26 ديسمبر، 2024 8:04 ص

رواية كوابيس هلنسكي.. خطر عنف التشدد على أوروبا بسبب تجاهل إدماج اللاجئين

رواية كوابيس هلنسكي.. خطر عنف التشدد على أوروبا بسبب تجاهل إدماج اللاجئين

 

قراءة- سماح عادل

رواية “كوابيس هلنسكي” للكاتب العراقي “يوسف أبو الفوز” التي صدرت عام 2011 عن دار المدى للثقافة والنشر. تناقش قضية هامة، حيث تحكي عن تأثير وجود خلايا نائمة بنسبة كبيرة، تابعة للجماعات المتشددة دينيا في أوربا والغرب بشكل عام، وكيف يساعد على توغلها وتضخم تأثيرها عدم وجود اندماج حقيقي للمهاجرين من المسلمين داخل البلدان الأوربية، وتحديدا فلندة التي دارت فيها أحداث الرواية.

الشخصيات..

البطل: مدرس في مدرسة للأطفال، يعاني من وجود طاقة زائدة، ثم يكتشف في نفسه قدرات خارقة، حيث يستطيع توقع الخطر، ومعرفة حقائق خاصة بالناس المحيطين به، يرى تلك الحقائق في أحلامه، فهو يتجول في الأحلام ويكتشف من حوله.

زوجة البطل: داعمة له ومحبه، وتسانده دوما، وهي عراقية.

الكاتب: صديق البطل، يدعمه أيضا، كما أنه كان سببا في اكتشاف البطل لإمكانياته الفائقة حين صارحه برسالة تهديد جاءته من أحد المتشددين دينيا.

الأخ: أخو البطل، الذي كان ناشطا يساريا، وقد هرب من العراق بسبب ذلك، وهو صديق مقرب للبطل.

مدرس الرياضيات: يكتشف البطل أنه من الجماعات المتشددة دينيا، وأنه يسعى إلى تفجير أماكن حيوية في عاصمة فلندة حيث تدور الأحداث.

الجنرال: ضابط شرطة فلندي، يتعامل بقسوة وعجرفة مع البطل حين يقرر مصارحة الشرطة بما رآه من حقائق.

وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية. ويعطي الكاتب للشخصيات صفات تدل عليهم بدلا من الأسماء، مثل الكاتب، والطبيب.. إلخ

الراوي..

الراوي هو البطل، الذي يحكي بضمير المتكلم، عن نفسه وهواجسه وتطور حالته، ويحكي عن باقي الشخصيات في تقاطعها معه، وتعامله معهم، وقد حكت الزوجة في البداية عن زوجها في مقدمة طويلة مهدت للرواية. ربما قصد منها الكاتب إشعار القارئ أن حكاية البطل حقيقية.

السرد..

الرواية محكمة البناء تقع في حوالي 300 صفحة من القطع المتوسط، تعتمد على التشويق حيث يكشف الراوي عن ما يحدث له بعد وقت من الحكي وبطريقة مشوقه، ويعتمد الحكي على دواخل البطل وما يفكر به ويحسه تجاه العالم من حوله، كما تتصاعد الأحداث وفق ما يراه الكاتب ويكتشفه من حقائق، ويعود السرد أحيانا إلى الزمن الماضي حيث يحكي البطل عن ماضيه في العراق، كمحاولة للبحث عن جذور الكوابيس التي تنتابه وحاله الاضطراب التي يشعر بها أحيانا. وتدور الرواية في قالب خيالي حيث البطل يتمتع بقوى خارقة ورؤية عميقة ويستطيع كشف حقائق من حوله، وتنتهي الرواية نهاية مفتوحة.

خطر العنف المتشدد على أوربا..

تتميز الرواية بأنها تتناول موضوع هام، وهو تأثير الجماعات المتشددة على الغرب، وكيف أن انفجار منطقة الشرق الأوسط، وتزايد وجود الجماعات المتشددة دينيا التي تضخمت وانضم إليها أعداد كبيرة من الفقراء والمضطهدون اجتماعيا واقتصاديا في مجتمعاتهم قد أصبح له تأثيرا ليس فقط على المنطقة الشرق الأوسط، التي أرادت الدول الرأسمالية الكبرى جعلها منطقة مشتعلة ليسهل نهب خيراتها، وبالتالي غذت تلك الجماعات المتشددة دينيا وسمحت لها بالتضخم والتوسع الكبير، لكن ذلك له نتائجه الخطيرة على الغرب، وعلى أوربا حيث أن انفجار الشرق الأوسط تسبب في زيادة نسبة الهجرة إلى أوربا ودول الغرب، وأصبح اللاجئين المسلمين وغيرهم من أهالي الشرق الأوسط نسبة كبيرة.

هذه النسبة الكبيرة بها نسبة لا بأس بها من الخلايا النائمة من المنتمين للجماعات المتشددة، ونائمة هنا معناها إنها غير ملحوظة ولا معروفة مختبئة بشكل سري وتنتظر الفرصة لتنشط.

من خلال حكاية البطل الذي يكتشف قدرات ذهنية فائقة تجعله يرى في أحلامه أحداث وقعت، بعد أن يعطيه صديقة الكاتب رسالة بها تهديد بالقتل من أحد المنتمين للجامعات الدينية المتشددة، ويتعرف البطل على كاتب تلك الرسالة حيث يكتشف أنه صديق مقرب من الكاتب، وهو متخصص في الرياضيات ويدرسه لطلاب في الجامعة، وهو شاب مهذب وهادئ وعلى خلق، من شمال إفريقيا، يلبس كما الأوربيين ويتعامل بود مع الجميع، لكن أحلام البطل تكشف مدرس الرياضيات هذا والذي يتبين أنه متزوج من إحدى طالباته سرا، وأنه يتاجر في المخدرات لكي يوفر أموالا لما يسميه الجهاد، وهو يقود مجموعة من الشباب ويعلمهم كيفية صنع مواد تفجيرية لكي ينفذ مخططات إرهابية في البلد التي يعيش فيها فلندة.

الاتجار بالمخدرات..

وهنا ترصد الرواية علاقة الاتجار بالمخدرات بجماعات التشدد الديني حيث أنهم ورغم ادعائهم الجهاد الديني، وأنهم يسيرون على خطى الإسلام إلا أنهم يتاجرون في المخدرات ويضرون الناس وتتلوث أياديهم بتجارة محرمة قانونيا، ودينيا، واجتماعيا، وذلك لتحقيق أهدافهم، فطالبان في أفغانستان تزرع المخدرات وتكتسب منها أموالا طائلة وتهربها إلى دول عدة عن طريق روسيا.

ويؤكد الكاتب على أن الجماعات المتشددة تعتمد على تفسيرات بشرية انتهازية للدين، وأن الدين الإسلامي أو أي دين آخر لا يدعو إلى القتل أو اغتيال الناس، أو قطع الرؤوس بطريقة وحشية.

الإرهاب غير مرتبط بالدين..

كما يشير إلى نقاط هامة منها أن الإرهاب ليس مرتبطا بالدين الإسلامي وبالدول التي تعتنق هذا الدين، كما يحاول الإعلام الغربي دائما تصوير تلك الفكرة وتكريسها، فقد عانت أوربا من العنف وقطع الرؤوس في تاريخها، وفلنده نفسها عانت من الاحتلال ومن حرب أهلية ومن وحشية وعنف، حتى في الوقت الحاضر الذي تحكي فيه الرواية، فقد هاجم طالب في مدرسة أصدقاءه، وقتل خمسة منهم بمسدسه الخاص.

وتاريخ الإنسانية مليء بالعنف والوحشية وربط هذا العنف بالدين، كما حدث من الرومان عند بداية انتشار المسيحية وكما حدث من الكنيسة في العصور الوسطى، وما قبلها حين قتلوا الآلاف بطريقة وحشية واتهموهم بالسحر.

عدم الاندماج..

ثم تناقش الرواية فكرة الاندماج، فرغم أن أوربا تستقبل أعدادا هائلة من المهاجرين واللاجئين، والذين تختلف ديانتهم وأفكارهم وقيمهم عن ما هو سائد في تلك الدول، إلا أن تلك الدول لم تنجح في عمل خطط ناجحة لإدماج وهؤلاء المهاجرين واللاجئين في نسيج البلاد وقيمها وقوانينها، بل أحيانا تكرس عزلة هؤلاء عندما تسمح لهم ببناء مدارسهم ومساجدهم التي ينعزلون فيها ويبتعدون على الاختلاط بأبناء البلد.

فشل الدول الأوربية في إدماج اللاجئين خاصة المسلمين منهم، ربما يعد أحد الأسباب في ظهور ظاهرة الإرهاب في الغرب، حيث تندفع أعداد من الشباب إلى الانضمام إلى تلك الجماعات المتشددة التي تعمل في السر، وربما هذه المناقشة تعتبر تنبيها وتوقعا لما قد تؤول إليه الأمور في الغرب، إذا تم التمادي في تجاهل ضرورة إدماج المهاجرين واحتوائهم ضمن نسيج البلد.

كما تشير الرواية إلى كون تلك الجماعات المتشددة لا أخلاق لها ولا منظومة قيم، تستغل الدين وتتاجر به وتعتمد على تفسيره بشكل انتهازي لحيازة المكاسب المادية وتنفيذ أغراض دنيوية الدين منها بريء.

عرضت الرواية أيضا للوضع العراقي، وكيف كان العراقيين يتعرضون إلى قمع ممنهج من النظام السابق، وكان هدف النظام محو شخصية العراقيين ومحو فرديتهم، حتى هرب كثير من العراقيين من قهر النظام ووحشيته.

تعتمد الرواية على تصوير عميق للشخصيات، وعلى سرد مشوق، ولغة رصينة.

الكاتب..

“يوسف أبو الفوز”، كاتب عراقي، من مواليد مدينة السماوة، جنوب العراق، في 1956، اضطر لمغادرة العراق صيف 1979، مشيا على الإقدام عبر الصحراء إلى العربية السعودية ثم الكويت.

في الكويت للأعوام 1979 ـ 1980 كتب في الصحافة الكويتية بأسماء مستعارة عديدة، خصوصا في مجلتي العامل والطليعة وصحيفتي الوطن والسياسة، وحرر عمود سياسي ساخر باسم ”دردشة ” وكان أسبوعيا في مجلة الطليعة الكويتية، ووقعه باسم “أبو الفوز” الذي من يومها صار اسما فنيا له.

مقيم ويعمل في فنلندا منذ مطلع 1995. وهو عضو نقابة الصحفيين في كردستان العراق، عضو نادي القلم الفنلندي،عضو المنظمة الثقافية للكتاب والفنانين الفنلندية المعروفة بأسم “Kiila”، وأنتخب لعضوية هيئتها الإدارية لدورتين متاليتتين، للفترة 2006 ـ 2010 ، كأول كاتب من الشرق الأوسط ينتخب لهذا الموقع. وعضو منظمة السلام الفنلندية.

صدر له:

  1. عراقيون ـ مجموعة قصصية، 1985 في كوردستان العراق.
  2. في انتظار يوم أخرـ سيناريو تسجيلي (عن معاناة اللاجئين العراقيين في روسيا خلال بحثهم عن سقف آمن) السويد عام 1993.
  3. أنشودة الوطن والمنفى ـ قصص (مشترك مع مجموعة من الكتاب العراقيين) عام 1997 ـ بيروت.
  4. طائر الدهشة ـ قصص (عن المنفى واللجوء العراقي) دمشق ـ دار المدى 1999.
  5. الطائر السحري ـ (مجموعة “طائر الدهشة” باللغة الفنلندية ترجمة الدكتور ماركو يونتونين) هلسنكي عن دار LIKE عام 2000.
  6. تضاريس الأيام في دفاتر نصير ـ مذكرات ونصوص، دمشق ـ دار المدى 2002
  7. شقائق النعمان . خواطر وشهادات، منشورات طريق الشعب ـ بغداد 2003.
  8. لدي أسئلة كثيرة أو أطفال الأنفال، السليمانية ـ وزارة الثقافة الكوردية 2004.
  9. تلك القري.. تلك البنادق ـ قصص، أربيل ـ وزارة الثقافة في كوردستان العراق 2007.

10 . تحت سماء القطب، رواية، أربيل ـ مؤسسة موكرياني 2010.

  1. رحلة السندباد ـ فلم تلفزيوني وثائقي. سيناريو وإخراج، 30 دقيقة. (عن المنفى واللجوء العراقي) إنتاج التلفزيون الفنلندي عام 2000.
  2. عند بقايا الذاكرة. فلم تلفزيوني وثائقي . سيناريو وإخراج. 30 دقيقة (انطباعات الكاتب عند زيارته العراق أثر سقوط نظام الديكتاتور صدام حسين، من بعد غياب 27 عاما) إنتاج التلفزيون الفنلندي 2006. اختير هذا الفيلم لتمثيل فنلندا عام 2007 في مهرجان تروبوي في مدينة بازل في سويسرا .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة