17 ديسمبر، 2024 9:48 ص

رواية نداء الملاك.. سحر الحب يكمن في المفاجأة

رواية نداء الملاك.. سحر الحب يكمن في المفاجأة

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية (نداء الملاك) للكاتب الفرنسي “غيوم ميسو” رواية رومانسية فرنسية تدور في أجواء بوليسية أمريكية، تمتلئ  بالتشويق والأحداث المتصاعدة.

الشخصيات..

مادلین: البطلة، بائعة زهور في باريس، مخطوبة لرجل غني، تستعد لزواج قريب حين حدثت مصادفة قلبت حياتها رأسا على عقب، لنكتشف أسرار وحقائق حولها وأنها شرطية انجليزية حاولت الانتحار وتعالج لدى طبيب نفسي، وهي ستقع في غرام رجل جمعت الصدفة بينهما وتبادلا هاتفيهما.

جوناثان لامبیرور: البطل، طباخ شهير يفقد شهرته وعمله ليصبح طباخ مغمور في مطعم صغير في سان فرانسيسكو، يفقد هاتفه الذي بدل مع هاتف “مادلين” ورغم أنه انفصل عن زوجته وسبب له ذلك انهيارا نفسيا، إلا أن تلك الصدفة جعلته يهتم بكشف تفاصيل حياة “مادلين” والتي جرته لمغامرة كبيرة ثم علاقة حب سحرية.

رفائيل: خطيب “مادلين”، شاب أمريكي من أسرة غنية لم تهتم الرواية بالحكي عنه كثيرا.

فرانسیسكا: طليقة “جوناثان”، ادعت أنها خانته مع صديق له لكي تغطي على جريمة قتل خطأ تورطت فيها، وسبب له ذلك انهيارا نفسيا لمدة عامين لكنه حين اكتشف كل شيء لم يعد يحبها، تتصف ببرود الأعصاب والذكاء الشديد.

جورج: مساعد ل”جوناثان” توطأ مع زوجته لكي يساعدها في إخفاء جريمة القتل مقابل مبلغ من المال، وهو زير نساء.

أليس: فتاة في الرابعة عشر من عمرها، تعيش في بيت في حي يعرف بأنه موطن للمجرمين من أعراق مختلفة في انجلترا، أمها مدمنة مخدرات وتستضيف في منزلها مدمنين آخرين، لكنها رغم ذلك تفوقت في تعليمها وسعت لتعلم الموسيقى وحضور فاعليات ثقافية من مسرح وغناء وحفلات موسيقية، متحدية بذلك وضعها الاجتماعي المزري، وحين علمت أن والدها هو أحد المجرمين في الحي التي تسكن فيه تقربت إليه وأقنعته بالهروب معها وبدء حياة جديدة خالية من الجريمة، من خلال صفقة مع الحكومة الأمريكية التي ساعدت على ادعاء اختطاف “أليس” وموتها حتى تسهل حياة جديدة لها ولأبيها في أمريكا، لكن “مادلين” تظل تبحث عنها باستماتة حيث شعرت أنها تشبهها ثم تختطف “أليس” مرة أخرى من قبل العصابة التي افتدي الأب نفسه بالإبلاغ عنها وعن نشاطها في تجارة المخدرات.

داني: أبو “أليس”، كان صديقا ل”مادلين” في أيام الطفولة وكان بريئا لكنه كان متحدر من عائلة ضالعة في الجريمة المنظمة في انجلترا، لذا بعد أن كان يحلم أن يصبح كاتبا مسرحيا أصبح مجرما وحشيا يقتل الناس بعد تعذيبهم، لكنه حين يجد ابنته “أليس” يقرر تغيير حياته وعيش حياة خالية من الجريمة بعد عدة أحداث واختطاف يتحقق له ذلك.

الراوي..

الراوي عليم، يستعمل حيل عديدة في الحكي لكي يبقى على شغف القارئ، يتنقل في الحكي بين “مادلين” وبين “جوناثان”، ويحكي عن ما يفعلان وما يدور داخلهما من أفكار وانفعالات، ثم يهتم بالحكي عن باقي الشخصيات وعن تاريخها وحياتها حتى لو كانت شخصية ثانوية، ثم يحكي عن “أليس” وينشغل بتشبيك الأحداث المشوقة عن “أليس” واكتشاف أنها لم تمت ثم اختطافها متخللا ذلك مشاهد مغرقة في الرومانسية.

السرد..

يعتمد السرد على قدر كبير من التشويق، بالإضافة إلى الجاذبية الخاصة لقصة رومانسية تدور ما بين باريس وانجلترا وأمريكا، ويتعمد الكاتب جعل الأحداث تشتعل ثم يهدئ من تصاعدها ثم يشعلها مرة أخرى ليبقى على شغف القارئ واهتمامه، تدور الرواية في حوالي 514 صفحة من القطع المتوسط وتنتهي نهاية سعيدة .

السحر يكمن في المفاجأة..

تعتمد الرواية على علاقة حب رومانسية وقعت نتيجة لمصادفة حيث ارتطمت “مادلين” ب”جوناثان” وهي تحاول الذهاب لطاولة شاغرة في مطعم المطار المزدحم بنيويورك، وهو أيضا كان يحاول الوصول لنفس الطاولة لينتهي الموقف بمشاجرة بينهما ويأخذ كل واحد منهما هاتف الآخر نتيجة لأنهما من نفس الماركة، وتبدأ الحكاية حين أنهما هما الاثنان يعانيان من الوحدة والانعزال، هو خارج من علاقة زواج ناجحة وقوية بوهم أن زوجته خانته ومدمر نفسيا، وهي تعرضت لحزن شديد نتيجة موت إحدى المراهقات على يد قاتل متسلسل، وحاولت الانتحار لأنها كانت تشعر بالمسئولية تجاه تلك الفتاة رغم أنها لم تقابلها.

يبدأ كل طرف في محاولة استكشاف الآخر من خلال هاتفه، ويكون هذا الاكتشاف بداية الخروج من الوحدة، يكتشف “جوناثان” أن “مادلين” ليست بائعة زهور باريسية مرفهة وإنما شرطية محملة بالأسى والأحزان، وأنها ترفض أن تنجب أطفالا، وهي تكتشف سقوطه المدوي وتحوله من طاهي شهير في أمريكا وصاحب أكبر مطعم إلى طاه مغمور في مطعم صغير، ثم يكتشف “جوناثان” أن “أليس” التي حزنت “مادلين” لموتها لم تمت لأنه قابلها بعد الوقت الذي أعلن لموتها، ويحاول مساعدتها بكشف ذلك لها ويتقابلا بعد عدة مراوغات وتشويق من الكاتب ويقعان في الغرام، وتعطي المغامرة لعلاقتهما الوليدة سحرا خاصا، ينفض عنهما عزلتها ووحدتهما الطويلة وبعد اكتشاف لغز “أليس” يقرران استكمال حياتهما معا..

عالم الجريمة وتبييض الأموال..

رغم أن الكاتب طعم روايته بالأحداث البوليسية ليضفى على قصة الحب تشويقا وإثارة إلا أن الروايات دوما ما تكشف طبيعة المجتمعات، حتى ولو بشكل غير متعمد، فالرواية تكشف وجود حي للمجرمين في انجلترا العتيقة، التي تعتبر دولة أوربية محافظة وتقليدية، لكن رغم ذلك فهي تضم أيضا أحياء كاملة تنمو فيها الجريمة المنظمة وتمارس فيها القسوة والوحشية، خاصة بين الأعراق الأخرى مثل الأيرلنديين والأوكرانيين، تلك الأعراق المهمشة اجتماعيا في انجلترا، في أقدم الدول الرأسمالية هناك جريمة منظمة وعائلات قوية ولها تاريخ طويل في الإجرام، والاتجار في المخدرات والبغاء وتبييض الأموال فالرأسمالية ما هي إلا نظام إجرامي كبير يستغل الإنسان ويستعبده، ونتيجة لتناقضاها الوحشي تنتنشر تجارة المخدرات وهي تسمح بها والاتجار بالبشر وينتشر الفقراء الذين هم وقود الجرائم.

كما تكشف ارتباط عناصر الإجرام ببعضها البعض، ف”داني” المجرم الانجليزي يدير أعماله في أمريكا ويسهل تبييض أموال إحدى المجرمات الكبيرات في مجال تجارة المخدرات، وحين يقرر تغيير حياته يشي بها لينجو بنفسه ويعامل كشاهد وتحميه أمريكا هو وابنته، لكن رغم ذلك لا يبقى بعيدا عن الخطر فكما أن الرأسمالية تنتج الجريمة تنتج أيضا عناصر الشرطة الفاسدين الذين يتلقون الرشوة بالملايين لتسهيل عمل المجرمين، لذا فإن الضابطة المكلفة بحماية “داني” وابنته هي نفسها التي تسهل اختطاف “أليس” وتشوش على التحقيق.

كما ترصد الرواية أحوال الشرطة الانجليزية وما يدور داخل أورقتها، وإحباط كثير ممن يعملون فيها بسبب قلة الإمكانيات وحياتهم الرتيبة والجرائم التي تصبيهم بأمراض نفسية عدة.

وأهم ما تتناوله الرواية فكرة أن الحب القوي والساحر والذي تخدمه المفاجأة يكون أكثر متعة وعذوبة، خاصة للذين عانوا فترات طويلة من الوحدة والعزلة والاغتراب نتيجة العيش في مجتمع أنهكته الرأسمالية الشرسة.

الكاتب..

ولد “غيوم ميسو” في السادس من جوان عام 1974 في فرنسا, و هو اليوم واحدا من أشهر مؤلفيها, و تحتل كتبه قوائم أفضل المبيعات هذه الأيام. دأب “ميسو” منذ طفولته على قراءة الكتب و المسرحيات, حتى أصبحت لديه قناعة حقيقية بأنه سوف يكون روائيا يوما ما.

غادر “ميسو” بلده إلى الي أمريكا في سن التاسعة عشر, وأقام في ولاية نيويورك لعدة أشهر مع بعض المغتربين, معتمدا على بيع الآيس كريم كوسيلة لاكتساب رزقه! عاد إلى وطنه فرنسا و عقله مليء بأفكار عديدة للروايات.

صدرت أولى رواياته في 2001 ولم تحقق النجاح المطلوب, ثم تتابعت أعماله الناجحة بعد ذلك حتى صار من أشهر مؤلفي فرنسا. ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من عشرين لغة.

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة