيات القرن الماضي، وتأثر كوكبة من الشعراء الشباب بمنحاه الشعري وبمقاربته لموضوعاته، والخروج بالقصيدة إلى آفاق أكثر رحابة، وأكثر اتصالاً بالأسئلة الوجودية، وأكثر اقتراباً من الطبيعة، والعناصر الأولى والهوامش والحكايات الصغيرة والحفر في بئر الأعماق”.

هيبة الشعر..

في حوار معه لمجلة “نزوى” أجرته “تغريد سعادة” يقول “زكريا محمد” عن بداية كتابة الشعر: “بدأت كتابة الشعر بعد منتصف السبعينات ولكن نادرا ما كنت أنشر قصائدي. وأول قصيدة نشرتها في بغداد في احدى المجلات العراقية حيث كنتُ أتعلم الأدب العربي في جامعة بغداد. وأعتقد أنني كنتُ من الناس الذين تأخروا في الكتابة، حيث كنتُ في بداية العشرينات من عمري، ولم تكن عندي الجرأة وذلك بسبب هيبتي من الشعر. ولدتُ في قرية الزاوية وكانت أجواء القرى معزولة في ذلك الوقت وعندما انفتحت على العالم تفتحت شهيتي للثقافة والأدب.

كنتُ دائما أحب الشعر وألاحقه وعندي إحساس أنني أستطيع كتابة الشعر حتى لو لم أكتب إلا قصائد قليلة ثم رجعتُ إلى عمّان ثم إلى بيروت. كانت بداياتي الفعلية مجموعة صغيرة جدا. والآن إذا أردتُ مراجعتها سأقوم بخذف ثلثها. وهي مجموعة صغيرة وأضفتُ لها قصائد لاحقا وربما بسبب أنني لم اثق بها أسميتها “قصائد أخيرة”. وفي العنوان قدر من المناكفة عكس القصائد الأولى. لا أستطيع تأكيد رغبتي آنذاك بترك الشعر، لأن ذلك غير مؤكد، ولكن بقي الباب مفتوحا على احتمال تركي الشعر والصمت.

ووقتها كنتُ أتساءل هل للشعر جدوى؟ كنا وقتها من الجيل الذي يرغب في تغيير العالم. أتساءل هل الشعر يستطيع تغيير العالم حقا.  وكان هذا الشعور يفتح الصمت، وكأنني قطعتُ شوطا وهذه قصائدي الأخيرة. لا يأتي العنوان مصادفة من الشاعر ولهذا عادة يفهمُ الشعراء ومراحل تطورهم من العناوين. آنذاك أرسلت المجموعة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين وتمت طباعتها، ثم قامت الحرب في لبنان وذهبت غالبية النسخ ولم يبق إلا نسخة واحدة احتفظت بها معي. في تلك المجموعة يمكن رؤية تطوري، وفي داخل المجموعة عدد من القصائد تشير إلى أين أذهب”.

وفاته..

توفي الأربعاء 2 أغسطس/ أب 2023 عن عمر الـ73 عاما.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة