خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “مملكة خالية من الأشرار”، للكاتب السوداني”محمد عبد الله علي دلة”، تحكي عن السودان، عن السياسيين الذين أعمتهم لعبة المصالح، والشيوخ الذين استغلوا الدين لتحقيق مصالح شخصية.
الشخصيات..
آدم موسى: البطل، شاب خرج من دارفور إلى الخرطوم للالتحاق بالجامعة، ليتعرف على العاصمة بكل اختلافاتها ويتعرف داخل الجامعة على أصدقاء من أطياف سياسية مختلفة.
إيمان عبد الله: البطلة، قابلها “آدم” أول خروجه من دارفور إلى الخرطوم، ثم تعرف عليها في الجامعة، هي تميل إلى الفكر اليساري، وتسعى إلى الدفاع عن حقوق المرأة، أحبت “آدم” وأحبها وسعت لعمل جماعة سرية تدعى “مملكة خالية من الأشرار” تدعو من خلالها إلى المساواة بين الرجل والمرأة.
سيف الدين: زميل للبطلين وقت الجامعة، كان ميالا للتيار الديمقراطي لكنه بعد التخرج ذهب إلى إسرائيل بحثا عن عمل، ثم عاد وأصبح متعاونا مع السلطة ومستشارا للحكومة.
الراوي..
الراو عليم، يحكي عن “آدم موسى” وإحساسه وانفعالاته، وعن باقي الشخصيات من خلاله، ثم يحكي عن شخصية أخرى زميل ل”آدم” يدعى “بكري” ثم يحكي عن “إيمان” إلى نهاية الرواية.
السرد..
الرواية تقع في حوالي ٢١٠ صفحة من القطع المتوسط، تتصاعد فيها الأحداث زمنيا ويتنقل الحكي من “آدم موسي” إلى “إيمان عبد الله”، والحكي يعتمد على المباشرة، كما يتخلل السرد عرض الكاتب لبعض الأفكار.
تغييب الوعي باستخدام الدين..
ترصد الرواية العنصرية المتفشية في السودان على أساس الانتماء القبلي والعرقي ولون البشرة، العنصرية متفشية ليس فقط بين أفراد السلطة الذين يعاملون باقي الشعب بعنصرية، وإنما بين أبناء الشعب البسطاء الذين يعتقدون أن السوداني من الجنوب أقل منهم مكانة، حتى أنهم ينعتونه بصفات تحقيرية، ليس هذا فقط وإنما العنصرية متبادلة فكل فئة تنظر للفئة الأخرى على أنها أقل منها.
كما ترصد الرواية التفاوت الكبير بين العاصمة وبين المناطق الأخرى في السودان، حيث أن الخرطوم تتمتع بالرفاهية والخدمات والأماكن الفخمة والأبنية الفاخرة، في حين أن مناطق الريف وباقي المناطق تفتقر إلى الخدمات الأساسية، وتتوافر هذه الخدمات في أية منطقة خارج الخرطوم إذا كان هناك شخص يعمل في الحكومة من أهل تلك المنطقة، وله نفوذ حتى يفرض توفير خدمات إنسانية في منطقته.
كما ترصد المصير المجهول للشباب بعد تخرجهم من الجامعة، مما يشي بنسبة بطالة عالية، فالشباب يتخرجون من الجامعات لا يجدون أعمالا مناسبة للتعليم الذي حصلوا عليه. فهم يعملون إما مندوبي مبيعات أو في أعمال بدنية شاقة أو يضطرون للسفر خارج السودان للبحث عن عمل يدر دخلا كبيرا لهم، منهم من ذهب لإسرائيل مثل “سيف الدين”.
كما ترصد الرواية تغييب الوعي الذي تقوم به السلطة تجاه الشعب، لتظل تحكمهم وتسرقهم دون اعتراض منهم، فهي تلهيهم في صراعات طائفية وقبلية حتى لا يلتفتون إلى كونها سلطة ظالمة تسرقهم وتنهبهم، وتستخدم في 1لك الشيوخ الذين يبيعون الفتاوى بالأموال، ويحرضون الناس على محاربة بعضهم البعض، ويؤججون النزعة القبلية فيهم.
وتحكي الرواية عن أن الحكام الذين أتوا لحكم السودان كانوا جميعا مخربين سواء كانوا ينتمون إلى الاتجاه اليساري أو الاتجاه اليمنيي أو من المؤسسة العسكرية.
لكنها تقدم مع ذلك نماذج إيجابية ف”إيمان عبد الله” ظلت مخلصة لأفكارها ومبادئها حتى بعد مأساتها الكبرى بموت “آدم”، حين حاول الهروب إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، وظلت وراء جماعتها السرية تستقطب إليها الناس وخاصة من النساء حتى أصبحت حزبا علنيا وأصبحت تخوض الانتخابات ورغم كل العداءات والمحاربة لها ولأفكارها ومبادئها إلا أنها ظلت صامدة.