11 أبريل، 2024 5:02 م
Search
Close this search box.

رواية نساء المنكر.. السجن مصير من تستسلم للعشق 

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “نساء المنكر” للكاتبة السعودية “سمر المقرن” رواية متميزة، لأنها تمتعت بجرأة شديدة في الكشف عن الانتهاكات التي تحدث للمرأة وللإنسان عموما في المجتمع السعودي، وقدمت رصد لبعض الحالات في أحد السجون.

الشخصيات..

سارة: البطلة، خريجة جامعة وتنتمي لطبقة الأغنياء، كانت تزور بريطانيا وتسافر إليها بحرية، دخلت في علاقة عشق انتهت بمأساة وانقلبت حياتها بسببها.

رئيف: حبيب البطلة، أحبته وتواصلت معه في علاقة عشق حميمية، وعانى هو أيضا من تلك العلاقة لكنه تخلى عنها بسهولة، حيث تزوج ولم يسأل عنها في أثناء فترة سجنها.

نورة: سيدة قابلتها “سارة” في السجن، وعملت بوزارة التربية والتعليم لسنوات طويلة، وزوجها ياسر الذي تزوجته رغما عن أهلها عاملها معاملة سيئة، وكانت تخونه واعترفت بذلك أمام صديقاتها من السجينات، ثم طلقها بعد سنوات من العذاب وحصل على أموالها وكل ما تملك.

سميرة: سجينة أخرى سجنت  في الزنزانة لمدة ست سنوات، لأنها قتلت رجلا كان يلاحقها، وكانت هي ترفض إقامة علاقة حب معه.

خولة:  تقضي عقوبة العشق أربع سنوات وسبع مائة جلدة، لأنها مطلقة وأحبت وحبيبها يدعى “عامر”، أجلت الزواج منه لأن طليقها كان قد أخذ أطفالها وترك لها الصغيرة فقط وحرمها منهم، وكانت تحاول استرجاعهم بواسطة أخيها، وتقابلت مع “عامر” في بيتها وبعد خروجه قبض عليها من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي في السجن وتلتقي ابنتها فاتن مرات محددة في الشهر.

غادة: زميلة “سارة” في الدراسة، تزوجت وهي في السنة الأولى في الدراسة الجامعية، وشاء حظها أن تقع في قبضة رجل عنيف يدعى “يوسف”، حيث كان يعاملها بقسوة ويضربها بوحشية، وكانت أمها ترفض أن تطلق منه، وبعد موت أمها تصر على هجره وتنفيذ الطلاق.

الراوي..

الراوي هو البطلة، التي تحكي من خلال ضمير المتكلم مما يعطي للرواية ميزة الجرأة، حيث أن الكاتبة استخدمت ضمير المتكلم والذي يشي بالاتحاد بين الكاتب والراوي والبطل، وكأنهم الثلاثة شخصا واحدا، والبطلة تحكي عن علاقة الحب بينهما وبين “رئيف”، ثم تنتقل للحكي عن أخريات سواء داخل السجن أو زميلات لها في الدراسة.

السرد..

الرواية رغم تميزها على مستوى كشف المجتمع وسوءاته وعيوبه إلا أنها لا تتمتع بسرد محكم، فالسرد به ثغرات، الكاتبة تحكي دون نظام، فهي تحكي عن علاقة الحب بين “سارة” و”رئيف” ثم تنتقل إلى السجن، ثم تقطع السرد لتحكي عن “غادة” زميلتها في الدراسة، وتحكي عن “سارة” بعد الخروج من السجن، وفي أثناء ذلك تترك تفاصيل كثيرة كان عليها أن توضحها، مثل أمر زواج “سارة” التي ذكرت أنها لم تحصل على الطلاق لمدة ثماني سنوات، منهم سنتين مدة حبها ل”رئيف”، ولا نعلم هل حصلت على الطلاق أم لا، وأيضا افتعال نهاية الرواية، حيث أن القارئ قد عرف أنها تنتمي لطبقة الأغنياء لكن الكاتبة تلجأ لحيلة أن ” سارة” عملت صبابة للقهوة في الأفراح، لأنها بعد الخروج من السجن أصبحت محتاجة للأموال، لأن راتب تقاعد والدها لا يكفي، وذلك لكي تنتهي الرواية برؤيتها ل”رئيف” وهو يتزوج، كما لم تذكر أي شيء عن عائلة “سارة” ورد فعلها على سجن ابنتهم بتهمة أخلاقية، وحكت عن الأم فقط التي ساندتها والتي كانت تزورها في السجن. الرواية تقع في حوالي 80 صفحة من القطع المتوسط وهي على قصرها ثرية بالتفاصيل الهامة.

امتهان كرامة الإنسان والمرأة بشكل مضاعف..

أهم ما يميز الرواية جرأتها الشديدة، حيث تحكي البطلة عن علاقة عشق كاملة بينها وبين “رئيف” تصل إلى حد الاتصال الجنسي بينهما دون زواج أو علاقة شرعية يقبلها المجتمع السعودي المتشدد، وتحكي البطلة عن تلك العلاقة دون إدانة لها أو شعور أنها تقوم بشيء غير صحيح، كما أنها تذكر عرضا أمر عبادة النساء وكيف أن النساء كن يعبدن في الماضي السحيق، مما يعكس ثقافة واطلاع تتميز به الكاتبة، وموقف فكري مخالف لكاتبات سعوديات أخريات، رغم أنهن كتبن روايات فضحن من خلالها مجتمعهن وممارساته، إلا أنهن لم يخرجن كثيرا عن حدود تقاليد مجتمعهن وأفكاره، في حين أن “سمر المقرن” تبين خروجا على تلك العادات والتقاليد، وتنحاز لأفكار جريئة تخص المرأة وحقوقها في أن تمارس الجنس في إطار علاقة عشق وأن هذا ليس أمر معيبا.

كما تنتقد الكاتبة أيضا النقاب، وكيف أنه وسيلة للتخفي ولقهر المرأة، وتنتقد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل أساسي، وخصصت جزء كبيرا من روايتها لرصد وحشية هذه الهيئة، حيث بدأت بما فعلته تلك الهيئة مع “سارة” و”رئيف” حين قررا أن يتقابلا في الرياض، بعد أن تقبلا في لندن لمدة عشرة أيام، وتجولا بحرية فيها وقاما بممارسة علاقتهما الحميمة بحرية داخل الفندق، لكن وبعودتهما إلى الرياض أصبح التقابل بينهما مستحيلا، لكن سارة أصرت على ذلك واستجاب لها “رئيف” وتقابلا في مطعم للعائلات، توضع فيه حواجز خشبية حتى لا يرى الناس بعضهم بعضا.

ورغم ذلك التضييق على وجود مطاعم في السعودية، ووضع قيود عديدة لمنع تقابل الناس في الشارع، تحرص الهيئة على تجنيد الموظفين في الفنادق والمطاعم للإبلاغ عن أية مخالفات، وتسطو على تلك الأماكن بشكل دوري، وقد قامت الهيئة باقتحام المطعم الذي تقابلت فيه “سارة” ب”رئيف” وتم القبض عليهما بطريقة وحشية، حيث تم ضرب “رئيف” وجر “سارة” على الأرض حتى سالت دمائها، وحجزها في سيارة وضربها بوحشية في تلك السيارة، ثم في بيت مخصص للهيئة يدعى “مركز الهيئة”، ضربها أكثر من رجل بوحشية ونعتوها بأقذع الألفاظ، وكادوا يجبروها على التوقيع على اعترافات زائفة، ثم أودعوها إلى السجن، مما يعني أن السلطة متعاونة مع تلك الهيئة وتمثل العصا التي تنفذ بها العقوبات على المخالفين، حيث حجزت “سارة” في سجن للنساء شهر أو أكثر قبل أن يتم التحقيق معها أو الحكم عليها.

وحين تم التحقيق معها منعت من الكلام بدعوى أن صوت المرأة عورة، وأنها قد تفتن القاضي، واستعانوا بشيخ من الهيئة كمحرم وقد صب عليها المحقق غضبه وشتمها بألفاظ سيئة، وحكم عليها بثلاث سنوات في حين أن “رئيف” والذي يعد شريكها في نفس الجريمة حكم عليه بثلاثة أشهر مع خمسين جلدة، وتحكي البطلة عن السجينات الأخريات “خولة” و”سميرة” و”نورة”، وتقول الكاتبة في الرواية أن عقوبة الزني، كما تتهم الهيئة هؤلاء النساء، كما شرعها الله في سورة النور هي حكم بضرب الزاني والزانية مائة جلدة، في حين أن الهيئة تضاعف تلك العقوبة حتى وصلت إلى 700 جلدة وربما أكثر، كما أنها تفرق بين عقوبة الرجل وعقوبة المرأة في حين أن الله وحد تلك العقوبة. وتنتقد الكاتبة تلك الهيئة واصفة إياها بأنها تسيء إلى الدين الإسلامي وإلى الإنسانية، وتمتهن كرامة الإنسان وتعامله بوحشية بتواطؤ مع السلطة.

كما تحكي عن نزع الأطفال من السجينات والذي يخالف أية مبادئ إنسانية، حيث يودع الأطفال في دار أخرى، ويتم تنظيم مقابلة جماعية بين الأطفال والسجينات مرات قليلة في الشهر.

فضح المجتمع..

ميزة الرواية أنها فضحت هيئة الأمر بالمعروف، والتي تبين من خلال رصد الكاتبة لبعض النماذج التي عانت من معاملتها الوحشية أنها نافذة وأنها ترتبط مع السلطة، وأن الفكر الوهابي المتشدد ما زال قويا داخل المجتمع السعودي، والذي يقهر الرجال مرة والنساء مرات كثيرة، كما تحكي عن مصير كثير من النساء اللاتي يضعهن حظهن العاثر تحت رحمة الهيئة، فتنتهي حياتهن لأن الاتهام بجريمة أخلاقية سواء أكانت عشق، أو زني كما تسميها الهيئة، أو مقابلة غريب في الشارع، أو ممارسة أية حرية ما تؤدي بالمرأة إلى السجن والحكم عليها، وتخلي أهلها عنها بسبب الوصمة الاجتماعية التي تنالهم، وتحرم من أطفالها ومن أية فرصة للعمل، وتخرج لا تجد سبيل أمامها إلا العمل بالدعارة، وهنا يتضح مدى التناقض في ذلك المجتمع البائس، الذي لا يسمح للنساء بمقابلة الرجال في الخارج حتى لو كانوا أزواجا، في حين أن الدعارة لديهم متفشية ولها سوق رائج يمتع بها بالغوا الثراء.

كما تهاجم الكاتبة الرجال السعوديين الذين يقهرون المرأة ويعاملونها بدناءة، تقول الكاتبة واصفة الرجال في الرواية: “يا لكم من جبناء، تنعتونها بالضعيفة، وما من ضعيف سواكم، تخشون المرأة، وتهابون لقاءها، وتعجزون عن كبح غرائزكم عنها، في حضرتها، تفخرون بقوة العضلات، وتتلاشى هيبة اللحى والشنبات، فإيماءة منها، تحرككم في كل اتجاه، ولن تكونوا حتى كلعبة الشطرنج، لأنها للأذكياء، الرجال الضعفاء، أقل حتى من لعبة طفل لم يبلغ العامين، مصنوعة من أردأ الخامات”.

ولا تقتصر مهاجمة الكاتبة على الهيئة والتابعين للتيار الديني المتشدد، وإنما تهاجم أيضا من أسمتهم بالليبراليين أو العلمانيين من الرجال السعوديين، والتي ترى أنهم لا يختلفون كثيرا عن المتشددين في معاملتهم السيئة للمرأة، تقول في الرواية: “فإن الإسلاميين واللبراليين نموذج واحد، فالإسلاميين يغطوا “المرأة ” بكل ما أوتوا من أردية، حتى لا يؤجج هذا الوعاء الجنسي، غرائز الرجال، والثاني يريد أن يكشفها أمام الكل، ليري الآخرين، حجم فحولتهم ووعاء شهوتهم”.

الكاتبة..

“سمر عبد الله المقرن” صحافية وكاتبة سعودية، إعلامية وصحفية ناشطة، تكتب أربع زوايا أسبوعية: زاوية بعنوان” ضوء”، في صحيفة أوان الكويتية، وزاوية بعنوان “مطر الكلمات”، في صحيفة الجزيرة، وزاوية بعنوان “حلو الكلام”، في مجلة (هيا) إم بي سي، وتكتب في صحيفة البلاد البحرينية، وفي صحيفة العرب القطرية، وعملت في وظيفة رئيسة قسم المجتمع، بصحيفة الوطن السعودية، وهي أول امرأة سعودية، ترأس قسم يومي في صحيفة سعودية، خارج الأقسام النسائية، وعملت معدة لبرنامج “امرأة وأكثر” لقناة LBC والخاص بقضايا المرأة السعودية، حاصلة على شهادة بكالوريوس تربية، من جامعة الملك سعود في العام 2000/2001، تقوم حاليا بدراسة الماجستير في الصحافة والإعلام، في مملكة البحرين.

صدرت رواية “نساء المنكر” أوائل 2008 عن دار الساقي بلبنان وحققت أعلى نسبة مبيعات في معرض بيروت الدولي في طبعتها الأولى رغم تأخر دخول الرواية للمعرض حتى اليوم الرابع من بدايته، ونفذت كل النسخ المقدرة بـ3 ألاف نسخة. وهذا ما جعل الناشر يفكر في طبعة ثانية بعدد 10 ألاف نسخة والتي نفذت كلها وبسرعة كبيرة وطبعت طبعة ثالثة.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب